Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

الأصحاء، وفى معالجة المرضى. وإذا كنت، أيها المحب لصلاح دماغه، تعلم أن أفعاله الصحيحة إنما تتم بصلاح مزاجه، ومزاجه — مع مزاج جميع الأعضاء — إنما يتم ويصح باستعمال الموافق من المأكول والمشروب والهواء والحركة والسكون، وسائر الأشياء المقدم ذكرها التى نحن فى شرحها، ثم إنك 〈إذا〉 أصلحت مزاج دماغك مثلا، وعدلته، وصحت لك أفعاله، فاحذر أن تفرط فى حركاته جميعا، فيفسد بذلك مزاجه.

ومثال ذلك أن تأخذ نفسك كثيرا فى تخيل ما بعد ودق من المهن والعلوم العسرة الوجود، والبعيدة المرام، وبالجملة تخيل جميع ما عسر إمكانه، كالذين يكدون خواطرهم وأفكارهم فى طلب علم الكيمياء والعزائم، وأعظم من ذلك بعداً تخيل قوم وتصورهم لأرواح تخاطبهم من الجن وغيرهم. وقد يستعمل ذلك قوم على طريق الحيلة، للتكسب، ويظهرون أنه حق، فيظن قوم أن لذلك حقيقة، فيرمون تخيله، فيكون ذلك سببا لفساد الجزء المقدم من الدماغ، لكثرة ما يفرط عليه من الحركة التخيلية، فيؤول الأمر إلى فساد التخيل.

وكذلك القول فى الإفراط فى التمييز والحفظ. فإن ناسا أيضا قد أكثروا من أخذهم لنفوسهم تصنيف العلوم والكتب، وحب المذاهب، وعشق الآراء، وقوم بنظم الشعر، وقوم بحفظه وحفظ كثير من الأقاويل الدنيائية، لطلب المراتب والرياسات، فأفسد عليهم إفراطهم فى ذلك، وسهرهم، وتعبهم أدمغتهم. فلذلك يجب أن تحذر من إفراط هذه الحركات والأفعال، وتجتنب مباحثة من ساء عقله، وقبح مذهبه، وفسدت أفعاله منهم.

فأما التعلم من العلماء، ومفاوضة الأفاضل الأدباء، وتخيل الحقائق، وتمييزها من الأقاويل الكاذبة والآراء الفاسدة، وحفظ ذلك واقتناؤه باعتدال وتوسط، فإنه يقوى الدماغ، ويحد الخاطر والتخيل، ويجود الفكر والتمييز، ويزيد فى قوة الحفظ. فالنفس الناطقة بذلك تسر وتنير.

وكالذى قلناه فى أفعال الدماغ وحركاته الذاتية، فمثله افهم أيضا فى أفعاله التى يفعلها بغير ذاته، وهى على ضربين: أحدهما أفعاله الحركية، وهى التى تمسك أيدينا، وتمشى بأرجلنا، وبالجملة سائر الحركات الإرادية التى فى أجسامنا. فإن هذه أيضا ما استعمل منها على غير اعتدال وموافقة، أضر بالدماغ، كالحصار المفرط، والصياح المفرط، وأخذ الإنسان نفسه بأن يتحرك على استدارة بإفراط، ومن هذا الجنس الصراع والقفز وما شابه ذلك.

فأما الرياضات الموافقة لكل واحد من الناس، التى انخرج بها إلى الأعياء والتعب، فإنها تقوى الدماغ على قبوله للغذاء، وعلى نضجه، وعلى إنفائه عنه فضلاته التى لا حاجة به إليها،

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992