Aristotle: Analytica priora (Prior Analytics)

Work

Aristotle, Analytica priora (Ἀναλυτικὰ πρότερα)
English: Prior Analytics

Text information

Type: Translation (Arabic)
Translator: Taḏārī ibn Basīl Aḫī Iṣṭifān
Translated from: n/a (Close)
Date: between 825 and 875

Source

ʿAbd al-Raḥmān Badawī. Manṭiq Arisṭū, al-ǧuzʾ al-awwal. Dirāsāt islāmīyah 7/1. Cairo (Maṭbaʿat Dār al-kutub al-miṣrīyah) 1948, 103-306

Download

arist_analytpriora-transl-ar1.xml [357.87 KB]

بسم الله الرحمن الرحيم

أنولوطيقا الأولى، نقل تذارى

المقالة الأولى

〈نظرية القياس〉

١

〈المقدمة. الحد. القياس وأنواعه. مقالة الكل واللاشىء〉

إن أول ما ينبغى أن نذكر هو الشىء الذى عنه فحصنا هاهنا والغرض الذى إليه قصدنا. فأما الشىء الذى عنه نفحص فهو البرهان، وغرضنا العلم البرهانى.

ومن بعد ذلك فلنبين ما المقدمة، وما الحد، وما السلوجسموس، وأى السلوجسموسات كامل، وأيها غير كامل.

ومن بعد ذلك: ما المحمول على كل الشىء، أو ليس بمحمول على شىء منه. فالمقدمة هى قول موجب شيئا لشىء، أو سالب شيئا عن شىء. وهى إما كلية، وإما جزئية، وإما مهملة. وأعنى بالكلى ما قيل على كل الشىء

أو لم يقل على واحد منه. والجزئى ما قيل على بعض الشىء، أو لم يقل على بعضه، أو لم يقل على كل الشىء. والمهمل ما قيل على الشىء أو لم يقل عليه بعد أن لا يذكر الكل ولا البعض. وذلك كقولك إن علم الأضداد واحد، وكقولك إن اللذة ليست خيرا.

والفرق بين المقدمة الأفودقطيقية وهى البرهانية، وبين المقدمة الديالقطيقية وهى الجدلية، أن البرهانية هى أحد جزئى التناقض، لأن المبرهن ليس يقصد للجدل، وانما يقصد لإثبات الحق. وأن الجدلية هى مسئلة عن جزئى التناقض. وليس بين المقدمة البرهانية والمقدمة الجدلية فرق فى أنه

قد يكون من صنف كل واحد منهما سليجسموس. وذلك لأن المبرهن والسائل قد يقيس كل واحد منهما إذا أخذ شيئا مقولا، على شىء أو غير مقول، فيكون إذاً على نحو ما قلنا المقدمة القياسية فى الجملة موجبة شيئا لشىء أو سالبة شيئا عن شىء. وتكون المقدمة البرهانية التى هى حق مأخوذةً من الأوائل، وتكون المقدمة الجدلية أما للسائل فمسئلة عن جزئى التناقض؛ وأما للقائس فاستعمال الرأى المحمود كما قد بين فى كتاب «طوبيقا»، وهو كتاب صناعة الجدل. وسنقول فيما نستأنف من القول ما المقدمة، وما الفرق بين المقدمة القياسية والمقدمة البرهانية والمقدمة

الجدلية، ونستقصى القول فى ذلك. وأما على حسب الحاجة فى هذا الوقت فقد نكتفى بما قلنا من ذا.

فالذى نسميه الحد هو ما إليه تنحل المقدمة، وذلك كالمقول. والذى يقال عليه المقول إما بزيادة ولا توجد، أو بانقسام يوجد ولا يوجد.

فأما القياس فهو قول إذا وضعت فيه أشياء أكثر من واحد لزم شىء ما آخر من الاضطرار لوجود تلك الأشياء الموضوعة بذاتها.

وأعنى: «بذاتها» أن تكون لا تحتاج فى وجوب ما يجب عن المقدمات التى ألف منها القياس إلى شىء آخر غير تلك المقدمات.

والقياس الكامل هو القياس الذى ليس يحتاج فى بيان ما يجب عن مقدماته إلى استعمال شىء غيرها. والذى ليس بكامل هو الذى يحتاج فى بيان ما يجب عن مقدماته إلى استعمال شىء واحد أو أشياء مما هو واجب عن المقدمات التى ألف منها، غير أنها لم تكن استعملت فى المقدمة.

وإنما يقال إن الشىء مقول على الكل إذا لم يوجد من كل الموضوعة شىء لا يقال هذا عليه. وكذلك القول فيما لا يقال على شىء منه.

٢

〈عكس القضايا المطلقة〉

وكل مقدمة إما أن تكون مطلقة وإما اضطرارية وإما ممكنة. وكل واحدة من هذه إما أن تكون موجبة وإما سالبة. فالموجبة والسالبة كل واحدة منها إما أن تكون كلية وإما جزئية وإما مهملة.

ومن المقدمات المطلقة — فإن السالبة الكلية تنعكس بحدودها وكهيئتها لا محالة. فإنه إن كان لا شىء من اللذة خير، فلا شىء من الخير لذة. فأما الموجبة الكلية فإنها تنعكس أيضا لا محالة، غير أنها لا تنعكس كهيئتها كلية، ولكن جزئية. فإنه إن كان: كل لذة خير، فإن بعض الخير لذة.

فأما المقدمات الجزئية فإن الموجبة منها تنعكس لا محالة جزئيةً، لأنه إن كان بعض اللذة خيرا، فبعض الخير لذة. وأما السالبة منها فليس لها انعكاس لا محالة، لأنه إن كان بعض الحيوان ليس بإنسان، فليس يكون بعض الناس ليس بحيوان. فلتكن أولاً السالبة الكلية مقدمة ا (فرس) ٮ (إنسان)؛ فإن كان لا شىء من ا (إنسان) ٮ (فرس) فلا شىء من ا ٮ، لأنه إن كان بعض ا (فرس) ٮ (إنسان) وكان ذلك البعض مثلا حـ (الناس)،

فإنه ليس بحق أن يقال إنه لا شىء من ٮ ا لأن حـ هى بعض ا. وإن كانت كل ٮ ا فإن بعض ا ٮ، لأنه إن كان لا شىء من ا ٮ، فإنه لا شىء من ب ا، وقد كان الموضوع أن كل ٮ ا. وكذلك إن كانت المقدمة جزئية، لأنه إن كان بعض ٮ ا فإن بعض ا ب لا محالة، لأنه إن كان لا شىء من ا ٮ فلا شىء من ٮ ا. فإن كان بعض ٮ ليس ا فليس بالضرورة أن بعض ا ليس ٮ. كما أنه إن كان فى موضع ٮ: «حى»، وفى موضع ا: «إنسان»، فإنه: ليس كل حى إنساناً، وكل إنسان حى.

٣

〈عكس القضايا ذوات الجهة〉

وكذلك يعرض فى المقدمات الاضطرارية، لأن الكلية السالبة تنعكس كلية. فأما الموجبتان فكل واحدة منهما تنعكس جزئية، لأنه إن كان باضطرار: لا شىء من ٮ ا فباضطرار: لا شىء من ا ٮ — لأنه إن جاز أن يكون بعض ا ٮ فقد يجوز أن يكون بعض ٮ ا. وإن كان باضطرار أن كل ٮ ا أو بعضها ا، فباضطرار بعض ا ٮ، لأنه إن كان بعض ا ٮ بلا اضطرار، فإن بعض ٮ ا بلا اضطرار.

وأما السالبة الجزئية فلا تنعكس للعلة التى ذكرنا فيما تقدم.

فأما المقدمات الممكنة فلأن الممكن يقال على ضروب كثيرة: على الاضطرارى وعلى المطلق. وما هو فى باب الإمكان تكون المقدمات الموجبة فى جميع هذه الضروب التى يقال عليها الممكن تنعكس انعكاسا واحدا على مثال ما وصفنا، لأنه إن كان كل ٮ 〈هو〉 ا أو بعض ٮ 〈هو〉 ا بالإمكان، فإن بعض ا ٮ بإمكان، لأنه إن كان لا شىء من ا 〈هو〉 ٮ، ولا شىء من ٮ 〈هو〉 ا: وقد تبين ذلك فيما تقدم.

فأما السالبات فليس انعكاسها على مثال ما تقدم. ولكن كل ما يقال إنه ممكن — مما هو باضطرار ليس بموجود أو مما هو بالإطلاق ليس بموجود — فإنه ينعكس على ما تقدم؛ مثل أنه إن قال قائل: ممكن ألا يكون أحد من الناس فرساً؛ أو قال: يمكن ألا يكون شىء من الثياب أبيض — فإن أحد هذين القولين باضطرار ليس بموجود. وأما الآخر فبالاضطرار وعلى نحو

ما تقدم تنعكس المقدمة، لأنه إن كان يمكن ألا يكون واحد من الناس فرسا فممكن ألا يكون واحد من الخيل إنسانا. وإن كان يمكن ألا يكون شىء من البيض ثوبا، فإنه بالضرورة يكون بعض الثياب أبيض: وقد تبين ذلك مما تقدم.

فأما الجزئية السالبة فإن حالها فى الانعكاس على نحو ما وصف فيما تقدم. وأما ما يقال من الممكن على جهة الأكثر فى الأشياء الطبيعية على نحو تحديد الممكن فإنه لا ينعكس فى المقدمات السالبة على نحو ما تقدم، ولكن المقدمة الكلية لا تنعكس. وأما الجزئية فتنعكس. وسيتبين ذلك إذا نحن تكلمنا فى الممكن. وأما الآن فليكن الذى نبين مع ما قد قيل: إن قول القائل ممكن ألا يكون هذا فى شىء من ذلك ويمكن ألا يكون فى بعضه هو قول موجب. وذلك لأن قولك «ممكن» فى شكل قولك: «يوجد». وكل قول يضاف إليه: «يوجد»، فإنه موجب لا محالة: كقولك يوجد ليس بخير أو يوجد ليس بأبيض، وفى الجملة يوجد لا هذا. ونبين ذلك فيما نستأنف. وأما فى الانعكاس فهن شبيهات بتلك الأخر.

٤

〈القياس الحملى من الشكل الأول〉

فإذ قد حددت هذه الأشياء، فلنقل بأى، ومتى، وكيف يكون كل قياس. وبعد ذلك ينبغى أن نتكلم فى البرهان، لأن الكلام فى القياس أولى بأن يقدم من أجل أن القياس أعم من البرهان، لأن البرهان هو قياس ما، وليس كل قياس برهاناً.

فإذا ما كانت الحدود الثلاثة مرتبةً بعضها مع بعض على هذه الصفة، وهو أن يكون كل الأخير موجودا فى كل الأوسط، وكل الأوسط موجودا فى كل الأول أوغير موجود فى شىء منه، فمن الاضطرار أن يكون حينئذ من الرأسين قياس كامل، وأعنى بالأوسط الذى هو فى شىء وفيه شىء آخر، وهو فى المرتبة أيضا أوسط. والرأسان أحدهما فى شىء والآخر فيه شىء. ومثال ذلك أن ا إن كانت مقولة على كل ٮ وكانت ٮ تقال على كل حـ، فمن الاضطرار أن تقال ا على كل حـ. وقد وصفنا ما يقال على كل الشىء فيما تقدم.

وأيضا إن كانت ا غير مقولة على كل شىء من ٮ وكانت ٮ تقال على كل حـ، فإن ا لا تقال على شىء من حـ.

فإن كان الأول فى كل شىء من الأوسط، والأوسط لا فى شىء من الأخير، فليس يكون من الرأسين قياس، لأنه لا يؤلف منها شىء باضطرار. وذلك أن الأول ممكن أن يكون موجوداً فى كل الأخير وغير موجود فى شىء من الأخير، فليس يكون منهما قياس باضطرار، لا جزئى ولا كلى. فحدود الموجود فى الكل: الحى والإنسان والفرس؛ وحدود ما ليس بموجود فى شىء: الحى والإنسان والحجر. فالحياة فى كل إنسان، والإنسانية لا فى شىء من الخيل، والحياة موجودة فى كل الخيل؛ وأيضا الحياة فى كل إنسان، والإنسية لا فى شىء من الحجارة، فالحياة غير موجودة فى شىء من الحجارة. وكذلك إذا لم يوجد الأول فى شىء من الأوسط، ولا الأوسط فى شىء من الأخير، لا يكون قياس. فحدود الموجود فى الكل: النطق والفرس والإنسان، وما ليس بموجود: النطق والفرس والحمار. فإذا كانت الحدود كلية فى هذا الشكل الأول فقد بينا متى يكون قياس، ومتى لا يكون. وإذا وجد قياس، فمن الاضطرار أن توجد الحدود على ما وصفنا. وإذا وجدت الحدود على ما وصفنا، وجد القياس.

