Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

ذلك مبدأ يبحث منه عن السبب. فما بان لحسه، لم يسأل عنه، وما لم يبن لحواسه، سأل عنه، بعد أن يستعمل الاستدلال. فإن سأل المريض: هل هذا الإسهال لبحران مثلا، ضحك منه، وهزئ به.

فقس على ما ذكرناه، واجعله لك أصلا، وقانونا تستدل منه، وتستخرج علم ما يسائل عنه المريض، والصحيح، فى تعرف حالاتهم. وبغير شك أن من كان له ذكاء وفطنة، سينتفع بما ذكرناه نفعا عظيما، وذلك بما يحثه، ويبعثه إلى تعلم طرق الاستدلال، ومعرفة أصناف العلامات، فيصير بذلك ماهرا بالمسائلة للمرضى، والتعرف لحالات الأبدان، وكثير من حالات النفوس.

فقد اتضح إذا نفع هذا المبدأ الثانى، أعنى ما يتشكاه، وينطق به المريض من شكواه. وصار هذا المبدأ تابعا للمبدأ الأول المقدم قبله، وهو معرفة الطبيب لما تقع عليه حواسه، وصارا متقدمين فى الرتبة، والطبع، لما يريد أن يسأل عنه الطبيب المريض، إذ كانت المساءلة للمريض، إنما تجب بعد أن يشاهد حاله، أو يشتكى المريض حالة ما إلى الطبيب. فحينئذ يأخذ الطبيب فى تعرف تلك الحال، ويبدأ بعلمها من جنسها، ويقسم أنواع ذلك الجنس بفصوله القاسمة للأنواع، والمحدثة لها، فيستدل من تلك الفصول، والخواص الملازمة للأنواع، على صورها. وبعد ذلك يأخذ فى البحث عن أسبابها، وعللها الموجبة لحدوثها، ليتم له بذلك إزالتها، وحسمها.

ومساءلة الطبيب للمريض هاهنا، يقع الضطرار إليها فى مواضع كثيرة. وذلك أن ما لا يدركه حس الطبيب من الأسباب، وما لم يخبره به المريض، ولا نقل إليه خبره من خدم المريض، أو غيرهم من المخبرين الثقات، فبغير شك، أنه هو يحتاج أن يسأل عنه المريض، أو من يخدمه، ويقدر على الجواب.

ومثال ذلك أن طبيبا استدعى إلى مريض به إسهال، فرأى صورة المريض، وعرف من لون برازه أنه عن صفراء مفرطة، وكذلك استدل أيضا من سنه، ومن الزمان الحاضر، ومن سحنة المريض، وعمله، على أن جميع هذه قد أوجبت كثرة الصفراء فى بدنه، إذ كان سنه سن الشباب، والزمان زمان القيظ، وسحنته تدل على أن مزاجه حار يابس، وكان — مع ذلك — عمله بعض أعمال النار. فقد صح من جهة الحواس معرفة بعض أسباب المرض. ولأنه لم يشاهد هذا المريض قبل ذلك الوقت، فبغير شك، لابد له من مساءلة المريض، أو من يخدمه، عن أشياء كثيرة، لم يقدر عليها من جهة الحس، منها معرفة زمان ابتداء المرض، ليعلم من ذلك كم قد مضى من الزمان، منذ ابتدأ، وإلى ذلك الوقت، فيعلم كم مقدار ما نقصت، وكم بقى، بحسب قوة المرض، وضعفه من الثبات. ومنها أيضا معرفة مقادير المجالس، وتواترها، وهل تختلف فى الكثرة والقلة، ليلا ونهارا. ومنها أيضا معرفة

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992