Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

سيهلكون، ولا ينفعهم من اتكلوا على تدبيره شيئا، بل يهزأ بهم، ويضحك عليهم. وكذلك حال من اتكل على سعادة بخته من الأطباء، وغيرهم. فإنه عند زوال سعادته يبقى صفرا من الفضائل، وخاصة عند الشيخوخة.

ويصورون الحريص على اقتناء الفضائل، والعلوم، والصنائع الشريفة، بصورة تدل على العفة، والعدل، والخير، وحب الجميل، وهى صورة شاب جميل الصورة جمالا طبيعيا، لا اكتسابيا، حسن الهيئة، جالس على جسم ذى ست سطوح معتدلة متساوية، ووجهه طلق، وحوله تلاميذه، وطالبو العلم، مطيعون له، لا خلاف بين بعضهم وبعض، ولا يحسد بعضهم بعضا على الأمور الخسيسة، كحسد أهل المراتب الدنياوية، وذوى اليسار بعضهم بعضا.

قال: وذلك أن الله تبارك وتعالى ليس يختار الفضيلة فى الغناء واليسار. لكن يؤثر ويقدم من حسنت سيرته، وكان فى صناعته متقدما عاليا، وكان تابعا لوصايا الله تعالى، لازما لها، ويعالج صناعته على المذهب اللازم للسنة والشريعة. فذلك هو الذى يكرمه الله، وبحبوه، ويؤثره، ويقدمه فى المرتبة على سائر من يقف بين يديه، ولا يزال حافظا له دائما.

قال: وهذا الجمع إذا تفكرت فيه، وأخطرت ببالك كيف هو، دعتك نفسك مع ما تدعوك إليه من التقبل له، والامتثال لآثاره، إلى أن تسجد لهم، فضلا عمن سوى ذلك، نحو سقراطيس، واوميرس، وابقراط، وفلاطون، ومحبى هؤلاء، وأصدقائهم، الذين يكرمهم، كما يكرم المتألهين. وأما سائر من يتبع الله، ويلزم سبيله، فليس منهم أحد يخذله الله، لأنه ليس تشتمل عنايته من فى المدن من الناس المقيمين فقط، لكنه يعنى بمن يسير أيضا فى البحر.

فهذا من كلام جالينوس، وأمثاله، مما يدل على أن أهل هذه الصناعة خاصة ينبغى أن يكونوا فى الغاية القصوى من هذه الأوصاف المحمودة، ولا يرغبون فى الدنيا، ولا يتكلون على سعادة الجد فقط، بل يأخذون نفوسهم باقتناء الفضائل علما وعملا، كسيرة قدمائهم، ليكونوا عند الملوك، وسائر الناس، بالصورة التى يستحقونها، الجليلة، الرفيعة. وكيف لا تكون منزلتهم عندهم كذلك، وقد ملك الملك الطبيب نفسه، وجسمه، واطمأن إليه، فى روحه، ومهجته، ووثقه على حرمه، وأولاده، ولا شئ أعز من ذلك عند الملك. ولذلك يجب على الملك، وعلى جميع من لاذ به، أن يعرفوا حق الطبيب، وقدر صنعته، فيجلونه ويكرمونه ويأنسون به، ولا يدخلون على قلبه رعبا، ولا يستقبلونه بما لا يجب ولا يقبلون فيه قول واش، ولا حاسد، ولا يتهمونه، بل يفعل

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992