Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈مواضع أخرى〉

وأيضا متى كان شيئان متقاربين جدا، ولم يمكنا أن نبين أن أحدهما يفضل الآخر فى شىء أصلا، فينبغى أن ننظر فى توابعهما: وذلك أن الذى يتبعه خير أكثر هو آثر، وإن كانت توابعهما شراً فالذى يتبعه شر أقل هو آثر؛ وذلك أنهما إذا كانا جميعا مأثورين، فليس يمنع مانع من أن يكون يتبعهما شىء مكروه. — والبحث عن الإتباع يكون على وجهين: وذلك أن الشىء يتبع الشىء بالتقدم والتأخر. مثال ذلك ما يتبع المتعلم من الجهل والعلم؛ فإن الجهل بما يتعلمه متقدم، والتعلم به متأخر؛ والتابع بأخرة فى أكثر الأمر أفضل. فينبغى أن نأخذ من التوابع أنفعها.

وأيضا الخيرات الكثيرة آثر من التى هى أقل: إما على الإطلاق وإما إذا كانت أشياء توجد فى غيرها وكان الأقل فى الأكثر. والعناد فى ذلك هو أن يكون مجموع الاثنين آثر من الواحد. مثال ذلك قولنا: أن يصح، والصحة آثر من الصحة، لأن قولنا أن يصح إنما نؤثره من أجل الصحة. وليس يمنع مانع أن يكون ما ليس بخير آثر مما هو خير، بمنزلة أن السعادة وغيرها مما ليس هو خيرا آثر من العدالة ومن الشجاعة. وهذه إذا كانت مع لذة، آثر من التى تكون بغير لذة. وإذا كانت بغير أذى فهى آثر من التى مع أذى.

وكل واحد من الأشياء فى الوقت الذى تكون قوته أعظم فيه يكون آثر، بمنزلة ما إن قلة الأذى فى الشيخوخة آثر منها فى الشباب، لأن قوتها فى الشيخوخة أعظم، وعلى مثال ذلك الأدب فى وقت الشيخوخة آثر. وذلك أن ليس أحد يختار الشباب رؤساء، من قبل أنه لا يرى أنهم أدباء. فأما الشجاعة فالحال فيها بالعكس؛ وذلك أن الضرورة إلى فعل الشجاعة فى الشباب أشد. وكذلك العفة، وذلك أن الشباب أشد تأذيا بالشهوات من الشيوخ.

والشىء الذى هو أنفع فى كل وقت أو فى أكثر الأوقات هو آثر، بمنزلة ما أن العدالة والعفة آثر من الشجاعة. وذلك أن تينك نافعتان دائما، وهذه فى بعض الأوقات. — والشىء إذا كان لنا بأجمعنا لم نحتج إلى نظيره أصلا — آثر من الذى إذا كان لنا احتجنا معه إلى الباقى، كالحال فى العدالة والشجاعة. وذلك أن الناس كلهم إذا كانوا عدولا لم ينتفع بالشجاعة؛ وإذا كانوا كلهما شجعانا انتفع بالعدالة.

وأيضا الموضع المأخوذ من الفساد والاطراح والكون والاتخاذ والتضاد ينبغى أن ينظر فيه، وذلك أن الأمور التى نتجنب فسادها أكثر هى آثر؛ وكذلك الأمر فى الاطراح والتضاد. وذلك أن ما كان اطراحه أو ضده يتجنب أكثر فهو آثر. والأمر فى الكون والاتخاذ بعكس ذلك، فإن الأشياء التى اتخاذها وكونها آثر هى أيضا آثر.

وموضع آخر أن الشىء الذى هو أقرب إلى الخير هو أفضل وآثر، والذى هو أكثر شبهاً به هو أفضل وآثر، بمنزلة ما أن العدالة أفضل من العدل والأشبه منهما أيضا بالأفضل آثر، بمنزلة ما يقول قوم إن آآس أفضل من أدسوس، لأنه أشبه بأشلوس. وقد يعاند هذا القول بأن يقال إنه ليس بحق. وذلك أنه ليس يمنع مانع من ألا يكون آآس أشبه بأشلوس من جهة ما أشلوس أفضل، ويكون أودسس خيرا وليس شبيها بأشلوس.

