Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

القول فى طبيعة البدن

وأما أمر تعرف طبائع الأبدان، فأمر واجب معرفته على الطبيب بالضرورة، لأنه إذا كان قصده حفظ صحتها، أو معالجة أمراضها، وكانت صحة البدن إنما تحفظ بما شابهها، فلا سبيل إلى معرفة ما يشابه مزاج البدن، 〈دون أن〉 يعرف مزاج البدن أولا، وهو الذى أرادوا فى هذه المواضع بقولهم «طبيعة البدن»، إذ كان اسم الطبيعة عند بقراط، وعند سائر الأطباء، اسما مشتركا، لأنه قد يقع على مزاج البدن، كما قلنا، وقد يقع على هيئاته، وقد يقع على القوة المدبرة لأفعاله، وبالجملة فإن المقصود إليه من اسم الطبيعة هاهنا، إنما هو إلى المزاج الذى يخص البدن. فإذاً يلزم الطبيب أن يعرف مزاج البدن الذى يقصد لحفظ صحته، أو لعلاج مرض به.

وقد بين القدماء أن إعطاء علامات يتعرف بها مزاج شخص شخص من الناس، ممتنع، لأن الأشخاص بغير نهاية، وأمزجتهم أيضا كذلك، وما لا نهاية له، فمحال الإحاطة بعلمه. فلما كان ذلك كذلك، التمسوا معرفة أنواع الأمزجة، وأجناسها، وحصلوا ذلك، وميزوا كل جنس ونوع بخواصه، وفصوله التى ينفصل بها عن غيره، ليكون ذلك قانونا لسائر من أراد أن يعرف أى مزاج من الأشخاص قصد لحفظ صحته، أو لعلاج مرضه.

فمن لم يحكم من الأطباء معرفة هذا القانون، وما سواه من قوانين هذه الصناعة، كان بالواجب ممرضا للأصحاء، قاتلا للمرضى. ومن تأدب، وانتبه لما يلزمه من واجب العقل والشرع، وأحب لنفسه المصلحة، وللناس، فإنه سيأخذ نفسه بالتماس ما جهله من هذه الأصول فى القوانين التى لا يمكنه — إذا أنصف نفسه — أن يتسمى طبيبا، دون معرفتها التى أحدها ما نحن بسبيله فى هذا الباب، وهو علم أجناس المزاج، وهى تسعة: فأحدها هو المزاج المعتدل، والثمانية خارجة عن الاعتدال. وهذه الثمانية الخارجة عن الاعتدال، منها أربعة مفردة، وهى: الحار، والبارد، والرطب، واليابس، وأربعة مركبة، وهى: الحار الرطب، والحر اليابس، والبارد الرطب، والبارد اليابس.

ولا يغنى الطبيب أن يعلم أن ذلك كذلك، دون أن يعلم أن لطبائع الأبدان طبقات، أوسطها المعتدل الطبع، وأن عن جنبتى هذا الوسط طبقات من الأمزجة الصحية والمرضية، إلى أن تنتهى إلى نهاية ما يمكن من الفساد، ما لا يحصى، وأن يعلم أيضا ما لكل نوع من هذه الطبقات من العلامات التى يستدل بها عليها. ومثال ذلك العلامات التى ذكروها للمزاج الحار، والمزاج البارد، فإنها، وإن كانت كأنها تدل على شئ واحد، فإنها بالحقيقة هى بأعيانها تدل على أشياء كثيرة، لأنها تدل على نوع المزاج الحار، وهو واحد، وبكثرتها، وقلتها، وشدتها، وضعفها، وتغاير أزمانها، تدل على أمزجة أشخاص النوع كلها. وذلك أن علامات المزاج الحار اليابس مثلا، هى أن يكون الصدر واسعا، والعروق

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992