Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌مع حمّى. فلمّا تمادى بهم الزمان، حدثت حمّيات مختلفة، حتّى كان لكلّ واحد منهم صنف من الحمّى مخالفاً لها بالآخر، لأنّ الأخلاط التي عفنت فيهم كانت مختلفة. وذلك من قبل أنّ تلك الأخلاط لم يكن تولّدها عن الهواء وإنّما كان للهواء فيها جمعها، لأنّ حاله كانت حالاً باردة لا حارّة، فيسخن البدن بطبيعته. وذلك هو السبب في أنّه يتولّد دائماً بعد طلوع الشعرى العبور حمّيات محرقة. وأمّا في هذه الحال فلم تكن تلك الحمّيات من قبل حال الهواء بطبيعتها، لكنّها كانت بتوسّط تكاثف الجلد.

فقد وصفت الآن جملة الأمراض التي حدثت في ذلك الوقت. وأنا مقبل على مرض مرض منها جزئيّ ومفسّر مع ذلك شيئاً إن رأيته في كلام أبقراط يغمض حتّى يحتاج إلى التفسير.

قال أبقراط: وعرض لهم تقطير البول لا على طريق علل الكلى، لكنّه عرض لهم علل مكان علل.

قال جالينوس: إنّه قد عرض كثيراً أن تستفرغ من المقعدة فضول رديئة، والمعدة والأمعاء صحيحة لا علّة فيها، لكنّه تنحدر إليهما فضول يكون بها نقاء البدن كلّه بدفع الطبيعة لها إلى تلك المواضع الدفع الذي ينفذ به ويبرز من البدن.

فإنّ الشيء الذي يندفع عند أبقراط يكون على ضربين: أحدهما يسكن ويكمن على طريق الخراجات، والآخر ينفذ ويبرز ويخرج من البدن، ويعمّ الضربين كليهما عنده اسم «الخروج». وكذلك أيضاً قد يكون نقاء البدن كلّه بالكلى والمثانة، وليس في هذه الآلات علّة تخصّها، وكذلك كان في هذه الحال من الهواء التي نحن في صفتها.

ولذلك قال أبقراط فيها بعد أن أمعن في قوله هذا القول: «إنّ أحمد ما كان ظهر من العلامات وأبلغها نفعاً والذي به كان دون غيره تخلّص كثير ممّن كان في جهد شديد أنّ العلّة كانت تؤول إلى تقطير البول وكان الخروج يكون هناك». فهذا كان معناه في قوله في هذا الموضع «لا على طريق علل الكلى، لكنّه عرض لهم علل»، وذلك أنّه مكان الفضول التي كانت في البدن كلّه عرض لهم أن انصبّت إلى الكلى والمثانة، وكان منها من الاستفراغ شبيه بما يكون في علل الكلى.

قال أبقراط: وعرض لهم قيء بلغم ومرار وقذف الطعام، وهو غير نضيج.

قال جالينوس: إنّ فضل الأخلاط الذي مال إلى باطن البدن انصبّ منه شيء نحو الأمعاء فأحدث الاختلاف والزحير واختلاف الدم وزلق الأمعاء،‌