وأما إذا وجد أحد الحدود كلياً والآخر جزئياً، وكان الكلى هو الرأس الكبير: موجباً كان ذلك أو سالبا، وكان الجزئى هو الرأس الصغير وكان موجبا، فمن الاضطرار أن يكون قياس كامل. وأما إذا كان الكلى هو الصغير أو وجدت الحدود على غير ما وصفنا كائناً ما كان، فليس يمكن أن يكون قياس. والرأس الكبير هو المقول على الأوسط، والصغير هو المقول عليه الأوسط. ومثال ذلك أن ا موجودة فى كل ٮ، وٮ فى بعض حـ. فإن كان ما قيل أولا فى الحدود الكلية جائزا، فمن الاضطرار أن تكون ا موجودة لبعض حـ. وأيضا إن لم تكن ا موجودة فى شىء من ٮ وكانت ٮ موجودة فى بعض حـ، فمن الاضطرار أن تكون ا غير مقولة على بعض حـ.

وقد حد القول فيما لا يقال على شىء، فيكون هذا إذاً قياسا كاملا. — وعلى هذا المثال أيضا إن كانت ٮ حـ مهملة غير محدودة

وكانت موجبة، لأن القياس فى الجزئية والمهملة واحد: وذلك أنه إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، وكانت ٮ فى حـ وغير محدودة، فإن ا فى حـ وغير محدودة. — وأيضا إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وكانت ٮ فى حـ وغير محدودة، فإن ا لا فى حـ وغير محدودة. فالقياس إذا سواء استعملت غير المحدودة أو الجزئية.

فـأما إذا كان الحد الكلى هو الرأس الصغير: موجباً كان أو سالباً، وكان الرأس الأخير غير محدود أو جزئياً: سالباً كان أو موجباً، فليس يكون قياس. ومثال ذلك أن ا موجودة فى بعض ٮ، وٮ فى كل حـ، فحدود الموجود فى الكل: الخير والقنية والحكمة، وما ليس بموجود فى شىء: الخير والقنية والجهل. وأيضا إن كانت ٮ غير موجودة لشىء من حـ و ا موجودة لبعض ٮ أو غير موجودة للبعض أو غير موجودة للكل، فلن يكون من ذلك قياس. فحدود الموجود: الأبيض والفرس وققنس، وما ليس بموجود: الأبيض والفرس والغراب. وكذلك إذا كانت ا ٮ غير محدودة.

لا ولا يكون القياس إذا كان الحد الكلى هو الرأس الكبير: موجباً كان أو سالبا، وكان الرأس الصغير سالباً جزئياً، ¬— كأن الشىء لا يوجد فيه الحد الأوسط: فقد يوجد فى جميعه الحد الأكبر ولا يوجد فى شىء منه. ومثال ذلك أن ا موجودة فى كل ٮ، وٮ غير موجودة لبعض حـ أو غير موجودة لكل حـ، فحدود ذلك: الحى والإنسان والبياض. ثم المأخوذ من البياض ما لا يقال عليه الإنسان؛ فليكن ذلك ققنوس والثلج. فالحى مقول على كل هذا، وغير مقول على شىء من ذلك، فلن يكون إذا قياس. — وأيضا ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ غير موجودة فى بعض حـ، فحدود ذلك: غير النامى والإنسان والأبيض. ثم ليؤخذ من الأبيض ما لا يقال عليه الإنسان مثل ققنوس والثلج، فيصير غير النامى مقولاً على كل هذا وغير مقول على شىء من ذلك؛ فلذلك لا يكون قياس. — ولأن الواضعة أن ٮ ليست بموجودة لبعض حـ، فهى غير محدودة، لأنه جائز أن تكون التى ليست بموجودة لبعض ليست بموجودة لشىء بتةً، أو ليست بموجودة لكله. وقد تبين فيما تقدم من القول أنه إذا كانت حدود كهذه الحدود ووضعت أنها ليست بموجودة لشىء منه، فلن يكون قياس. فبين أنه إذا

كانت الحدود على هذه الصفة لم يكن قياس أيضاً. — وقد يستدل على ذلك الذى تقدم من هذه: أنه لا يكون قياس وإن كان السالب كليا.

وأيضا إذا كان كلتا المقدمتين جزئتين: موجبتين كانتا أو سالبتين، أو إحداهما موجبة والأخرى سالبة، أو كانت إحدى المقدمتين جزئية والأخرى غير محدودة، أو كانتا جميعا غيرمحدودتين، فلن يكون قياس ألبتة. فالحدود العامة لجميعها: أما لما هو موجود فى الكل: فالحى والأبيض والإنسان؛ وأما لما ليس هو موجوداً فى شىء: فالحى والأبيض والحجر.

فقد استبان أن جميع ما يوجد فى هذا الشكل من القياسات كاملة، لأن جميعها تبين من المقدمات المأخوذة فى القياس، وهى تلك المأخوذة فى البدء. وقد تظهر فى هذا الشكل القضايا كلها: وهى: الكل، ولا واحد، والبعض، ولا كل. فإنا نسمى ما كان كذك الشكل الأول.

٥

الشكل الثانى

وإذا كان شىء واحد بعينه مقولا على شىء بكليته وغير مقول على آخر ألبتة، أو مقولاً على كل شىء من كل واحد منهما، فإنى أسمى ما كان مثل هذا الشكل الثانى، وأسمى القول على كليهما: الأوسط، واللذين يقال هذا

عليهما: الرأسين، وأفرض الكبير من الرأسين الموضوع عند الأوسط، والصغير البعيد من الأوسط، والأوسط متقدما فى الموضع على الرأسين. وليس يكون فى هذا الشكل قياس كامل ألبتة؛ وقد يوجد فيه القياس إذا كانت الحدود كلية، وإذا كانت غير كلية.

فأما إذا كانت كلية، فإن القياس إنما يوجد إذا كان الأوسط فى كل أحد الرأسين: أيهما كان، ولا فى شىء من الرأس الآخر. فأما وجود القياس والحدود كلية على غير هذا فلن يكون. ومثال ذلك أن ٮ ليست موجودةً فى شىء من ا وموجودة فى كل شىء من حـ، فليست ا فى شىء من حـ. ومن أجل أن ٮ مفروضة ليست فى شىء من ا والسالب الكلى يتكافأ فى الرجوع، فليست ا فى شىء من ٮ، وٮ مفروضة فى كل شىء من حـ، فليس ا فى شىء من حـ. وقد وضح هذا بما قدمناه من القول فى الشكل الأول. وأيضا إن كانت ٮ موجودة فى كل شىء من ا وغير موجودة فى شىء من حـ، فإن حـ غير موجودة فى شىء من ا لأن حـ غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ موجودة فى كل ا. فليس حـ فى شىء من ا، وقد رجع هذا أيضا إلى الشكل الأول. ولأن السالب الكلى

قد يتكافأ، فتصير ا غير موجودة فى شىء من حـ. فيكون هذا القياس هو الذى قبله بعينه.

〈ومن الممكن أيضاً برهنة هذه النتائج بالرفع الى المحا〉.

فقد تبين أن القياس موجود إذا كانت الحدود على ما قلت. ولكنه ليس بكامل لأنه لا يتم بالمفروضة فى البدء، ولكن بآخر يوجد باضطرار من الآتى فى البدء. فإن قيلت ٮ على كل شىء من ا ومن حـ، فلن يكون قياس. فحدود الموجود: الجوهر والحى والإنسان — وغير الموجود: الجوهر والحى والحجر؛ والأوسط منهما الجوهر. — وكذلك لا يكون قياس إذا لم تكن ٮ مقولة على شىء من ا، ولا من حـ. فحدود الموجود: الخط والحى والإنسان — وغير الموجود: الخط والحى والحجر. فقد وضح أنه إذا كانت الحدود كلية ووجد القياس، فمن الاضطرار أن تكون الحدود على ما وصفنا. وإن كانت الحدود على غير ما وصفنا لم يكن قياس باضطرار.

فأما إذا كان الأوسط كلياً عند الرأس الكبير منهما: موجباً كان ذلك أو سالبا، وكان الصغير جزئيا، وكان أيضا مخالفاً للكبير فى شكله (أعنى إن كان الكبير موجبا، كان الصغير سالباً، وإن كان الكبير سالباً كان الصغير موجباً) فمن الاضطرار أن يكون قياس جزئى. مثال ذلك أنه إن كانت ٮ غير موجوده فى شىء من ا، وموجودة فى بعض حـ، فمن الاضطرار أن تكون ا غير موجودة فى بعض حـ، لأن

ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ فى بعض حـ، فلن يوجد ا فى بعض حـ: فرجع هذا القياس أيضا إلى الشكل الأول.

وأيضا إن كانت ٮ موجودةً فى كل شىء من ا وغير موجودة فى بعض حـ، فمن الاضطرار أن تكون ا غير موجودة فى بعض حـ. فإن لم يكن كذلك فلتكن إذاً ا موجودة فى كل حـ، وقد فرضت ٮ موجودةً فى كل ا. فقد وجب إذاً أن تكون ٮ موجودة فى كل حـ، وقد كان فرض أن ٮ غير موجودة فى بعض حـ. وأيضا إن كانت ٮ موجودةً فى كل ا وغير موجودة فى كل حـ فقد يكون قياس أن ا غير موجودة فى كل حـ. والبرهان على ذلك مثل الذى قبله. فإن كانت ٮ غير موجودة فى كل ا وموجودةً فى كل حـ، لم يكن قياس. فحدود الموجود: الحى والجوهر والغراب — وحدود غير الموجود: الحى والأبيض والغراب. ولن يكون القياس أيضاً إذا كانت ٮ موجودة فى بعض ا غير موجودة فى شىء من حـ. فحدود الموجود: الحى والجوهر والحجر — وحدود غير الموجود: الحى والجوهر والعلم.

وأما إذا كان الكلى من الرأسين مخالفاً الجزئى فى شكله، فقد تبين متى يكون قياس، ومتى لا يكون. فأما إذا كانا متشابهين فى الشكل، وذلك أن يكونا جميعاً سالبين أو موجبين، فلن يكون قياس ألبتة. فليكونا أولاً سالبين،

وليكن الكلى هو الرأس الكبير، فتكون ٮ غير مودجودة فى شىء من ا وغير موجودة فى بعض حـ، فلن يكون قياس، لأنه قد يستطاع أن تكون ا موجودة فى كل حـ وغير موجودة فى شىء منها. فحدود غير الموجود: الأسود والثلج والحى، وأما حدود الموجود فى كل فلن يوجد، إذ صارت ٮ غير موجودة فى بعض حـ. وقد يجوز أن يوجد فى بعض. ولو كانت ا توجد فى كل حـ وقد فرضت ٮ غير موجودة فى شىء من ا لكانت ٮ غير موجودة فى شىء من حـ، ولكن ٮ قد يجوز — إذ كانت ٮ مفروضة غير موجودة فى بعض حـ — أن تكون موجودة فى بعض حـ، وألا تكون موجودة فى شىء منها. فلن يستطاع أن يؤتى بحدود الموجود فى كل، ولكن يعرف أنه لا يكون قياس من قبل أنها غير محدودة، لأنه قد يجوز أن تكون ٮ موجودة فى بعض حـ وغير موجودة فى شىء منها. وهى إذا لم تكن فى شىء منها لم يكن قياس. فبين أنه لا يكون الآن أيضا قياس باضطرار.

فليكونا موجبتين وليكن الكلى هو الرأس الكبير أيضا فتكون ٮ موجودة فى بعض حـ فلن يكون قياس، لأنه يستطاع أن تكون ا موجودة فى كل حـ وغير موجودة فى شىء منها. فحدود غير الموجود: البياض وققنس والحجر. فأما الموجود فى كل شىء فلا سبيل الى أن يؤتى بها للسبب الذى ذكرنا بعينه. ولكن يستبين ذلك من أنها غير محدودة. فإن كان الكلى هو الرأس الصغير وكانت ٮ غير موجودة فى شىء من حـ وغير موجودة فى بعض ا، فقد يستطاع أن يوجد ا فى كل حـ وألا يوجد فى شىء منها. فحدود الموجود: الأبيض والحى والغراب؛ وما ليس بموجود: الأبيض والحجر والغراب. — وكذلك لا يكون قياس إذا كان الرأسان موجبين، فحدود الموجود: الأبيض والحى والققنس، وما ليس بموجود: الأبيض والحى والثلج.

