Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌لذّاعة. ومنهم من كان يختلف شيئاً من جنس الماء، ومنهم من كان يجري منه مع وجع أشياء من جنس المرار ومن جنس الخراطة.

قال جالينوس: إنّه ليس هذه الأمراض والأعراض فقط حدثت لأهل ثاسس في ذلك الوقت، لكن حدثت معها أمراض أخر سنذكرها فيما بعد. فإنّ الأمراض التي عرضت لهم كانت مختلفة جدّاً من أجناس شتّى. وأنا واصف أوّلاً القول العامّ في الأمراض، وهو الذي ينتفع به في ألّا يمرض من وردت عليه مثل هذه الحال من الهواء، ثمّ أقبل على الأمراض الجزئيّة.

فإنّه ينبغي أن ننظر عند كلّ حال من حالات الهواء في سنّ كلّ واحد من الناس وطبيعته كيف حالهما عند تلك الحال من حالات الهواء. فإنّك تجد كلّ واحد من الأبدان إمّا سريع الاستحالة إلى تلك الحال من الهواء، وإمّا بطيء الاستحالة، وإمّا في حال متوسّطة عندها، فليكن بعد هذا تقديرك للرياضة والأغذية وسائر ما يتدبّر به الأصحّاء على المضادّة بحال الهواء.

وقد قلنا مراراً كثيرة إنّ البدن إنّما تسرع إليه الاستحالة وتبطئ من الأسباب التي من خارج من قبل مشابهته لها أو مضادّته إيّاها. وذلك أنّ الصحّة لا تكون إلّا باعتدال الكيفيّات الأربع، أعني الرطوبة والحرّ والبرد واليبس. وبعض الأبدان هي في طبعها وهي في سنّها خارجة عن الاعتدال في مزاجها، فهذه الأبدان تمرضها حالات الهواء الشبيهة بها وتنفعها المضادّة لها. وأمّا الأبدان المعتدلة فحالات الهواء المعتدلة تحفظ صحّتها، وأمّا حالاته الخارجة عن الاعتدال فتضرّها.

وكما أنّه ليس شيء من حالات الهواء الخارجة عن الاعتدال جيّد للأبدان المعتدلة، كذلك ليس يضرّها أيضاً مضرّة عظيمة، كما يضرّ الأبدان الخارجة عن الاعتدال. وذلك أنّ حال الهواء القويّة الرطوبة والبرد تضرّ الأبدان الخارجة عن الاعتدال إلى الرطوبة والبرد غاية المضرّة، وكذلك أيضاً حال الهواء اليابسة الباردة تضرّ الأبدان الباردة اليابسة مضرّة عظيمة قويّة، وكذلك أيضاً حال الهواء الرطبة الحارّة تضرّ أصحاب المزاج الرطب الحارّ. وعلى هذا القياس تضرّ أيضاً حال الهواء اليابس الحارّ أصحاب المزاج اليابس الحارّ الشبيه بها. وذلك أنّ الأبدان التي هي قريبة من أن يستولي عليها مرض من الأمراض بسبب سوء مزاجها المخصوصة به، إذا ورد عليها من سوء مزاج الهواء ما شابه ما هي عليه، تكشف ما كان من سوء حالها مستوراً، واستولى عليها ذلك المرض الذي كانت من الوقوع فيه قريبة.

فأمّا الأبدان التي مزاجها على ضدّ‌