Data Entry
اريد ان أخبر فى هذه المقالة كيف السبيل الذى يصل به الرجل الى ان
ينظر الى الأشياء التى تظهر عيانا بالتشريح فى الدماغ وفى النخاع على افضل
الحالات بعد موت الحيوان وما دام حياً والتشريح الذى يكون فى بدن
حيوان قد مات يتعلم الرجل ويعرف به كل واحد من الاعضاء وعددها
وخواصها فى جواهرها ومقاديرها وأشكالها وتركبها فأما التشريح الذى
يكون فى بدن حيوان حى فمرة يفيد صاحبه معرفة فعل العضو الذى يشرحه
بلا واسطة فيما بين ذلك ومرة يفيد معرفة لأصول التى يحتاج اليها فى
العلم بفعل العضو واذا كان الامر فى ذلك كذلك معلوم انه ينبغى ان
يكون تشريح الحيوان الحى وتشريح الحيوان الميت يمكن ان يعالج بضربين
احدهما العضو الذى شرح فى موضعه من جملة البدن والآخر العضو
الذى قد أخرج عن موضعه من البدن وأفرد وحده واذا كان الامر فى
هذا التشريح على هذا فأنا واصف لك اولا من تشريح الدماغ التشريح الذى
يكون والدماغ قد أخرج عن عظم قحف الراس واستبقى معه الغشاء الغليظ
الملفوف عليه وهذا الغشاء إن انت احببت أن تسميه غليظا كما سميته أنا
ههنا وإن احببت ان تسميه صلبا او جلدياً اى من جنس الجلود فلا فرق
فى ذلك بين هذه الاسماء وكذلك الامر فى الغشاء الآخر الذى تحت هذا
فانك إن سميته رقيقا او لينا غشاييا اى من جنس الأغشية لم يكن
فى ذلك مضرة لأن ما ينتفع به الناس فى عمل التشريح انما هو بمعرفتهم
بطبايع الاعضاء لا بمعرفة بتسميتها وقد يباع فى المدن الكبار على أكثر الامر
أدمغة البقر مهياةً معدةً قد كشف عنها فى وسط قحف راس الثور فإن
فتقدم الى القصاب الذى يبيعه ومره يقلع تلك العظام وان لم يكن
القصاب حاضر فافعل انت ذلك بان تستعمل مقاطع قويةً أو فاسا من
فوس النجارين التى قد رايتموها عندى معدة مهياة لهذا العمل وقبل
كل شى اتخذ هذه الفوس من حديد صلب فإن ما تتخذ منها من حديد
اين لا يعمل إلا عملا يسيرا فى ضربات كثيرة ونحن لا نحب ان نضرب قحف
الراس مرارا كثيرة ضربات قويةً وذلك لان الدماغ اين ناعم فهو ينهز
من مثل هذه الضربات انهزازا قويا ينحل به اتحاده حتى ينمزق وينهتك
والذى تريد أن تنظر اليه تحتاج أن تعده وتهييه على السلامة من
العوارض الشبيهة بهذه كيما ينكشف لك جميع ما فيه من منابت
الأعصاب وجميع العروق والشريانات التى فيه ويسلم لك ايضا الحاجز
الذى فيما بين بطنيه المقدمين وآخر الموضع الذى يقال له البركة
والحوض والقمع وغير ذلك مما أشبهه فاذا انت هيات هذا العضو
واعددته على ما ينبغى رايت الغشاء الصلب الذى يقال له أم الدماغ حيث
تراه ذاهبا فى طول الدماغ فى وسطه اغلط منه فى غير ذلك الموضع كثيرا
وتراه ينحدر وينزل فى الدماغ فى الموضع الذى هو اقرب المواضع من الدرز
الوسط من دروز القحف وكذلك تراه ايضا تحت الدرز الشبيه باللام فى
كتاب اليونانيين ينطوى وينحدر معا الدماغ حتى يبلغ الى موضع ما وترى
ايضا عرقين يرتقيان مصعدين فى هذا الغشاء واحد من كل جانب على
ضلعى الدرز الشبيه باللام فى كتاب اليونانيين والموضع الذى يجتمعان فيه
العرقين واحد الى الآخر تراه فى اكثر الامر أشرف من المواضع التى حوله