وينبغى أن ننظر لعلة شبيه فيما هو أولى أن يضحك منه — بمنزلة ما أن القرد شبيه بالإنسان، والفرس غير شبيه به. فإن القرد ليس بأفضل من الفرس، وإن كان أشبه بالإنسان منه. وأيضا إذا كان أحد أمرين أشبه بالأفضل، والآخر أشبه بالأخس: فإن الأشبه بالأفضل أفضل. وقد يعاند هذا القول أيضا، وذلك أنه ليس يمنع مانع من أن يكون أحدهما يشبه الأفضل شبهاً يسيراً، والآخر يشبه الأخس شبها كثيرا — مثال ذلك أن يكون آآس يشبه أشلوس شبها يسيرا، وأذسوس يشبه نسطر شبها كثيرا. وأن يكون أحدهما يشبه الأفضل فيما هو أخس، والاخر يشبه الأخس فيما هو أفضل: كشبه الفرس بالحمار والقرد بالإنسان.

وموضع آخر أن الشىء الذى هو أظهر آثر مما هو دونه فى هذه الحال؛ والشىء الذى هو أصعب أيضا آثر. وذلك أنا إذا اقتنينا ما لا يسهل تناوله كان سرورنا به أكثر. — وكذلك أيضا ما هو أكثر خصوصا، آثر مما هو أكثر عموما. — وما هو أيضا عادم لمشاركته الأشياء الرديئة هو آثر، وذلك أن ما لم يلحقه شىء من المكروه آثر مما يلحقه ذلك.

وأيضا إن كان على الإطلاق كذا أفضل من كذا، فإن المتقدم فى الفضل مما فى هذا، أفضل من المتقدم فى الفضل مما فى الآخر — مثال ذلك أنه إن كان الإنسان أفضل من الفرس، فإن المتقدم من الناس من الفضل أفضل من المتقدم فى الخليل فى الفضل. وإن كان المتقدم فى الفضل أفضل من المتقدم فى الفضل، فإنه على الإطلاق كذا أفضل من كذا — مثال ذلك أنه إن كان المتقدم من الناس فى الفضل أفضل من المتقدم فى الخليل، فإن الإنسان على الإطلاق أفضل من الفرس.

وأيضا ما يناله الأصدقاء آثر عندنا مما لا ينالونه؛ وما يجب أن نفعله بالصديق أكثر مما يفعله بأفناء الناس هو آثر عنده — مثال ذلك أن الإنصاف والإحسان أفضل من الظن، وذلك أنا نحب أن نعدل على أصدقائنا، ونحسن إليهم أكثر مما نحب أن يكون ذلك منا إليهم بالظن. ونحب أن نفعل بأفناء الناس عكس ذلك.

والأشياء التى هى من الفضل أفضل من الأشياء الضرورية. وربما كانت آثر، لأن جودة العيش أفضل من العيش، وجودة العيش من الفضل والعيش نفسه ضرورى. وربما كانت الأشياء التى هى أفضل ليست آثر أيضا. وذلك أنه ليس إن كان الأفضل ضروريا فهو أيضا آثر، لأن التفلسف أفضل من اقتناء المال، إلا أنه ليس بآثر عند المحتاج إلى ما لا بد منه. والذى منه الفضل هو إذا كانت الأشياء الضرورية موجودة فأعد الإنسان معها أشياء أخر جيدة. ويكاد أن يكون الأمر الضرورى آثر؛ والذى من الفضل أفضل.

وما لم يكن اكتسابه من غيره، آثر مما يمكن أن يكتسب من غيره — كحال العدالة عند الشجاعة. وإن كان هذا الشىء مأثورا بغير هذا الشىء وهذا ليس هو مأثورا من غير هذا الشىء — مثال ذلك أن القوة ليست مأثورة بغير فهم، والفهم مأثور بغير قوة. وإن نحن كتمنا أحد أمرين ليظن بنا أن الأمر الباقى موجود لنا، فذلك الذى يجب أن يظن بنا أنه لنا، آثر عندنا — مثال ذلك أنا نكتم الحرص، ليظن بنا أنا مطبوعون.

وأيضا الشىء الذى بفقده يقل إنكار من يستقله هو آثر، والشىء الذى بفقده لا يكثر إنكار من يستقله هو آثر.