فقد وضح أنه إذا كانت المقدمتان متشابهتين فى هذا الشكل وكانت إحداهما كلية والأخرى جزئية، أنه لا يكون قياس ألبتة؛ لا ولا يكون أيضا إذا كانت الأوسط موجوداً فى البعض فى كل واحد من الرأسين أو غيرموجود فى البعض من كل واحد منهما، أو موجوداً فى البعض من أحدهما وغير موجود فى بعض الآخر أو غير محدود. وحدود الموجود العامة فى كلها: الأبيض والحى والإنسان — وحدود غير الموجود: الأبيض والحى وغير النامى.

فقد وضح مما قلنا أنه إن وجد القياس فمن الاضطرار أن توجد الحدود على ما وصفنا. وإن وجد فى الحدود كذلك فمن الاضطرار أن يكون قياس. وقد عرف أن كل قياس يكون فى هذا الشكل فهو غير كامل، وإنما يكمل إذا ألحق فيها أشياء: إما مما يوجد باضطرار من الحدود الموضوعة، وإما من شريطة توضع عند استعمال البرهان على جهة الخلف. وقد عرف أنه لا يكون فى هذا الشكل قياس موجب، ولكن كلها سالبة: الكلية منها والجزئية. [انقضى الشكل الثانى].

٦

〈الشكل الثالث〉

فإن كانا جميعا مقولين على شىء واحد بعينه أحدهما موجود فى كله والآخر غير موجود فى شىء منه، أو كلاهما موجودين فى كله أو غير موجودين فى شىء منه، فإنى أسمى هذا الشكل الثالث. — والأوسط هو الذى يقالان عليه؛ والرأسان 〈هما〉 المقولان؛ والكبير منهما أبعد من الأوسط، والصغير أقربهما منه، والأوسط يوضع خارجاً من الرأسين أخيراً فى الوضع. — وليس يكون فى هذا الشكل أيضا قياس كامل؛ وقد يمكن أن يكون فيه قياس إذا ما كانت الحدود عند الأوسط كليةً أو غير كلية.

فإذا كانت كلية وكانت ا و حـ موجودتين فى كل ٮ، فمن الاضطرار أن تكون ا فى بعض حـ، لأن الموجب قد يرجع، فتكون ٮ موجودة فى بعض حـ — وقد كانت ا موجودة فى كل ٮ، فمن الاضطرار أن تكون ا موجودة فى بعض حـ؛ وقد صار القياس بنحو الشكل الأول. وقد نقدر على إثبات هذا برفع الكلام إلى ما لا يمكن، وبما نضع. فإنهما إذا كانتا موجودتين فى كل ٮ وأخذ بعض ٮ وهو حـ، فإن ا و حـ موجودتان فيه. فقد صارت ا موجودة فى بعض حـ.

وإن كانت حـ موجودة فى كل ٮ و ا غير موجودة فى شىء منها، فإنه قد يكون قياس أن ا غير موجودة فى بعض حـ اضطراراً. وقد يبين ذلك إذا قلبت مقدمة حـ ٮ. ويستبين ذلك أيضا برفع الكلام الى ما لا يمكن، بمنزلة ذلك الأول.

فأما إن كانت حـ غير موجودة فى شىء من ٮ و ا موجودة فى كل شىء منها، فلن يكون حينئذ قياس. فحدود الموجود فى الكل: الحى والفرس والإنسان — وما ليس بموجود فى شىء: الحى وغير النامى

والإنسان. وكذلك أيضا إذا كانتا غير موجودتين فى شىء من ٮ فإنه لا يكون قياس. فحدود الموجود: الحى والفرس وغير النامى — وما ليس بموجود: الإنسان والفرس وغير النامى. والأوسط منها غير النامى.

فقد وضح أيضا فى هذا الشكل متى يكون القياس، ومتى لا يكون إذا كانت الحدود كلية. لأنه إذا كان كلا الرأسين موجبين فإنه قد يكون قياس، إذ الرأس الأول موجود فى بعض الرأس الأخير؛ فأما إذا كانا سالبين، فلا يكون قياس. وإذا كان أحدهما سالباً والآخر موجبا وكان الكبير منهما هو السالب، فقد يكون قياس أن الرأس الأول ليس بموجود فى بعض الرأس الأخير. فإن كان على خلاف ذلك لم يكن قياس. فإذا كان أحدهما كليا عند الأوسط — أيهما كان — والآخر جزئيا، وكانا كلاهما موجبين، فمن الاضطرار أن يكون قياس. وذلك إن كانت حـ موجودة فى كل ٮ وا موجودة فى بعضها، فمن الاضطرار أن يكون ا فى بعض حـ، لأنه قد يرجع الموجب؛ فتكون ٮ موجودة فى بعض ا وقد كانت حـ موجودة فى كل ٮ، فتكون حـ فى بعض ا فـ ا إذاً موجودة فى بعض حـ. وأيضا إن كانت حـ موجودة فى بعض ٮ وكانت ا موجودة فى كل شىء من ٮ، فمن الاضطرار أن تكون ا موجودة فى بعض حـ. وبيان ذلك هو بيان الذى قبله بعينه. وقد يستبين ذلك أيضا برفع الكلام إلى ما لا يمكن وبالوضع على ما بينا فيما تقدم.

فأما إذا كان أحدهما موجباً والآخر سالبا وكان الموجب منهما هو الكلى، فإن كان الصغير منهما هو الموجب، فكيون قياس. وذلك إن كانت حـ موجودة فى كل ٮ وكانت ا غير موجودة فى بعضها، فمن الاضطرار أن تكون ا غير موجودة فى بعض حـ. فإن لم يكن ذلك كذلك، فلتكن موجودة فى كل شىء منها و حـ موجودة فى كل ٮ، فـ ا إذاً موجودة فى كل ٮ، وليست كذلك. وقد يستبين ذلك من غير رفع الكلام إلى الإحالة إذا أخذ شىء هو بعض ٮ مما لا يوجد فى ا.

فإن كان الكبير منهما هو الموجب فلن يكن قياس. وذلك إن كانت ا موجودة فى كل ٮ و حـ غير موجودة فى بعضها، فلن يكون قياس. فحدود الموجود فى كل: النامى والإنسان والحى. وأما حدود غير الموجود فى شىء فلا سبيل إلى أن توجد، إذ صارت حـ قد توجد فى بعض ٮ ولا توجد فى بعض. وإذا كانت ا موجودة فى كل ٮ و حـ موجودة فى بعضها، فإن ا موجودة فى بعض حـ، فلن يجوز إذاً أن توصف أنها غير موجودة فى شىء منها. ولكن إذا صارت غير موجودة فى بعضها، فإنها غير محدودة. فقد وضح أنه لا يكون قياس.

فأما إذا كان السالب من الحدود كلياً وكان الكبير منهما هو السالب فقد يكون قياس. وذلك إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ و حـ موجودةً فى بعضها، فإن ا غير موجودة فى بعض حـ. ويتبين ذلك ويصير إلى الشكل الأول إذا قلبت مقدمة حـ ب. — وإن كان الصغير منهما هو السالب فلن يكون قياس. فحدود الموجود: الحى والإنسان والمائى، وحدود غير الموجود الحى والعلم والمائى ولن يكون قياس إذا كانا كلاهما سالبين وأحدهما كلى والآخر جزئى. فحدود غير الموجود إذا كان الصغير منهما كلياً عن الأوسط: الحى والعلم والمائى، وحدود الموجود: الحى والإنسان والمائى، وحدود غير الموجود إذا كان الكبير منهما هو الكلى: الغراب والثلج والبياض. وأما حدود الموجود فلا سبيل إلى أن يحد إذا كانت حـ قد توجد فى بعض؛ ولا توجد فى بعض، وإذا كانت ا موجودة فى كل حـ و حـ موجودة فى بعض ٮ تصير ا موجودة فى بعض ٮ وقد وضعت بأنها غير موجودة فى شىء منها. ولكن بيان ذلك من قبل أنها غير محدودة كما وصفنا.

وإذا كل واحد منهما موجوداً فى بعض الأوسط أو كانا غير موجودين أو كان أحدهما موجوداً والآخر غير موجود أو كان أحدهما موجودا

فى بعض والآخر ليس بموجود فى الكل، أو كانا غير محدودين، فلن يكون قياس ألبية. فحدود الموجود العامة لها: الحى الإنسان والبياض، وحدود غير الموجود: الحى وغير النامى والبياض.

فقد استبان متى يكون القياس فى هذا الشكل أيضا ومتى لا يكون؛ وتبين أنه إذا كانت الحدود على ما وصفت فمن الاضطرار أن يكون قياس. وإذا كان قياس فالحدود على ما وصفت اضطرارا. وتبين أيضا أن كل القياسات الكائنة فى هذا الشكل غير كاملة، وأنها قد تكمل إذا ما زيد فيها. ويتبين أنه لا سبيل إلى أن يؤلف منها قياس كلى: لا سالب، ولا موجب.

٧

〈الضروب غير المباشرة فى الأشكال الثلاثة. — رد الأقيسة〉

وقد وضح فى الأشكال الثلاثة كلها أنه إذا لم تكن القياسات التى قد وصفنا — موجبين كان الحدان العاليان جزئيين، أو سالبين — فلن يجب شىء باضطرار. فإنه إذا كان كلا الحدين مهملين أو سالبين أو جزئيين لا يكون

منها قياس باضطرار؛ وإنه إذا كان أحد الحدين موجبا والآخر سالباً وكان السالب كلياً فإنه قد يكون قياس فى كل حين فيما بين الرأس الصغير والكبير، وذلك إن كانت ا موجودة فى كل ٮ أو بعضها، وٮ غير موجودة فى شىء من حـ، فإن المقدمتين إذا قلبتا صارت حـ غير موجودة لبعض ا اضطرارا. — وعلى هذا المثال الشكلان الآخران.

وقد تبين أنه إذا استعملت غير المحدودة مكان الخزئية أنتجت تلك بعينها التى تكون من الخزئية فى الأشكال كلها.

وتبين أن القياسات التى ليست بكاملة إنما تكمل إذا صيرت إلى الشكل الأول. وذلك على وجهين: إما بقول جزم وإما بالخلف. وكما لها بالقول الجزم كما تكمل بالانعكاس؛ وكما لها بالخلف كما تكمل بوضع الكذب الذى لا يمكن. ومثال ذلك فى الشكل الأخير: إن كان ا و حـ موجودتين فى كل ٮ، فإن ا موجودة فى بعض حـ. وبيان ذلك أنها إن لم تكن موجودة فى بعض حـ فهى غير موجودة فى شىء منها، و حـ موجودة فى كل ٮ فتصير ا غير موجودة فى شىء من ٮ وقد كانت موجودة فى كلها. فقد عاد القياس إلى الشكل الأول. وعلى هذا المثال ما سوى ذلك.

وقد نجد أن القياسات كلها قد ترتفع إلى القياسات الكلية من الشكل الأول، لأنه قد وضح أن أنحاء الشكل الثانى قد ترجع إلى القياسات السالبة من الشكل الأول؛ وليس على نحو واحد، بل بعضها إلى الكلى وبعضها إلى الجزئى. فأما جزئية الشكل الأول فإنها قد تكمل بأنفسها، وقد يمكن أن يبين بالشكل الثانى عند رفع الكلام إلى الإحالة. وذلك أنه إن كانت ا موجودة فى كل ٮ و ٮ موجودة فى شىء منها وموجودة فى كل ٮ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ وليست كذلك. وعلى هذا المثال يكون البرهان فى الجزئى السالب من الشكل الأول إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ و ٮ موجودة فى بعض حـ، فإن ا غير موجودة فى بعض حـ. فإن لم تكن كذلك، فلتكن موجودةً فى كل شىء من حـ، وهى غير موجودة فى شىء من ٮ، فتصير ٮ غير موجودة فى شىء من حـ. فهذا أيضا إنما عرف من الشكل الثانى، لأن هذه القياسات من الشكل الثانى ترتفع كلها إلى القياسات الكلية من الشكل الأول. وقد تبين أن القياسات الجزئية التى فى الشكل الأول ترفع إلى هذه من الشكل الثانى. فبين إذاً أن هذه الجزئية ترفع إلى القياسات الكلية التى فى الشكل الأول. وأما القياسات التى فى الشكل الثالث فإنها إذا كانت الحدود كلية أو جزئية فإنها تكمل بالقياسات الجزئية من الشكل الأول، وهذه قد رفعت إلى الكلية من الشكل الأول.