والجزء الموخر لكن الجزء الذى قدام اعظم بكثير جدا وهذا الموضع
الذى هو اشرف مواضع الدماغ ياتيه ايضا الطى الآخر من الغشاء الغليظ
حتى ترى الغشاء فى هذا الموضع قد صار من الغلظ الى اربعة أضعاف
غلظ أجزايه ألاخر كلها اعنى الاجزاء التى تطيف بالدماغ كما يدور وهناك
ايضا عرق ثالث يمتد فى الطول ويمر الى قدام وليس لأحد ان يسمى هذا
عرقا اذ كان على ما هو عليه من الخلقة وكان وعاء يوجد فيه دم محبس
فما دام الحيوان حيا فانت اذا كشفت عن الدماغ على قدر ما جرت به
العادة فى ثقب القحف وقطعه فى من يقع به الشجات التى تكسر عظم
الراس رايت هذه المواضع المجوفة التى ذكرناها فيها دم حتى اذا مات
الحيوان وجدت فى تلك التجويفات ليس لها طبقة عرق ترتقى وتنفذ فى
عظم الراس مع غشاء الدماغ لكن فى أول ما يلقى العرق قحف الراس ترى
فى ذلك الموضع بعينه الغشاء الغليظ ينطوى ويتجوف داخل الطى منه
فيصير فى مثال أوعية الدم وهى العروق ويقبل فى جوفه دم ويحفظ
ما فيه من الدم على الحال التى كان عليها فى وقت قبوله إياه وكيما
تنظر الى هذه الامور نظرا شافيا تعد لنفسك جرما رقيقا طويلا بمنزلة
ميل من الأميال التى يقال لها باليونانية ديبورينا واتخذه إما من خشب
العرعر وإما من شى آخر من الاشياء التى هى من الكثافة مثله وأدخل
هذا الميل الخشب ودسه فى الوضع الغاير من غشاء الدماغ والتمس أن
تدفعه الى قدام الى حيث بلغ ثم اقطع جرم الغشاء فى طول الميل حتى
تبلغ الى نفس الخشب فان لم تقدر على هذا الميل الخشب فأدخل فى الغشاء
جانبه قطعا يمر الى جنبيه وميل الميل فى وقت قطعك الى الجانب الاخر
كيما لا تتكسر السكين اذا هى بلغت الى الميل وتقع على التجويف وفى
انكشاف طيات الغشاء عند انقلاع العظم المحيط بها عنها قد يعرض مرارا
شتى ان يتخرق من الغشاء شى وينمزق واذا كان ذلك فاجعل هذا
مبداءك فى إدخال بعض آلالات التى ذكرناها فى التجويف الذى فيه الدم
فإن تهيا ان يكون الغشاء لا ينقطع منه شى فاقطع انت بسكين حادة ضلع
كل واحد من طيى الغشاء فى اجزايه السفلانية فى اول موضع يلقى فيه
الضلع عظم القحف ثم ضع الميل فى القطع والتمس أن تضطره يذهب الى
فوق حتى يبلغ الى الموضع المشرف من قحف الراس حيث يلتقيان العرقين
كليهما وهذا هو الموضع الذى يسميه ايروفيلس معصرةً وهذا الموضع
الذى يسميه هذا الرجل بهذا الاسم فهو موضع الى عمق الغشاء أميل
وفيما يلى الظاهر ايضا هناك مغيض يلتقيان عنده عرقين آخرين صغيرين
موضوعين على المعصرة وهذا المغيض صار فى الغشاء الغليظ على مثال
المغيض الذى سماه ايروفليس معصرة وليس ينفذ فى هذا المغيض طرف
الميل لضيقه وبسبب ضيقه صارت الأدمغة الصغار إما أن يكون ما يوجد
منه فيها شى يسير وإما ان لا يوجد منه شى أصلا وإن كان الامر فى ضيقه
على ما وصفت فالتمس ان تدخل فيه شياء من الأميال الدقاق وتقطع
معه والشعبة التى ذكرناها من شعب غشاء الدماغ وقلنا انها مما يلى ظاهره
منشاها من الموضع الذى يضام فيه الدرز الشبيه باللام فى كتاب اليونانيين
العظمين الشبيهين بالقشور واذ كان هذا على ما وصفت فاقطع اولا
