Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

الباب السابع عشر فى الوجه الذى به يقدر الملوك على إزالة الفساد الداخل على الأطباء، والمرشد إلى صلاح سائر الناس من جهة الطب، وكيف كان ذلك قديما

وأما على أثر ما تقدم من القول فى شرف صناعة الطب، وانتقاد أهلها، وتمييزهم، بالطرق المبينة للمحق منهم، من المبطل، فإنه يجب أن نذكر من الذى يلزمه، من الناس، إلزام كل واحد من المحقين مرتبته، لئلا يدخل على الناس الفساد، من تعدى بعض المتغطرسين إلى غير مرتبته، وهى المدعون لها محالا، ليظهر بذلك العدل، ويتبين به الحق، ويكون النفع عاما، والصلاح شاملا، وبالله أستعين.

فنقول: إن الخالق تعالى شرف الإنسان بالجزء الإلهى، وهو العقل، على سائر ما فى عالم الكون، لينال بعقله — إذا علم العلوم، ورتب الأمور مراتبها على نظام مستقيم — الشرف الأكمل، والرئاسة العالية. ولما كان الإنسان مخلوقا من إسطقسات متعادية، وكيفيات متضادة، لم يجز بقاؤه بشخصه، مدة بقاء العالم. فأوجبت حكمة الصانع تعالى، بقاءه بنوعه، وجعل ذلك بالتناسل، ولم يكن التناسل يتم، إلا بما فرقه البارئ تبارك من اللذة بالحركة إليه. ولأن الحكمة أيضا أوجبت بقاء الإنسان بشخصه، مدة ما، وكان الإنسان دائما يتحلل من جسمه ما كان يهلكه بسرعة، لو لا ما لطف له الخالق، تقدست أسماؤه، من الغذاء، فلذلك جعل مغتذيا، ولم يكن ليشتاق إلى الغذاء، لولا لذته. فلهذين السببين العظيمين، خلقت اللذة فى الحيوان، فصار الحيوان بطبعه، لأجل اللذة، يغتذى، ويجامع، ولما لم يكن له عقل، صار يأخذ من ذلك بطبعه، حسب الكفاية تارة، وحسب ما تهيأ 〈تارة〉 أخرى. وبين الحيوان فى ذلك اختلاف، وتفاضل.

فأما الإنسان الفاضل، فلا يأخذ من الغذاء، ولا من الجماع، إلا بحسب حاجته فقط، والمقدر لذلك هو العقل. ولأجل أن الطبع يغتر باللذات، فيريد من الأمور اللذيذة أكثر من حاجة الجسم فى بقائه، وصلاحه، والعقل يريه قبح ذلك، وفساده، وقعت بينهما محادثة، ومناظرة، وحرب، لا يقدر

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992