Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

العدل معه، عند حاجته إليهم. وإذا أفضل عليهم، وأحسن إليهم، وظهر لهم منه المحبة، والشفقة، دعاهم ذلك إلى الشفقة عليه، والمحبة له، وتعلموا من أفعاله بهم، ما يعملونه معه.

ومثال ذلك من اعتل له خادم، فدعا له بطبيب حاذق، ليدبره، فلم يثق فى إصلاح أدوية مريضه ذلك بأحد من سائر أهله، وخدمه، بل تولى تدبيره هو بيده، أو من يثق به بحضرته، وأقبل على الاستفهام من الطبيب جميع ما يحتاج أن يفهمه منه من أمر الدواء، والغذاء، وجعل يواظب على تعرف مصالح المريض، ويقوم بها أتم قيام، حتى يبرئ خادمه من مرضه. فليس يشك عاقل فى أن فاعل ذلك مع خادمه، مع ما قد أكد له من الحمد، والثناء، والشكر، فإنه قد علم خادمه كيف يخدم المرضى فى أمراضهم. وأول من يحظى بذلك منه هو فى نفسه، إن مرض، أو من يعنيه أمره ممن فى منزله، لأنه إن كان ذلك الخادم ذا نفس زكية، وطبع محمود، كانت منزلته فيما عومل به، منزلة ما بذر فى الأرض النقية، الزكية، التى لا يضيع فيها بزر، وهو لذلك يحفظ ما علمه، ويتذكر ما عومل به، ليقابل الجميل بمثله، والمحبة بمثلها، بل بأكثر منها، ويستعمل من الخدمة ما يعلمه. فأما من رام الكفاية، والقيام بالخدمة الموافقة، التامة، من أهله، وخدمه، من دون الكفاية لهم، والقيام بمصالحهم الموافقة، الكاملة، والتبصر لهم علما، وعملا، فقد رام المحال، والتمس الممتنع، وما مثاله، إلا كمن رام الحظ الجيد من 〈زرعه〉، فلم يقدم بإصلاحه.

ولقد رأيت من الناس أناسا دخل عليهم أصناف من الضرر، من خدمهم، وأهلهم بسبب جهلهم بما ذكرناه. فمن ذلك أنى رأيت رجلا، كان به ذات الجنب، فصح 〈من〉 مرضه، ونفث جميع ما كان فى صدره، وزال حمله واستقامت نفسه. فأمرته بصب الماء، ومنعته من بعض الأغذية. فلما رأيته من غد، وجدته قد حم، وقد حدث به أعراض رديئة، أنكرتها. فلما بحثت عن سبب ذلك، عرفنى بعض من يهمه أمره، أن أم ولده أطعمته ما نهيته عنه. فعند إنكارى ذلك، قالت: «كأنكم تريدون من هذا — وهو رجل شيخ — 〈أن〉 يعيش؟! هذا لا يبرأ!». وبان من كلامها أنها تريد الراحة منه.

وأما قوم، كان أهلهم، وخدمهم، يتمنون موتهم، ويسرون بأمراضهم، لما كانوا عليه من الشح، وقبح المعاملة لهم، فلا أحصيهم كثرة، حتى أن بعض خدم هؤلاء، وأهلهم، كانوا يتعمدونهم بالمكاره، ولا يطيعون أطباءهم، بل يتعملون لضد ما يقوله الطبيب، ويشير به. وإذا كان البلاء، والفساد الداخل على هؤلاء المرضى، هو من سوء عقولهم، وتدابيرهم، فما عسى للطبيب أن يعمله، وكيف يتم له برء العليل، والعليل أحد أسباب البرء؟!

وذلك أن أسباب البرء، والذى لا يتم أمره إلا بها، ثلاثة، على ما حكاه حنين عن بقراط

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992