Alexander of Aphrodisias: De libero arbitrio (On Free Will)

Work

Alexander of Aphrodisias, De libero arbitrio (Τῶν παρὰ Ἀριστοτέλους περὶ τοῦ ἐφ´ ἡμῖν (I))
English: On Free Will

Text information

Type: Translation (Arabic)
Translator: Abū ʿUṯmān al-Dimašqī
Translated from: Syriac (Close)
Date: between 870 and 920

Source

ʿAbd al-Raḥmān Badawī. Šurūḥ ʿalā Arisṭū mafqūdah fī l-yūnānīyah wa-rasāʾil uḫrā. Buḥūṯ wa-dirāsāt maʿhad al-ādāb al-šarqīyah 1. Beirut (Dār al-mašriq) 1971, 80-82

Download

alexaphrod_deliberoarbitrio-transl-ar1.xml [12.26 KB]

مقالة الإسكندر الأفروديسيّ في الاستطاعة

قال:

إنّ الإنسان أكرم الأشياء التي تكوّنها وتقوّمها القوّة الإلاهيّة الموجودة في الجسم المتكوّن من قبل مجاورته للجسم الإلاهيّ، التي سبّبتها الطبيعة. فإنّ الإنسان وحده من بين الأشياء التي في الكون تشارك هذا الجسم الإلاهيّ في القوّة التي هي أكمل قوى النفس، وهي العقل؛ وهو وحده له نفس ناطقة، بها يمكنه التروّي والبحث عن الأمور التي يجب فعلها أو لا يجب. وليست نفسه كسائر الحيوانات الأخر التي نسمّيها غير ناقطة، من قبل أنّها غير مشاركة في هذه القوّة، متبعة لما يعرض لها من التخيّل، منقادة له، فاعلة لكلّ ما تفعل بعد بحث. وذلك أنّ الإنسان وحده من بين سائر الحيوان يمكنه — بغير التخيّل الذي يلقاه — أن يبحث عمّا يجب أن يفعل ويروّي فيه 〈و〉أن ينظر إن كان ينبغي ألّا يستعان بتخيّل له، أو لا. وإذا روّي فيه وأتى الحكم عزم عند ذلك على أن يفعل أيّ الأمرين وقف عليه من ذي الرويّة، وألّا يفعله. ولهذا جاء الإنسان من بين الحيوان كلّه له سلطان واستطاعة على أن يفعل شيئاً واجباً بعينه وألّا يفعله. وذلك أنّ اختيار الأشياء — التي يجب أن يفعل — إليه، إذ كانت الرويّة والعزم إليه من قبل استطاعته منه أو بسبب فاعل الأشياء الذي يقول إنّ فعلها إليه. والاستطاعة إنّما توجد في الأشياء التي توجد فيها الرويّة. والرويّة فلسنا نستعملها فيما قد كان وفرغ، ولا فيما هو موجود، ولكن فيما يكون وفيما يمكن أن يكون وفي الأشياء التي

سببها التفكّر، فإنّ هذه هي الأشياء التي يتهيّأ لنا أن نفعلها وأن لا نفعلها. ففي هذه إذاً توجد الاستطاعة، والإنسان هو سبب وجود الأشياء التي يفعلها.

