Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

ففصد ذلك العرق، وبرئ من مرضه.

فإنا نقول لهذا القائل: إن ما ذكرته من أمر الأشياء التى علمت من جهة الحلم، والتكهن، لسنا ننكره، لكنا نقول: إنه من نوع ما به علمت أصول صناعة الطب، الذى ذكره قصدنا، وهو أحد الأسباب لشرفها، وهذا النوع من التعليم الذى منه علمت أصول هذه الصناعة، هو الذى ذكره جالينوس فى تفسيره لكتاب عهود بقراط وايمانه، فإنا نقول: إن صناعة الطب تعليم من الله تعالى وهبة وتفضل على نوع الإنسان. ولأنا قد ذكرنا بعض ما قاله فى هذا المعنى فى صدر كتابنا هذا، فلذلك نستغنى بما قيل هنالك عن إعادته هاهنا.

وإذا كان الأمر على ما قلناه، فقد وجب أن تسمى صناعة الطب إلهية، وأن يسمى من اقتناها بالحقيقة، أو أخذ نفسه باقتنائها، وسلك طريقها، إلهيا. وكيف لا يستحق هذا الاسم الشريف، وهو حريص، مجتهد فى التشبه بأفعال البارئ جل وعز، إذ الكافة تعلم أن الخالق، تقدست أسماؤه، جواد، كريم، رؤوف، رحيم، شاف، معاف، واهب الصحة للأصحاء، وحافظها عليهم، وشافى المرضى من أمراضهم، وبلطفه يكفيهم، فهو بالحقيقة القادر القدرة التامة على حفظ صحة الأصحاء، وعلى شفاء المرضى.

〈أما〉 الطبيب، فمعلوم أيضا أن قصده التماس الصحة، وغايته إحرازها، ولا يقدر على ذلك، إلا بصناعة الطب التى هذا قصدها، وغايتها، وهى موهوبة من الله تعالى لخواص من خلقه، بأفعاله يقتدون، ومن حكمته يستمدون. فبذلك يجب على كل عاقل يعرف قدر نفسه، ويؤثر الصحة لجسمه، أن يشرف الصناعة الإلهيةر المصلحة للبدن، المقوية لأخلاق النفس، إذ أخلاق النفس تابعة لمزاج البدن.

ومما يوضح شرف الصناعة الطبية أيضا، ما تثمره للناس كافة، من المنافع التى تؤديها 〈لهم〉 على مقادير أفهامهم إليها. فأول نفع يصل إليه الفهم بها، هو الإقرار بتوحيد البارئ، والمعرفة للطيف حكمته، وعلو قدرته، وحسن عنايته بسائر خلائقه، وذلك عند تأمله مزج الممتزجات، وتركيب المركبات، من سائر المحسوسات الجامدات، على اختلاف أصنافها، والناميات على كثرة فنونها، والحيوانات مع تباين أنواعها، ثم ما يختص به كل نوع من ذلك، وخاصة نوع الإنسان.

فإن من انصرف من الناس إلى معرفة ذاته، وتأمل مزاجه، وما أعضاؤه عليه من أشكالها، ومقاديرها، ووضعها، واتصالها، وانفصالها، وأفعالها، ومنافعها، وأشباه ذلك، علم بالحقيقة من حكمة الخالق تبارك وتعالى ما يوضح له، ويبرهن عنده على أن له خالقا، واحد،ا قادرا، حكيما، قصد بخلائقه الأحكم، والأوثق، والأحسن، والأصلح. وحسب العاقل لذاذة هذه الثمرة، ونفع هذه الفائدة

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992