الذى مما يلى الظاهر ثم من بعد ذلك تقطع الالعرقين الغابرين وهما
عرقان عظيما حتى تبلغ الى المعصرة والمغيض الغاير فاذا انت قطعتهما
فنقهما اولا إن كان فيها من عبيطة الدم شى ثم تفرس وتثبت فى السطح
الداخل من الغشاء وانظر كيف نوع جوهره أشبه شى بنوع جوهر العروق
وإن كان غير شبيه بالعروق فى اللرقة وليس فى هذا موضع تعجب أن
الطبيعة لا تكون تستعين أن تفرش داخلا من تجويف الغشاء الغليظ
طبقة العرق الذى يصعد الدم اذا كان الجرمين كلاهما سبيه جوهر
كل واحد منهما بجوهر الآخر
ثم انظر بعد ذلك الى العروق التى تخرج من
المعصرتين كلتيهما التى بعضها فى غاية الدقة حتى لا يدخل فيه الشعرة
فقط وبعضها اغلظ وترى العروق التى تخرج من المعصرة الصغيرة التى
تلى الظاهر تتفرق وتنبث فيما هو بالقرب من تلك المعصرة من اجزاء
الدماغ وهى الاجزاء التى تلى الظاهر واما العروق التى تخرج من المعصرة
الغايرة وهى الأعظم فتراها تتفرق وتنبث فى جميع الجزء الموخر من
الدماغ وهو الجزء الذى يسمونه قوم دماغ موخر الراس وفى الجزء المقدم
منه وقبل ان تغوص هذه العروق فى جرم الدماغ نفسه انت تراها رويةً
بينةً تخرج من العروق التى فى غشايى الدماغ ان لم يتفق لك ان تكون
قد هتكتها وخرقتها والجزء الموخر من الدماغ يسمونه اليونانيون باسماء
شتا عليك ان تسميه بأيها شيت والعروق التى تنشعب من العروق التى
تصعد الى المعصرة وتجى الى هذا الجزو تمر على ضلع الدرز الشبية باللام
فى كتاب اليونانيين والعروق ايضا التى تخرج من نفس المعصرة طبقتها
فى جميع بدن الحيوان فاما نفس الدماغ وهو الذى يسمونه قوم الدماغ
المقدم فياتيه الدم فى نفس الغشاء الغليظ وهذا الغشاء موضوع فى وسط
الدماغ على الحقيقة يقطع الدماغ بنصفين سواء وينشعب من هذا ايضا
عروق صحيحية كثيرة جدا فى طوله كله تذهب الى جزوى الدماغ كليهما
اعنى الجزء الايمن والجزء الايسر وهى عروق كلها صغار خلا العرقين
أحدهما العرق الذى منشاه من المعصرة وذهابه الى المقدم وممره فى العمق
فى طول الراس كله وساصف لك عن قريب كيف السبيل الى ان يوجد
هذا العرق والآخر اعظم من ذلك بكثير وليس هو بقريب من موضع
المعصرة ولا يبعد منه لكنه من أقرب الاشياء موضعاً من الموضع الوسط من
جملة الدماغ اعنى بقولى جملة الدماغ الشى المركب من جزوى الدماغ
المقدم والموخر وهذا العرق يغوص الى ناحية أسفل الى العمق وينقسم هناك
الى أقسام كثيرة وليس ينقسم ساعة يطلع من الغشاء لكن بعد ان يمر قليلا
فهذا الاشياء كلها تراها عيانا قبل ان تشرح شيا من الدماغ اذا انت
كشفت الغشاء الغليظ وحده وكشفك إياه يكون فى ثلثة أمكنة لانه يقطع
جملة الدماغ بانطوايه ثلث قطع ثم مد مواضع القطع باصابعك الى فوق
ويكون مدك للجزء الايسر من الغشاء الغليظ على حدة وللجزء الايمن على
حدة وهذين الجزئين هما اللذين بهما يجلل هذا الغشاء ما فى مقدم الراس
من الدماغ ومد ايضا الجزء الباقى من الغشاء الغليظ على حدة وهو الجزء
الذى به كان الغشاء يجلل ما فى موخر الراس من الدماغ فانك اذا فعلت
ذلك رايت جميع شعب العروق تنقسم فى اجزاء جملة الدماغ الثلثة بعضها
