Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Topica (Topics)

〈مواضع أخرى〉

وبعض الأشياء ليس ينبغى لنا أن نقولها كما يقولها عوام الناس؛ فإن وصف حد شىء من المؤتلفة، فينبغى أن ينظر إذا أنت رفعت قول أحد المؤتلفين إن كان الباقى يوجد للباقى، لأنه إن لم يكن كذلك فمن البين أن ولا الكل أيضاً يوجد للكل — مثال ذلك أن أحداً إن حد الخط المستقيم المتناهى بأنه نهاية البسيط، لها نهايتان وسطها يسير نهايتيها. فإن كان قول الخط المتناهى هو أنه نهاية السطح لها نهايتان، فينبغى أن يكون قول المستقيم هو الباقى أعنى الذى وسطه يسير طرفيه. ولكن الخط غير المتناهى ليس له وسط ولا طرفان، إلا أنه مستقيم. فليسم الباقى إذاً قولاً للباقى.

وأيضاً ينظر إن كان المحدود إذا كان مركباً يكون القول قد وفى متساوى الأجزاء للحدود. ويقال إن القول متساوى الجزاء إذا كان مقدار الأسماء والكلم التى فى القول بمقدار الأشياء المركبة، فإنه واجب ضرورةً فى أمثال هذه الأشياء أن يكون فى الأسماء نفسها تغيير: إما كلها وإما بعضها، لأن الأسماء لم تقل أصلاً فى هذا الوقت أكثر منها قبل. ويجب على من يحد أن يصف القول مكان الأسماء، وخاصة مكان جميعها، وإلا مكان أكثرها. وذلك أن على هذا الوجه يجرى الأمر فى البسائط أيضا أن الذى يغير الاسم قد حد الشىء — مثال ذلك أن يجعل بدل «الثوب»: «رداء». — وأيضاً فمن أعظم الخطأ إن هو جعل التبديل بأسماء لا تعرف — مثال ذلك أن يجعل مكان حجر أبيض: جندل بلجاء، إذا كان ما قيل بهذا الطريق لم يحد وهو أقل بيانا.

وينظر أيضا إن كان إنما يدل فقط على مثل ما يدل عليه تبديل الأسماء مثل الذى يقول إن العلم النظرى ظن نظرى. وذلك أن الظن والعلم ليسا شيئاً واحداً. ولو كان ذلك يكون، لوجب أن يكون الكل شيئاً واحداً بعينه. وذلك أن النظرى عام فى القولين جميعا، والشىء الباقى مختلف.

وينظر أيضا إن كان بدل أحد الاسمين فلم يبدل الفصل بالجنس كالحال فيما ذكرناه قبيل، وذلك أن قولنا نظرى أقرب إلى أن يعرف من العلم، لأن هذا جنس وذاك فصل. والجنس أعرف من كل شىء. فلذلك كان ينبغى أن يكون قد جعل التبديل للفصل، لا للجنس، لأنه أقرب إلى أن لا يعرف. إلا أنا نقول إن هذا الإنكار يسخر منه، إذ كان ليس يمنع مانع أن يكون الفصل قد قيل باسم أعرف. فأما ما الجنس، فلا. وإذا كانت الحال فيها على هذا، فمن البين أنه ينبغى أن يجعل التبديل فى الاسم للجنس لا للفصل. وإن لم يجعل اسماً مكان اسم، بل جعل قولا مكان اسم، فمن البين أن الأولى أن نجعل للفصل جزءاً، لا للجنس، لأن الحد إنما يراد لمكان المعرفة: والفصل دون الجنس فى المعرفة.