Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

النفس، والحمى، فقد صح أن المرض ذات الجنب. فحينئذ ينبغى للطبيب أن يأخذ فى البحث عن السبب المحدث لهذا المرض، ليصح له أى شئ من أنواع ذات الجنب هو. وبعد ذلك يأخذ فى علاجه. وهذا المسلك ينبغى للطبيب أن يسلك فى تعرف سائر حالات الأبدان، ليثق الأصحاء، والمرضى، بتدبيره، ويستسلموا فى يديه.

وما ذكرناه، وإن كان بينا، فإن قول الجليل بقراط يزيده بيانا. قال بقراط: إنى أرى أنه من أفضل الأمور أن يستعمل سابق النظر. فقوله: «سابق النظر» يدخل تحت تقدمة المعرفة بجميع ما يحتاج إليه الطبيب فى أعمال الطب، وبتقدمة معرفته بذلك، يتبين فضله، وحذاقته. ولأن تقدمة المعرفة تعم ثلاثة أصول، وهى معرفة ما تقدم، ومعرفة ما هو حاضر، ومعرفة ما هو كائن، فلذلك قال بقراط أيضا فى المقالة الأولى من كتابه الذى عنونه بأبيديميا هذا القول، قال: وينبغى أن يخبر بما تقدم، ويعلم ما هو حاضر، وينذر بما هو كائن. قال: وينبغى أن يدرس هذه الأشياء! كما سنبين ذلك فى الباب الذى نصف فيه محنة الطبيب.

وبعد ما قدمته مما لابد للطبيب من علمه فى استخراج علم الحالات، فإنى أتبع ذلك بتعريف الطبيب المداخل، والمبدأ الذى منه ينبغى أن يبدأ فى تعرف الحالات. وأجمل الكلام فى تعرف حالات المرضى ليكون أبين، وأنفع، فأقول: إن بعد معرفة الظاهر من العلامات، والأعراض، للحواس، ينبغى للطبيب أن يجعل له مبدأ ثانيا، وهو ما يتشكاه المريض، أو ما يذكره من يخدمه من شكاويه، وأوجاعه، أو يتخد ذلك أصلا للمساءلة. ومتى لم يفعل ذلك، بقى مدهوشا، متحيرا، لأنه لا يدرى عما يسأل عنه.

ومثال ذلك طبيب رأى مريضا به إسهال قوى، ولم يكن عنده علم بأسباب الإسهال. فإن منه ما ينبغى أن يقطع، ومنه ما لا ينبغى أن يقطع، بل منه ما يجب معاونة الطبع على دفعه. فبغير شك أن ذلك الطبيب يبقى حائرا دهشا. فأما إن كان حاذقا، فسينظر إلى لون البراز، وقوامه، وما يجده من روائحه. فإن وجده مثلا أصفر، استدل بأن صفراء قد اندفعت مع البراز، فيحضر خاطره أسباب اندفاع الصفراء، ويسمع من المريض، أو من خدمه ما يقولونه من شكاوى المريض. فإن وجدهم يذكرون أن كان به حمى غب، وكان المريض فى صيف، وسنه سن الشباب، وبحرانه قد أزف، علم من جميع ذلك أن الإسهال هو لأن مرضه قد تبحرن، وأنه لا ينبغى أن يقطع. وإن وجدهم يذكرون أسبابا للإسهال غير تلك، فيقولون مثلا أن الذى أحدث الإسهال أكل أشياء حارة حريفة، أو إدمان شرب شراب صرف، أو ما شابه ذلك، تعلق بما سمعه منهم، مع ما وجده من لون البراز، وغيره، وجعل جميع

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992