Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: In Hippocratis Epidemiarum librum I (On Hippocrates' Epidemics I)

‌جعلت الصوت، كما بيّنّا، أملس، وإذا كانت خشنة، جعلت الصوت خشناً. وخشونتها تكون، كما بيّنّا، من اليبس.

«فالفتيان والشباب والمتناهون في الشباب» تغلب عليهم في طبائعهم الحرارة. وأمّا سائر الحالات كلّها التي ذكرها من بعد ذكره الأسنان سوى الخشونة فمن علامات المزاج البارد، والخشونة دونها تكون، كما قلنا، من اليبس، واليبس وحده يجتمع مع المزاجين جميعاً، أعني البارد ومع الحارّ [البارد].

فأمّا الأبدان التي قد اجتمع فيها اليبس والبرد فتحلّلها يعسر، كما يعسر تحلّل الأبدان الأخر التي تقدّم ذكرها. فأمّا الأبدان التي قد اجتمع مع يبسها حرّ فليس يجب أن تكون تلك حالها، فينبغي أن نعزل هذه الأبدان من كلامنا. ونقول إنّ هذا القول الذي نحن في تبيينه موافق لسائر الأبدان، أعني الأبدان التي يغلب عليها اليبس مع البرد.

والقول الذي كنّا في تبيينه هو أنّه يجب أن يكون «مات عدد كثير» من أصحاب الأسنان والطبائع التي وصفتها. وقد قلت إنّ تلك الأسنان أسنان حارّة تغلب فيها المرّة المُرّة، وإنّ تلك الطبائع طبائع يعسر تحلّلها. وإلى هذا الموضع قد وقفنا على ما وصف في أوّل كلامه، وبقي علينا أن نذكر «أصحاب الغضب السريع». وقد قال أبقراط إنّ أشدّ الناس مضادّة لصاحب الغضب القويّ صاحب «الغضب السريع»، وذلك أنّ غضب صاحب الغضب القويّ يوجد شجاع يستخفّ بخسيس الأمور، وصاحب «الغضب السريع» صغير النفس مُهين قريب من طبيعة المرأة. ولهذا السبب بعينه نجد المرأة «سريعة الغضب»، لأنّه ليس معها قوّة النفس وشهامتها ما مع الرجل، فيجب من هذا أن يكون «صاحب الغضب السريع» أيضاً أبرد مزاجاً وأعسر تحلّلاً.

وأمّا القول الذي قاله في آخر كلامه، وهو قوله «ومات من النساء عدد كثير من هذا الصنف»، فليس تبيّن من كلامه هل ينبغي أن يضاف إلى حدّ ما قال فقط أم إلى جميع ما تقدّم. وآخر ما قال هو «سريع الغضب»، ثمّ أتبع قوله هذا بأن قال «ومات من النساء عدد كثير من هذا الصنف»، إلّا أنّ القول قول صحيح حقّ على أيّ الوجهين فهمتَه، على أنّ أبقراط يضيفه إلى جميع ما وصف فيما تقدّم أم على أنّه يضيفه إلى آخر ما قال فقط. فإذا كان إذاً أضيف إلى جميع ما تقدّم فوجد قولاً صحيحاً حقّاً، فالأجود أن يفهم على هذا المعنى، لأنّ آخر ما ذكر محصور في الجميع‌