ايضا جملة الغشاء الرقيق الذى يربط تلك العروق التى ذكرناها يحيط
بالدماغ من خارج ويتمدد مع العروق الى بطن الدماغ وهذا الغشاء
الرقيق يسمى بهذا الاسم على سبيل ما جرت به العادة القديمة وما أدرى
كيف بقى اسم كل واحد من غشايى الدماغ اليونانى وهو مننكس لا يسمى
به إلاهذين الغشايين وحدهما دون ساير الأغشية وقد كانت القدماء
تسمى بهذا الاسم هاذين الغشائين وجميع الأغشية الأخر وكتبهم تدل
على ذلك بانها كثيرة وخاصةً كتب ابقراط وكتب ديوقليس التى ذكرها
مارينوس فى كتابه فى التشريح فالغشاء الرقيق انت تراه محيط بالدماغ من
خارج ومضام له من داخل على ذلك المثال فاما الغشاء الغليظ فتراه بعيدا
عن الدماغ جدا وانت تقدر ان تتعرف مقدار بعده عنه إن انت ثقبته فى
أحد هذه الثلثة الاجزاء التى بها قسم الدماغ ثقبا صغيرا وإن أدخلت فى
الثقب راس أنبوب على مثال الأنابيب التى رايتموها عندى مهياة على
عمل البوق ومثالها مثال منافيخ الصاغة اعنى بقولى منافيخ الآلات التى
بها ينفخ الصايغ ويلكد النار فان انت أدخلت فى الموضع الذى ثقبته
راس البوق وشددت حوله الغشاء واستوثقت منه ونفخت فيه رايت
الموضع الذى تحته يمتلى هواءا كثيرا وذلك أن الغشاء الغليظ مفروش تحت
قحف الراس والدماغ اذا انبسط وانقبض يذهب ويجئ فى موضع خالى
فيما بينه وبين الغشاء وهذا أمر ياتى ذكره لك بعد قليل عند ذكرى تشريح
الحيوان الحى فاما ههنا فأنا مقبل على ما كنت فيه لازم لسنن كلامى
فاقول أنك اذا رايت ما حول الدماغ فقد حان لك ان تاخذ فى تشريح
الجزء المقدم من الدماغ بنصفين واذا انت قطعت أو ثقبت ما عن جنبى
هذا الجزء من الغشاء من منابت العروق وبدات فى ذلك من طرفه المقدم
فمده الى فوق باصابعك حتى تصير الى العرق الذى ينبت منه وهو الذى
قلنا انه يصير الى العمق الى اسفل ومده هناك ايضا الى فوق وادفعه الى
إنسان آخر يمسكه لك ثم خلص انت جزوى الدماغ بالطول واحد من
الأخر وفرق بينهما بالرفق باصابعك حتى تصير الى العرق الذى هناك
بالطول وهو الذى قلت فيه انه عرق ذو قدر غير انه أقل من العرق الذى
ينحدر الى اسفل فاذا وقعت عينك على هذا العرق الذى وصفته لك
ورايته ممدودا بالطول وعرفت منفعته مع نظرك اليه اذ كنت تراه ينشعب
من جانبيه كليهما شعب دقاق تتفرق وتنبث فى الدماغ فاقلع العرق
وارفعه عما تحته من الأجرام بأن تقطعه كله او بأن تمده الى فوق حتى تبلغ
منه الى موضع المعصرة التى منشاه منها وتضعه على ذلك الموضع ثم تفرس
وتثبت فى ذلك الموضع اذا انكشف لك بعناية واهتمام فانك تراه كانه
صلب وترى فى هذا الموضع حفرةً طبيعية ينصب اليها ما لا يستحكم نضجه
من غذاء الأجرام التى فوقها والتى حولها والذى لا يستحكم نضجه من الغذاء
يسمى خاصةً قصل ونحن ايضا ما من مانع يمنعنا من ان نسميه بهذا الاسم
ثم زد فى الكشط قليلا فانك تجد هناك شبيها المجارى الدقاق تبلغ الى
البطن الاوسط من البطون التى فى الدماغ وانما قلت لك انه ينبغى ان
تكشط فى هذا الموضع كشطا يسيرا بسبب راس الحاجز الذى يفرق بين
بطنى مقدم الدماغ فانه يصعد الى هذا الموضع وح ينبغى لك أن تنظر الى
