Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈مواضع أخرى〉

فبالجملة نقول إن كان موضعاً يصير القول من أشياء ليست أقدم ولا أعرف، وأجزاؤه ما وصفنا.

وموضع ثان: أن ينظر إن كان الأمر موجودا فى جنس ولم يوضع فى جنس. وهذا الخطأ يوجد فى جميع الأشياء التى فيها لا يتقدم فيوضع: ما الشىء. مثال ذلك تحديد الجسم أنه الذى له ثلاثة أبعاد، أو مثل تحديد الإنسان بأنه الذى يحسن أن يحسب. والجنس من شأنه أن يدل على: ما هو الشىء، ويوضع أول الأشياء التى تقال فى التحديد.

وأيضاً إن كان المحدود يقال فى أشياء كثيرة فلم يضعه فيها كلها — مثال ذلك إن قال إن الكتابة العلم بالخط. وذلك أنه يحتاج إلى أن يقال: وبالقراءة أيضاً، لأن بهذا الحد لم يحد، بذكره الخط، أكثر مما كان تحديده بذكر القراءة. فليس واحد منهما حدا، لكن من قال هذين كليهما فقد حد، لأن اشياء كثيرة لا يمكن أن تكون حدوداً لشىء واحد بعينه. وفى بعض الأشياء يكون ذلك حقاً كما قلنا، وفى بعضها لا — مثال ذلك فى الأشياء التى لا يقال فيها بذاته بحسب الأمرين جميعا، بمنزلة ما يقال فى الطب أنه يحدث الصحة والمرض. وذلك أنه يحدث تيك بذاته، ويحدث هذا بالعرض، لأن الجملة: إحداث المرض غريب من الطبيب. فالذى يصف الحد بسبب كليهما ليس هو أولى بالتحديد من الذى يصفه بحسب أحدهما، لكن أخلق به أن يكون دونه، لأن من أراد من سائر العوام أمكنه أن يحدث مرضاً.

وينظر أيضاً إن كان فى صفة الشىء لا بحسب الأمر الأفضل، لكن بحسب الأدنى، إذا كانت الأشياء التى يقال المحدود بحسبها كثيرة، وذلك أن كل علم وكل قوة فإنما يظن بها أنها للشىء الأفضل.

وأيضاً ينبغى أن ينظر إن كان الموصوف لم يوضع فى الجنس الذى يخصه من الاسطقسات التى فى الجنس كما تقدم من قولنا.

وينظر أيضا إن كان فى صفة الشىء يتجاوز الأجناس — مثال ذلك إن قال العدل هو ملكة فعالة المساواة أو موزعة الحق بالسواء، فإن الذى حد هذا الحد يجاوز الفضيلة. لأنه لما أغفل جنس العدل لم يقل ما هيته، وذلك أن الجوهر لكل واحد إنما هو مع جنسه، وهذا هو وألا يوضع الشىء فى أقرب الأجناس منه سؤالاً. ومن وضع أقرب الأجناس فقد ذكر جميع الأجناس التى فوق، لأن جميع الأجناس التى فوق تحمل على التى تحت. فيجب إذاً: إما أن يوضع الشىء فى جنسه الأقرب، وإما أن يضم جميع الفصول التى بها يحد الجنس الأقرب إلى الجنس الأعلى، فإن بهذا الوجه لا يكون أغفل شيئاً، بل إنما يكون ذكر الجنس الأسفل بقول مكان اسم؛ وإما من ذكر الجنس الأعلى فقط فلم يذكر الجنس الأسفل، وذلك أن من ذكر النبات لم يذكر شجرة.