فقد أتينا على القياسات التى توجب إثبات شىء والتى توجب نفى شىء، وبينا ما منها يبين من شكله، وما منها مما يحتاج فى بيانه إلى شكل غير الشكل الذى هو منه.

][انقضى الشكل الثالث. وإلى هذا الموضع من كتاب القياس يقرأ الحدث من الإسكندرانيين؛ ويسمون ما بعده من هذا الكتاب الجزء غير المقروء، وهو الكلام فى المقاييس المؤلفة من المقدمات ذوات الجهة][

٨

فى تأليف القياسات 〈القياسات ذوات الجهة — الأقيسة ذوات المقدمتين الاضطرار يتين〉

ولأن المقدمات المطلقة والاضطرارية والممكنة يخالف بعضها بعضا — وذلك أن أشياء كثيرةً موجودة غير أن وجودها من غير اضطرار، وأشياء أخرى ليست بمضطرة أن تكون، ولا هى موجودة، لكنها يمكن أن تكون — فتبين أن المقاييس المؤلفة من صنف من هذه المقدمات مختلفة، وليس حدودها واحدة، ولكن القياس الاضطرارى من حدود اضطرارية، والمطلق من حدود مطلقة، والممكن من حدود ممكنة.

أما الاضطرارية فقريبة من المطلقة، لأنها بجهات واحدة من ترتيب الحدود التى فى المقدمات الاضطرارية. والمطلقة تكون قياسا أولا تكون. والفرق بينهما أن فى الاضطرارية يزاد اسم الاضطرارعلى الحدود. وأما المطلقة فإنها تقال من غير زيادة شىء.

ورجوع السالبة فى المقدمات الاضطرارية كرجوعها فى المطلقة وبحد واحد يحد فيهما المعقول على الكل ولا على شىء، وفى سائر أنحاء الأشكال تتبين بالعكس نتيجة القياس الاضطرارى على نحو ما تتبينه فيها نتيجة القياس المطلق. وأما فى الشكل الثانى والثالث، إذا كانت الكلية واجبةً والجزئية سالبة، فليس تتبين نتيجة القياس الاضطرارى على نحو ما تتبين نتيجة القياس المطلق. ولكنه يجب أن يقصد إلى الحد الموضوع فى المقدمة الجزئية السالبة؛ فيفرض منه حد لا يكون المحمول مقولاً على شىء منه ويعمل القياس عليه، لأنه يكون اضطراريا على هذه المقدمات. فإذا كان القياس اضطراريا على هذا الحد المفروض، فإنه أيضا اضطرارى على الحد الذى منه فرض هذا، لأن الحد المفروض هو بعض ذلك الحد، ويكون كل واحد من القياسين فى شكله.

٩

تأليف الوجودى والاضطرارى فى الشكل الأول

وقد يعرض أن تكون النتيجة أحيانا اضطراريةً إذا كانت إحدى المقدمتين اضطرارية، غير أنه ليس أيهما اتفق أن يكون كذلك، بل الكبرى، كالقول بأن ا باضطرار فى كل ٮ، أو ليس فى شىء منها؛ وٮ فى كل حـ. فإذا أخذت المقدمات هكذا، تكون ا باضطرار فى كل حـ، أو ليس فى شى منها. فلأن ا باضطرار فى كل ٮ أو ليس فى شىء منه، و حـ واحد من ٮ — هو بين أن ا باضطرار تقال على حـ أولا تقال. فإن لم تكن مقدمة ا ٮ اضطرارية، فإنه ليس تكون النتيجة اضطرارية. لأنه إن كانت هكذا، يعرض أن تكون ا فى بعض ٮ بالضرورة، ويبين ذلك فى الشكل الأول والثالث. وذلك كذب، لأنه قد يجوز أن يكون ٮ من الأشياء التى يمكن ألا تكون ا فى شىء منها. وأيضا هو بين من الحدود أن النتيجة ليست باضطرارية، مثل أنه إن كان ا متحركا وٮ حياً و حـ إنسانا — فإن [كان] الإنسان هو حى بالضرورة، والحى متحرك لا بالضرورة، وليس الإنسان متحركا بالضرورة.

وكذلك يعرض إن كانت مقدمة ا ٮ سالبة، والبرهان فى ذلك هو هذا البرهان الذى تقدم.

وأما فى المقاييس الجزئية فإنه إن كانت الكلية اضطرارية، فالنتيجة اضطرارية؛ فإن كانت الجزئية اضطرارية، فليست النتيجة اضطرارية: واجبةً كانت الكلية أو سالبة. — فلتكن أولا الكلية اضطرارية بأن تكون ا فى كل ٮ باضطرار، و ٮ فى بعض حـ مطلقا. فإذن ا بالضرورة فى بعض حـ، لأن حـ موضوعة لـ ٮ، و ا هى فى كل ٮ باضطرار. وكذلك يعرض إن كان القياس سالبا. والبرهان فى ذلك هو ما تقدم. فإن كانت الجزئية اضطرارية، فليست النتيجة اضطرارية، لأنه ليس يعرض من القول أنها ليست اضطراريةً — محال؛ كما أنه ولا فى المقاييس الكلية، وكذلك فى المقاييس السالبة. وأما الحدود: فمتحرك وحى وأبيض.

١٠

〈أقيسة الشكل الثالث التى فيها إحدى المقدمتين اضطرارية والأخرى وجودية〉

فأما فى الشكل الثانى فإنه إن كانت المقدمة السالبة اضطرارية، فالنتيجة اضطرارية. وإن كانت الواجبة اضطراريةً، فليست النتيجة اضطرارية. فلتكن أولاً السالبة اضطراريةً. وليكن كون ا فى كل

شىء من ٮ غير ممكن، وليكن أيضا ا فى كل حـ مطلقا — فلأن السالبة ترجع، فإن ٮ غير ممكنة أن تكون فى شىء من ا. وا هى فى كل حـ، فإذن ٮ ليس يمكن أن تكون فى شىء من حـ، لأن حـ موضوعة لـ ٮ. وكذلك يعرض إن صيرت مقدمة حـ سالبة، لأنه إن لم تكن ا فى شىء من حـ فإنه لا يمكن أن تكون حـ فى شىء من ا. وأما ا ففى كل ٮ. فإذن ليس يمكن أن تكون حـ فى شىء من ٮ، لأنه أيضا يكون الشكل الأول. فإذن ولا ٮ يمكن أن تكون فى شىء من حـ، لأن السالبة ترجع.

فإن كانت المقدمة الواجبة اضطرارية، فليست النتيجة اضطرارية. فليكن ا فى كل ٮ بالضرورة، وغير موجودة فى شىء من حـ، فإذا رجعت السالبة يكون الشكل الأول، وقد تبين فى الشكل الأول أنه إذا لم تكن الكبرى السالبة اضطراريةً ولا النتيجة تكون اضطرارية، فإذن ولا بهذه المقدمات تكون النتيجة اضطرارية. على أنه إن وضع أنها اضطرارية يعرض لـ حـ بالضرورة أن لا تكون فى بعض ا، لأنه إن كانت ٮ بالضرورة ليست فى شىء من حـ، فـ حـ بالضرورة ليست فى شىء من ٮ، و ٮ هى فى بعض ا بالضرورة إذ كانت ا هى فى كل ٮ بالضرورة. فإذن حـ بالضرورة ليس هى فى بعض ا. ولكن ليس بممتنع أن تكون ا من الأشياء التى يمكن أن تكون حـ فى كلها؛ وقد تبين أيضا بوضع الحدود أن النتيجة ليست اضطرارية بذاتها، ولكنها تحدث عن المقدمات

باضطرار. فلتكن ا حيا، و ٮ إنسانا و حـ أبيض؛ وليكن من هذه الحدود مقدمات مثل مقدمات ا ٮ حـ، وهى: الحى فى كل إنسان بالضرورة، الحى ليس فى شىء من الأبيض؛ فإذن: الإنسان ليس فى شىء من الأبيض؛ ولكن ليس بالضرورة، لأنه قد يمكن أن يكون الإنسان أبيض، ولكن ليس ما دام الحى فى شىء من الأبيض. فإذن إذا نظمت هذه المقدمات صارت النتيجة اضطرارية. فأما وحدها، فلا.

وعلى هذا المثال تكون نتيجة المقاييس الجزئية. لأنه إذا كانت المقدمات السالبة كلية واضطرارية، فإن النتيجة تكون اضطرارية. وإذا كانت الموجبة كلية وضرورية أو جزئية لم تكن النتيجة ضرورية. فلتكن أولاً السالبة كليةً واضطراريةً، وذلك أن تكون ا باضطرار ليس فى شىء من ٮ، وفى بعض حـ. فلأن السالبة ترجع، فإنه لا يمكن أن تكون ٮ فى شىء من ا و ا فى بعض حـ. فإذن ٮ بالضرورة ليس فى بعض حـ. — وأيضا: لتكن الواجبة كلية واضطرارية، ولتكن المقدمة ا ٮ الواجبة، فإن كانت ا فى كل ٮ بالضرورة، و ا ليس فى بعض حـ، فبين

أن ٮ ليس فى بعض حـ، لكن ليس باضطرار. والحدود التى بها يتبين ذلك هى التى بها بيان ما تقدم من مقاييس هذا الشكل الكلية. وأيضا إذا كانت السالبة اضطراريةً وجزئية النتيجة اضطراريةً. وبيان ذلك من الحدود التى تقدمت.

١١

〈أقيسة الشكل الثالث التى فيها إحدى المقدمتين اضطرارية والأخرى وجودية〉

وأما فى الشكل الأخير فإذا كانت المقدمات كليةً واجبةً، فإنها إذا كانت اضطرارية فالنتيجة اضطرارية. فإذا كانت الواحدة سالبةً والأخرى واجبة، وكانت السالبة اضطراريةً، فإن النتيجة تكون اضطرارية. وأما إذا كانت الواجبة اضطراريةً، فليست النتيجة اضطرارية. فلتكن أولاً كلتا المقدمتين واجبتين، وذلك أن تكون ا و ٮ فى كل حـ، ولتكن مقدمة ا حـ اضطرارية، فلأن ٮ فى كل حـ، فإن حـ فى بعض ٮ من أجل أن الكلية الواجبة ترجع جزئيةً واجبة. فإذن، إن كان ا فى كل حـ بالضرورة، و حـ

فى بعض ٮ، كان ا بالضرورة فى بعض ٮ — لأن ٮ موضوع لـ حـ ويكون الشكل الأول. كذلك يتبين إن كانت مقدمة ٮ حـ اضطرارية، لأن مقدمة حـ ا ترجع جزئيةً وتصـ[؟] حـ فى بعض ا و ٮ فى كل حـ بالضرورة. فإذن ٮ فى بعض ا بالضرورة. ولتكن أيضا مقدمة ا حـ سالبة، ومقدمة ٮ حـ واجبة، ولتكن السالبة اضطرارية، فلأن حـ ترجع على بعض ٮ و ا بالضرورة ليس فى شىء من حـ، فإذن ا بالضرورة ليس فى بعض ٮ، لأن ٮ موضوع لـ حـ. فإن كانت الواجبة اضطراريةً، فليست نتيجة اضطرارية. فلتكن مقدمة ٮ حـ واجبةً واضطرارية، ومقدمة ا حـ سالبة وغير اضطرارية، فلأن الواجبة ترجع جزئية تكون حـ فى بعض ٮ بالضرورة. فإن كانت ا ليست فى شىء من حـ، و حـ فى بعض ٮ بالضرورة، فإن ا ليس فى بعض ٮ، ولكن ليس بالضرورة، لأنه قد تبين فى الشكل الأول أنه إذا لم تكن المقدمة السالبة اضطراريةً، فإن النتيجة لا تكون اضطرارية.

وأيضا قد يتبين ذلك من الحدود. فلتكن ا خيراً و ٮ حياً و حـ فرساً. فالخير ليس فى شىء من الفرس، والحى فى كل فرس بالضرورة، ولكن ليس بالضرورة: بعض الحى ليس خيراً — إن كان ممكنا أن يكون كل حى خيرا. فإن لم يكن ذلك ممكنا أن يكون كل حى خيرا، فليصير الحد إما نائما وإما مستيقظا، لأن كل حى قابل لهذين.

