Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈مواضع أخرى〉

وإن كان المحدود مضافاً إلى شىء إما بنفسه وإما بالجنس فينبغى أن ننظر إن كان لم يقل فى الحد مضافاً إلى ذلك الشىء الذى يضاف إليه: إما بنفسه وإما بالجنس — مثال ذلك إن حد العلم بأنه ظن لا يختلف، وحد الإرادة بأنها توقان لا 〈حزن〉 معه. وذلك أن ذات كل مضاف إنما هى بالقياس إلى آخر، لأن ماهية كل واحد من المضاف واحدة بعينها، وإنما يقال كل واحد منها بالقياس إلى شىء بضرب من الضروب. وكان يجب أن يقول إن العلم ظن بالمعلوم، وإن الإرادة توقان إلى الخير. وكذلك إن حد الكتابة بأنها العلم بالكتاب، ذلك أنه كان يجب أن يصف فى الحد: إما الشىء الذى يضاف إليه جنسه، أو إن كان قد قيل بالإضافة إلى شىء ولم يوصف بالإضافة إلى الغاية، والغاية فى كل واحد من الأشياء هو الأفضل، أو هو الذى سائر الأشياء من أجله. فينبغى أن نقول: إما الأفضل وإما الأخير — مثال ذلك أن نقول إن الشهوة ليست للشىء اللذيذ، لكن للذة، لأنا إنما نؤثر اللذيذ لمكان اللذة.

وينظر أيضاً إن كان ما وصف بالقياس إليه كوناً هو أو فعلاً، لأنه ليس شىء من أمثال هذين غايةً. وذلك أن قولنا: فعل أو تكون — أولى بأن يكون غاية من قولنا: يتكون أو يفعل. إلا أنا نقول إن ما يجرى هذا المجرى ليس هو حقاً فى كل شىء، وذلك أن أكثر الناس يحبون 〈أن〉 يلتذوا أكثر من أن يكونوا قد التذوا وفرغوا. فيجب أن يكونوا يجعلون قولنا: «يفعل» غاية أكثر من قولنا: «قد فعل».

وأيضاً ينظر إن كان فى بعض الأشياء لم يلخص كم الشى، وأى الأشياء هو، وأين هو، أو سائر الفصول الأخر — مثال ذلك قولنا: محب الكرامة هو الذى يشتهى كرامة كذا، ومقدار كذا منها. وذلك أن الناس كلهم يشتهون الكرامة. فليس يكتفى بأن يقول إن محب الكرامة هو الذى يشتهى الكرامة، لكن ينبغى أن يضيف إلى ذلك الفصول التى ذكرناها. وعلى هذا المثال قولنا: محب المال هو الذى يشتهى من المال مقدار كذا؛ والمنهمك فى اللذات هو الذى يشتهى من اللذات كذا، لأنه ليس من غلبت عليه أى لذة كانت يقال له: منهمك فى اللذات، لكن الذى يغلب عليه لذات ما. أو كما يحدون أيضا الليل بأنه مظل الأرض، أو الزلزلة بأنها حركة الأرض، أو الغمام بأنه متكاثف الهواء، أو الريح بأنها حركة الهواء — فإنه ينبغى أن يزاد فى هذه الحدود بمقدار كذا، وحال كذا، ومكان كذا، وعن كذا. وكذلك من سائر الأشياء التى تجرى هذا المجرى. لأنه إذا أغفل فصلاً من هذه الفصول — أى فصل كان — لم يصف ماهية ذلك الشىء. وذلك أنه يجب أن يكون الاحتجاج دائماً بحد الشىء الناقص، لأنه ليس كيفما تحركت الأرض أو أى مقدار منها كان يتحرك، تكون زلزلة. وكذلك أيضاً الهواء ليس كيفما تحرك، أو أى مقدار منه كان تحرك، فهو رياح.

وأيضا فى التوقان إن لم يزد فيه على ظاهر الأمر وجميع الأسماء الأخر التى ينطبق عليها — مثال ذلك قولنا: أن الإرادة [و]التوقان إلى الخير، والشهوة التوقان إلى اللذيذ، إلا أنه ليس الخير على ظاهر الأمر، أو اللذيذ على ظاهر الأمر. وذلك أنه قد يخفى مراراً كثيرة على الذين يشتهون الشىء الذى هو خير أو لذيذ، فليس من الاضطرار أن يكون خيراً أو لذيذاً، لكنه كذلك على ظاهر الأمر فقط. فقد كان يجب أن نجعل صفته كذلك. فإن وصفت المذكور فينبغى للمعتقد للصور أن يسوقه إلى الأنواع؛ ولذلك ليس توجد صورة لشىء ظاهر أصلا. فأما النوع فقد يظن به أنه يقال بحسب نوع — مثال ذلك أن الشهوة نفسها للذيذ نفسه، والإرادة نفسها للخير نفسه. فأما الإرادة نفسها فليست تكون للخير على الظاهر، ولا للذيذ على الظاهر، لأنه من المنكر أن يكون الخير نفسه أو اللذيذ نفسه على ظاهر الأمر.