وهذا أمر قد خصّته به الطبيعة دون سائر الأشياء المتكوّنة عنها، ولذلك صار هو وحده مرويّاً بالطبع 〈و〉صار النظر إنّما وجوده من هذا المعنى. وإن كان السبب مبدأ للأمور التي هو سبب لها، وكان الإنسان مبدءاً لأفعاله، فهو إذن سبب لها. ومن النظر أن يطلب لهذا المبدأ طلباً دائماً، لأنّ الشيء الذي هو مبدأ ما، ليس هو مبدءاً على الإطلاق وليس يوجد الاختيار والرويّة وما جرى هذا المجرى في طبيعة الإنسان لسبب آخر فاعل متقدّم لها في الوجود، لأنّ الأمر إن لم يكن هكذا لم يكن الإنسان مبدءاً، ولكنّه هو سبب لأفعاله، أعني أنّه هو السبب الفاعل لأفعاله. وأمّا هذه فليس لها سبب آخر. وذلك أنّ هذا إن كان مبدءاً فليس هو مبدءاً وسبباً للمبدأ الذي يقال له مبدأ على الحقيقة، لأنّ الإنسان بوجوده وكونه مبدءاً قادر لأن يختار هذه الأشياء وحده أوّلاً، فإنّ هذا هو معنى أنّ في نسفه قوّة، وإلّا فما المنفعة في الرويّة إن كانت لنا أسباب متقدّمة لأفعالنا. وكيف يكون الإنسان أجلّ وأكرم من سائر الحيوان إذا ظهر أنّ الرويّة لا منفعة فيها! وإن لم يكن إلينا أن نتمحّل من الرويّة شيئاً أو نختار ما نتمحّله فلا منفعة فيها. وذلك أنّ القول بالتخيّل سبباً لرويّتنا في الشيء المتخيّل ليس بتفكّر. فأمّا القول بأنّ السبب في أن نفعل هذا الشيء ليس هو الرويّة، لكن التخيّل، فيبطل الرويّة التي يجب أن تكون موجودة حتّى يكون التخيّل سبباً لها للحقّ، والحقّ سبباً للأفعال. فليس في هذه شيء يعدّ سبباً. وكما أنّ الرويّة شيء لنا إلى الأشياء التي فعلها إلينا، كذلك نحن باختيارنا سبب للزراية على فعل بعض ما نفعله. وهذا السبب شاهد على أنّ لنا سبباً للإمساك عن فعل ما قد فعلناه وطلبنا شيئاً آخر. أمّا العزم عليه بالرويّة فيبطل الرويّة، وذلك أنّ الأفضل أن تكون الرويّة [أنّها] توجد في قدرتنا على أن نعزم ونختار ممّا نجده في الرويّة منها، الذي يرفع هذا الشيء. والرويّة فإنّها نسلّم اسمها فقط، لأنّ القول بأنّ الأمور التي تحيط فينا من خارج إذا كانت كلّها متشابهة فليس

تخلو من أحد أمرين: إمّا أن نختار ما دعونا إليه تلك الأمور بأعيانها، أو يكون كلّ فعل يفعل بلا سبب غير واجب، إذ كان كون شيء من الأشياء بلا سبب مقنعاً وكان القول بأنّه إذا كانت الأمور المحيطة بنا من خارج متشابهة، فإنّ اختيارنا مهما تدعونا إليه تلك الأمور بأعيانها يبيّن أنّ القول بأنّ الأمور التي من خارج أسباب بالجملة ليس بصحيح. وذلك أنّه ليس من الضرورة إذا كانت الأمور التي من خارج متّفقة أن يختار الإنسان أبداً أشياء متّفقة، ولا يكون الفعل بلا سبب، وذلك أنّ الإنسان إذا كان فيه سبب هذا الفعل، أعني أنّه قادر على أن يروّي في الأشياء بصورة، ففيه الاقتدار على ألّا يختار أشياء متشابهة، وهو الذي نقوله ليس إنّما نضعه وضعاً دون قياس، وهو هو مصادرة يصادر عليها. وذلك أنّه إن يكن غرض للإنسان هو الذي يرمى إليه بعزيمته فقد كان من الواجب أن يكون يختار أبداً من أشياء واحدة بأعيانها شيئاً واحداً بعينه. فإذا كانت حالة واحدة بعينها وكان حافظاً الوجه المقصود الذي عنه كان تكون عزيمته سببه؛ ولأنّ الغايات التي بحسبها تكون العزيمة واختيار الأشياء التي تفعل — كثيرة، وذلك أنّ الذي هو النافع واللذيذ والجميل يصير داعينا، وهذه يخالف بعضها بعضاً، وليس كلّ الأشياء تحيط بحال متشابهة، صار الإنسان في كلّ واحد من هذه إذا عزم واختار مرّة بحسب الشيء اللذيذ، ومرّة بحسب الشيء الجميل، وأخرى بحسب النافع — فليس يفعل أبداً أشياء بأعيانها، ولا يختار أبداً أشياء بأعيانها. ولكن قد يظنّ بهذه أنّها في كلّ وقت تعين معونة كثيرة على الغرض المقصود. وقد يتخيّل — لما قلناه — القول الذي فعل التخيّل سبباً للأفعال، لأنّه ليس واحد يفعل شيئاً في وقت من الأوقات.