Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈اختيار القضايا〉

فينبغى أن نتخير المقدمات بحسب الأنحاء التى لخصت عليها المقدمة بأن نتصفح: إما آراء الجمهور، أو آراء أكثر الناس، أو آراء جميع الفلاسفة، أو أكثرهم، أو أهل النباهة، منهم، أو الآراء المضادة للظاهرة، وجميع الآراء التى فى الصنائع. وينبغى أن نقدم الآراء المضادة التى هى فى الظاهر ذائعة على جهة التناقض كما قلنا قبل. وليس إنما ننتفع عند الاختيار باستعمال الذائعة منها فقط، لكن والشبيهة بهذه أيضا — مثال ذلك قولنا إن العلم بالمتضادات واحد، لأن الحس بها كذلك، أو قولنا إن الحس بالمتضادات واحد بعينه، لأن العلم بها كذلك، وأنا أنما ننظر بأن نقبل شيئا فينا، لا بأن ندفع شيئا منا، لأن الأمر على هذا المثال يجرى فى الحواس الباقية. وذلك أنا إنما نسمع بأن نقبل فينا شيئا، لا بأن نخرج؛ وعلى ذلك المثال نشم ونذوق؛ وكذلك الحال فى سائر الحواس الأخر. وأيضا ينبغى أن نأخذ ما يظهر فى جميع الأمور أو فى أكثرها على أنه أصل ومبدأ ووضع مظنون. وذلك أنه قد يضعها الذين لا يفهمون فى أى شىء من الأشياء ليس هى كذلك. وينبغى أن نتخير أيضا من الأقاويل المثبتة فى الكتب ونثبت ما فى جنس جنس ونضعه ناحيةً — مثال ذلك أنك إذا أردت أن تبحث عن كل خبر بدأت من البحث بما هو وأثبت بآرائه آراء واحد واحد — بمنزلة ما نقول إن أنبادقليس يرى أن اسطقسات الأجسام أربعة؛ فإن لواضع أن يضع ما يقوله واحد من المشهورين.

وقد توجد أجناس المسائل والمقدمات إذا حصلناها على طريق الرسم ثلاثة: وذلك أن منها ما هى مقدمات خلقية، ومنها مقدمات طبيعية، ومنها مقدمات منطقية. فالخلقية مثل قولنا: لمن أولى أن نطيع: لآبائنا، أو للنواميس، متى اختلفتا؟ والمنطقية مثل قولنا: هل العلم بالمتضادات واحد بعينه، أم لا؟ والطبيعية مثل قولنا: هل العالم أزلى، أم لا؟ وكذلك يجرى الأمر فى المسائل. وليس يسهل علينا أن نصف كل واحدة من هذه التى تقدم ذكرها، إنما هى بتحديد يوفيها إياه. لكن ينبغى أن أن نلتمس تعرف كل واحدة منها بالارتياض فى الاستقراء بعد تفقدنا إياها بحسب المثالات التى تقدم وصفها.— فنجعل بحثنا عنها عند الفلاسفة على جهة الحقيقة، وعند الظن على جهة الجدل. وينبغى أن نأخذ جميع المقدمات أخذا كليا بأكثر ما يمكن، وأن نجعل المقدمة الواحدة مقدمات كثيرة. مثال ذلك أن نقول إن العلم بالمتقابلات واحد بعينه، ثم نقول إن العلم بالمتضادات واحد بعينه، وإن العلم بالأشياء الداخلة فى باب المضاف واحد بعينه، وعلى هذا المثال ينبغى أن نقسم هذه أيضا من الرأس ما دامت القسمة فيها ممكنة — مثال ذلك أن نقول: العلم بالخير والشر واحد بعينه، والعلم بالأبيض والأسود، والعلم بالبارد والحار، وكذلك فى سائر الأشياء الأخر.