الى البطنين وانت تعرفهما بما تراه ههنا من ان جزءه الصلب بينه وبين اجزاء
الدماغ التى قطعتها بون بعيد وخلاف ظاهر جدا وترى فى هذا الموضع
النسيجة التى تسمى الشبيهة بالمشيمة وأصحاب ايروفيلس يسمون هذه
النسيجة ضفيرةً شبيهةً بالمشيمة وانما سميث كذلك من المشيمة التى
تحيط بالجنين فى بطن أمه فان المشيمة انما هى عروق وشريانات مضفورة
يربطها ويجمعها أغشية رقاق وكذلك هذه النسيجة منتسجة فى الدماغ
من عروق وشريانات مربوطة بغشاء الدماغ الرقيق وجوهر هذا العشاء
جوهر تلك الأغشية الاخر الرقاق اعنى غشاء المشيمة والغشاء المستبطن
للأضلاع والغشاء المستبطن لعضل البطن وهو الصفاق وغير ذلك من
الأغشية الشبيهة بهذه واما اذا انت ايضا مددت هذه النسيجة بيدك مدا
رقيقا حتى لا تقطعها فانظر وتفطن ان العروق التى فيها تنحدر اليها من
مواضع عالية وتنقسم فيها والشريانات ترتقى اليها من مواضع متسفلة وتنقسم
فيها على مثال العروق واحرص ان تخلص هذه النسيجة صحيحةً كيما اذا
انت اتبعت الأثر بعد قليل بعد ان تكشف الاجزاء كلها ترى رؤية بينة ان
العروق التى فى بطون الدماغ تنقسم كلها وتاتى الدماغ من العرق الذى
ذكرناه قبل وقلنا انه ينحدر من فوق الى اسفل وأن الشريانات كلها تنقسم
وتاتيه من شريانين يصعدان من الاجزاء السفلانية وستنظر الى هذه
الشريانات بعد ان تمر فى العمل واما من بعد القطع الاول الذى يقطع
به كل واحد من بطنى الدماغ فاجعل علامتك التى تستدل بها على انك
قد وصلت الى البطنين نظرك الى النسيجة المشيمية وصلابة جرم البطنين
والايسر فانك ترى جوهره جوهر جملة الدماغ بعينه فهو لذلك ينمزق
سريعا ان انت مددته مدا له فضل قوة وهذا الجرم له من الرقة ما إن
جعل التشريح له تشريح فى موضع كثير الضوء صافى النور كما قد ينبغى ان
يكون كذلك راى الضوء ينفذ فيه بمنزلة ما ينفذ فى هذه الحجارة التى
تقطع قطعا رقاقا وتوضع جامات فى الكوى واذا كان الامر فى هذا
الحاجز على ما وصفت فليس ينبغى ان تمده مدا قويا فانه ينمزق إن فعل
ذلك وليس يمكن ان تنطر اليه نظرا شافيا دون ان تمده الى فوق وأطرافه
العليا مضامة للأجرام التى قطعتها بل ليس ينبغى أن تقول انها مضامة
لكن متحدة متصلة بها فينبغى لك أن تمسك تلك الأجرام التى قطعتها
وتردها قليلا الى خلفها الى البطن الآخر وتلقيها على راس الحاجز الذى
فيما بين البطنين فانك اذا فعلت ذلك كان نظرك الى الطن الذى كشفته
أبين وكان الحاجز الذى فيما بين البطنين يمتد الى فوق باعتدال وذلك أمر
الحاجة اليه اشد منها الى غيره وذلك ان هذا الحاجز قبل ان يمتد أصلا
الى فوق فهو رخو متكمش ولا يمكن ان ينفذ فيه الضوء ولا يتبين اتصاله
واتحاده تبينا ظاهرا فاذا هو انجذب الى فوق مقدار ما يتمدد كله ويكون
ذلك لم ينمزق رايته رؤية بينه جدا وبعد هذا إن انت قلعته جملة مع ما
يتحد ويتصل به من الاجزاء حتى تبلغ الى القطع كان نظرك الى البطون
أبين وترى ايضا الشريان الذى يمر على استقامة الى اسفل ينقسم حول جرم
هناك شبيه بحبة صنوبرة وهذه العروق التى تنقسم حالها مثل حال
