Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌ومراتبه من الأشياء التي تبرز من كلّ موضع في أوقاتها وخروج شيء محمود يكون به البحران»، حتّى يكون معنى هذا القول على المثال: «إنّه ينبغي أن تتفقّد ⟨في⟩جميع الأمراض التي يجري أمرها على خطر أمور النضج». وقد يمكن أن يُقرأ هذا الكلام على المثال الأوّل الذي وصفناه، مفرداً ممّا وصل به من الكلام الأوّل، حتّى يكون القول قولاً مجرّداً في جميع الأمراض بالجملة، لأنّه ليس شيء من الأمراض يمكن أن يقضي دون أن يحدث فيه النضج.

ونضج المرض هو استحالة الأشياء التي هي خارجة عن الطبيعة إلى الحال الطبيعيّة، وليس الإنضاج شيئاً †… …† الشيء الذي أُنضج إلى طبيعة الشيء الذي يُنضجه. ومتى كان البدن على حاله الطبيعيّة وكان الشيء الذي ينضج مشاكلاً في طبيعته للشيء الذي يُنضجه، فاستحال وانقلب ذلك الجوهر الذي ينضج كلّه أو أكثره إلى طبيعة الشيء الذي يُنضجه، ولا يبقى منه من الفضل الذي لم يستحكم نضجه إلّا اليسير. ومتى كان الشيء الذي ينضج على حال خارجة من الطبيعة، أعني متى كان مخالفاً منافراً لطبيعة الشيء الذي يحيله ويقلبه، كان الشيء الذي يبقى من غير أن يستحكم نضجه كثيراً.

وكما أنّ الفضول تدلّ في الأبدان الباقية على طبائعها على النضج، كذلك تدلّ عليه في الأبدان السقيمة. وفضول الطعام الذي ينضج في المعدة تخرج من أسفل فتدلّ بحالها على نضج الطعام أو خلاف نضجه. وأمّا ما ينضج في الصدر والرئة ففضله ينفث بالسعال فيدلّ على مثال ذلك. وأمّا ما ينضج بالدماغ ففضله يخرج من المنخرين فيدلّ على مثال ذلك. وأمّا ما ينضج في العروق ففضله ينحدر مع البول فيدلّ على مثال ذلك.

وقد بيّنت أمر هذه الأشياء في كتابي في القوى الطبيعيّة وفي كتابي في البحران وفي مقالة لي مفردة في أوقات الأمراض. وقد وصفت في تلك الكتب أعلام جميع الأمراض التي تنضج. وهذا هو أمرك به أبقراط في هذا الكلام: أن «تتفقّده» وتنظر فيه من أمر «نضج» الأمراض وتستدلّ عليه من الفضول التي تبرز من البدن.

وقد كتب قوم في أوّل هذا الكلام مكان «ينبغي أن تتفقّد» «ينبغي أن تتعمّد»، وأرادوا أن يكون هذا القول من أبقراط إنّما أراد أن يدلّ به على العمل والعلاج، لا على الاستدلال. وذلك أنّه إن كان إنّما قال إنّه «ينبغي أن تتفقّد»، فكان قوله إنّما هو قول حثّ على الاستدلال والتعرّف، وإن كان إنّما قال إنّه «ينبغي أن تتعمّد»، فإنّ قوله إنّما هو قول عمل وعلاج.

ومن البيّن أنّ الأشياء التي تعين على النضج‌