فقد بان إذن أنه إذا كانت المقدمات كلية متى تكون النتيجة اضطرارية فإن كانت الواحدة كلية والأخرى جزئية، وكانتا موجبتين، فإنه إن كانت الكلية اضطراريةً فالنتيجة اضطرارية. وبرهان ذلك هو برهان ما تقدم، لأن الجزئية الموجبة ترجع. فإذ كان ٮ فى كل حـ بالضرورة، و ا موضوع لـ حـ، فإذن ٮ فى بعض ا بالضرروة. وبالرجوع تكون ا فى بعض ٮ بالضرورة. وكذلك إن كانت مقدمة ا حـ كلية واضطرارية، لأن ٮ موضوع لـ حـ. فإن كانت الجزئية اضطرارية، فليست النتيجة اضطرارية. فلتكن مقدمة ٮ حـ جزئية واضطرارية، ولتكن ا فى كل حـ لا بالضرورة. فإذا رجعت مقدمة ٮ حـ يكون الشكل الأول وتكون المقدمة الكلية فيه لا اضطرارية، والجزئية اضطرارية. وقد تبين أنه إذا كانت المقدمات فى الشكل الأول هكذا، لا تكون النتيجة اضطرارية. فإذن: ولا فى هذا الشكل تكون النتيجة اضطرارية. وذلك يتبين من الحدود: فليكن ا مستيقظا و ٮ ذا رجلين و حـ حيا — فـ ٮ بالضرورة فى بعض حـ و ا فى كل حـ، وليس ا فى ٮ بالضرورة، لأنه ليس بالضرورة بعض ذى الرجلين مستيقظا. وكذلك يتبين من هذه الحدود أنه إن كانت مقدمة ا حـ جزئية واضطرارية، فليست النتيجة اضطرارية. فإن كانت إحدى المقدمتين واجبة، والأخرى سالبة، وكانت الكلية سالبة واضطرارية فالنتيجة اضطرارية، لأنه إن كانت ا ليس يمكن أن تكون فى شىء من حـ و ٮ هما فى بعض حـ فإن ا

بالضرورة ليس فى بعض ٮ. فإن كانت المقدمة الواجبة اضطرارية: كلية كانت أم جزئية، أو كانت الجزئية السالبة اضطرارية، فليست النتيجة اضطرارية. والحدود المستعملة إذا كانت المقدمة الكلية واجبة واضطرارية هى: يقظان وحى وإنسان؛ والحد الأوسط هو الإنسان. وأما إذا كانت الجزئية الواجبة اضطرارية، فالحدود هى: يقظان وحى وأبيض، لأن الحى بالضرورة بعض الأبيض، والمستيقظ ليس فى شىء من الأبيض، وليس بالضرورة اليقظان ليس فى بعض الحى. فإذا كانت الجزئية السالبة اضطرارية، فلنستعمل من الحدود مثل: ذى الرجلين والمتحرك والحى. وليكن الحد الأوسط ذا الرجلين.

١٢

〈مقارنة بين الأقيسة الحملية وبين الأقيسة ذات الجهة الاضطراربة〉

فهو بين أنه لا يكون قياس ينتج القول المطلق من غير أن تكون كلتا المقدمتين مطلقتين. فإن القول الاضطرارى قد ينتجه قياس

توجد فيه مقدمة واحدة اضطرارية، وأنه فى الاضطرارى والمطلق: واجبةً كانت المقاييس أو سالبة، فإن إحدى المقدمتين شبيهة لا محالة بالنتيجة — أعنى بالشبيهة أنه إن كانت النتيجة مطلقة كانت المقدمة مطلقة؛ وإن كانت اضطرارية كانت المقدمة اضطرارية. فإذن هو بين أنه ليس تكون النتيجة اضطرارية ولا مطلقة إذا لم توجد مقدمة اضطرارية أو مطلقة. وذلك يكفى فى أن تعلم كيف يكون القياس الاضطرارى والمطلق، وما الفصل بينهما.

١٣

فى الممكن

فلنتكلم الآن على الممكن متى يكون عليه قياس، وكيف، وبماذا.

فأقول: إن الممكن هو الذى ليس باضطرارى؛ ومتى وضع أنه موجود لم يعرض من ذلك محال، لأن الاضطرارى إنما سمى ممكنا باشتراك الاسم. فأما أن يكون هذا الذى حددناه هو الممكن فإنه بين من القضايا الموجبة والسالبة المتناقضة. لأن القول أنه لا يمكن أن يكون، ومحال أن يكون،

واضطرارى ألا يكون — إما أن يدل على معنى واحد، وإما أن يكون بعضه صادقا على بعض. فإذن والقول المناقض لهذا: وهو يمكن أن يكون، وليس بمحال أن يكون، ولا اضطرارى أن لا يكون — إما أن يدل على معنى واحد، وإما أن يكون بعضه صادقاً على بعض، لأن كل واحد من الأشياء إما أن تصدق عليه الموجبة وإما السالبة. فإذن الممكن غير اضطرارى؛ وما هو غير اضطرارى فإنه ممكن.

وقد يعرض لجميع المقدمات الممكنة أن يرجع بعضها على بعض، لست أعنى: الواجبة منها على السالبة، ولكن كل ما كان منها موجبا رجعت فى المقابلة، فيرجع القول بأنه ممكن أن يكون على القول بأنه ممكن ألا يكون. وأما القول بأنه يمكن أن يكون فى كل الشىء، فإنه راجع على أنه يمكن أن لا يكون فى شىء منه أو على أنه يمكن أن لا يكون فى كله. والقول أنه يمكن أن يكون فى بعض الشىء فإنه راجع على القول أنه يمكن ألا يكون فى بعضه. وكذلك يعرض فى سائر القضايا الممكنة. ولأن الممكن غير اضطرارى، وما ليس اضطراريا يمكن ألا يكون — فبين إذن أنه إن كان يمكن أن يكون ا فى ٮ، فإنه يمكن ألا يكون فيه. وإن أمكن أن يكون فى كله، فإنه يمكن ألا يكون فى شىء منه. وكذلك يعرض فى القضايا الجزئية الواجبة. والبرهان فى ذلك هو البرهان فيما تقدم. وهذه المقدمات هى

واجبة غير سالبة، لأن قول القائل: «يمكن»، يصير القضية موجبةً على نحو ما يصيرها قول القائل هو أو موجود، كما قيل أولا.

فإذ قد حددت هذه الأشياء، فإنا نقول أيضا إن الممكن يقال على ضربين: الضرب الواحد: ما كان على الأكثر وغير ثابت الاضطرار، مثل أن يشيب الإنسان أو ينمى أو ينقص — وفى الجملة ما كان مطبوعا أن يكون، لأن ذلك ليس بدائم الاضطرار، من أجل أن الإنسان غير باق أبدا. فأما والإنسان موجود، فإن الشىء المطبوع فيه إما أن يكون اضطراريا، وإما أن يكون على الأكثر. والضرب الآخر هو غير المحدود، وهو الذى يمكن فيه أن يكون وألا يكون، مثال ذلك: أن يمشى الحيوان؛ أو: إذا مشى حدثت رجفة، أو بالجملة ما يحدث عن الاتفاق. فإنه ليس كونه بهذه الحال أولى من كونه بضدها.

فكل واحد من صنفى الممكن قد ينعكس على المقدمات المتناقضة. غير أن ذلك ليس على جهة واحدة بعينها، لكن الممكن الذى من شأنه أن يكون ينعكس على الممكن الذى ليس من الاضطرار أن يكون. فإنه على هذه الجهة يمكن أن لا يشيب الإنسان. فأما غير المحدود فينعكس على الممكن

الذى ليس هو أولى أن يكون منه بأن لا يكون. وليس تحيط به معرفة، ولا عليه قياس برهانى، من أجل أن الحد الأوسط فيه مختلف الحال. وأما الحد الممكن المطبوع لأن يكون، فتحيط به معرفة، وعليه برهان. وأكثر ذلك إنما يكون الكلام والفحص عن مثل هذا الممكن. وأما الضرب الآخر فقد يكون عليه قياس، إلا أنه لم يعمد 〈إلى〉 طلبه. وسنحدد ذلك فيما نستأنف تحديدا أكثر، وأما الآخر فتقول: متى يكون قياس من المقدمات الممكنة؛ وما هو. فلأن القول أنه يمكن الشىء فى الشىء — قد يوجد على ضربين: إما بأن يكون موجودا فيه، وإما بأن يكون ممكنا أن يوجد فيه، لأن القول أن ا يمكن أن تكون مقولة على ٮ يدل على أحد هذين: إما أن ا مقولة على ٮ، وإما أنها ممكنة أن تقال عليها. فهو بين أن قول القائل إن ا يمكن أن تكون فى كل ٮ يكون على ضربين. فلنقل أولاً — إن كان ٮ ممكنا فى حـ و ا ممكن فى ٮ — أى قياس يكون؟ وما هو؟ فإنه إذا أخذت المقدمات هكذا تكون ممكنة؛ وأما إذا كانت ٮ موجودة فى حـ و ا ممكنة فى ٮ تكون المقدمة الواحدة مطلقةً والأخرى ممكنة. فينبغى أن نبدأ من المقدمات المتشاكلة مثل ما فعل فى المقاييس الأخر.

١٤

تأليف الممكن فى الشكل الأول

فإذا كانت ا ممكنة فى كل ٮ، و ٮ ممكنة فى كل حـ يكون قياساً تاما أن ا ممكنة فى كل حـ. وذلك بين من حد الممكن، لأنه على نحو ما حددنا يقال إن الشىء يمكن أن يكون فى الكل. — وكذلك إن كانت ا لا يمكن أن تكون فى شىء من ٮ، وٮ ممكنة فى كل حـ، فإن ا يمكن ألا تكون فى شىء من حـ، لأنه أن تكون ا غير ممكنة فيما ٮ فيه ممكنة هو أن تنفى ا عن جميع ما هو بإمكان موضوع ل ٮ.

فإن كانت ا ممكنة فى كل ٮ، و ٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ، فإنه ولا قياس واحداً يكون من هذه المقدمات المأخوذة. وأما إذا رجعت فى الإمكان مقدمة ٮ حـ، يكون القياس الأول، لأنه إذا كانت ٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ، فإنه يمكن أن تكون فى كل حـ. وذلك قد قيل فيما تقدم. فاذاً إذا كانت ٮ فى كل حـ، و ا فى كل ٮ يكون ذلك القياس الأول. وكذلك إن كانت المقدمتان سالبتين ممكنتين، أعنى أنه إن كانت ا ممكنةً ألا تكون فى شىء من ٮ، وٮ ممكنةً ألا تكون فى شىء من حـ، لأن بهذه المقدمات المأخوذة ولا قياس واحداً يكون. فإذا رجعت

المقدمات يكون القياس. فهو بين أنه إذا وضعت المقدمة التى عند الطرف الأصغر سالبةً أو كلتا المقدمتين: 〈فـ〉ـإما ألا يكون قياس، وإما أن يكون إلا أنه غير تام، لأنه إنما تجب النتيجة عنه من الرجوع.

فإن أخذت إحدى المقدمتين كليةً والأخرى جزئية، وكانت الكلية عند الطرف الأكبر، يكون قياس تام، لأنه إن كانت ا ممكنة فى كل ٮ، وٮ ممكنة فى بعض حـ، فإن ا ممكنة فى بعض حـ. وذلك بين أيضاً من حد الممكنة. وأيضا إن أمكن ألا تكون ا فى شىء من ٮ، وأمكن أن تكون ٮ فى بعض حـ، فإنه ضرورةً يمكن ألا تكون ا فى بعض حـ. والبرهان على ذلك هو البرهان على ما تقدم. فإن أخذت المقدمة الجزئية سالبةً والكلية موجبةً، وكان وضع الحدود على نحو ما تقدم، كمثل أن ا ممكنة فى كل ٮ، و ٮ يمكن ألا تكون فى بعض حـ، فإنه لا يكون قياس من هذه المقدمات المأخوذة. فأما إذا رجعت المقدمة الجزئية ووضعت ٮ ممكنةً فى بعض حـ، 〈فإنه〉 تكون النتيجة بعينها التى كانت آنفاً مثل ما كانت تكون فيما تقدم.