العروق الأخر فى انه يجمعها ويربطها غشاء رقيق ليس بخالف غشاء
الجرم الشبيه بحبة صنوبرة مستور لا يمكن ان تنظر اليه دون ان تحرق
الغشاء فى بعض اجزايه لان هذا انما هو موضوع شبيه بدعامة فيما بين
العروق المنقسمة من ذلك العرق العظيم الذى ينحدر الى اسفل على
استقامة وهذه العروق تنحدر راكبة على هذا الجرم الذى ذكرناه ثم تغوص من
ساعتها وتخفى وتواريها جرم هناك عريض هو جزء من الدماغ مثل ساير
أجزايه
فأنا واصف لك كيف السبيل الذى ينبغى ان تسلكه فى كشفه عن
قريب بعد ان ألحق فى كلامى هذا أن الجرم الشبيه بحبة صنوبرة قد يسمونه
أصحاب التشريح بهذا الاسم ويسمونه ايضا صنوبرةً وهو موضوع كما قلت
فيما بين تقسم العروق وليس يمكن ان تنظر اليه دون ان تشق الغشاء فى
بعض اجزايه والتمس الآن ان تشقه قليلا من غير ان تمد معه الصنوبرة مدا
صحيحا فانك اذا فعلت ذلك قلعتها من الاجرام التى تحتها وفى ذلك على
التشريح مضرة عظيمة ساذكرها لك بعد قليل وانما ينبغى ان تكشف عن
هذه الصنوبرة كما تكشف عن القلب غلافه فشق الغشاء الملفوف عليها
فى جزء منه عند قاعدتها شقا مستقيما يذهب الى راسها المحدد ثم نح الغشاء
مع العروق الى جانبى الصنوبرة وميل الصنوبرة نفسها الى ناحية الشق
كيما اذا هى صارت الى خلاف الجانب الذى يصير اليه الغشاء الذى
يخلص منها انكشف سريعا فاذا انت فعلت هذه الاشياء على ما قلت
ووصفت لك امكنك ان تتفكر وتفهم قبل كشفك الموضع الوسط الذى
فيما بين الصنوبرة وبين البطنين انه ياتى النسيجة الشبيهة بالمشيمة عروق
يتشعب من العرق الذى ينقسم حول الصنوبرة وبعد ان يكشف للجرم
السبيل الذى تحتاج ان تسلكه فى كشف هذا فأقبل على بفهمك
ما أعلمكه اقول ان الجزء من الدماغ الذى يغطيه هذا الجرم ليس بجزء
يسير لكنه بطن آخر ثالث غير البطنين اللذين ذكرنا هما قبل اللذين حجز
وفرق بينهما الحاجز الذى فيما بينهما فاكشف الآن عن هذا البطن فى المواضع
التى فيها عروق تخرج فى طرفى شبيه بالبرابخ والمجارى فتقع الى البطنين
المقدمين فان فى هذه البرابخ والمجارى تجد الموضع الوسط ينفذ الى البطنين
المقدمين وينبغى ان تدخل فى البربخين راس الميل أو الجزء العريض من
الآلة التى يقال لها باليونانية سفاتيون ادخال يسير وتشيل به الجرم الموضوع
على العروق التى فوق فانك اذا فعلت ذلك التقيا الميلان من البربخين
كليهما وترى هذا الجرم الموضوع على العروق الذى فيه تمر وهى مغطاة
به شبيها بعقد أزج او قبة مدور البناء ولذلك تجد من عرف هذا الجرم
من اصحاب التشريح سماه الشبيه بالقبة فاما من لم يكن يعرفه فمنهم من
يقول ان هذا الشبيه بالقبة ليس موجود فى الدماغ أصلا ومنهم من فهم
امره فهم سوء فظن ان هذا الاسم انما يراد به الجرم الموضوع على الحاجز
الذى فيما بين البطنين المقدمين وليس يسمى ذلك الجرم شبيه بالقبة
واما هذا فهو الحقيقة شبيه بقبة كما سمى وان انت قطعته رايت فى
هذا البطن ههنا من الصلابة مثل الذى رايته فى البطنين المقدمين اعنى
فى قاعدته التى يتوكاء عليها العروق التى تنفذ من هذا التجويف وفى
الجرم الشبيه بالقبة نفسه وفى الجزء المقور منه وذلك ان من خارجه الموضع