〈مواضع أخرى〉

وأيضا متى كان شيئان متقاربين جدا، ولم يمكنا أن نبين أن أحدهما يفضل الآخر فى شىء أصلا، فينبغى أن ننظر فى توابعهما: وذلك أن الذى يتبعه خير أكثر هو آثر، وإن كانت توابعهما شراً فالذى يتبعه شر أقل هو آثر؛ وذلك أنهما إذا كانا جميعا مأثورين، فليس يمنع مانع من أن يكون يتبعهما شىء مكروه. — والبحث عن الإتباع يكون على وجهين: وذلك أن الشىء يتبع الشىء بالتقدم والتأخر. مثال ذلك ما يتبع المتعلم من الجهل والعلم؛ فإن الجهل بما يتعلمه متقدم، والتعلم به متأخر؛ والتابع بأخرة فى أكثر الأمر أفضل. فينبغى أن نأخذ من التوابع أنفعها.

وأيضا الخيرات الكثيرة آثر من التى هى أقل: إما على الإطلاق وإما إذا كانت أشياء توجد فى غيرها وكان الأقل فى الأكثر. والعناد فى ذلك هو أن يكون مجموع الاثنين آثر من الواحد. مثال ذلك قولنا: أن يصح، والصحة آثر من الصحة، لأن قولنا أن يصح إنما نؤثره من أجل الصحة. وليس يمنع مانع أن يكون ما ليس بخير آثر مما هو خير، بمنزلة أن السعادة وغيرها مما ليس هو خيرا آثر من العدالة ومن الشجاعة. وهذه إذا كانت مع لذة، آثر من التى تكون بغير لذة. وإذا كانت بغير أذى فهى آثر من التى مع أذى.

وكل واحد من الأشياء فى الوقت الذى تكون قوته أعظم فيه يكون آثر، بمنزلة ما إن قلة الأذى فى الشيخوخة آثر منها فى الشباب، لأن قوتها فى الشيخوخة أعظم، وعلى مثال ذلك الأدب فى وقت الشيخوخة آثر. وذلك أن ليس أحد يختار الشباب رؤساء، من قبل أنه لا يرى أنهم أدباء. فأما الشجاعة فالحال فيها بالعكس؛ وذلك أن الضرورة إلى فعل الشجاعة فى الشباب أشد. وكذلك العفة، وذلك أن الشباب أشد تأذيا بالشهوات من الشيوخ.

والشىء الذى هو أنفع فى كل وقت أو فى أكثر الأوقات هو آثر، بمنزلة ما أن العدالة والعفة آثر من الشجاعة. وذلك أن تينك نافعتان دائما، وهذه فى بعض الأوقات. — والشىء إذا كان لنا بأجمعنا لم نحتج إلى نظيره أصلا — آثر من الذى إذا كان لنا احتجنا معه إلى الباقى، كالحال فى العدالة والشجاعة. وذلك أن الناس كلهم إذا كانوا عدولا لم ينتفع بالشجاعة؛ وإذا كانوا كلهما شجعانا انتفع بالعدالة.

وأيضا الموضع المأخوذ من الفساد والاطراح والكون والاتخاذ والتضاد ينبغى أن ينظر فيه، وذلك أن الأمور التى نتجنب فسادها أكثر هى آثر؛ وكذلك الأمر فى الاطراح والتضاد. وذلك أن ما كان اطراحه أو ضده يتجنب أكثر فهو آثر. والأمر فى الكون والاتخاذ بعكس ذلك، فإن الأشياء التى اتخاذها وكونها آثر هى أيضا آثر.

وموضع آخر أن الشىء الذى هو أقرب إلى الخير هو أفضل وآثر، والذى هو أكثر شبهاً به هو أفضل وآثر، بمنزلة ما أن العدالة أفضل من العدل والأشبه منهما أيضا بالأفضل آثر، بمنزلة ما يقول قوم إن آآس أفضل من أدسوس، لأنه أشبه بأشلوس. وقد يعاند هذا القول بأن يقال إنه ليس بحق. وذلك أنه ليس يمنع مانع من ألا يكون آآس أشبه بأشلوس من جهة ما أشلوس أفضل، ويكون أودسس خيرا وليس شبيها بأشلوس.

