Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈مواضع أخرى〉

فالأمر فى أن الخاصة بالجملة تعم ما وضعت، أو تتبين مما وضعت بهذه الأشياء ينبغى أن ينظر. — فأما الأمر فى أن ماقيل خاصة أو ليس بخاصة، فمن هذه الأشياء ينبغى أن ننظر فيه. والمواضع التى على الإطلاق تصح الخاصة وتوجب أنها وضعت وضعا جيدا هى والمواضع التى تحدث الخاصة تصير واحدة بعينها: فستوصف فى تيك.

وينبغى أولا للمبطل أن ينظر فى كل واحد وصفت خاصته إن كان لا توجد ولا لواحد، أو إن كانت لا تصدق فى هذا، أو إن لم تكن خاصة كل واحد منها ما يوجد فى ذلك الذى وصفت خاصته: فإن الخاصة التى توضع هذا الوضع ليست بخاصة. مثال ذلك أنه لما كان ليس يصدق على المهندس أن يقال فيه إنه لا يغلطه القول، فإن المهندس قد ينخدع فى الرسوم الكاذبة، لم تكن خاصة العلم ألا يغلطه القول. — فأما المصحح فينظر إن كان يصدق على كل فقد يصدق على هذا. فإن ما يوضع على أنه خاصة هو خاصة — مثال ذلك أنه لما كان قولنا: «حى قابل للعلم» يصدق على كل إنسان وبما هو إنسان، صار قولنا: «حى قابل للعلم» خاصةً للإنسان.

وهذا الموضع: أما للمبطل فلينظر: إن لم يكن ما يصدق عليه الاسم يصدق عليه القول أيضا؛ وإن لم يكن ما يصدق عليه القول يصدق عليه الاسم أيضا.

فأما المصحح فينظر إن كان ما يحمل عليه الاسم قد يحمل عليه القول أيضا، وإن كان ما يحمل عليه القول قد يحمل عليه الاسم أيضا.

وبعد ذلك فإن المبطل ينظر إن لم يكن ما يقال عليه الاسم يقال عليه القول أيضا، وإن لم يكن ما يقال عليه القول يقال عليه الاسم أيضا. فإنه ما وضع أنه خاصة بهذا الوجه لا يكون خاصةً — مثال ذلك أنه لما كان قولنا: «حيوان قابل للعلم» يصدق على الملك ولم يكن يحمل على الإنسان لم يكن قولنا: «حى قابل للعلم» خاصة للإنسان.

فأما المصحح فينظر إن كان ما يحمل عليه الاسم قد يحمل عليه أيضا القول، وإن كان ما يحمل عليه القول يحمل عليه أيضا الاسم. وذلك أنه يصير خاصة ما وضع أنه ليس بخاصة — مثال ذلك أنه لما كان ما يقال عليه إن له نفسا يصدق عليه أنه حى، وما يقال عليه إنه حى يصدق عليه أن له نفسا، صار قولنا: «له نفس»، خاصةً للحى.

وبعد ذلك فإن المبطل ينظر إن كان وصف الشىء الموضوع خاصة للذى يقال فى الموضوع، وذلك أنه لا يكون خاصة ما وضع أنه خاصة — مثال ذلك أنه لما كان من جعل النار خاصةً ألطف أجزاءا، قد جعل الموضوع خاصة للمحمول، لم تكن النار خاصة ألطف الأجسام أجزاءا، ولذلك لا يكون الموضوع خاصة ما فى الموضوع، لأن شيئا واحدا بعينه يصير خاصة لأشياء كثيرة مختلفة بالنوع. وذلك أن الأشياء الكثيرة المختلفة بالنوع توجد لشىء واحد بعينه مقولة عليه وحده، يصير الموضوع خاصة لها كلها إن وضع الحاجة أحد على هذا الوجه.

وأما المصحح فينظر إن كان جعل خاصة الموضوع ما فى الموضوع. فإن ما وضع على أنه ليس بخاصة يصير خاصة إن حملت الخاصة كما وصفنا عليه وحده — مثال ذلك أنه لما كان من قال إن خاصة الأرض أنها أثقل الأجسام قد جعل الخاصة بصورة الموضوع مقولة على الأمر وحده ومحمولة كالخاصة، صارت خاصة الأرض موضوعة على الصواب.

وبعد ذلك فإن المبطل ينظر إن كان وصف الخاصة على جهة المشاركة، فإن الموضوعة على أنها خاصة ليست تكون خاصة. وذلك أن الذى يوجد على جهة المشاركة ينتفع به فى الآنية. وما جرى هذا المجرى فهو فصل ما محمول على نوع واحد — مثال ذلك أنه لما كان من قال: خاصة الإنسان أنه مشاء ذو رجلين، جعل الخاصة على جهة المشاركة، لم تكن خاصة الإنسان أنه مشاء ذو رجلين.

فأما المصحح فينظر ألا يكون جعل الخاصة على جهة المشاركة، وألا يكون يدل على الآنية إذا رجعت بالتكافؤ فى الحمل على الأمر. وذلك أن ما وضع ألا يكون خاصة يصير خاصة. ومثال ذلك أنه لما كان من وضع خاصة الحى أن من شأنه أن يحس، لم يضع الخاصة على جهة المشاركة، ولا دالة على الآنية إذا رجعت بالتكافؤ فى الحمل على الأمر، صار قولنا من شأنه أن يحس خاصة للحى.

