Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈مواضع أخرى〉

وأيضاً إن كان قال إن الكل هو تركيب هذه (مثل أن الحيوان تركيب النفس والبدن)، فينبغى أولاً أن ينظر إن كان لم يقل إى تركيب، بمنزلة ما لو حد لحماً أو عظماً فقال إنه تركيب النار والهواء والأرض والماء؛ إذ كان ليس يكتفى بذكر التركيب حتى يلخص مع ذلك أى تركيب هو، لأن اللحم ليس يتكون عندما تتركب هذه كيفما كان، بل إنما يتكون اللحم عندما تتركب بجهة من الجهات، ويتكون العظم عندما تتركب بجهة ما أخرى محدودة. ويشبه أن يكون لا واحد مما ذكرنا أصلاً هو والتركيب سواء. وذلك أن التركيب ضد التحليل. فأما هذان اللذان وصفنا فليس لواحد منها ضد أصلاً.

وأيضاً مما يقنع به على مثال واحد أن كل مركب فهو تركيب، أو ولا واحد من المركبات تركيب. وكل واحد من الحيوانات هو مركب، وليس هو تركيباً، ولا واحد من سائر الأشياء المركبة هو تركيب.

وينظر أيضا إن كان من شأن المتضادين أن يوجد الشىء بواحد على مثال واحد، وكان قد حد بواحد منهما، فمن البين أنه لم يحد إلا ولزم أن يكون لشىء واحد بعينه حدود أكثر من واحد: وذلك أن تحديده بهذا ليس هو أولى به من تحديده بذاك، لأن كليهما من شأنهما أن يكونا فيه على مثال واحد. وما يجرى هذا المجرى حد النفس إن كان جوهراً قابلاً للعلم فإنه أيضاً قابل للجهل على مثال قبوله للعلم. ومتى لم يتهيأ للإنسان أن يحتج على الحد كله من قبل أن ليس كله معروفا، فيجب أن يحتج على شىء من أجزائه إذا كان معروفاً ولم يكن يبين أنه موصوف على ما ينبغى. وذلك أن جزء الحد إذا ارتفع، ارتفع الحد بأسره.

فأما ما كان من الحدود غامضاً فينبغى أن يبحث عنها بأن نصلحها أو نشكلها تشكيلا يدلك منها على شىء ويكسبك حجة. وذلك أنه واجب ضرورةً على المجيبب: إما أن يقبل ما يأخذه عن السائل؛ وإما أن يبين المعنى الذى يستدل عليه من القول ما هو.

وأيضاً فكما أن من عادة الناس فى المحافل التى تجتمع فيها لوضع الشرائع أن يأتوا بشريعة: فإن كانت الشريعة التى أتى بها أفضل من المتقدمة، رفضوا المتقدمة — كذلك ينبغى أن يفعل فى الحدود أيضا، أعنى أن يؤتى بحد آخر؛ فإن بين أنه أجود من الأول وأدل على المحدود، فبين أن الأول يصير مرفوضاً، لأنه ليس يكون للشىء الواحد حدود كثيرة.

وفى جميع الحدود، ليس إصابتك فى تحديد الشىء الذى قصد لتحديده من نفسك أو قبولك للحد إذا قيل ما ينبغى بأصل حقير.

فإنه واجب عليك ضرورة أن تجعل هذه الأشياء نصب عينك وتنظر إليها كالمثال، فتتفقد باستقصاء نقصان ما كان يجب أن يكون فى الحد وما زيد فيه فضلاً، حتى يمكنك أن تستخرج الحجج استخراجاً سهلا.

فليكن هذا مبلغ ما نقوله فى الحدود.

][ تمت المقالة السادسة من كتاب «طوبيقا» ][

][ قوبل به ][