Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈الأنتفاع بآلات الجدل الثلاث الأخيرة〉

وقد ينتفع بالبحث عن الشىء على كم جهة يقال، فى الإيضاح والبيان. وذلك أن الإنسان يكون أحرى بأن يعلم ماذا يضع إذا تبين له على كم نحو يقال. وقد ينتفع به أيضا فى أن تكون القياسات فى المعنى نفسه، لا بحسب الاسم. وذلك أن الشىء إذا لم يعلم على كم نحو يقال، فقد يمكن ألا يجتمع فيه رأى السائل والمجيب على شىء واحد بعينه. فإذا تنبه على كم نحو يقال الشىء، وعلى ماذا يضعه من أتى به، سخر من السائل متى لم ينح بالقول نحوه. — وقد ينتفع به أيضا فى أن يغالط وألا يغالط. وذلك أنا إذا علمنا على كم نحو يقال الشىء لم يقع علينا غلط، لكن نعلم إن كان السائل نحا بقوله نحو شىء واحد بعينه. وإذا نحن سألنا أمكننا أن نغالط متى اتفق أن يكون المجيب لا يعلم على كم نحو يقال الشىء. وليس هذا ممكننا فى الجميع، لكن إذا كانت الأشياء التى تقال على أنحاء كثيرة منها ما هى صادقة، ومنها ما هى كاذبة. وليس هذا الفن خاصا بالجدل؛ ولذلك ينبغى لأصحاب الجدل أن يتوقوا هذا المعنى أصلا، أعنى أن تكون مجادلتهم فى الاسم، إلا أن يحس الواحد بضعف من نفسه عن الجدل بغير هذه الجهة فى الشىء الموضوع.

ووجود الفصول نافع فى القياسات التى تعمل فى الواحد بعينه والغير، وفى تعرف كل واحد من الأشياء ما هو. والأمر بين فى أنه نافع فى القياسات التى تعمل فى الواحد بعينه والغير. وذلك أنا إذا وجدنا فصلا للأشياء التى نقصد نحوها — أى فصل كان —، نكون قد قلنا أن ليس هو واحداً بعينه. فأما منفعته فى تعرف كل واحد من الأشياء ما هو، فلأنه من عادتنا أن نفرق القول الذى يخص جوهر كل واحد بالفصول التى تخص واحداً واحداً من الأشياء.

فأما النظر فى الشبيه فنافع فى أقاويل الاستقراء وفى قياسات الوضع وفى أداء الحدود. فأما فى أقاويل الاستقراء فلأنا إنما نحكم على الأمر الكلى باستقراء الجزئيات فى الأشياء، وذلك أنه ليس يسهل علينا أن نستقرئ النظائر ونحن لا نعلم الأشباه. وأما فى قياسات الوضع فلأن من الأمر الذائع أن الحال فى سائر الأشياء كالحال فى واحد منها، حتى إنه إذا تهيأ لنا أن نناظر فى أى شىء منها كأن إجماعنا مع ذلك على أن الحال فى الشىء الذى قصدنا له كالحال فى هذه، لأنا إذا بينا ذلك نكون قد بينا الشىء الذى قصدنا له من الوضع، لأنا إذا وضعنا أن الحال فيما قصدنا له كالحال فى هذه نكون قد علمنا البرهان. وأما فى أداء الحدود، فلأنا إذا قدرنا أن نعلم ما الواحد بعينه فى واحد واحد لم يذهب علينا إذا حددنا الشىء الذى قصدنا له فى أى جنس ينبغى أن نضعه، وذلك أن أولى الأشياء العامية بالعموم هو جنس يحمل معنى ما هو. وكذلك أيضا النظر فى الأشباه قد ينتفع به عند التحديد فى الأشياء الكبيرة التباعد كقولنا: سكون الريح فى البحر، وركود الهواء شىء واحد بعينه، لأن كل واحد منهما هدوء، وأن النقطة فى الخط وحدة فى العدد، لأن كل واحد منهما مبدأ. فلذلك متى وفينا الجنس العام فى الجميع لم يظن بنا أحد أنا قد حددنا حدا غريبا. ويكاد أن يكون الذين يحدون على هذا الوجه اعتادوا أن يعرفوا الحدود، لأنهم يقولون إن الوحدة مبدأ العدد، والنقطة مبدأ الخط. فمن البين أنهم يضعونهما فى الجنس العام لكليهما.

فهذه هى الآلات التى بها تكون القياسات. فأما المواضع التى ينتفع فيها بما وصفنا فهى ما نصف.

][ تمت المقالة الأولى من كتاب «طوپيقا» لأرسطوطالس ][

][ قوبل به ][