Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

قد شرح ذلك وكشفه فى كتابه فى آراء بقراط وفلاطن، وفى كتابه فى الأخلاق، وفى مقالته التى بين فيها أن قوى النفس تابعة لمزاج البدن، وقال: إن القوة الأولى من قوى النفس هى القوة النفسانية، وهى التى تتم أفعالها بالدماغ. والقوة الثانية هى القوة الحيوانية، وأفعالها تتم بالقلب، والقوة الثالثة هى القوة الشهوانية، وأفعالها تتم بالكبد.

ثم تعلم 〈أن〉 باعتدال هذه القوى فى الإنسان تكون أخلاقه فاضلة ممدوحة، ونفسه طاهرة زكية، ولخروج هذه القوى عن الاعتدال، تصير أخلاقه مذمومة، ونفسه رذلة. فاعتدال القوة النفسانية يكسب الإنسان اللب والعقل، وجودة التحصيل والتمييز، وصحة الفكر. واعتدال القوة الحيوانية يكسبه الهدوء والرزانة، وقلة الحرد والغيظ. واعتدال القوة الشهوانية تكسبه العفة، وضبطه لنفسه عن اتباع الشهوات واللذات.

وبعد علمك بما ذكرناه، يجب أن تروض نفسك وتعودها هذه الخصال الثلاث، أعنى العقل والرزانة والعفة، لتصير فاضلا أديبا، وتنقى نفسك، وتصلح لاقتناء العلوم. واجتهد فى الحذر من الوقوع فى أمراض هذه القوى! فإن خروج القوة النفسانية عن اعتدالها هو مرض لها، يوجب سوء التحصيل والجهل. وخروج القوة الحيوانية عن اعتدالها هو مرض لها، يوجب سرعة الغضب والجزع. وخروج القوة الشهوانية عن اعتدالها هو مرض لها، يوجب ألا يضبط الإنسان نفسه، أو ألا تقوى له شهوة. واجتنب هذه الحالات الست، فإنها أمرض للنفس يوجب لها الفجور والخبث والدناءة! وتعمد العدل، فإن فضيلته تنزل النفس كل شئ منزلته!

واستوص بوصية ارسطوطاليس للاسكندر! فإنه قال: لا تمل إلى الغضب، فإنه من أخلاق السباع والصبيان! لا تفرط فى الجزع على ما فاتك، فإن ذلك من خواص النساء الضعفاء! ولا تمل إلى النكاح، فإنه من خواص الخنازير، وهى أقوى عليه منك، وهو يهلك العمر! أصلح نفسك لنفسك، فيكون الناس تبعا لك! وتمسك بالحرية، فإنها فضيلة للنفس، بها تكون السماحة فى البذل لاقتناء الحسنات! وكن شريف الهمة! فإن من شرفت همته، نال الخير والكرامة، ومن دنت همته نال الشر والهوان. إنصرف إلى تسديد رأيك، وميز الخير من الشر برزانة، ليوجد منطقك سديدا، وفعلك حميدا! وتوق القلق عند الغضب، والإفراط فى العقوبة عند الأدب! واحذر اللجاج مع شراسة الخلق، فإنهما يدلان على الحمق! كن قوى النفس عند الأمور المفزعة، لا يتداخلك الرعب ولا من الموت! وكن مقدما شجاعا عند الاضطرار إلى المخاطرة، مؤثرا للموت المحمود على البقاء المذموم! إستعمل الصبر، وتجشم التعب، ولا ترغب فى الراحة واللعب! كن عفيفا دمثا شكلا ذا وقار، لئلا

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992