Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb (Practical Ethics of the Physician)

Bürgel 1992

ذلك يحدث مرضا ويدل على بروة وقال: يضطرك الأمر فى تقدير الغذاء لبدن المغتذى إلى النظر فى أمر الفصل من الزمان الذى أنت فيه، وذاك أن الصيف والخريف فصلان لا يحتمل الجسم فيهما الزيادة فى الغذاء. فأما فصلا الشتاء والربيع، فيحتملان من الغذاء الكثير. وإلى ذلك أشار بقراط فى هذا الفصل من قوله، قال بقراط: أصعب ما يكون احتمال الطعام على الأبدان فى الصيف والخريف، وأسهل ما يكون احتماله عليها فى الشتاء، ثم بعده فى الربيع.

وبين ذلك جالينوس، وفسر بهذا القول، قال جالينوس: إن الأبدان تبتدئ فى الخريف تبرد، وتجتمع، وتتكاثف. وتبتدئ فى الربيع تسترخى، وتستخف. وقال بقراط أيضا: الأجواف فى الشتاء والربيع أسخن ما تكون بالطبع، والنوم أطول ما يكون. فينبغى فى هذين الوقتين أن يكون ما يتناول من الأغذية أكثر، وذلك أن الحار الغريزى فى الأبدان فى هذين الوقتين كثير، ولذلك تحتاج إلى غذاء كثير، والدليل على ذلك الأسنان والضرسان.

وأيضا مما هو ضرورى من علم زمان الغذاء هو معرفة أوقات التغذية الجزئية، أعنى التى ينبغى أن يتغذى فيها من اليوم والليلة مثلا، وكم مقدار الزمان بين الغذائين. فإن معرفة ذلك إنما تكون من جهة المغتذى، وسرعة هضمه، ونقاء معدته من الغذاء الأول، ومن أخلاط مفسدة، والكثرة الزائدة. وقد أجمل ذلك بقراط فى قوله هذا فى ابيديميا، فى المقالة السادسة منه، حيث رتب الغذاء بعد الرياضة، وقبل النوم، فقال: التعب، والطعام، والنوم، والجماع، ينبغى أن تستعمل كلها بالقصد. ومع ترتيبه له الترتيب الطبيعى، نبه فى قوله «بالقصد» على الاجتهاد فى تقدير كميته لكل مغتذ. قال بقراط: البدن الذى ليس بالنقى، كلما غذوته، إنما تزيده شرا.

ولأن من المأكولات ما كثيرها يغذو غذاء قليلا كالبقول، ومنها ما قليلها يغذو غذاء كثيرا كلحوم الحيوان، وما صلب من الحبوب، ومنها ما هى متوسطة بين ذلك، كلحوم الجدى، والفراريج، والدراج، وأمحاح البيض، وما شاكل ذلك، فلذلك يجب أن تعنى بعلم ذلك، لتستعمل منه الأوفق، بحسب الحاجة.

وأيضا لأن من المأكولات ما يسرع إليه الفساد، لاستحالتها سريعا، ومنها ما يبطئ فسادها لصلابتها، فلذلك يجب أيضا علم ذلك على الطبيب، ليرتب الغذاء بحسب ذلك، وبحسب حال المعدة. فإن على أكثر الأمر ينبغى أن تقدم الأغذية السريعة الاستحالة، قبل البطيئة النضج، ليسهل نفوذ الصلبة، وأيضا لئلا تفسد، إن قدمت على السريعة. فإن تقديم أكل البطيخ، والمشمش، وما شاكلها، على الخبز، والمأكولات الأخر أحمد. ولذلك صار أكل أمثال هذه، بعد الطعام، مفسدا للطعام والمعدة والأخلاط.

Work

Title: al-Ruhāwī: K. Adab al-ṭabīb
English: Practical Ethics of the Physician
Original: كتاب أدب الطبيب

Domains: Medicine, Ethics, Pharmacology

Text information

Type: Secondary

Date: between 880 and 930

Bibliographic information

Publication type: Unpublished

Author/Editor: Bürgel, J. Christoph

Title: Kitāb adab al-ṭabīb taʾlīf Isḥāq ibn ʿAlī al-Ruhāwī

Published: 1992