Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

أحد هؤلاء المياسير، فإنه لا يأنس، إلا بمن قد ألفه، واعتاده، من هؤلاء المحتالين.

ولأن ذلك الطبيب يحب أن يؤثر أثرا يصل إليه منه فائدة رابحة، فهو يبادر إلى فصد ذلك المريض، أو إلى سقيه دواء مسهلا، بغير علم منه بما أتاه، لأنه لا يعلم أن للأمراض أوقاتا أربعة، فإن الاستفراغ لا يصلح أن يكون فى أيها اتفق. ولأنه لا يعلم أيضا أن أخلاط الأبدان لا يصلح استفراغها، إلا بعد نضجها، وبعد إصلاح الطرق لنفوذها، وبعد معرفة أشياء كثيرة قد تقدم القول فيها بما يغنى عن إعادته. فلذلك يكون ما أقدم عليه ذلك الطبيب من الفصد، أو الاستفراغ بالدواء لمريضه وصاحبه، سببا لزيادة مرضه، ووقوعه فى مكروه هو أعظم من المرض، وربما كان سائقه بجهله وحيلته إلى تلفه. ولأجل إفراط أنس المريض بطبيبه ذلك، لا يتهمه فيما دبره به، ولو بان له الضرر، وظهرت له الزيادة! لكن تدبيره له يتتابع يوما بعد يوم، والمريض فى زيادة من سوء الحال، إلى أن يعظم جهد المريض، فتكثر عليه الأقاويل، ويشير عليه أهله، وعواده، وأصدقاؤه، بإحضار طبيب موثوق به، يعرف مرضه، ويقوم بعلاجه. فبغير شك أن ذلك يدعوهم إلى إحضار طبيب آخر، ولا يقنعهم أيضا أن يكون مرتهنا، لكن أفضل من فى بلدهم. فعند حضور الطبيب، ونظره إلى المريض، لتفقده لجميع ما أمكنه من حالاته، ومساءلته لمن يصلح عن جميع ما دبر به، وما جرى من أمره، ووجوده لجميع ذلك، قد جرى على غير نظام، ولا ترتيب، وقد وصل المريض من المرض، وسوء الحال، إلى فساد، يعسر عليه إصلاحه، أو لعله لا يمكنه ذلك.

فحينئذ يفكر ذلك الطبيب فيما قد انساق إليه من وجوه المكروه، وذلك أنه يصادف المريض، لطول مرضه، وكثرة ما قد سقاه طبيبه الأول من الأدوية، قد عظم ضجره، وضجر من يخدمه، من كثرة التعب والمؤونة التى قد كانوا التزموا 〈بها〉 لذلك الطبيب الأول، ولأدويته، وتدابيره. ولعمرى إن الفائدة من جميع ذلك لم تكن إلا لذلك الطبيب. وأيضا فإن جميع ما كان المريض، وأهله، يتكلفونه من ذلك مع الطبيب الأول، كانوا فيه بنشاط، لأن المريض فى ابتداء مرضه. ثم لما تطاول الأمر، وساءت حال المريض، وعلموا أن جميع ما تعبوه، وأنفقوه، ضائع، صاروا يحذرون على أكثر الحالات من الطبيب الثانى، وإن لم يكن عندهم بصورة ذلك، فهم يتوقون الإقدام على دوائه بسرعة، ويتوقفون بالجملة فى جميع ما كانوا يعملونه من مصالح المريض، وتوفية الطبيب حقه، انتظارا لما يكون من أثره، لئلا يجرى أمره كما جرى مع الأول.

ولو برئ المريض بعد التعب الشديد، لقد كان فى قحة ذلك الطبيب الأول ما

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992