Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Alexander of Aphrodisias: Quaestio III 3: De Sensu (Problems and Solutions III 3: On Sense Perception)

ومحسوسه هو الشىء المفارق له الممتاز منه، لأنه ليس شىء من الأشياء يفعل فى نفسه ولا يؤثر فيها، وأما الحس فيكون بالانفعال وقبول الآثار، فاذا لم يكن المحسوس حاضرا، كان الحس حينئذ بالقوة. وقال ان الحس ضربان، اما بالقوة واما بالفعل، 〈وكذلك المحسوس ضربان، اما بالقوة واما بالفعل〉.

فلما فرغ الحكيم من قوله ان الحس يكون بقبول الآثار وان الحس ضربان اما بالقوة واما بالفعل، أتبع قوله فقال كيف يكون القابل للآثار ومما يقبل تلك، أمن شبهه أم من ضده.

فلخص ذلك بأن قال ان القابل للآثار المنفعل يقبل الآثار من المحرك بالفعل على الهيئة التى يقوى المنفعل المؤثر فيه على أن يكون عليها. فأرى بقوله هذا أن الشىء المنفعل المؤثر فيه ربما قبل الأثر والفعل من شبهه وربما قبل الفعل والأثر من ضده.

وذلك أن الشىء المنفعل المؤثر فيه لا يشبه الفاعل المؤثر قبل أن ينفعل ويقبل الأثر، فاذا انفعل وقبل الأثر صار شبه الفاعل المؤثر.

فنرجع الآن الى ما كنا فيه فنقول ان الحس الكائن بالقوة لا يشبه المؤثر الفاعل فيه قبل أن يقبل الأثر والفعل، فاذا قبل الأثر والفعل صار شبهه [لا محالة بل يصير واحدا].

وقال الحكيم بعد فراغه مما ذكرنا وقوله «ان الحس ضربان أحدهما بالقوة والآخر بالفعل»، ان القوة والفعل ينفصل كل واحد منهما بفصلين، ليرينا أن الحس لا يتحرك ولا ينفعل بالحقيقة، لأنه ليس خروج كل قوة الى الفعل يكون بالانفعال والحركة.

فقال ان كل شىء كائن بالقوة يكون على ضربين: أحدهما كالذى فى قوته وطبيعته أن يقبل التعليم، وان كان ليس بعالم، والضرب الآخر كالعالم القابل للعلم والحكمة وان كان لا يعلم، فانه عالم. وكذلك العالم 〈بالفعل〉 على ضربين 〈أحدهما〉 العالم الذى لا يعلم والضرب الآخر العالم الذى يعلم.

فلما فرغ الحكيم من تحصيل القوة والفعل وأن كل واحد منهما على نوعين، قال ان الشىء اذا كان بالقوة | من النوع الأول، أعنى اذا كان ممكنا لقبول الشىء ، لا يؤول الى الفعل بغير استحالة، أعنى بغير انفعال وقبول الأثر، واذا كان الشىء بالقوة من النوع الثانى، أعنى اذا كان قويا على الفعل محكما له، وان كان غير فاعل، فذلك يؤول الى الفعل بغير استحالة، أعنى بغير انفعال وقبول الأثر، مثل الكاتب الماهر البارع: اذا كتب، لم يستحل.

فلما بين الحكيم فقال انه ليس كل قوة تؤول الى الفعل وتنتقل اليه باستحالة وقبول الأثر، فصل الاستحالة أيضا والانفعال فقال ان الاستحالة نوعان أحدهما الاستحالة الكائنة من القوة الى الفعل، أعنى القوة التى من النوع الأول، وهى الكائنة بفساد الشىء من ضده المخرجة للشىء من حاله التى هى عليها. فأما النوع الثانى، فهو الاستحالة الكائنة من القوة الى الفعل، أعنى القوة التى من النوع الثانى، وهى الاستحالة التى يؤول بها الى الفعل بلا دخول ضد الشىء عليه ولا خروجه 〈من حاله〉، لاكن [تكون من] بحفظ (؟) الشىء 〈على حاله〉