المحدب منه ولا جفاء بأن هذا الموضع المحدب انما تراه بعد ان تكشط وتقلع
الغشاء ومن داخل هذا الموضع المقيب الجزء المقور شبيه بسقف القبة
وان انت فهمت وخطر ببالك كيف كان فى وقت ما كان الحيوان حى
جميع اجزاء الغشاء المجوف لازمةً اللقحف وكان الدماغ انما يلزمه الاجزاء
المطوية من هذا الغشاء فقط لم تنكر ان الراس الاعلى من الجرم الشبيه
بالقبة وهو ينصفها يبقى دايما ممتدا الى فوق ويحدث من تمدده الى فوق
تجويف وبطن عظيم يكون تحته وكذلك ايضا البطنين المقدمين وهما اعظم
من هذا قد يلزمها ضرورةً ان يكون الراس الاعلى من الحاجز بينهما كله
ممتدا الى فوق مع ما يضامه من الاجرام اذ كان لا يمكن ان يكون هذا الحاجز
دعامة وعمدا لما فوقه من الاجرام بمنزلة حايط لما هو عليه من غاية
اللين والرقة ولو كان ليس له الا أحدهما لكان لا يحتمل قليلا ولا كثيرا
مما فوقه من اجزاء الدماغ لكن منفعة هذا الحاجز بحسب اسمه وذلك انه
انما يحجز ويفرق بين البطنين اللذين من قدام وليس بداعم ولا حامل لما
فوقهما وبالجملة ليس رههنا عمد ولا دعامة ولا فى هذين البطنين ولا
فى البطن الذى بعدهما وانما يحدث الفضاء الذى فى جوف هذه
الثالثة البطون من قبل ان ما فوقها من الاجرام معلق من فوق وهذا
الفضاء لا بد ضرورةً من ان يبطل ويذهب فى وقت التشريح عندما يقع
الاجرام الموضوعة فوقه على قاعدة البطن بمنزلة ما لو وقع شى على
الأرض فإن ذلك أمر يعرض كما وصفت فى البطنين المقدمين ايضا ولذلك
متى اردنا ان ننظر اليهما مددنا الحاجز الذى فيما بينهما الى فوق كما قلنا
قبل وتحت قاعدة هذا البطن ايضا بربخ ومجرى عظيم تنصب اليه
ذكرناهما ومن الاجرام الموضوعة فوقه على ما وصفت قبل وهذه الفضول
تجرى وتنصب الى هذا البربخ نافذةً فى الطريق الذى تنفذ فيه العروق
التى تاتى هذا البطن من الصنوبرة والقوم الذين لم يعرفوا هذا البطن
أصلا حق لهم أن يفوتهم ايضا معرفة المجرى النافذ منه الى البطن الموخر
وهو الذى الصنوبرة مستقرة عليه وإن يقمزها أحد حتى يخلعها من
قاعدتها بعد ان يكشفها من العروق الموضوعة حولها راى هناك مجرىً
مرتفعا على مثال مخرج الدخان وهذا على انه ليس فى نفس الدماغ
دخان يحتاج الى منفذ ومخرج يتحلل منه الى فوق ومع هذا فإن المجرى ليس
يبلغ فمه الى الهواء الخارج بل فوقه من الدماغ شى كثير ثم الغشاء الغليظ
مطوى ثم قحف الراس واذا كان الامر فيه على هذا فانما عمل باطل
وليس فى الخلقة شى وعمل باطل والمشرحون تشريح سوء يخطون مثل هذه
الأنواع من الخطاء فى نفس التشريح وفى صفته على مجرى كلام اصحاب
الطبايع ولا بد ضرورةً من ان يكون كما ان منافع الامور التى ترى بالتشريح
عيانا تستحق ان نتعجب منها كذلك التفكر فى منفعة ما أغفلوا منها يدعو
الى غاية الارتياب والتحير واما انت فاذا كشفت جميع هذه الاجزاء التى
كلامنا فيها كشفا جيدا رايت البطن الثالث موضوعا فى الوسط فيما بين
البطنين المقدمين والبطن الرابع الذى من خلف فاما المجرى الذى الصنوبرة
راكبة عليه فتراه ياتى البطن الوسط فتكون ترى فى هذا البطن منفذين
