Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

معه كما فعل الإسكندر، لما وجهت إليه أمه تحذره من طبيبه، لئلا يسمه. فدعا بالطبيب عند ورود الكتاب عليه بذلك، فقال له: جئنى بشربة، لأشربها! فلما أحضر له الطبيب الدواء، تناول الإسكندر الشربة من طبيبه بيمينه، وناوله الكتاب بيساره، وقال له: هذه منزلتك عندى، وهذه ثقتى بك! فازداد ذلك الطبيب من صرف همته، وشغله ليله ونهاره، بما يصلح شأنه، من حفظ صحته، وعلاجه.

وكذلك يجب على الطبيب أن تكون همته، ليله ونهاره، الدرس، والاهتمام بعلم صناعته، ليوجد عنده ما يفرغ إليه فيه، وبذلك ينال الرتب عند الله، وعند الملوك، حتى يشركهم فى رتبهم، وأموالهم، كما حكى جالينوس عن ماليقوس الطبيب، أنه عالج بنات أوفروطس اللواتى وسوسن، بشرب خربق، وغيره، وبرأن، أنه صار ختنا للملك، وشريكا فى الملك.

وكذلك نال قوراليس الطبيب، لما حملت الريح السفينة فى البحر، وصار إلى بلد فاريقى، وعالج ابنة الملك لذلك البلد، زوجه الملك بابنته، وورثه ملكه بعده.

وكذلك حكى عن ارسطراطس، حين دعاه بعض ملوك الروم، لعلاج ابنه، ولم يكن له سواه، فنظر الفتى، وجس عرقه، ورأى ترتيب مجسته ترتيبا مستويا، بانقباض وانبساط. فخمن أن ألمه فى نفسه، لا فى بدنه. فأمر الطبيب بكراس، جلس الملك، والفتى، والطبيب، عليها. وأمر بإعراض كل غلام، وجارية، فى الدار عليهم، ونبض الفتى فى يد الطبيب، وهو لازم لترتيبه، إلى أن مرت بعض الجوارى، فتغيرت المجسة، واضطربت، وفسد الترتيب، وارتعد الفتى، وتغير لونه. فلما فطن الطبيب لذلك، وعلم أنه عاشق لها، أمسك حتى انقضى المجلس، وسأل الطبيب عن تلك الجارية، فاخبر بأنها حظية الملك التى لا يرى الدنيا إلا بها. فانصرف، ووعد الملك بالعود فى غد، فلم يعد كراهة أن يلقى الملك بذلك. فأحضره الملك، وسأله عن تأخره، وقال له: أنت تعلم شغل قلبى بابنى، وهو وارث الملك بعدى، ومحله من نفسى! قال له الطبيب: تأخرت حتى وقفت على دائه. قال: وما هو؟ قال: عاشق لامرأتى! فأطرق الملك، ثم قال للطبيب: فماذا ترى؟ قال: الرأى للملك، لا لى! قال: أرى لك أن تؤثرنى لها! قال له: أيها الملك! وتستحسن هذا؟ فقال: نعم! إن الملك يعوضك مكانها، ويخلفها عليك، ويعطيك أملك! فقال: إن كان الملك يرى هذا، ويستحسنه، فإن الفتى إنما هو عاشق جارية الملك! فأورد على الملك من ذلك أمرا عظيما. فأطرق الملك مفكرا طويلا. قال له الطبيب: أيد الله الملك! إن من النساء عوضا، وهن موجودات فى كل وقت، ووارث الملك، وولده، المجيب، العاقل، اللبيب، ليس فى كل دهر يتهيأ، ويوجد، وليس منه عوض! فركن الملك إلى قوله، وزوج الفتى جاريته، فبرأ. فأمر الملك بحمل الطبيب على مركوب من مراكيبه، وساق إليه عدة من

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992