Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

باقى الأعضاء الشريفة، أعنى القلب والكبد، وإلى بقية الأعضاء النافعة فى البقاء، وهى آلات النفس، وآلات الغذاء كالمعدة والأمعاء، وبالجملة إلى عضو عضو من سائر أعضاء الجسم، ما كبر، وما صغر من الأعضاء الآلية، وإلى سائر الأعضاء المتشابهة الأجزاء، لتختار لكل عضو من أعضاء الجسم، ما أصلحه من تلك الأمور الطبيعية، أعنى حالات الهواء، والحركة والسكون، والمأكول والمشروب، والاستفراغ والاحتقان، والنوم واليقظة، والأعراض النفسانية، والبلدان والأعمال، والعادات، وقوة الجسم، والسن، والسحنة، وطبيعة البدن. فيختار من كل واحد من هذه لجملة البدن، ولعضو عضو من أعضائه، ما يوافقه بالكمية، والكيفية، والزمان، والمكان، على النحو الذى قدمنا ذكره فى باب باب، لكل واحد مفرد، على تقصى فروع كل أصل من هذه الأصول.

فإن كل إنسان من الناس إلى ذلك محتاج، وهو يستعمله فى حال صحته، وفى حال مرضه، دائما مهما هو حى. وإنما الفضيلة لأهل هذه الصناعة، ولأفاضل الناس الذين يقتدون برأى الأفاضل من الأطباء، هى أنهم يختارون من كل واحد من هذه، أوفقه، وأنفعه، ولا يستعملون منه، إلا ما لابد من استعماله، للبقاء بالشخص، أو بالنوع.

ومثال ذلك ما يستعمل لبقاء الشخص 〈من〉 المأكول، والمشروب، وسائر تلك الأمور الطبيعية المقدم شرح عيونها. فإن الفاضل لا يأكل، إلا ما حاجته إليه ماسة، وفى الوقت الموافق، والمقدار الكافى. وكذلك ما يشربه، وكذلك يفعل من سائر أعماله، وحركاته، وسكونه، ونومه، ويقظته، وبالجملة سائر ما يدعوه الطبع إلى استعماله. فإن فضيلته فى ذلك هى ألا يأخذ منها بحسب اللذة، لكن بحسب الحاجة. فإنه من أقبح الأمور أن تكون البهائم لا تستعمل من هذه الأمور إلا بحسب حاجتها، ويكون من يرى بنفسه أنه عاقل يستعمل منها فوق حاجته. وأشد من ذلك قبحا من يجهد فى الوصول منها إلى ما فوق طاقته، كالذين يتخذون المعاجين والجوارشنات، ليقووا من الجماع على المقدار الكثير. وهذا للإنسان مهلك، وأشباهه، ومع ذلك قبيح بالعقلاء، فإنه أعظم قبحا، وأسمج، بالطبيب المدعى تدبير الخواص والعوام من الناس.

فاستعن، أيها الحبيب، على طبعك بعقلك، وعلى التفهم لقلة بصيرتك بمنافعك، بقراءة كتب المتقدمين، وعلى التفهم لأقاويلهم بلقاء الخبيرين بها، لتزداد بذلك علما، وتقدر على العمل المحمود، فبالعمل مع العلم، تنل الصالحات وتبلغ الخيرات! وأرى أنه من الصواب، بعد ما قدمته من هذه الجمل، أن أذكر جملا من الوصايا، التى تحث الطبيب على ما يصلح بقية أعضاء البدن الكبار، ويستدل بها على إصلاح باقى الأعضاء. ثم أتبع ذلك بوصف سيرة الطبيب: كيف ينبغى أن يكون، وكيف يرتب تدابيره لجسمه، يوما يوما سائر أيام حياته، وبذلك يتم هذا الباب.

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992