Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

يحمله على أن يقول: إن البرء إنما حصل له بتدبيرى الأول! فيكون ما عمله الثانى تحت الشك. وأما إن مات المريض، فقد كان ما انساق إليه من البلاء أشد وأعظم، لأن ذلك الطبيب الأول يكون قد فاز بالفائدة، وتخلص من الورطة التى كان فيها، والتى كان يخشاها فيما بعد، من سوء الذكر، وغيره. ووقع ذلك الطبيب الثانى فى جميع ذلك، وتوسم به. ولعل من له من الحساد والأعداء، يجدون الفرصة من التشنيع عليه، بأنه أخطأ عليه، وقتله. ويقول أيضا الأول: لو كانوا تركونى وتدبيرى، لقد كان برئ! ومع جميع ذلك يذهب تعب الثانى، وإن كان أعطى أدوية من عنده، لم يحصل على شئ من ثمنها.

فلجميع هذه الأسباب، يرى الطبيب أن الصواب له — وخاصة إن رأى أن المريض لا برء له — ألا يعود إلى ذلك المريض. فإذا هو انصرف من عنده، ولم يعد، جاءته الرسل، لتعلق قلب المريض، وأهله، به. فحينئذ يقع فى المكروه الرائج، لأنه — إن كان ذلك المريض سلطانا، أو من حاشيته — أخذ قهرا، وربما سيق إلى حتفه. وإن كان المريض من متقدمى البلد، ومشائخه، لم يتهيأ له الامتناع عليه، لئلا يتسبب إليه أنواع المكاره، بذم ذلك الشيخ، وأصدقائه، له. فإذا تتابع عليه مثل ذلك الذم، مرة بعد مرة، لم يمكنه المقام معهم فى بلدهم. هذا إن سلم من رائج المكاره. وإن كان ذلك المريض من أشرار الناس، كان الفزع أشد، وأروج، لأن الأشرار لا يفكرون فيما يأتون به من القبيح، ولا يتوقفون 〈عن〉 عمله. وإن كان ذلك المريض من ضعفاء الناس، وفقرائهم، قيل عنه أنه لم يعن به لفقره، ولأنه لا يرجو منه فائدة.

فتأمل — أيها الحبيب! — هذه البلايا الرديئة، والمكاره العظيمة، التى تنساق، وتتسبب على الأطباء، وخاصة الأفاضل 〈منهم〉، من سوء عادات الناس، وتدابيرهم الرديئة لنفوسهم، فكيف تتسبب أيضا على المريض، فتهلكه، بل كيف تتسبب أمثالها على الصحيح، حتى تمرضه، وتهلكه! وإنما كان مبدأ جميع ذلك الطمأنينة إلى غير الثقة، والقبول منه، والانبساط إليه، وإلى ملقه، وحلاوة حديثه، ومسارعته فى الخدمة، وإظهاره النصيحة، والمحبة. وإنما كان جميع ذلك حيلة، لفائدة ينالها. فلذلك يجب على عقلاء الناس، ألا يركنوا إلى ظواهر الناس، ولا يوثقوا كل من داخلهم، كما لا ينبغى لهم أن يأكلوا الطعام من يد كل أحد، ولو كان حسنا، حلوا، لذيذا. فإن الحيلة فى مثل ذلك تتم، والسم فى لذاذته خفى! وأيضا فلو سلم الملوك، والروساء، من الأمور المتلفة من السباع الأشرار، لما أمنوا من جهلهم، وشرهم، سوء الذكر!

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992