Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

بسم الله الرحمن الرحيم

المقالة الخامسة منه 〈المواضع المشتركة للخاصة〉

〈فى الخاصة وأنواعها〉

ينبغى أن ننظر من هذه الأشياء: هل ما قيل خاصة، أم ليس بخاصة؟ والخاصة توصف إما بذاتها ودائما، أو بالقياس إلى آخر وفى بعض الأوقات: مثال ذلك إن قولنا حيوان آنس بالطبع خاصة للانسان بذاتها. فأما الخاصة بالقياس إلى آخر، مثل أن خاصة النفس بالقياس إلى البدن أن هذه آمرة، وذاك خادم. والخاصة دائما بمنزلة أن خاصية الله أنه حى لا يموت. والخاصة فى بعض الأوقات مثل أن خاصة الإنسان المشى فى الميدان.

والخاصة التى بالقياس إلى آخر إذا وضعت فهى إما مسئلتان، وإما أربع. وذلك أنه إن أعطى الواحد، ومنع الآخر، صار هذا بعينه وحده مسئلتين — مثال ذلك أن خاصة الإنسان بالقياس إلى الفرس أنه ذو رجلين. فلمحتج أن يحتج أن الإنسان ليس بذى رجلين، وأن الفرس ذو رجلين — وبالوجهين تنفسح الخاصة. فإن هو أعطى كل واحد منهما، ومنع كل واحد منهما، حدث أربع مسائل — مثال ذلك أن خاصة الإنسان بالقياس إلى الفرس أن الإنسان ذو رجلين، والفرس ذو أربعة أرجل — وذلك أنه قد يتهيأ له أن يحتج أن الإنسان ليس بذى رجلين، لأنه ذو أربعة أرجل. وقد يتهيأ له أن يحتج بأن الفرس ذو رجلين وأنه ليس بذى أربع. وكيفما تبين ذلك، بطل المقصود له.

والخاصة بذاتها قد توصف بالقياس إلى كل شىء، وتفرق المخصوص من كل شىء — بمنزلة قولنا: حى ناطق مائت قابل للعلم، للانسان. فأما التى بالقياس إلى آخر فليس تفصل المخصوص من كل شىء، بل من شىء معلوم، بمنزلة خاصة الفضيلة بالقياس إلى العلم. فإن الفضيلة توجد فى كثير، والعلم فى الجزء الفكرى فقط من شأنه أن يكون وللذين لهم الجزءالفكرى. — والخاصة دائما هى التى تصدق فى كل زمان ولا تخلو فى وقت من الأوقات، كقولنا: خاصة الحى أنه مركب من نفس وبدن. فأما الخاصة التى فى بعض الأوقات فهى التى تصدق فى وقت من الأوقات ولا تلزم ضرورةً، كالمشى فى السوق خاصة لإنسان من الناس.

وقد يمكن أن توصف الخاصة التى بالقياس إلى شىء بأن يقال إنها فصل: إما فى الجميع دائما على مثال واحد، وإما على أكثر الأمور وفى الأكثر — مثال ذلك: أما فى الجميع ودائما فبمنزلة خاصة الإنسان بالقياس إلى الفرس أنه ذو رجلين. وذلك أن الإنسان وكل إنسان ودائما ذو رجلين، وليس شىء من الأفراس ولا فى وقت من الأوقات ذا رجلين.

والخاصة التى على أكثر الأمر وفى الأكثر فمثل أن الجزء الفكرى خاصة بالقياس إلى الشهوانى والغضبى: أن ذلك يأمر، وهذان يأتمران. وذلك أنه ليس أبداً يأمر الجزء الفكرى، لكنه فى بعض الأوقات يأتمر؛ ولا الجزء الغضبى والجزء الشهوانى أبدا يأتمران، لكنهما فى بعض الأوقات يأمران، وذلك إذا كانت نفس الإنسان ركيكة.

والمنطقية من الخواص هى الخاصة التى بذاتها ودائما والتى بالقياس إلى آخر. وذلك أن الخاصة بالقياس إلى آخر هى مسائل كثيرة كما قلنا آنفا، لأن المسائل تكون عنها ضرورةً: إما اثنتين وإما أربعا. فالأقاويل إذاً أيضا تكون بحسبها كثيرة. فأما الخاصة بذاتها ودائما فله أن يحتج بها بحسب أشياء كثيرة أو يحفظها إلى أزمنة كثيرة. فالخاصة بذاتها تكون بالقياس إلى أشياء كثيرة، لأن هذه الخاصة ينبغى أن تكون له بالقياس إلى كل واحد من الموجودات، لأنها إن لم تفرق المخصوص من جميع الأشياء لم تكن خاصة صحيحة.

فأما التى هى خاصة دائما فتكون بالقياس إلى أزمنة كثيرة. وذلك أنها إن لم تكن فى الزمان الحاضر ولم تكن كانت ولا ستكون، لم تكن خاصة. — فأما الخاصة فى بعض الأوقات فهى التى يبحث عنها بالقياس إلى الزمان الحاضر؛ فليس الأقاويل إذاً بحسبها كثيرة. والمسئلة المنطقية هى التى تكون الأقاويل بحسبها كثيرة صحيحة.

فالخاصة التى وضعنا أنها بالقياس إلى آخر ينبغى أن يبحث عنها من المواضع التى فى العرض متى كان يعرض لهذا، ولا يعرض لهذا. فأما الخواص دائما وبذاتها فينبغى أن ننظر فيها من هذه الأشياء: