مقالة الإسكندر الأفروديسيّ في العقل ترجمة إسحاق بن حنين
قال العقل عند أرسطوطاليس على ثلثة أضرب أحدها العقل الهيولانيّ أعني به عقلاً موضوعاً ممكناً أن يصير عقلاً مثل الهيولى وقولي الهيولى ليس أعني به شيئاً ما موضوعاً ممكناً أن يصير مشاراً إليه بوجوده صورة ما فيه ولكن إذ كان وجود الهيولى إنّما هو في أن يمكن أن يصير عقلاً من طريق الإمكان نفسه وكذلك أيضاً ما بالقوّة نفسه فهو من جهة ما هو كذلك فهو هيولى فإنّ العقل أيضاً الذي لم يعقل بعد إلّا أنّه ممكن أن يعقل وهو هيولانيّ وقوّة النفس التي هي هكذا هي عقل هيولانيّ وليس هو واحداً من الموجودات بالفعل إلّا أنّه قد يمكن فيه أن يكون عقلاً أي يصير متصوّراً للأشياء الموجودة كلّها لأنّه لا ينبغي لمدرك الكلّ
أن يكون بطبيعته التي تخصّه واحداً من المدركات لأنّه لو كان كذلك لكان عند إدراكه الأشياء التي من خارج ستعوقه صورته التي تخصّه عن تصوّر ذلك فإنّ الحواسّ أيضاً قد لا تدرك الأشياء التي بوجودها إنّما هو فيها وكذلك البصر إذ هو يدرك الألوان فإنّ الآلة التي هو فيها وبها هذا الإدراك لا يكون لها لون لأنّه لا لون للماء خاصّه والشميم من الهواء وهذا ليست له رايحة والشميم هو مدرك الروائح واللمس لا يحسّ ما هو مثله في الحرارة والبرودة واللين والخشونة وإنّما يحسّ ما خالفه إلى الكثرة أو القلّة وذلك لأنّه ما كان يمكن إذا كان جسماً إلّا أن تكون له هذه الأضداد لأنّ كلّ جسم طبيعيّ يكون فهو ملموس وكما لا يمكن في الحواسّ أن تدرك الحسّ شيئاً هو له ولا أن يميّزه كذلك إذا كان للعقل إدراك ما وتمييز للمعقولات فليس يمكن أن يكون واحداً من الأشياء التي هو يميّزها لكنّه مدرك للكلّ
إذ يمكن أن يعقل الكلّ فليس هو إذاً واحداً من الموجودات بالفعل ولكنّه بالقوّة كلّها فإذاً هذا معنى أنّه عقل فإنّ الحواسّ وإن كانت إنّما تكون بأجسام إنّما هي الأشياء التي تدركها وإنّما هي أشياء غيرها بالفعل فإنّ إدراك الحواسّ إنّما هو قوّة ما لجسم ينفعل ولذلك ليس كلّ جسم مدركاً لكلّ محسوس لا الحسّ أيضاً إنّما هو شيء ما بالفعل فأمّا العقل فليس يدرك ولا شيئاً بجسم ولا هو قوّة لجسم ولا منفعل فليس هو البتّة شيئاً من الموجودات بالفعل ولا هو شيء مشار إليه بل إنّما هو قوّة ما قابلة صورة ومعقولات هذه يعني الإنسان الاستكمال وهذه النفس وهذا العقل الهيولانيّ هو في جميع من له النفس التامّة أعني الناس.
وللعقل ضرب آخر هو قد صار يعقل وله ملكة أن يعقل وقادر أن يدرك صورة المعقولات بقوّته في نفسه وقياسه قياس الذين
فيهم ملكة الصناعات القادرين بأنفسهم على أن يعملوا أعمالها فإنّ الاوّل ما كان شبيهاً بهؤلاء بل بالذين فيهم قوّة يقبلون بها الصناعة حتّى يصيروا صناعاً وهذا العقل هو العقل الهيولانيّ ومن بعد أن صارت له ملكة واستفاد أن يعقل وأن يفعل وإنّما يكون في الذين قد استكملوا وصاروا يعقلون هذا هو العقل الثاني.
وأمّا الثالث وهو غير الاثنين الموصوفين وهو العقل الفعّال الذي به يصير الهيولانيّ له ملكة وقياس هذا الفعل كما يقول أرسطوطاليس أيضاً قياس الضوء لأنّه كما أنّ الضوء علّة للألوان المبصرة بالقوّة في أن تصير بالفعل كذلك هذا العقل الهيولانيّ الذي هو العقل بالقوّة عقل بالفعل بأن يثبت فيه ملكة للتصوّر العقليّ وهذا هو بطبيعته معقول وهو بالفعل هكذا لأنّه فاعل للتصوّر العقليّ وسائق العقل الهيولانيّ إلى الفعل فلذلك هو أيضاً عقل لأنّ الصورة التي ليست هيولانيّة التي هي وجودها بطبيعتها
معقولة عقل لأنّ الصورة الهيولانيّة إنّما تصير معقولة بالفعل إذا كانت بالقوّة معقولة وذلك أنّ العقل يفردها من الهيولى التي معها ويجرّدها بالفعل فيجعلها هو معقولة وحينئذٍ إذا عقلت كلّ واحد منها فإنّها تصير بالعقل معقولاً وعقلاً ولم تكن من قبل ولا في طبيعتها هكذا لأنّ العقل بالفعل ليس هو شيئاً غير الصورة المعقولة فلذلك كلّ واحدة من هذه التي ليست معقولة على الإطلاق إذا عقلت صارت عقلاً لأنّه كما أنّ العلم الذي بالفعل إنّما هو المعلوم الذي بالفعل والمعلوم الذي هو بالفعل هو العلم الذي بالفعل وكذلك الحسّ الذي بالفعل هو المحسوس الذي بالفعل والمحسوس الذي بالفعل هو الحسّ الذي بالفعل كذلك العقل الذي بالفعل هو المعقول الذي بالفعل والمعقول الذي بالفعل هو العقل الذي بالفعل لأنّ العقل إذا أخذ صورة المعقول وفصلها من الهيولى فإنّه يجعلها هي معقولة بالفعل وتصير هي عقلاً بالفعل فإن كان شيء من الموجودات معقولاً بطبيعته في نفسه وله من ذاته كذلك لأنّه غير مخالط للهيولى لا
لأنّه مفرد الصورة من الهيولى فهذا هو عقل بالفعل لأنّ العقل بالفعل هو أبداً معقول وهذا المعقول بطبيعته الذي هو عقل بالفعل إذا صار علّة للعقل الهيولانيّ للانتزاع والتنقّل والتصوّر ولكلّ واحد من الصور الهيولانيّة وكلّ معقول بيّن فيه نحو (؟) تلك الصورة قيل فيه إنّه العقل المستفاد الفاعل وليس هو جزء ولا فرد للنفس منّا ولكنّه يحدث فيه من خارج إذ نحن عقلنا فيه وإن كان بأخذ الصورة هو التصوّر العقليّ وكان وجود هذه الصورة ليس يكون في وقت من الأوقات بأن تفارق الهيولى ولا بأن تقاربها فإنّه إذا عقل فينا فهو مفارق [قال إسحاق في هذا الموضع نقصان من اليونانيّ الذي قابلنا بهذه النسخة] لأنّه ليس بأنّا عقلناه صار عقلاً ولكن كان بطبيعته هكذا إذ كان بالفعل عقلاً ومعقولاً وهذه الصورة التي هي بهذا الحال وهذا الجوهر المفارق للهيولى غير قابل للفساد ولذلك يسمّي أرسطوطاليس
العقل الفاعل الذي بالفعل المستفاد إذ الصورة التي بهذه الصفة لا ثابت فإنّه وإن كان كلّ واحد من الصور الأخر المعقولة إذا عقلت عقلاً ولكن ليس باستفادتها ولا بدخولها للنفس من خارج هي عقل ولكن إذا عقلت تصير عقلاً فأما الصورة إذا ... مستفاداً وسمّيت بهذا الاسم والعقل الذي بالملكة الفاعل ... جهة ما عقل لأنّه يلزم من ذلك أن يكون معاً في حال واحد يعقل ويعقل ولكن من أجل هذه العلّة أنّ العقل الذي بالفعل هو المعقولات التي بالفعل فإذا عقل المعقولات فإنّه يعقل ذاته إذ كان بأن يعقل المعقولات إذا عقلت تكون عقلاً لأنّه إن كانت المعقولات هي العقل الذي بالفعل وكان هو يعقلها فإنّه إذا عقل ذاته يكون عقلاً لأنّه إذا عقلها كان هو والمعقولات شيئاً واحداً وإذا لم يعقلها كان غيرها وكذلك يقال إنّ الحسّ يحسّ ذاته فإذا أحسّ الأشياء المحسوسة فإنّه لهذا يصير هو والأشياء المحسوسة شيئاً واحداً لأنّ الأمر كما قلنا من أنّ الحسّ كالذي بالفعل والعقل بأخذ الصور
بلا هيولى يدركان المركّبات التي تخصّ واحدة واحدة منها ويقال أيضاً إنّ العقل يعقل ذاته بذاته لا من جهة أنّه عقل ولكن من جهة ما هو معقول فإنّه إنّما يدرك ذاته من جهة أنّه أيضاً معقولة كما يدرك كلّ واحد من المعقولات وليس ذاته من جهة أنّها عقل لأنّه قد عرض للعقل أن يكون أيضاً معقولاً لأنّه لمّا كان واحداً من الموجودات ولم يكن محسوساً فقد بقي أن يكون معقولاً وذلك أنّه لو كان إنّما يعقل ذاته من جهة ما هو عقل لم يكن ليعقل شيئاً من الأشياء سوى العقل فإذاً ذاته فقط كانت تعقل ولكن إذا كان يعقل المعقولات التي هي من قبل أن تعقل ليست بعقل فإنّه يعقل ذاته بهذا الوجه أيضاً لأنّها واحد من الأمور المعقولات فلذلك يكون هذا العقل يعقل ذاته بالعرض باقٍ فيه (؟) من العقل الهيولانيّ والعقل الأوّل أيضاً الذي بالفعل على هذا السبب يعقل ذاته من أجل هذه العلّة ولكن ذلك العقل أزيد في
هذا المعنى لأنّه لا يعقل شيئاً آخر سوى ذاته لا من جهة أنّه معقول يعقل ذاته ومن جهة أنّه معقول بالفعل وبالطبيعة التي له فمن البيّن أنّه يعقلها أبداً العقل الذي بالفعل وإذا كان أبداً يعقل بالفعل كان أبداً هو وحده عقلاً فهو أبداً يعقل ذاته وإنّما يعقلها وحدها لأنّه إذا كان عقلاً بسيطاً فإنّما يعقل شيئاً بسيطاً وليس شيء آخر معقولاً بسيطاً سوى هذا لأنّه غير مختلط ولا هيولانيّ ولا في ذاته شيء بالقوّة فإنّما يعقل ذاته فقط فمن جهة إذاً ما هو معقول وإنّما يعقل ذاته من طريق أنّها معقولة ومن جهة أنّه وحده بسيط بالفعل فإنّه يعقل ذاته وحدها لأنّه إذا كان وحده هو بسيط صار إنّما يعقل شيئاً بسيطاً وليس في المعقولات شيء بسيط غيره وحده.
وقد فهمت عن أرسطوطاليس في العقل المستفاد ما وقعت به على أنّ ما حرّكه إلى إدخال عقل مستفاد هو هذا كان يقول إنّ القياس في العقل كالقياس في الحواسّ وفي جميع الأشياء المتكوّنة يوجد شيء منفعل وشيء
فاعل وثالث متهيّئ هو المتكوّن وفي المحسوسات كمثل فإنّ فيها شيئاً منفعلاً وهو الحاسّة وشيئاً فاعلاً وهو المحسوس وشيئاً متكوّناً وهو الإدراك بالحاسّة للمحسوس وكذلك في العقل أيضاً كان يتوهّم أنّه يجب أن يكون عقلاً فاعلاً يقدر أن يسوّق العقل الهيولانيّ الذي بالقوّة إلى الفعل وفعله هو أن يصيّر الموجودات كلّها معقولة كما أنّ هاهنا شيئاً محسوساً بالفعل ويجعل الحسّ بالفعل أقدم كذلك ينبغي أن يكون هاهنا أشياء فاعلة للعقل لأنّها هي معقولة بالفعل لأنّه لا يمكن أن يكون شيء فاعل لشيء آخر وليس هو ذلك الشيء (؟) وليس هذه الأشياء التي نفعلها نحن شيئاً هو معقول لأنّ عقلنا إنّما يعقل المحسوسات وهذا هو عقل بالفعل وهي معقولة بالقوّة وإنّما تصير هذه معقولة بالفعل لأنّ فعل العقل إنّما هو أن يفرد المحسوسات بالفعل بقوّته التي تخصّه ويخلّصها من الأشياء التي معها تكون محسوسة
حتّى ترى الصور على حالها المحسوسات وهذا هو فعل العقل الذي كان بالقوّة أوّلاً فإن كان المتكوّن المسوّق من القوّة إلى الفعل ينبغي أن يكون تكوّنه عن شيء هو موجود بالفعل يصير العقل الذي بالقوّة قويّاً على أن يعقل وهذا هو العقل المستفاد من خارج وهذه الأشياء التي تركت أرسطوطاليس أن يدخل العقل المستفاد فواجب أن يكون هاهنا شيء ما معقول بالفعل وهو في طبيعته هكذا كما أنّ هاهنا أشياء محسوسة ليست إنّما صارت محسوسة عن الحسّ أعني أنّ هاهنا عقلاً هو طبيعة ما وجوهر ما لا يعرف شيء سوى العقل لأنّه ليس بمحسوس ولا الأشياء التي تعقل فكلّها إنّما يصير معقولة عن عقلنا كأنّه ليس بطبعه معقولاً وهنا شيء ما معقول بذاته لأنّه بطبعه هكذا والفعل أيضاً الذي بالقوّة إذا تمّ ونما عقل هذا لأنّه كما أنّ قوّة المشي الذي للإنسان مع ولادة تصير إلى الفعل إذا أمعن به الزمان وكمل الشيء الذي به يكون المشي كذلك العقل إذا استكمل عقل الأشياء التي هي بطبيعتها معقولة وجعل الأشياء المحسوسة
معقولة له لأنّه فاعل وكذلك أنّ العقل هو منفعل بطبيعته من قبل أن يكون شيئاً آخر ويقبل الأثر بمنزلة الحسّ ولكن حاله ضدّ حال الحسّ لأنّ الحسّ هو انفعال وقبول الأثر وإدراكه قبول الأثر فأمّا العقل فإنّه فاعل مفعول به إذ كان من شأنه أن يعقل أكثر الأشياء لأنّه مع ما يكون فاعلها كما يفعلها غير أنّ الإنسان لم يتوهّم أنّ العقل يجب أن يقال فيه أيضاً إنّه منفعل من جهة أنّه فاعل للصور فإنّ الأخذ قد يظنّ به أنّه انفعال وهذا أمر وإن كان يشارك فيه العقل الحسّ إلّا أنّ كلّ ما يرسم ويحدّد فليس يرسم ويحدّد بالشيء المشترك بينه وبين غيره بل لما يخصّه فلذلك ليس ينبغي أن يرسم العقل ممّا يشارك به الحسّ فلذلك يكون الشيء المشترك للحسّ والعقل أخذ الصور وإن كان ذلك ليس فيهما على منال واحد والخاصّ للعقل أن يكون فاعلاً لهذه الصور التي يأخذها من بعد أن يعقلها فالأولى أن نحدّه بهذا فلذلك العقل هو
