Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

الرديئة، والمذاهب المفسدة.

وينبغى أن أقدم من القول فى هذا المعنى أقاويل الفلاسفة، وأبدأ منهم بأقاويل أرسطوطاليس، ثم أتبع ما قالته الفلاسفة ببعض ما قالته الأطباء. وأظهر أقاويل أرسطوطاليس وأوضحها فى ذلك ما صرح به فى كتابه الذى عنونه ﺑ «كتاب ما بعد الطبيعة»، وخاصة فى «مقالة اللام» منه، قال: إن الذى لا مكان له أصلا ولاتحويه نهايات الأجسام، كما يحوى جميع الأشياء التى فى المكان هو الله حقا.

وقال أرسطوطاليس أيضا فى موضع آخر من هذه المقالة: فإنه من الصواب والحق أن يعتقد أن ذلك الشئ المعقول مفرد عن الجواهر جميعا، حتى لا يوجد بينه وبينها مشاركة البتة، لا فى الطبع ولا فى عرض من الأعراض، وهو الله تعالى. ثم قال: وغرضنا إنما هو الكلام فى هذا الشئ الأعظم، أعنى الأول الذى لا يتحرك، وهو الله الحق. وقال أيضا: المحسوسات واقعات تحت حس البصر، منها الأجسام السماوية، والأجسام الأرضية من الحيوان والنبات، وأمرها بين. وأما الفاضل الأول، فهو الذى هو غير متحرك، الأزلى الأبدى. وقال أيضا: وذلك أنه ليس بينه وبين ما هو دونه من الجواهر مشاركة فى شئ من الأشياء أصلا، لا فى تغير من كل التغير، ولا فى مكان، ولا فى نمو، ولا نقص، ولا يجمعهما أيضا مبدأ واحد عنه حدثا، لكن البدء الأول الذى هو الله لا مبدأ له أصلا، وكل ما هو دونه، فمبدأه منه.

ومن أقاويله التى صرح فيها بضرب من ضروب النبوة قوله فى الطبيعة هذا القول، قال: وليس بعجب أن تكون الطبيعة، وهى لا تفهم، منساقة بما تفعله إلى الغرض المقصود إليه، إذ كانت لا تروى ولا تفكر فى فعل ما تفعله. قال: وهذا مما يدلك على أنها ألهمت إلهاما تلك النسب من سبب هو أكرم منها وأشرف وأعلى مرتبة. ولذلك صارت تفعل ما تفعل منساقة نحو الغرض، وهى لا تفهم الغرض، كما قد ترى القوم الذين يلهمون أن يتكلموا بكلام ينبئون به، كما يسألون عنه قبل أن يكون، فهم لا يفهمون العلة فيما يقولون

وقال أيضا: فالصانع لهذا العالم، ولترتيبه، وهو الحق الأول، وله العلم المحض فى الغاية القصوى، وعن علمه يكون ترتيب الأشياء ونظامها، وإلى الاقتداء به يشتاق. وقال أيضا بعد كلام طويل: فقد تبين من هذا أن الله يعلم ذاته، ويعلم بذلك جميع الأشياء التى هو مبدأها، وأحوالها وتصرفها، ويعلم ذلك كله معا. وقال أيضا فى كتاب سمع الكيان أقاويل كثيرة من هذا الفن، غير أنى أكتفى منها بقول واحد قاله فى المقالة الثامنة منه، قال: ليست الخليقة، يا هذا، غير مهيأة مفعولة، وإنها

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992