Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

القول فى قوى الجسم وأفعالها

وقد يلزم الطبيب أن يعنى بمعرفة قوى الجسم، إذ كانت أفعال الحيوان إنما تتم للجسم بهذه القوى، وبصحتها، ومتى فسدت القوة، فسد الفعل. من ذلك للعين الإبصار، وللمنخر الشم، وللفم الذوق، وللأذن السمع، ولسائر أعضاء البدن الحساسة حاسة اللمس. ولا يمكن لعضو من هذه الأعضاء أن يعمل عمله، إلا بقوة تخصه، قد أحكمها البارى تعالى، وأعد لها آلات فى ذلك العضو. فما كان من تلك الأفعال طبيعيا، أو حيوانيا، أو نفسانيا، فله قوة تلائمه، تنبعث إليه فى مجار وطرق تصلح لتلك القوة، لا يخالط بعضها بعضا، ترد إلى ذلك العضو من أصل، وينبوع لتلك القوة.

وقد بين القدماء أن هذه المعادن ثلاثة، وهى الدماغ والقلب والكبد. فالدماغ ينبوع القوة النفسانية، والقلب ينبوع القوة الحيوانية، والكبد ينبوع القوة الشهوانية. وبينوا أيضا أن الجسم إنما يقال فيه إنه قوى على الإطلاق، إذا كانت هذه القوى ترد إلى الأعضاء من أصولها معتدلة فى كميتها، وكيفياتها. وبغير شك أنها لا تكون كذلك، إلا باعتدال أصولها ومعادنها. وقالوا أيضا إن كل عضو من أعضاءالجسم، يقال له قوى صحيح، إذا كانت قواه التى تخصه معتدلة أيضا. فأما إن خرجت فى كميتها، أو فى كيفيتها عن الاعتدال، قيل أنه غير معتدل، ولا قوى. ووجه معرفة اعتدال القوة، وصحتها، يعلم من قوة الجسم بأسره، ومن قوة كل عضو من أعضائه على انفرادها بأفعالها. فإن وجدت الأفعال لا يشوبها تقصير، ولا فساد، فاستدل بذلك على صحة قوة الجسم، والعضو! وإن وجدتها مقصرة، أو فاسدة، فاقض بفساد القوة، 〈أو〉بتقصيرها!

وليس يقنعك أن تعلم أن أجناس القوى ثلاثة، على ما ذكرنا، دون أن تعلم ما تحت كل جنس من هذه الأجناس من أنواع القوى، فتعلم أن القوة الطبيعية أربعة أنواع من القوى، وهى القوة الجاذبة، والقوة الماسكة، والقوة الهاضمة، والقوة الدافعة، وأن لجنس القوة الحيوانية القوة التى يكون بها النبض، والتنفس، والقوى التى تكون بها الأنفة، والغضب، وحب الترأس، وأن للقوة النفسانية نوع القوى الحساسة الخمس، ونوع التخيل، ونوع التمييز، ونوع الذكر، ونوع القوى المحركة بإرادة.

وبعد تحصيلك لأنواع هذه القوى، بفصولها، وخواصها، وما لكل عضو من الأعضاء منها، فحينئذ تكون قد أتقنت أمر قوى الجسم، فبذلك تقدر على حفظها على الجسم بأسره، وعلى عضو عضو من أعضائه، وتقدر على إصلاح ما فسد منها، أو زيادة ما نقص، أو نقصان ما زاد، وذلك أمر ضرورى

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992