فاعل لا منفعل وأيضاً فإنّ العقل فيها أقدم وهو ذاتيّ له [لأنّه أوّلاً يوجد فاعلات ثمّ حينئذٍ يعقلها ويحدّها بأنّها كذا فإنّه وإن كان إفراده الأشياء شيئاً واحداً إيّاها يكون معاً فإنّ الإفراد يفعل متقدّم للآخر فإنّ هذا هو أحد الصور] فكما أنّا نقول إنّ النار فاعلة في غاية القوّة لأنّها تفني كلّ هيولى تقع فيها وتأكلها وإن كانت من جهة أنّها بأكلها تنفعل فكذلك فليظنّ بالعقل الذي فينا الفاعل لأنّ الأشياء التي ليس هي بالفعل معقولة هو يصيرها معقولة لأنّه ليس شيء آخر معقولاً إلّا العقل إذا هو بالفعل وبذاته وأمّا الأشياء التي يصيّرها العقل معقولة فإنّما أيضاً يصيّرها معقولة العقل الذي بالفعل وكذلك إذا لم يكن عقل لم يكن شيء معقول لأنّه ليس شيء بالطبع معقولاً إلّا هو وحده كذا كما قلنا ولا يكون الشيء
الذي عنه يكون لأنّه إذا لم يكن الشيء فإنّه لم يعقل شيئاً لأنّ العقل الذي بالطبع المستفاد من خارج أمّا يكون معيناً بالعقل الذي فينا لأنّ سائر الأشياء التي بالقوّة ليس منها شيء يقوى على أن يعقل ما لم يكن شيء بالطبع معقولاً والذي هو بطبيعته معقول إذا صار في الذي يعقل فهو عقل متكوّن في الذي يعقل مستفاد من خارج لا مائت وهو الذي يثبت الملكة في العقل الهيولانيّ حتّى يقبل المعقولات بالقوّة لأنّ الضوء وهو الفاعل للبصر الذي بالفعل فإنّه هو الذي يرى ومعه وبسببه ترى الألوان وكذلك العقل المستفاد يصير علّة لنا لأن نعقل وإذا هو عقل فليس يجعل ذاته عقلاً بل هو بطبيعته فيتمّمه ويسوّقه إلى خاصّيّته فالمعقول إذاً بطبيعته هو العقل وإنّما سائر الأشياء إنّما تكون بتلطّف هذا وبفعله وفعل هذا من غير انفعال منه أو يكون عن شيء لأنّه قد كان عقلاً
من قبل أن يعقل ولكن بأن يستكمل وينمي فإذا استكمل عقل الأشياء المعقولة في طبيعتها والأشياء التي هي معقولة بفعله ولطفه لأنّه خاصّة العقل أنّه فاعل وأن يفعل لا أن ينفعل ولمّا أراد أن يؤدّي أنّ العقل لا مائت وأن يتخلّص من المضايق التي تلحق من قوله في العقل المستفاد أعني ما يلزم من هذا القول أن يكون العقل ينزل الأماكن وليس بممكن فيه إذ كان لا جسم لا أن يكون في موضع ولا أن يتحرّك فيكون مرّة في موضع ومرّة في غيره وكان إذا قال هذا وشبهه في العقل على طريق الإشارة قال إنّ العقل والهيولى في كلّ جسم يقال إنّه ثابت لجوهره في جوهر وإنّه بالفعل إذا كان فاعلاً أفعاله فمتى يكون من هذا الجسم إذا امتزج مزاجاً ما من جملة الخلط يصلح أن يكون له لهذا العقل الذي هو في هذا الخلط إذ كان موجوداً في كلّ جسم وهذه الآلة هي أيضاً جسم قيل فيها إنّها عقل بالقوّة وهو قوّة ما حادثة عن هذا الاختلاط الذي وقع للأجسام متهيّئة لقبول العقل الذي بالفعل فإذا تشبّثت بالآلة فحينئذٍ يفعل كما
يفعل بالآلة الصانع ذو الآلة وعلى أنّه هيولى وبهيولى فحينئذٍ نقدر نحن أن نفعل لأنّ فعلنا نحن مركّب من القوّة التي هي آلة.