وينبغى أن ننظر لعلة شبيه فيما هو أولى أن يضحك منه — بمنزلة ما أن القرد شبيه بالإنسان، والفرس غير شبيه به. فإن القرد ليس بأفضل من الفرس، وإن كان أشبه بالإنسان منه. وأيضا إذا كان أحد أمرين أشبه بالأفضل، والآخر أشبه بالأخس: فإن الأشبه بالأفضل أفضل. وقد يعاند هذا القول أيضا، وذلك أنه ليس يمنع مانع من أن يكون أحدهما يشبه الأفضل شبهاً يسيراً، والآخر يشبه الأخس شبها كثيرا — مثال ذلك أن يكون آآس يشبه أشلوس شبها يسيرا، وأذسوس يشبه نسطر شبها كثيرا. وأن يكون أحدهما يشبه الأفضل فيما هو أخس، والاخر يشبه الأخس فيما هو أفضل: كشبه الفرس بالحمار والقرد بالإنسان.

وموضع آخر أن الشىء الذى هو أظهر آثر مما هو دونه فى هذه الحال؛ والشىء الذى هو أصعب أيضا آثر. وذلك أنا إذا اقتنينا ما لا يسهل تناوله كان سرورنا به أكثر. — وكذلك أيضا ما هو أكثر خصوصا، آثر مما هو أكثر عموما. — وما هو أيضا عادم لمشاركته الأشياء الرديئة هو آثر، وذلك أن ما لم يلحقه شىء من المكروه آثر مما يلحقه ذلك.

وأيضا إن كان على الإطلاق كذا أفضل من كذا، فإن المتقدم فى الفضل مما فى هذا، أفضل من المتقدم فى الفضل مما فى الآخر — مثال ذلك أنه إن كان الإنسان أفضل من الفرس، فإن المتقدم من الناس من الفضل أفضل من المتقدم فى الخليل فى الفضل. وإن كان المتقدم فى الفضل أفضل من المتقدم فى الفضل، فإنه على الإطلاق كذا أفضل من كذا — مثال ذلك أنه إن كان المتقدم من الناس فى الفضل أفضل من المتقدم فى الخليل، فإن الإنسان على الإطلاق أفضل من الفرس.

وأيضا ما يناله الأصدقاء آثر عندنا مما لا ينالونه؛ وما يجب أن نفعله بالصديق أكثر مما يفعله بأفناء الناس هو آثر عنده — مثال ذلك أن الإنصاف والإحسان أفضل من الظن، وذلك أنا نحب أن نعدل على أصدقائنا، ونحسن إليهم أكثر مما نحب أن يكون ذلك منا إليهم بالظن. ونحب أن نفعل بأفناء الناس عكس ذلك.

والأشياء التى هى من الفضل أفضل من الأشياء الضرورية. وربما كانت آثر، لأن جودة العيش أفضل من العيش، وجودة العيش من الفضل والعيش نفسه ضرورى. وربما كانت الأشياء التى هى أفضل ليست آثر أيضا. وذلك أنه ليس إن كان الأفضل ضروريا فهو أيضا آثر، لأن التفلسف أفضل من اقتناء المال، إلا أنه ليس بآثر عند المحتاج إلى ما لا بد منه. والذى منه الفضل هو إذا كانت الأشياء الضرورية موجودة فأعد الإنسان معها أشياء أخر جيدة. ويكاد أن يكون الأمر الضرورى آثر؛ والذى من الفضل أفضل.

وما لم يكن اكتسابه من غيره، آثر مما يمكن أن يكتسب من غيره — كحال العدالة عند الشجاعة. وإن كان هذا الشىء مأثورا بغير هذا الشىء وهذا ليس هو مأثورا من غير هذا الشىء — مثال ذلك أن القوة ليست مأثورة بغير فهم، والفهم مأثور بغير قوة. وإن نحن كتمنا أحد أمرين ليظن بنا أن الأمر الباقى موجود لنا، فذلك الذى يجب أن يظن بنا أنه لنا، آثر عندنا — مثال ذلك أنا نكتم الحرص، ليظن بنا أنا مطبوعون.

وأيضا الشىء الذى بفقده يقل إنكار من يستقله هو آثر، والشىء الذى بفقده لا يكثر إنكار من يستقله هو آثر.