فإن كانت المقدمة التى عند الطرف الأكبر جزئية والتى عند الطرف الأصغر كلية: واجبتين كانتا أو سالبتين أو مختلفتين فى الإيجاب والسلب،

أو كانتا جزئيتين أو مرسلتين، فإنه لا يكون قياس ألبتة، لأنه ليس شىء يمنع أن تفضل ٮ على ا وتقال على أكثر مما تقال عليه ا. فليكن ما به تفضل ٮ على ا 〈هو〉 ح؛ ف ا ليست بممكنة فى كل حـ، ولا بممكنة أن لا تكون فى شىء منه، ولا ممكنة أن تكون فى بعضه، أو لا تكون — إذ كانت المقدمات الممكنة ترجع وكانت ٮ ممكنة أن تكون فى أكثر مما يمكن فيه ا. وأيضا هو بين من الحدود أنه إذا كانت المقدمات هكذا يكون الحد الأول أحيانا غير ممكن فى شىء من الأخير، ويكون أحيانا فى كله باضطرار. فالحدود التى تعم هذه كلها أما لما هو باضطرار: فحى، وأبيض، وانسان؛ وأما لما لا يمكن أن يكون: فحى، وأبيض، وثوب. فبين أنه إذا كانت الحدود هكذا، لا يكون قياس ألبتة، لأن كل قياس إما أن يكون لما هو، وإما أن يكون موجوداً لما هو باضطرار، وإما لما هو ممكن. فهو بين أنه ليس يكون عن هذه المقدمات قياس لما هو ممكن ولا لما هو باضطرار، لأن القياس الواجب يبطل القياس السالب، والسالب يبطل الواجب، فقد بقى أن يكون القياس عنها لما هو ممكن، وذلك أيضا محال، لأنه قد تبين أنه إذا كانت الحدود هكذا، فإن الطرف الأول أحيانا يكون بالاضطرار فى كل الأخير، ويكون أحيانا غير ممكن فى شىء منه. فإذاً ليس يكون قياس لما هو ممكن، لأن الاضطرارى ليس هو ممكنا.

وهو بين أنه إذا كانت الحدود كليةً فى المقدمات الممكنة، أبداً يكون قياس فى الشكل الأول: موجبةً كانت أو سالبة. غير أن القياس يكون عن المقدمات الموجبة تاماً، وعن السالبة غير تام. وينبغى أن يؤخذ الممكن فى غير الاضطراريات، ويكون ذلك على نحو ما حددنا: لأنه قد يغفل ذلك أحيانا.

١٥

تأليف الممكن والوجودى فى الشكل الأول

فإن كانت إحدى المقدمتين مطلقة والأخرى ممكنةً، وكانت الممكنة عند الطرف الأكبر تكون القياسات كلها تامةً وتكون النتيجة ممكنةً على نحو ما حددنا الممكن. فإذا كانت المقدمة التى عند الطرف الأصغر ممكنةً، تكون المقاييس كلها غير تامة وتكون نتيجة المقاييس السالبة ليست على نحو ما حددنا الممكن، ولكن تكون النتيجة أن الطرف الأكبر ليس فى شىء من الأصغر بالضرورة أو ليس فى كله. لأنه إذا لم يكن المحمول بالضرورة فى شىء من الموضوع أو لم يكن فى كله، يقال إنه يمكن ألا يكون فى شىء منه، ويمكن ألا يكون فى كله. فلتكن ا ممكنة فى كل ٮ، ولتكن ٮ موجودة فى كل حـ، فلأن حـ موضوعة ل ٮ و ا ممكنة فى كل ٮ هو بين أن ا ممكنة فى كل حـ، والقياس فى ذلك تام. وكذلك إن كانت مقدمة ا

ٮ سالبة وكانت مقدمة ٮ حـ موجبة، وكانت السالبة ممكنة والموجبة مطلقة فإن القياس يكون تاما أن ا يمكن ألا تكون فى شىء من حـ. وهو بين أنه إذا صيرت المقدمة المطلقة عند الطرف الأصغر تكون المقاييس تامة. وأما إن كانت بخلاف ذلك فينبغى أن نبين أنه تكون مقاييس بأن يرفع الكلام إلى المحال. وفى ذلك ما يبين أن المقاييس غير تامة، لأن بيان النتيجة ليس من المقدمات الموجودة فقط.

فينبغى أن يقال أولاً أنه إذا كانت ا موجودة، فبالضرورة ٮ موجودة. فأما 〈إن〉 كانت ا ممكنة فإن ٮ بالضرورة ممكنة. فإذا كانت الحدود على ما ذكرت من النظام فلتكن ا ممكنة وٮ غير ممكنة. فإذ كان الممكن فى وقت ما هو ممكناً يجوز أن يكون، وغير الممكن فى وقت ما هو غير ممكن لا يجوز أن يكون، وكانت ا ممكنة وٮ فى تلك الحال غير ممكنة، فإنه يمكن أن تكون ا من غير أن تكون ب. وإن أمكن أن تكون ا من غير أن تكون ٮ، فيجوز أن تصير ا إلى الوجود. لأن الشىء الذى كان فى وقت ما، كان هو موجودا. فينبغى أن يؤخذ الممكن وغير الممكن ليس فى الكون فقط، لكن وفى الحقيقة والوجود فى سائر أنحاء ما يقال عليه

الممكن وغير الممكن، لأن جميع أنحائها فى ذلك واحد. وليس ينبغى أن يفهم من قولنا إنه إذا كانت ا موجودة فإن ٮ تكون موجودة أن ا شىء واحد، وأن هذا الشىء الواحد يوجد شيئا آخر، لأنه ليس يجب شىء بالضرورة عن وجود شىء أحد؛ ولكن أقل ما يمكن عن اثنين، مثل ما إذا كانت المقدمات على ما قيلت فى القياس، لأنه إن كانت حـ مقولة على د، وء مقولة على ز ف حـ مقولة على ز بالضرورة. وإن كانتا كلتاهما ممكنتين فإن النتيجة تكون ممكنة. وإن صير أحد المقدمتين ا والنتيجة ٮ، فانه ليس فقط إذا كانت ا اضطرارية تكون ٮ اضطرارية، لكن وإذا كانت ا ممكنة تكون ٮ ممكنة.

وإذ قد أتينا على ذلك فهو بين أنه إذا وضع كذب غير محال فإن الشىء الذى يعرض عن الموضوع يكون كذبا غير محال، مثل ما إن كانت ا كذبا غير محال، وبوجود ا توجد ٮ فإن ٮ أيضاً كذب غير محال. فلأنه قد تبين أنه إذا كانت ا موجودة فتكون ٮ موجودة، وإذا كانت ا ممكنة تكون ٮ ممكنة. وموضوعنا أن ا ممكنة ف ٮ إذن ممكنة؛ لأنها إن كانت غير ممكنة يكون الشىء الواحد ممكنا وغير ممكن.

فإذ قد حددت هذه الأشياء: — لتكن ا موجودة فى كل ٮ، و ٮ ممكنة فى كل حـ، فإذن بالضرورة ا ممكنة فى كل حـ، وإلا فلتكن ا غير ممكنة

فى كل حـ، ولتوضع ٮ موجودة فى كل حـ، وذلك كذلك — إلا أنه غير محال. فإن كانت ا غير ممكنة فى كل حـ و ٮ موجودة فى كل حـ، فإن ا ليس ممكنة فى كل ٮ. والقياس على ذلك فى الشكل الثالث. ولكن قد كان موضوعا أن ا ممكنة فى كل ٮ، فإذن بالضرورة يمكن أن تكون ا فى كل حـ، لأنه لما وضع كذب غير محال عرض منه محال. وقد يمكن أيضا أن ينتج المحال بالشكل الأول إذا وضع أن ٮ موجودة فى كل حـ، لأنه إن كانت ٮ موجودة فى كل حـ وا ممكنة فى كل ٮ، فإن ا ممكنة فى كل حـ. ولكن قد كان موضوعا أن ا ليس ممكنة فى كل حـ؛ وينبغى أن تؤخذ المقدمات الموجودة فى الكل فى غير زمان محدود، مثل الآن، أو زمان ما يشار إليه، ولكن مرسلاً، لأن بمثل هذه المقدمات تعمل المقاييس، لأنه إن أخذت المقدمات موجودة فى وقت محدود لا يكون قياس، لأنه ليس شىء يمنع أن يكون الإنسان وقتا ما موجوداً فى كل متحرك، إذا لم يتحرك شىء غيره، والمتحرك ممكن فى كل فرس، ولكن الإنسان غير ممكن فى شىء من الفرس. وأيضا ليكن الطرف الأول حيا، والأوسط متحركا، والأخير إنسانا، ولتكن المقدمات هذه الحدود مثل التى قبلها؛ فإن النتيجة تكون اضطرارية لا ممكنة، لأن
الإنسان بالضرورة حى؛ فهو بين أنه ينبغى أن يوجد الكلى فى زمان مرسل. فلتكن أيضاً الكلية السالبة ا ٮ، ولتؤخذ ا غير موجودة فى شىء من ٮ، ولتكن ٮ ممكنة فى كل حـ، فإذن ا ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ، وإلا فلتكن غير ممكنة. ولتوضع ٮ موجودة فى كل حـ مثل ما فعلنا آنفا. فإذن ا بالضرورة موجودة فى بعض ٮ. والقياس على ذلك فى الشكل الثالث، وذلك محال. فإذن يمكن ألا يكون ا فى شىء من حـ، لأنه لما وضع كذب غير محال عرض منه محال. ونتيجة هذا القياس ليست على نحو ما حددنا الممكن، ولكن تكون ا ليس بالضرورة فى شىء من حـ، لأن هذه نقيض المقدمة التى وضعت، لأنه وضع ا بالضرورة فى بعض حـ، والقياس الذى يكون برفع الكلام إلى المحال يوجب أبداً نقيض المقدمة الموضوعة. وهو أيضا بين من الحدود أن النتيجة ليست ممكنة. فلتكن ا غرابا و ٮ مفكراً و حـ إنسانا، ف ا ليس فى شىء من ٮ، لأنه ليس مفكر واحد غراباً. وأما ٮ فممكنة فى كل حـ لأن المفكر فى كل إنسان. ولكن ا بالضرورة ليس فى شىء من حـ. فليس إذن النتيجة ممكنةً، ولا
أبداً اضطراريةً. وبيان ذلك أن يكون ا متحركاً و ٮ عالماً و حـ إنسانا، ف ا ليس فى شىء من ٮ، و ٮ ممكنة فى كل حـ، والنتيجة ليست اضطرارية، لأنه ليس بالضرورة: ولا إنسان واحداً متحرك، ولا بالضرورة: إنسان ما متحرك. فهو بين أن النتيجة هى أن ا ليست بالضرورة فى شىء من حـ. وينبغى أن تؤخذ لبيان ذلك حدود غير هذه. فإن صيرت السالبة عند الطرف الأصغر وكانت ممكنة، فإنه لا يكون من هذه المقدمات قياس ألبتة. فإذا انعكست المقدمة الممكنة تكون على نحو ما كان يعرض فى المقاييس المتقدمة، ولتكن ا موجودة فى كل ٮ وٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ. فإذا كانت الحدود على هذه الحال ليس يعرض شىء بالضرورة. فإن انعكست مقدمة ٮ حـ واخذت ٮ ممكنة فى كل حـ يكون قياس مثل ما تقدم، لان حال هذه الحدود كحال الحدود المتقدمة. وكذلك يعرض وإن كانت كلتا المقدمتين سالبتين وكانت مقدمة ا ٮ مطلقة ومقدمة ٮ حـ ممكنة، فإنه ليس يكون من هذه المقدمات المأخوذة شىء باضطرار. فإذا انعكست المقدمة الممكنة يكون قياس. فلتؤخذ ا غير موجودة فى شىء من ٮ، و ٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ، فمن هذه ليس يكون شىء باضطرار. فإن أخذت ٮ ممكنة فى كل حـ إذ كان حقا وتركت مقدمة ا ٮ على حالها، يكون أيضا القياس القياس الذى تقدم. فإن وضعت ٮ غير موجودة فى شىء حـ أوغير ممكنة فى شىء منها، ليس يكون قياس

ألبتة: سالبةً كانت مقدمة ا ٮ أو موجبة. والحدود التى توجب ما هو بالضرورة: أبيض وحى وثلج. وأما ما ينتج ما لا يمكن أن يكون: فأبيض وحى وقير. فهو بين أنه إذا كانت الحدود كلية، وكانت إحدى المقدمتين مطلقة والأخرى ممكنة، وكانت المقدمة التى عند الطرف الأصغر ممكنة، يكون قياس أبدا. غير أنه أحيانا تكون النتيجة من المقدمات المأخوذة، وأحيانا إذا انعكست المقدمة. وأما متى يكون كل واحد من هذين، ولأى علة، فقد قلنا. فإن أخذت إحدى المقدمتين جزئية، والأخرى كلية، وكانت المقدمة التى عند الطرف الأكبر ممكنة: سالبةً كانت أو موجبة، والجزئية موجبة مطلقة، يكون قياس تام على نحو ما كان يكون إذا كانت الحدود كلية. والبرهان على ذلك هو كالذى تقدم.

