Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

وقد رأى قوم تقديم بعض هذه الكتب، لأسباب ليس هذا موضع ذكرها. فمن أراد محنة طبيب، فليختبر أمره، هل قرأ هذه الكتب، إن كان فاضلا فيلسوفا، أو جلها، وأكثرها، بل لا غناء له بتة عن علم الخمسة عشر، إن كان طبيبا طبائعيا بالحقيقة. وإنما أفردنا كتاب البرهان فقط من جملة الستة عشر، لأنه لا يقوم بقراءته، ولا يفهم جل ما فيه، إلا من قد تفلسف، وقرأ منطقا، وهندسة. وإذا علم منه القيام بفهم أصول صناعة الطب التى تتضمنها هذه الكتب، فقد صح أنه عالم بأصولها، ويبقى عليه القيام بالخدمة. والمحنة له فى ذلك، هى أن يسأل: كيف تركب الأدوية المركبة؟ وأى شئ يدق مع أى شئ؟ وأى شئ يخلط بأى شئ؟ وكيف يعجن ما يعجن؟ وكيف يحبب، ويقرص، ما رسم عمله كذلك؟ ولم عجنت بعض المركبات بمياه، وبعضها بعسل؟ ولم عملت بعض الحبوب كبارا، وبعضها صغارا؟ ولم عملت بعض الجوارشنات جريشة، وبعضها دقيقة ناعمة؟ ولم لتت بعض الأدوية بدهن، وبعضها لا؟ وأمثال هذه الأعمال التى يضطر الطبائعى إلى علمها. فإنه متى جهل علم ذلك، وعمل مثلا الحب الكبار صغارا، والجريش من الجوارشنات ناعما، ضر ضررا عظيما. ولجهله بذلك أيضا، لا يقدر على إصلاح ما أفسده. فهذه الأشياء التى ذكرناها فى هذا الباب، إنما ينبغى أن يمتحن بها من التبس أمره.

فإن الحال فيمن ادعى علم صناعة الطب، وليس من أهلها، كحال الدرهم الزيف الذى لا يمكن لصاحبه أن يظهره بين النقاد، ولا ينفقه، إلا ليلا، وعلى من ضعف بصره عن النقد، فأما إن جهل، وتجاسر، وأظهره، وخلطه بالدراهم الجياد النقية، فإنه سريعا 〈ما〉 يظهره النقاد، وتبين فضيحته.

وفيما ذكرته من هذا المثال كفاية، لمن لم يقدر أن يمتحن من تزيا بزى الأطباء، وليس منهم، لكنه قد جعل زيه، وزينته، كالشبكة للصياد، بما أذكره من ظاهر أمره، فإنها محنة كافية، وذلك بأن ينظر فى أفعاله بنفسه، وبجسمه، و〈فى〉 أفعاله مع غيره. فإن ذلك كاف، للدلالة على عقله، وفهمه.

فأما فى نفسه، فهل هو آخذ نفسه منذ صباه بالتأدب، والتعلم، ومجالسة الأدباء والعلماء، أم هو متشاغل بالأكل، والشرب، واللعب بالشطرنج مثلا، وغيرها من الأمور الشاغلة عن العلم، وقراءة الكتب و〈هل هو متشاغل〉 بمصاحبة الجهال، والسفهاء، والرعاع. وهل تراه كثير الدرس للكتب، مذاكرا لأهل العلم، ومجالسهم، أم همته التجارة، والاهتمام بكسب الدراهم، وطلب اللذات من حيث اتجه ذلك، فإن من كان كذلك، فلا خير فيه فى هذه الصناعة، ولا نفع عنده.

وأما فى أمر جسمه، فإنك تعلم ذلك من أغذيته فى أوقاتها، وفى توسطها، وفى اتخاذه لنفسه الجيد

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992