Alexander of Aphrodisias: Fī l-zamān (On Time)

Work

Alexander of Aphrodisias, Fī l-zamān (De Motu et Tempore)
English: On Time

Text information

Type: Translation (Arabic)
Translator: Ḥunayn ibn Isḥāq
Translated from: n/a (Close)
Date: between 820 and 870

Source

ʿAbd al-Raḥmān Badawī. Šurūḥ ʿalā Arisṭū mafqūdah fī l-yūnānīyah wa-rasāʾil uḫrā. Buḥūṯ wa-dirāsāt maʿhad al-ādāb al-šarqīyah 1. Beirut (Dār al-mašriq) 1971, 19-24

Download

alexaphrod_zaman-transl-ar1.xml [18.14 KB]

مقالة الإسكندر الأفروديسيّ في الزمان

بسم اللّه الرحمان الرحيم وصلّى اللّه على محمّد النبيّ الكريم وآله وسلّم

مقالة الإسكندر الافروديسيّ في الزمان ترجمة حنين بن إسحاق

قال: إنّه كما أنّ العبرة في أقاويل من خالفنا في المكان هو قول من زعم أنّه ذو ثلاثة أبعاد، فكذلك العبرة هو قول من زعم في الزمان أنّه ليس الفلك ولا حركته ولا عدد حركة الفلك. وقد تكلّمنا في غير هذا الموضع في الزمان كلاماً مطنباً؛ والآن فإنّا نتكلّم بإيجاز، ولعلّنا أن نذكر هاهنا أشياء لم نذكرها هناك، مع الاختصار.

فنقول: إنّ من زعم أنّ الزمان هو الفلك بعينه قول ركيك، أهل لأن يضحك بقائله، إذ كانت الأفلاك كثيرة في حال، وليست الأزمنة كثيرة في حال؛ وإذ كان في الزمان: ماضٍ وآتٍ، والأفلاك ليست كذلك. وقول من زعم أنّ الحركات، أعني حركات الفلك، هي الزمان، فإنّه يتبع ذلك القول في الضعف، لأنّ أجزاء الزمان إذا توهّمت كانت زماناً، وأجزاء الحركة المستديرة إذا توهّمت لم تكن حركة مستديرة. — وقول من زعم أنّ الزمان حركة بقول مبسوط غير واجب قبوله، لأنّ الحركة في المتحرّك وفي المكان الذي يتحرّك فيه المتحرّك. والزمان ليس هو في المتحرّك ولا في المكان الذي هو للمتحرّك، بل في هو كلّ مكان. وأيضاً فإنّ حركة قد تكون أسرع من حركة، لأنّ حركة الفلك الأعلى الذي لا يزول أسرع من حركة زحل، وحركة زحل بطيئة، وليس يكون السريع والبطيء في الزمان، بل في الحركة، وكذلك حركة فلك القمر أسرع من غيرها، والسريع

والبطيء إنّما هما محدودان في الزمان، إذ كانت الحركة السريعة هي التي تكون في زمان يسير، والحركة البطيئة التي تكون في الزمان كثير.

فأمّا من زعم أنّ الزمان ليس هو جميع ذلك، ولا عدد حركة الفلك، فإنّهم زعموا أنّه واحد يلقى الأشياء، قالوا: لأنّا لو توهّمنا الفلك واقفاً لكان وقوفه في زمان؛ وإذا كان وقوفه في زمان فحركته في زمان؛ وإذا كانت حركته في زمان فما تبع حركته من عددها في زمان.

وليس ما قالوا حقّاً لأنّا لو توهّمنا الفلك واقفاً لبطل زمان، وإذاً الزمان موجود — وهو الذي هو عدد حركة الفلك، فما يضرّ من الوهم بخلاف ذلك، فقد تتوهّم كرة القمر ماسّة لكرة الأرض، ولا يضرّ ذلك في كون وجهه عالياً عليها ومبايناً لها. ويسألون عن مائيّة ذلك الزمان ولأيّ شيء صار زماناً، بل ما البرهان على آنيّته؟ وهلّا توهّم ورآه زمان آخر هو غيره؟

وسنقول في الزمان على رأي الفيلسوف من غير أن نخالف شيئاً منه، فزعم أنّه بقول منطقيّ: عدد حركة الفلك المشرقيّة. ولغير ذلك فحدّه أنّه: مدّة تعدّها الحركة. ونقول إنّ العدد على ضربين: عدد يعدّ غيره وهو ما في النفس، وعدد يعدّ بغيره كأعيان الأشياء وأشخاصها في الدوابّ وغيرهم. والزمان ممّا يعدّ بغيره، أي بالحركة، لأنّه على حسب الحركة وقلّتها وكثرتها يكون، وعلى حسب العظم الذي تتحرّك عليه كذلك الحركة. فإذا كان للعظم أوّل وآخر، فالحركة التي عليه 〈لها〉 أوّل وآخر، وللزمان الذي هو عدد تلك الحركة أوّل وآخر. — وإنّما صار الزمان عدداً من أجل الأوّل والآخر الموجودين في الحركة، لأنّ العدد يقال فيه أوّل وآخر، لأنّ الواحد أوّل، وفي العدد آخر هو بعد الأوّل. فإذا توهّمنا الحركة توهّمنا الزمان؛ وكذلك اذا توهّمنا الزمان توهّمنا الحركة. وأيضاً فإنّا نعدّ النظير بنظيره فنقول: هذا العدد بمنزلة هذا العدد. فإذا كانت الحركة

