مقالة من كلام المعلّم الأوّل أرسطاطاليس في الرؤيا

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قال الرؤيا حركة للبقايا التي بقيت من المحسوسات، يعني أنّ القوّة المتخيّلة إذا انفردت بنفسها فارغة في حال النوم فإنّها تعود إلى ما عندها من المحسوسات فتركّب بعضها على بعض وتفصّل بعضها عن بعض وتحاكى المعقولات والقوّة الغاذية والنزوعيّة وما يصادف البدن من المزاج، فإن صادفه رطباً حاكت الرطوبة كالمياه والسباحة وإن صادفه يابساً حاكت اليبوسة.

وربّما حاكت القوّة النزوعيّة بأفعال الجماع فينهض أعضاؤه للاستعداد نحو فعله، وتحاكي القوّة الناطقة بما يحصل فيها من المعقولات التي في نهاية الكمال كالسبب الأوّل والأشياء والمفارقة للمادّة.

ومتى قويت المتخيّلة في شخص لا يستوي عليه المحسوسات فكان حاله في اليقظة كحاله في النوم فإنّه يعود ويرسم رسوماً في المشترك وانفعلت عنها القوّة الباصرة فيحصل رسومها في الهواء الواصل للبصر، ثمّ يعود فيرسم في القوّة المتخيّلة ويصير كالمتّحد بالعقل الفعّال فيرى أشياء عظاماً عجيبة.

فإنّ النفس إذا تحرّكت نحو أفقها الأعلى بحسب نظرها الإلاهىّ وتجرّدت عن الحواسّ رأت الأشياء البسيطة الروحانيّة، وإذا تحرّكت نحو أفقها الأولى بحسب نظرها الطبيعيّ فإنّها تتصفّح الأشياء الجزئيّة التي استعدّت لها من المحسوسات