وبعد ذلك فإن المبطل ينظر إن كان يمكن ألا تكون الخاصة معا، لكن تكون إما متأخرة أو متقدمة للاسم، فإن الموضوع ليكون خاصة لا يكون خاصة، لأنها بعينها: إما أولا فى وقت من الأوقات؛ وإما ليس دائما — مثال ذلك أنه لما كان يمكن أن يكون المشى فى السوق يوجد لإنسان ما متقدما ومتأخرا عن الإنسان، لم يكن قولنا يمشى فى السوق خاصة للإنسان: إما ولا فى وقت من الأوقات، وإما ليس دائما.

فأما المصحح فينظر إن كان يمكن أن يوجد معاً من الاضطرار دائما من غير أن يكون حداً أو فصلا، لأنه يصير ما وضع ألا يكون خاصة خاصة — مثال ذلك أنه لما كان قولنا: «حى قابل للعلم»، وقولنا: «الإنسان» يوجدان معا من الإضطرار دائما من غير أن يكونا حدا أو فصلا صار قولنا: «حى، قابل للعلم» خاصة للإنسان.

وبعد ذلك فإن المبطل ينظر ألا يكون شىء واحد بعينه خاصة لأشياء واحدة بعينها بما هى واحدة بعينها، فإن الموضوع عند ذلك ليكون خاصة، لا يكون خاصة — مثال ذلك أنه لما كان قولنا: «ما يظهر لبعض الناس أنه خير» ليس خاصة للشىء المطلوب، لم يكن قولنا: «ما يظهر لبعض الناس أنه خير» خاصة للمأثور، وذلك أن المطلوب والمأثور شىء واحد.

فأما المصحح فينظر إن كان شىء واحد بعينه لشىء واحد بعينه بما هو واحد بعينه، خاصة. فإن بهذا الوجه يصير ما وضع على أنه ليس بخاصة خاصة — مثال ذلك أنه لما كان يقال إن خاصة الإنسان بما هو إنسان أن نفسه ذات ثلاثة أجزاء، صارت خاصة المرء بما هو مرء أن نقسمه ثلاثة أجزاء. وهذا الموضع نافع أيضا فى العرض، لأن أشياء بعينها بما هى واحدة بعينها توجد لأشياء هى واحدة بعينها.

وبعد ذلك فإن المبطل ينظر ألا تكون الخاصة واحدة بعينهاأبدا: واحدة بالنوع لأشياء واحدة بعينها بالنوع، لأن الموضوع ليكون خاصة لا يكون خاصة الشىء الموصوف. مثال ذلك أنه لما كان الإنسان والفرس شيئاً واحداً بالنوع ولم تكن خاصة الفرس دائما أن يقف من تلقاء نفسه، لم تكن خاصة الإنسان دائما أن يتحرك من تلقاء نفسه، لأن الوقوف والحركة من تلقاء النفس شىء واحد بالنوع؛ وذلك أن كل واحد منهما عرض للحى.

وأما المصحح فينظر إن كانت الخاصية الواحدة بعينها فى النوع لأشياء واحدة بعينها فى النوع، فإن بهذا الوجه يكون خاصةً ما وضع ألا يكون خاصةً — مثال ذلك أنه لما كانت خاصة الإنسان أنه مشاء ذو رجلين، صارت خاصة الطائر أنه طائر ذو رجلين، لأن كل واحد منها بعينه فى النوع، أو يكون بعضها بمنزلة أنواع تحت جنس واحد هو الحى، وبعضها بمنزلة فصول جنس الحى. وهذا الموضع يكذب إذا كان أحد الشيئين الموصوفين يوجد فى نوع واحد فقط، والآخر فى أنواع كثيرة، بمنزلة ما أن المشاء ذو أربع.

ولما كان الواحد بعينه والغير يقالان على أنحاء كثيرة، صار المغالط يجعل الخاصة لشىء واحد فقط. وذلك أن الذى يوجد لشىء فقد يوجد للذى يعرض له، وللعرض إذا أخذ معه الذى له عرض — مثال ذلك أن الخاصة التى توجد للإنسان قد توجد للإنسان الأبيض بما هو إنسان أبيض؛ والذى يوجد للإنسان الأبيض قد يوجد للإنسان. وقد يمكن الإنسان أن يصحح أمثال هذه من الخواص بأن يجعل الموضوع نفسه شيئا، ويجعله على العرض شيئا آخر — مثال ذلك إذا قال إن الإنسان شىء، وإن الإنسان الأبيض شىء آخر غيره، وأيضا إذا جعل الملكة شيئا آخر. وقد يتهيأ أن يزيف مزيف أمثال هذه من الخواص إذا جعل الملكة غير ما يقال بالملكة، وذلك أن الذى يوجد للملكة قد يوجد لما يقال بالملكة أيضا، والذى يوجد لما يقال بالملكة قد يوجد للملكة أيضا — مثال ذلك أنه لما كان العالم يقال بالعلم إن له حالا ما لم تكن خاصة العلم أن التصديق به لا يتغير، لأن العلم يصير لا يزول التصديق به من القول.

فأما المصحح فينبغى له أن يقول إنه ليس العرض والشىء الذى يعرض له واحداً بعينه إذا أخذ مع الذى يعرض له، لكن أحدهما عن الآخر من طريق أن آنيتهما مختلفة. وذلك أنه ليس أن يكون الإنسان إنسانا، وأن يكون إنسانا أبيض— شيئا واحدا بعينه.

وينبغى أيضا أن ننظر فى التصاريف، لأن العلم ليس هو ما لا يزول تصديقه من القول، لكن الإنسان الذى لا يزول عنه التصديق من القول؛ ولا العلم أيضا ما لا يزول تصديقه من القول، لكن الذى لا يزول تصديقه من القول. لأن المقاومة لا محالة إنما يجب أن تكون سبب من هو لا محالة معاند.