ليسا بالصغيرين احدهما ينفذ الى خلف الى الجزء الموخر من الدماغ
فأدخل فى هذا ميلا فانك تجده ينفذ الى البطن الخلف واما المنفذ الاخر
ما حولها من الاجرام فاستبقها موضوعة على المجرى فمن شانها أن تسقط
ولا تقوم ولا تثبت مستويةً كما كانت وهى ملتحقة بالأغشية مع العروق وتقع
على اكثر الامر مايلةً الى خلف
ووقوعها يكون على اجرام هناك الى
الاستدارة ما هى كانها منحازة فى حيز لها خاص وهى اجزاء من جملة الدماغ
وجوهرها جوهر الدماغ بعينه وبعض الناس يسميها من شكلها أفخاذ
وبعضهم يسميها البيض من مقاربتها فى الشبه للأنثيين فان الأنثيين ايضا
قد يسميان بيضتين وأراد الناس الاكفاء عن الاسم ذلك الوخش
والمجرى الذى قلت انه فيما بين البطن الوسط والبطن الخلف يمر فيما
بين هذين الفخذين مغطى بطبقة له خاصة جوهرها كجوهر غشاء الدماغ
الذى يربط جميع ما فى الدماغ من العروق والشريانات ولذلك قد ينبغى
ان تيقظ نفسك وتضع ذهنك عند التماسك كشف هذه الطبقة مما عليها
بعد ان تعلم انك إن توانيت فى امرها تفسخت وفوق هذه الطبقة جزء من
الدماغ تخطيطه وانحيازه شبيه بشكل دودة من الدود الذى يتولد فى
الخشب وبهذا السبب سموا اصحاب التشريح هذا الجرم الذى يغطى المجرى
كله شعبةً شبيهةً بالدودة وانت ترى لهذه الشعبة طرفين أحدهما من
قدام موضوع بعد الصنوبرة على ما وصفت وطرف آخر من خلف ليس
يقع عليه البصر بعد لان على هذا الطرف جميع الجزء الاعلى من جوهر
الدماغ الذى فى موخر الراس وهذا الجزء اذا انت اخذت طرفه الموضوع
بالقرب من مبداء النخاع فقدمه الى قدام كانك تدحرجه حتى تنظر هناك
الى جرم آخر على ما وصفت لك شبيه الدودة واذا انت وجدت هذا
الا الاجزاء التى على المجرى وهى التى لها طرفان من الجانبين شبيهان فى
شكلهما بالدود الذى ذكرته وترى ايضا فى ذلك الوقت الاجرام الدقاق
التى تربط الشعبة الشبيهة بالدودة من قدام مع اجزاء الدماغ المضامة
للفخذين من الجانبين وبعض اصحاب التشريح يسمى هذه الرباطات أوتارا
فاذا بلغ التشريح هذا الحد فخذ أحد طرفى الشعبة الشبيهة بالدودة مرة
هذا ومرة ذلك وحرك جملة ذلك الجرم مرة الى قدام ومرة الى خلف اعنى
بجملة الجرم الشعبة التى قلت قبل انها موضوعة على المجرى وأن لها من
كل واحد من الجانبين طرف شبيه بالدودة واذا حركته فتفطن اليه وانظر
كيف اذا هو ذهب الى قدام عرض من ذلك أن ينكشف البطن الذى من
الخلف وهو البطن الرابع اذا هو ذهب الى الناحية المخالفة لهذه يغطى
واستتر به جل البطن ولم يبق منه شى يقع عليه البصر الا الجزء وحده
الذى شبهه ايروفيلس بالموضع المبرى من القلم الذى يكتب به ولعمرى
انه حقا ليشبهه به وذلك ان فى وسطه تقوير شبيه بالقطع وعن جنبتيه
لا يزال كل واحد من جانبيه يرتفع الى فوق حتى يصير من الارتفاع الى
مقدار ارتفاع جانبى الطرف المبرى من القصبة عن الخط الذاهب فى
وسطه واكثر ما ترى الاقلام التى يكتب بها بهذه البراة بإسكندرية
حيث كان ايروفيلس يأوى فى الوقت الذى كان يعالج فيه التشريح وعسى
ان يكون انما دعاه الى تسمية هذا الجزء بهذا الاسم ما راه من مشابهته
ومشاكلته لمثال مرآة تلك الاقلام