فإن صيرت المقدمة عند الطرف الأكبر كلية ومطلقة غير ممكنة، وصيرت المقدمة التى عند الطرف الأصغر جزئية ممكنة سالبة، كانت المقدمات أو موجبة، أو واحدة سالبة والأخرى موجبة، فإنه يكون بالضرورة قياسات غير تامة. إلا أن منها ما يتبين برفع الكلام إلى المحال، ومنها بانعكاس الممكن، كمثل ما فعل فيما تقدم من المقاييس. وأما القياس الذى يتبين بالانعكاس فهو إذا كانت المقدمة التى عند الطرف الأكبر كلية مطلقة، وكانت الجزئية سالبةً ممكنة: مثل ما إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، أو غير

موجودة فى شىء منه، و ٮ ممكنة ألا تكون فى بعض حـ، وارتجعت مقدمة ٮ حـ — فى الإمكان يكون قياس. فأما إذا كانت مقدمة ٮ حـ جزئية سالبة مطلقة 〈فـ〉ـليس يكون قياس. والحدود التى تنتج نتيجة مطلقة موجبة: أبيض وحى وثلج. وأما التى تنتج نتيجة مطلقة سالبة فأبيض وحى وقير. وينبغى أن يؤخذ البرهان من مقدمات مهملة.

فإن صيرت المقدمة الكلية عند الطرف الأصغر: سالبة كانت أو موجبة، وممكنة أم مطلقة — فإنه ولا على واحدة من الجهتين يكون قياس ألبتة. ولا إذا كانت المقدمات جزئية أو مهملة: ممكنة كانت أو مطلقة، يكون قياس ألبتة. والبرهان فى ذلك هو البرهان فيما يتقدم. والحدود التى تنتج نتيجة اضطرارية موجبة: حى وأبيض وإنسان. وأما التى تنتج «ما لا يمكن أن يكون»: فحى وأبيض وثوب. فهو بين أنه إذا صيرت المقدمة الكلية عند الطرف الأكبر، أبداً يكون قياس. وأما إذا صيرت عند الطرف الأصغر فإنه لا يكون قياس لشىء ألبتة.

١٦

تأليف الضرورى والممكن فى الشكل الأول

فأما إذا كانت إحدى المقدمتين اضطرارية والأخرى ممكنة، فإن القياس يكون على نحو ما كان تكون القياسات التى ذكرنا آنفا. ويكون تاماً إذا صيرت المقدمة الاضطرارية عند الطرف الأصغر. وأما النتيجة فتكون ممكنة غير مطلقة إذا كانت المقدمات موجبة: كليةً كانت أم غير كلية. فإن كانت إحدى المقدمتين موجبة والأخرى سالبة، وكانت الموجبة اضطرارية، تكون النتيجة سالبة ممكنة وسالبة مطلقة: كليةً كانت المقدمات أم غير كلية. وينبغى أن يؤخذ الممكن فى النتيجة على نحو ما أخذ فيما تقدم أولا؛ وليس يكون للنتيجة الاضطرارية السالبة قياس تجب النتيجة عنه. والذى «ليس هو باضطرار» غير الذى «باضطرار ليس هو». وهو بين أنه إذا كانت المقدمات موجبة، ليس تكون النتيجة اضطرارية. وبيان ذلك أن تكون ا بالضرورة فى كل ٮ، و ٮ ممكنة فى كل حـ، فيكون قياس غير تام: أن ا ممكنة فى كل حـ. وأما أنه غير تام فهو بين من البرهان، لأنه على نحو ما تبين فيما تقدم يكون بيان ذلك. فلتكن أيضا ا ممكنة فى كل ٮ، ولتكن ٮ بالضرورة فى كل حـ، فيكون من ذلك قياس تام أن: ا ممكنة فى كل حـ، لا موجودة. وذلك يتبين من المقدمات الأولى المأخوذة فى القياس.

فإن لم تكن المقدمات متشاكلة فى الكيفية، فلتكن أولاً السالبة اضطراريةً بأن تكون ا غير ممكنة فى شىء من ٮ و ٮ ممكنة فى كل حـ، فيجب ألا توجد ا فى شىء من حـ. وإلا فلتوضع ا موجودة: إما فى كل حـ وإما فى بعضها، وقد كان موضوعا أن ا غير ممكنة فى شىء من ٮ؛ فلأن السالبة تنعكس هو بين أن ٮ غير ممكنة فى ا و ا موجودة فى كل حـ أو فى بعضها. فإذن ٮ غير ممكنة أن تكون فى شىء من حـ أو غير ممكنة فى بعضها. وقد كان موضوعاً أولاً أن ٮ فى كل حـ، وهو بين أنه قد تكون نتيجة قياس لما يمكن ألا يكون، إذ كان قد وجد نتيجة قياس لما ليس هو موجود. فلتكن أيضا المقدمة الموجبة اضطرارية بأن تكون ا ممكنة ألا تكون فى شىء من ٮ وب بالضرورة موجودة فى كل حـ، والقياس فى ذلك تام، غير أن النتيجة ليست مما ليس هو موجودا، ولكن مما يمكن أن لا يكون، لأن المقدمة التى عند الطرف الأكبر هكذا أخذت. وليس يكون بيان ذلك برفع الكلام إلى الإحالة، لأنه إن وضعت ا غير موجودة فى شىء من حـ، وقد وضع أن ا ممكنة ألا تكون فى شىء من ٮ فإنه ليس يعرض من ذلك محال. وإن صيرت المقدمة السالبة عند الطرف الأصغر وكانت ممكنة، فإن القياس يكون بانعكاسها كما كان فيما تقدم. وإذا لم تكن ممكنة فإنه لا يكون قياس. وأيضا ولا إذا كانتا جميعا سالبتين بعد أن تكون التى عند الطرف الأصغر غير ممكنة. والحدود التى تنتج ما هو

موجود هى: أبيض وحى وثلج. وأما التى تنتج ما ليس بموجود أعنى نتيجة مطلقة سالبة: فأبيض وحى وقير. وكذلك يعرض فى المقاييس الجزئية، لأنه إذا كانت السالبة عند الطرف الأكبر وكانت اضطرارية تكون النتيجة بما ليس موجودا، أعنى سالبة مطلقة. مثل أنه إن كانت ا غير ممكنة أن تكون فى شىء من ٮ و ٮ ممكنة أن تكون فى بعض حـ، فإن ا يجب أن تكون ليست فى بعض حـ؛ لأنه إن كانت ا موجودة فى كل حـ و ا غير ممكنة فى شىء من ٮ، فإن ٮ غير ممكنة فى شىء من ا. وإذا كانت ا موجودة فى كل حـ، فإن ٮ غير ممكنة فى شىء من ا. وإذا كانت ا موجودة فى كل حـ، فإن ٮ غير ممكنة فى شىء من حـ؛ ولكن قد كان موضوعا أن ٮ ممكنة فى بعض حـ. وأما إذا كانت المقدمة الجزئية الموجبة فى القياس السالب اضطرارية مثل مقدمة ٮ و حـ، أو كانت الكلية التى فى القياس الموجب اضطرارية كمقدمة ا ٮ، 〈فـ〉ـليس تكون النتيجة مطلقة. والبرهان فى ذلك هو البرهان فيما تقدم. فإن صيرت الكلية عند الطرف الأصغر: موجبةً كانت أو سالبة، وكانت الجزئية اضطرارية، فإنه ليس يكون قياس. والحدود التى تنتج نتيجة موجبة اضطرارية هى: حى وأبيض وإنسان. وأما الحدود التى تنتج سالبة اضطرارية: فحى وأبيض وثوب. وأما الحدود التى تنتج نتيجة موجبة مطلقة إذا كانت المقدمة

الكلية عند الطرف الأصغر وكانت سالبة اضطرارية وكانت الجزئية ممكنة: فحى وأبيض وغراب. وأما الحدود التى تنتج نتيجة سالبة مطلقة: فحى وأبيض وقير. وأما التى تنتج نتيجة مطلقة موجبة إذا كانت الكلية موجبة: فحى وأبيض وققنس. وأما التى تنتج نتيجة غير ممكنة، وأعنى سالبة اضطرارية،: فحى وأبيض وثلج، وكذلك لا يكون قياس إذا أخذت المقدمات مهملة غير محدودة أو جزئية. والحدود العامة التى تنتج نتيجة موجبة: فحى وأبيض وإنسان. وأما التى تنتج نتيجة سالبة: فحى وأبيض وغير متنفس، لأن الحى فى بعض الأبيض، والأبيض فى بعض غير المتنفس. وهذه الحدود هى تنتج نتيجة موجبة اضطرارية ونتيجة سالبة اضطرارية. وكذلك الحال فى الممكنة. فإذن هذه الحدود نافعة فى جميع هذه لنتائج. فهو بين مما قد قيل أن المقاييس تكون أولا تكون بحالات واحدة من حالات الحدود إذا كانت المقاييس مركبة من مقدمات ممكنة ومطلقة، أو مركبة من مقدمات ممكنة واضطرارية. غير أنه فى المقاييس المركبة من موجبة ممكنة وسالبة مطلقة تكون النتيجة ممكنة. وأما فى المقاييس التى السالبة فيها اضطرارية فإن النتيجة تكون فيها ممكنة ومطلقة سالبة. وهو بين أن هذه المقاييس كلها غير تامة، وأنها تتم بالمقاييس التى ذكرت قبلها.

١٧

تأليف الممكن فى الشكل الثانى

وأما فى الشكل الثانى: إذا أخذت كلتا المقدمتين ممكنتين ليس يكون قياس: موجبتين كانتا أم سالبتين أم كليتين أم جزئيتين. وأما إذا كانت الواحدة مطلقة والأخرى ممكنة، وكانت الموجبة مطلقة، فإنه لا يكون ألبتة قياس. وأما إذا كانت السالبة الكلية مطلقة، فإن القياس يكون أبداً. وكذلك أيضا يعرض إذا كانت واحدة اضطراريةً والأخرى ممكنة. وينبغى أن يفهم أن الممكن فى نتائج هذه المقاييس على نحو ما فهم.

وينبغى أن نبين أن المقدمة الكلية السالبة الممكنة ليس تنعكس، مثل أنه إن كانت ا ممكنة ألا تكون فى شىء من ٮ، فليس بالضرورة ٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من ا. وإلا فليوضع ذلك، وليمكن ألا تكون ٮ فى شىء من ا فلأن المقدمات الموجبة الممكنة ترجع على المقدمات السالبة: المتضادة منها والمتناقصة، وكانت ٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من ا. فإنه بين أن ٮ ممكنة أن تكون فى كل ا، وذلك كذب، لأنه ليس — وإن كان المحمول ممكنا فى كل الموضوع — يكون بالضرورة الموضوع ممكنا فى كل المحمول، فإذن ليس تنعكس السالبة الكلية الممكنة. وأيضا لأنه ليس بممتنع إذا أمكن ا ألا تكون فى شىء من ٮ أن تكون ٮ بالضرورة ليس فى بعض ا، مثل أن الأبيض يمكن ألا يكون فى شىء من الإنسان، لأنه

يمكن أن يكون فى كلهم. وليس هو صدقا أن يقال أن يقال إن الإنسان يمكن ألا يكون فى شىء من الأبيض، لأن الإنسان بالضرورة ليس هو فى كثير من الأبيض. وقد تبين أولا أن الاضطرارى ليس بممكن. وأيضا ليس تبين، برفع الكلام إلى المحال، أنها تنعكس مثل أنه: «إن قضى أحد بهذه القضية أنه إذا كان القول أن ٮ يمكن ألا تكون فى شىء من ا كذبا، فإن القول بأنه ليس يمكن ألا يكون ٮ فى شىء من ا صدقا، لأن إحداهما موجبة والأخرى سالبة. وإن كانت هذه حقا، فإن ٮ بالضرورة فى بعض ا. فإذن: و ا بالضرورة فى بعض ٮ، ولكن هذا محال»؛ لأنه ليس إذا كانت ٮ ليست ممكنة ألا تكون فى شىء من ا، فإن ٮ بالضرورة فى بعض ا. لأن القول أن ٮ ليست ممكنة ألا تكون فى شىء من ا على ضربين: أحدهما أن ٮ فى بعض ا بالضرورة، والآخر أن تكون بالضرورة ليست فى بعضها، لأن الذى بالضرورة ليس فى بعض ا ليس فى كل ا يمكن ألا يكون، كما أنه ولا الذى فى بعض الشىء بالضرورة هو ممكن فى كله. فإذا كانت القضية بأنه إذا كانت حـ غير ممكنة فى كل د فإنها بالضرورة ليست فى بعض حـ كذباً، لأنه قد يجو〈ز〉 بأن تكون حـ فى كل د، ولكنها فى بعضها بالضرورة. من أجل ذلك قلنا إنها

غير ممكنة فى كلها. فإذن القول إن الشىء يمكن فى كل الشىء يناقض أنه فى بعضه بالضرورة أو أنه بالضرورة ليس فى بعضه. وكذلك القول أنه يمكن ألا يكون فى شىء منه يناقض هاتين الجزئيتين. فهو بين أنه على هذا الممكن الذى هو على نحو ما حددنا لا ينبغى أن توجد النقيضة أن: الشىء فى بعض الشىء بالضرورة؛ ولكن: أنه بالضرورة ليس فى بعضه. فإذا أخذ ذلك ليس يعرض محال ألبتة. فإذن ولا قياس يكون. فهو بين مما قد قيل أن الكلية السالبة الممكنة ليس تنعكس.