[قال اسحق ... هاهنا أنّ أرسطوطاليس يسمّيه العقل ... مستفاد وهو في ذاته بالفعل أو يكون أنّه بمنعى أنّه إنّما ... خلط] والعقل الإلاهيّ الذي يسمّيه أرسطوطاليس العقل الذاتيّ بالقوّة ومن فعل ذلك العقل فإذا تقدّمنا واحداً منهما أيّهما كان فليس يمكن أن نعقل لأنّ من أوّل إلقاء المنى في الرحم يكون العقل الذاتيّ بالفعل إذ كان نافذاً في كلّ
شيء وكان هو بالفعل لكن حينئذٍ إنّما يفعل بفعله في سائر الأجرام أيّ جرم كان فإذا فعل هو بالقوّة التي لنا فحينئذٍ هذا يقال له عقل لنا فحينئذٍ نحن نعقل لأنّه كما أنّا لو توهّمنا صانعاً مرّة يفعل بلا أداة بالصناعة ومرّة بأداة فإنّه حينئذٍ يتمّ العقل الإلاهيّ وهو أبداً فاعل وهو بالفعل ويصير هو فاعلاً بآلة إذا تولّدت له ما بهذه الصفة من خلط الأجسام ومن العقل لأنّه حينئذٍ يفعل فعلاً هيولانيّاً وهو عقل لنا وينحلّ بهذه الجهة ويفارق من قبل الذي له يفارق فإنّه ليس في موضوع ويتحرّك إلى غيره ولكن لأنّه في الكلّ وهو ثابت في الجرم المنحلّ بفساد الآلة كمثل الصانع إذا ألقى أداته فإنّه حينئذٍ قد يعقل أيضاً وليس يعقل في هيولى بلا أداة فلذلك ينبغي أن يكون واجباً أن نظنّ أنّ هاهنا عقلاً على رأي أرسطوطاليس إلهيا غير قابل للفساد وهكذا ينبغي أن نظنّ به لا على جهة أخرى والملكة أيضاً التي ذكرها في المقالة الثالثة من كتاب
النفس قال إنّه ينبغي أن تطابق بهذا (؟) هذه الأشياء وإنّه ينبغي أن ننقل الملكة والضوء إلى هذا العقل الذي في الكلّ وهذا العقل إمّا أن يكون هو وحده مدبّر ما هاهنا بردّها إلى الأجرام الإلاهيّة ويركب ويحلّ فيكون هو خالق العقل الهيولانيّ أيضاً وإمّا أن يكون يفعل ذلك بمطابقة الحركة الطبيعيّة التي للأجرام السماويّة لأنّ بها يكون ما هاهنا وبقربها وبعدها لا سيّما الشمس وإمّا أن يكون ذلك به و بالعقل الذاتيّ هاهنا وإمّا أن يكون بهذين وبحركة الأجرام السماويّة تكون الطبيعة التي تدبّر الأشخاص مع العقل وأظنّ أيضاً ذلك أنّ العقل هو الإلاهيّ يؤثّر في الأشياء التي في غاية الخساسة كما ظنّ أصحاب المظلّة وأنّ بالجملة فيما هاهنا عقلاً وعناية تتقدّم في المصالح إلّا
أنّ العناية التي هاهنا أنّها ترجع إلى الأجرام الإلاهيّة وأنّه ليس لنا أن نعقل ولا هو فعل لنا ولكن مع كوننا يكون فينا بالطبع قوام العقل الذي بالقوّة الأولى وفعل العقل الذي من خارج به وليس ما صار في شيء من جهة أنّه يعقل فقد ينزل مكاناً دون مكان لأنّ صور المحسوسات إذا نحن أحسسنا بها فليس هي في الحواسّ على أنّها تصير مواضع لها فإنّما يقال في العقل الذي من خارج إنّه مفارق وهو يفارقنا لا على أنّه ينتقل وينزل إلى مكان الأماكن ولكنّه يبقى مفارقاً قائماً بنفسه بلا هيولى ومفارقته إيّانا فإنّه لا يعقل ولا يكتسب فإنّه كذلك كان لما صار فينا.
تمّت المقالة في العقل.