كان الزمان بمقدارها، فكان عدداً لها من هذا الوجه. ونقول إنّ الزمان إنّما صار عدد حركة الفلك دون غيرها من الحركات لأنّه لا حركة أسرع منها. وإنّما يعدّ الشيء ويذرع ويكال بما هو أصغر منه، فنعدّ الأشياء الكثيرة بالواحد، ونمسح المسافات البعيدة بالذارع، ونكيل الأكوار بالقفيز وبما هو أصغر منه.

ونقول إنّ حركته لم تزل ولا تزال. وإنّما نقول في الزمان: عدد، وإن كان واحداً ملتئماً متّصلاً لأنّه بالوهم كثير، فإنّه إنّما تكون أزمنة بالقوّة والوهم، لا بالوجود والفعل. والشيء الملتئم كالعدد الطويل قد نقول إنّ مساحته كذا وكذا ذراعاً، إذا كان لم يقسّم بالفعل، وهذا حكم ما يعدّ غيره: قد يكون ملتئماً وإن كان عدداً. والعدد الذي في النفس — وهو العدد الذي لا يعدّ غيره — لا يكون إلّا مفترقاً. ونقول إنّه من الزمان ماضٍ 〈و〉منه آتٍ. والآن في الزمان بمنزلة النقطة للخطّ، إلّا أنّ الفرق بينهما أنّ النقطة في الخطّ بالفعل، والآن بالتوهّم لا بالفعل؛ وما بين الآنين زمان؛ والآن ليس بزمان، لأنّ أجزاء الزمان أزمنة، والآن لا ينقسم والآن إذا سال عمل زماناً. وإذا كان الزمان متّصلاً فإنّما ينقسم سنين وشهوراً وأيّاماً بالوهم، وكذلك تكون له آنات بالوهم؛ ولو كان منقسماً بالفعل لكان فيما بين أجزائه مدىً ليس بزمان. فالزمان واحد بالفعل، وإن انقسم بالقوّة. وليس يجوز أن يكون من آنات موضوعة بعضها إلى جنب بعض، ولكن الآن إذا سال عمل زماناً كما قلنا.

ونقول: إنّما يعلم الزمان بالحركة من أجل الأوّل والآخر اللذين يلزمان الحركة، لأنّا إذا توهّمنا أوّل الحركة وآخرها توهّمنا حينئذٍ الزمان الذي بينها، ولا يكون من الآنات زمان، كما لا يكون من النقط خطّ.

ونقول إنّ الحركة أيضاً تعدّ الزمان على حسب ما يعدّ الزمان الحركة. ونقول إنّ حركات سير الأفلاك مختلفة في السرعة، وحركات الفلك المشرقيّ، بغير شكّ، أسرعها، وهي على نظم وطقس. فعددها دون غيرها من حركات سائر

الأفلاك هو الزمان إذ كان الشيء إنّما يمسح ويعدّ بالأقلّ كما قلناه قبل هذا.

ونقول إنّه لو بطلت النفس التي تعدّ الحركات بطل الزمان. ولو بطلت النفس لم يتحرّك الفلك؛ ولو لم يتحرّك لبطلت الحركات كلّها، لأنّه علّة الحركات كلّها. فإن عرض شكّ لبعض الناظرين وقال: كيف يعدّ الزمان الحركة، وليست من جنسه؟ — قلنا: إنّ الزمان قد يعدّ الحركة وإن لم تكن الحركة من جنسه، كما يعدّ الذراع الخشبة وإن لم تكن الخشبة من جنسه. ونقول إنّ الزمان قد يعدّ كلّ حركة من نشوء وبلى وتغيّر، فإنّ تلك الحركات كلّها تعدّ، إلّا أنّها نشوء وبلى وتغيّر.

ونقول إنّ الزمان، مع أنّه عدد حركة، فهو أيضاً عدد سكون، لأنّا نقول إنّه يسكن يوماً أو ساعة، كما نقول ذلك في الحركات. فهو عدد سكون، على ما ذكرنا، كما أنّه عدد حركة. وذلك بيّن واضح.

ونقول إنّه ليس زمان أسرع ولا أبطأ من زمان، والعلّة في ذلك إنّما هو عدد حركة مستوية ذات طقس غير مختلفة، بل على شيء واحد أبداً، وهي حركة الفلك.

ونقول إنّ الحركات تختلف بالأشخاص والصورة، والزمان واحد غير مختلف، وهذا ما يتبيّن به أنّ الزمان ليس هو الحركة. والحركة إنّما تعرف بالمتحرّك، والمتحرّك هو الصانع لها، فكذلك الزمان إنّما يعرف بالآن، والآن هو الصانع له. وليس للزمان كون وإنّما الكون للآن، وكونه في الوهم، لا في ذات الزمان لأنّ جوهره واحد في ذاته. ولا يجوز عليه التغيّر ولا التبدّل، بل الأشياء كلّها هو المغيّر لها. وعن الحركة التي هو عددها [ان] يحدث الكون والفساد في أجزاء ما دون كرة القمر. ونقول إنّه إن لم يكن الآن لم يكن الزمان محدوداً، وإن لم يكن زمان لم تكن. وإذا كان الزمان إنّما يعرف بأنّ للحركة أوّلاً وآخراً وإلّا فإنّه ليس يعرف الزمان إلّا بالآن.

ونقول إنّ الأشياء كلّها في الزمان لأنّها تتحرّك وتسكن، والزمان عدد حركة وسكون، وما لا يتحرّك ولا يسكن فليس هو في زمان. ونقول مع ذلك إنّ الأشياء الأزليّة لا تكون من الزمان شيئاً لأنّها لا تهرم في الزمان لأنّها ليست فيه ولا داخلة تحته؛ وإنّما تهرم الأشياء الواقعة تحت الزمان.

وليس ينبغي أن يتوهّم علينا متوهّم اذا قلنا إنّ الزمان عدد سكون كما أنّه عدد حركة، إذ يجب علينا أن 〈نقول إنّ〉 قطر الكلّ ساكن، وإنّ المراكز ساكنة فيجب أن يكون في زمان؛ فلسنا نزعم أنّ كلّ ما ليس بمتحرّك هو في زمان، إذ كان السكون عندنا ليس هو الذي يتحرّك فقط ولا يتحرّك، بل هو الذي له بطبيعته أن يتحرّك. وإنّما عرض له أن يسكن وهو الذي قلناه هاهنا وإذ كانت الأقطاب والمراكز نقول إنّها لا تتحرّك، فليس نقول إنّها ساكنة لأنّه ليس في طبعها التحرّك؛ فليس يجب إذن أن تكون في زمان.

ونقول إنّ الفليسوف يزعم أنّ الزمان ليس بفاعل لبلى ما يبلى، بل إنّما يعرض البلى ويكون فيه. وإذا كان قد تقدّم فقال إنّ كلّ ما يبلى إنّما يبلى من ضدّه، وليس للزمان ضدّ ولا هو بضدّ لشيء من الأشياء لأنّه ليس للزمان كيفيّة، وما لا كيفيّة له فلا ضدّ له. وأيضاً فإنّ الزمان مقارن لجميع الأكوان، وليس يكون شيء من الأشياء مقارناً لضدّه. والفليسوف يزعم أنّ الزمان يعدّ الحركة بأنّها حركة، ولا يعدّها من أجل الشيء الذي اختصّت به، إذ الزمان يعدّ حركة النشوء لأنّها نشوء، ويعدّ التغيّر لأنّه تغيّر، بل بأنّه حركة، فهو يعدّ كلّ حركة بمعنى أنّ كلّ صنف من أصناف الحركات كأنّها بعد من الأبعاد، فهو يعدّها بالأمر المشترك الذي هو لها، لا بالشيء الذي اختصّت 〈به〉 الحركات.

ونقول إنّ الحركة أيضاً قد تعدّ الزمان لأنّ اليوم إنّما عدّ من حركة الفلك أربعاً وعشرين ساعة، ثمّ يعدّ لهذه الساعات على التضاعيف سائر الزمان الكثير.

ويقول الفيلسوف إنّ البرهان على أنّ الزمان ليس بذي كون ولا ابتداء ولا انتهاء 〈هو أنّ الكون〉 إنّما يكون في زمان، لأنّ قولنا: كان، ويكون، وكائن، ولم يكن — من أجل الزمان؛ وكذلك قولنا قبل وبعد ومتى وما أشبه ذلك. فإن قال قائل: إنّ هذا الزمان لم يكن قبل إذ هو كائن، أو لا يكون بعد إذ هو كائن — فقد أوجب أنّ قبل الزمان زماناً، وأنّ بعد آخر الزمان زماناً؛ ولو لم يكن القبل، والبعد، وكان، ولم يكن — يقتضي زماناً لم تكن الساعة واليوم والشهر تقتضي زماناً؛ والزمان في نفسه واحد؛ وإنّما يتكثّر عندنا في الوهم على حسب ما نقدره ونتوهّمه. وكذلك نقول إنّه كان ويكون إنّما هو على توهّمنا، فأمّا في نفسه فهو واحد دائم متّصل على حال واحدة.

[تمّت مقالة الإسكندر في الزمان — بحمد اللّه وعونه وصلواته على محمّد وآله وسلّم]