Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

أصل الشوك الذى كلما كثرت فروعه، عظم ضرره، وعسر قلعه، فلا يستأصله إلا نار قوية تهلك الفروع والأصل معا، إذ يسقط فى الأرض من البزر ما يكون منه خلف. كذلك يكون الضرر أعظم كثيرا ممن اعتقد هذه الآراء، و〈تكون〉 الآفات على الناس أشد، والبلاء أكثر من الأحداث والجهال التابعين لهم، لميل الأحداث إلى اللذات، وسرورهم بالرخصة وقلة الكلفة. فهم بذلك يبيحون المحرمات، ويستحلون المحظورات، فقد أحاط منهم بالتابع والمتبوع نار لا تطفأ، وعذاب لا يفنى، بسوء ذكر فى الدنيا، وأليم عذاب فى الآخرة.

والشقى المغرور من هؤلاء الأحداث، الكبير العجب بالحقير من دنياه، الكافر بنعم مولاه، لو تيقظ من نومته، وصحا من سكرته، ففكر فى خلق ذاته وبقائه، وثباته مع تضاد أسطقساته، وتعادى أخلاطه، مدة حياته، وإتقان أوصاله، وإحكام هيئته، لكفاه ذلك دليلا على وجوب علته، وكان منه أوضح برهانا على وحدانية خالق الكل وقدرته وحكمته. وإذا كان هذا المخدوع قد عمى عن هذا الطريق وجهله، فقد كان له عدة أدلة من طرق أخر غيره. منها تأمله لنوع نوع من الموجودات، كعجائب ما فى الأرض من معادنها وأحجارها ونباتها وأشجارها، وما على وجهها من أصناف ماشيها وسائحها، وسابحات الماء، وطائرات الهواء، وما به تم كل نوع من هذه، من فضوله وخواصه المقومة لأفعاله. فإنه قد كان يكتفى فى الاستدلال على ما قدمناه من صحة تلك الأمانات، وحقيقة ما ذكرناه من الاعتقادات ببعض هذه الطرق، إذا سلكها فى استدلاله سلوكا مستقيما.

فأما إن فاتته هذه الأدلة، وأخطأ هذه الطرق، فقد كان له من الأدوية النافعة لعماه قراءته فى كتب الشرائع الحاثة على الخيرات، الآمرة بالصالحات، الباعثة على النافعات، مقومة الأخلاق، ومعدلة الأفعال، معدن الآداب والفضائل التى قد خاب من جهلها، وعظمت خسارة من عدل عنها، و〈عن〉 أخذ نفسه بامتثال أوامرها، واتباع سننها.

ولذلك وصى أرسطوطاليس للأسكندر بهذه الوصية، فقال: خذ نفسك بإثبات السنة، فإن فيها كمال البقاء! وأيضا فليقل لمن فاتته هذه الطرق، وعدم هذه السعادات: إن مما يرجى له الشفاء من عماه، والتخلص من حيرته، قراءته فى كتب العقلاء من المتقدمين الذين قد أجهدوا أنفسهم بالطرق العقلية، والقوانين القياسية فى إصابة الحق، ودركه. فإنه قد كان يجد فيها من فصيح الأقاويل، وواضح الأدلة على وجوب الإقرار بالبارئ تعالى، وعلى وحدانيته وقدرته وحكمته ووجوده، والإقرار برسله وشرائعه، والثواب والعقاب، ما لو جمع لكثر وطال وثقل محمله. ولكن لا بأس بإثبات اليسير من ذلك، لما أرجو به من النفع لمن التمس الحق، والتوبيخ والإخجال لمن عدل عنه إلى الآراء

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992