فإذ قد تبين ذلك، فلتوضع ا ممكنة ألا تكون فى شىء من ٮ، وممكنة أن تكون فى كل حـ، فإذا فعل ذلك لا يكون قياس بالانعكاس، لأنه قد قيل إن هذه المقدمة ليس تنعكس؛ ولا بوضع النقيضة أيضا يكون قياس؛ لأنه إن وضع أن ٮ ممكنة فى كل حـ ليس يعرض من ذلك كذب، لأن ا يمكن أن تكون فى كل حـ، ويمكن ألا نكون فى شىء منه. وفى الجملة، إن كان قياس فهو بين أنه لا يكون إلا قياس الممكن من جهة أنه ولا واحدة من المقدمتين أخذت مطلقة. وهو إما أن يكون موجباً أو سالباً، وليس يمكن أن يكون واحد منهما، لأنه إن وضع أنه موجب يتبين من الحدود أن النتيجة اضطرارية سالبة. وإن كانت سالبة، فيتبين منها أيضا أن النتيجة اضطرارية موجبة. فلتكن ا أبيض و ٮ إنساناً و حـ فرساً؛ ف ا هى ممكنة

أن تكون فى أحد الحدين كلية، وممكنة ألا تكون فى شىء من الآخر. ولكن ٮ ليس يمكن أن تكون فى شىء من حـ، وليس يمكن ألا تكون فيه؛ وهو بين أن ٮ محال أن توجد فى حـ، لأنه ولا فرس واحداً إنسان. وهو أيضا بين أن ٮ ليس يمكن ألا تكون فى حـ، لأنه بالضرورة: ولا فرس واحداً إنسان.

وقد تبين فيما تقدم أن الاضطرارى ليس هو ممكناً فليس يكون إذن قياس. وكذلك يتبين وإن غير مكان السالبة أو إن أخذت كلتا المقدمتين موجبتين أو سالبتين. والبرهان فى ذلك بهذه الحدود. 〈وإذا كانت إحدى المقدمتين كليةً والأخرى جزئيةً، أو إذا كانت كلتاهما جزئيتين أو مهملتين، أو على أى نحو كان تعديل المقدمات، كان البرهان بتلك الحدود〉.

فهو بين أنه إذا كانت كلتا المقدمتين ممكنتين، فليس يكون قياس ألبتة.

١٨

تأليف الممكن والوجودى فى الشكل الثانى

فإن كانت إحدى المقدمتين مطلقة والأخرى ممكنة؛ وكانت الموجبة مطلقة والسالبة ممكنة، فإنه لا يكون قياس أبداً: كليةً كانت المقدمات أم جزئية. والبرهان على ذلك هو البرهان على ما تقدم وبتلك الحدود.

فإذا كانت المقدمة الموجبة ممكنةً والسالبة مطلقةً، يكون قياس. وبيان ذلك أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ وممكنة فى كل حـ فإذا انعكست السالبة تكون ٮ غير موجودة فى شىء من ا، و ا ممكنة فى كل حـ. فيكون قياس بالشكل الأول أن ٮ يمكن ألا تكون فى شىء من حـ. وكذلك يعرض إن صيرت السالبة عند حـ. وأما إن كانت كلتا المقدمتين سالبتين، وكانت الواحدة ممكنةً والأخرى مطلقة، فانه ليس يجب عن هذه المقدمات شىء باضطرار. فإذا انعكست المقدمة الممكنة يكون قياس أن ٮ يمكن ألا تكون فى شىء من حـ كما كان يعرض فيما تقدم، لأنه يكون أيضا الشكل الأول. فإن صيرتا كلتاهما موجبتين، ليس يكون قياس. أما الحدود التى تنتج نتيجةً موجبة مطلقة فهى: صحة وحى وإنسان. وأما التى تنتج نتيجة سالبة: فصحة وفرس وإنسان.

وكذلك يعرض فى المقاييس الجزئية، لأنه إذا كانت الموجبة مطلقة: كلية كانت أم جزئية، 〈فـ〉ـليس يكون قياس ألبتة. وذلك يتبين كما يتبين فى المقاييس التى قبل هذه وبتلك الحدود.

وأما إذا كانت المقدمة السالبة مطلقةً 〈فـ〉ـيكون قياس بالانعكاس، كما كان الأمر فى المقاييس التى قبل. وأيضا إن كانت كلتا المقدمتين سالبتين وكانت الكلية سالبة مطلقة، فإنه ليس يجب عن هذه المقدمات المأخوذة شىء باضطرار. فإذا انعكست المقدمة الممكنة يكون قياس، كما يكون فيما تقدم من المقاييس. فإن أخذت المقدمة السالبة مطلقةً جزئية، فإنه ليس يكون قياس: موجبةً كانت المقدمة الأخرى أم سالبة. وكذلك لا يكون قياس إذا كانت كلتا المقدمتين مهملتين أو جزئيتين: موجبتين كانتا أو سالبتين. والبرهان فى ذلك هو البرهان فيما تقدم وبتلك الحدود.

١٩

تأليف الممكن والضرورى فى الشكل الثانى

فإن أخذت إحدى المقدمتين اضطرارية والأخرى ممكنة، وكانت السالبة اضطرارية، يكون قياس ليس «أنه يمكن ألا يكون» فقط، ولكن «أنه ليس موجودا فيه». فأما إذا كانت الموجبة اضطراريةً فليس يكون قياس. وبيان ذلك أن تكون ا بالضرورة غير موجودة فى شىء من ٮ

وممكنة فى كل حـ. فإذا انعكست السالبة تكون ٮ الضرورة غير موجودة فى شىء من ا، و ا ممكنة فى كل حـ، فيكون قياس أيضا بالشكل الأول أن ٮ ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ. وهو بين مع بيان ذلك أن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ. وإلا فلتوضع ٮ موجودة فى بعض حـ و ا غير ممكنة فى شىء من ٮ. فإذن ا غير ممكنة فى بعض حـ؛ ولكن قد كان موضوعا أن ا ممكنة فى كل حـ. وعلى هذا النحو يتبين ذلك [ف] إن صيرت السالبة عند حـ. — ولتكن أيضا الموجبة اضطراريةً والأخرى ممكنةً، مثل أن ا يمكن أن لا تكون فى شىء من ٮ، ولتكن ا فى كل حـ بالضرورة. فإذا كانت الحدود هكذا، فانه ليس يكون قياس ألبتة، لأنه قد يعرض أحيانا أن تكون ٮ بالضرورة غير موجودة فى حـ. وبيان ذلك أن تكون ا أبيض ٮ إنسانا حـ ققنس، فالأبيض فى كل ققنس بالضرورة، وممكن ألا تكون فى شىء من الإنسان، فالإنسان بالضرورة ليس فى شىء من الققنس. وهو بين أنه ليس تجب عن هذا النظام نتيجة ممكنة، لأن الاضطرارى ليس هو ممكنا. وأيضا ولا اضطرارية، لأن الاضطرارية إما أن تجب عن مقدمتين اضطراريتين أو إذا كانت السالبة اضطرارية. وأيضا قد يمكن أن يكون هذا النظام بعينه

للحدود، وتكون ٮ موجودة فى حـ، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون حـ موضوعة ل ٮ وتكون ا ممكنةً فى كل ٮ وموجودة فى كل حـ بالضرورة، مثل أنه إن كانت حـ يقظان، و ٮ حياً و ا متحركا، فالتحرك فى كل يقظان بالضرورة وممكن فى كل حى، وكل يقظان حى. فهو بين أنه ليست تكون نتيجة سالبة مطلقة من الحدود التى على هذا النظام، إذ قد تبين انها قد تكون أحيانا موجبة مطلقة، ولا واحدة من الموجبات المناقضة لهذه السواب تجب، فإذن ليس يكون قياس ألبتة.

وكذلك يتبين [و]إن حولت المقدمة الموجبة. فإن كانت المقدمتان متشاكلتين فإنهما إن كانتا سالبتين يكون قياس أبداً إذا انعكست المقدمة الممكنة، كما كان يعرض فيما تقدم وبيان ذلك أن توجد ا غير ممكنة فى ٮ وممكنة ألا تكون فى حـ. وإذا انعكست المقدمتان حتى تكون ٮ غير ممكنة فى شىء من ا، و ا ممكنة فى كل حـ يكون الشكل الأول. وكذلك إن وضعت السالبة هى مقدمة ا حـ. — فإن وضعنا المقدمتين موجبتين فليس يكون قياسا، لأنه بين أن النتيجة ليست سالبة مطلقة ولا سالبة اضطرارية من جهة أنه لم توجد مقدمة سالبة مطلقة، ولا سالبة اضطرارية. وليست أيضا ممكنة سالبة، لأنه قد تكون أحيانا سالبةً اضطرارية، مثل أنه إن وضعت ا أبيض و ٮ ققنس و حـ إنسان. ولا واحدة من السوالب المناقضة لهذه الموجبات

تكون نتيجة، لأنه قد تبين أن ٮ بالضرورة ليس فى شىء من حـ، فإذاً ليس يكون قياس ألبتة.

وكذلك يعرض فى المقاييس الجزئية؛ لأنه إذا كانت المقدمة السالبة كلية اضطرارية فإنه يكون قياس أبداً أن النتيجة سالبة ممكنة وسالبة مطلقة وبيان ذلك من الانعكاس. وأما إذا كانت المقدمة الموجبة اضطرارية، فإنه ليس يكون قياس ألبتة، لأن ذلك يتبين على نحو ما يتبين فى المقاييس الكلية وبتلك الحدود. وكذلك لا يكون قياس، [و]إذا أخذت المقدمتان موجبتين. والبيان فى ذلك هو ما تقدم فى المقاييس الكلية. — فإذا كانت كلتا المقدمتين سالبتين وكانت إحداهما كلية اضطرارية، فإنه ليس يجب عنهما شىء باضطرار. فإذا انعكست المقدمة الممكنة يكون قياس كما كان يكون فيما تقدم. — وكذلك لا يكون قياس إن كانت المقدمتان مهملتين أو جزئيتين. والبرهان فى ذلك هو البرهان على ما تقدم وبتلك الحدود. فهو بين مما قيل أنه إذا وضعت المقدمة السالبة كلية اضطرارية يكون القياس أبدا، ليس فقط لما يمكن أن لا يكون، أى سالبة ممكنة، لكن لما هو غير موجود، أى سالبة مطلقة. فأما إذا وضعت الموجبة اضطرارية فلا يكون قياس ألبتة.

وهو بين أنه بترتيب واحد للحدود فى المقاييس الاضطرارية وفى المقاييس المطلقة يكون قياس أو لا يكون. وهو بين أن هذه المقاييس كلها غير تامة.

٢٠

تأليف الممكن فى الشكل الثالث

وأما فى الشكل الأخير فإنه يكون قياس إذا كانت المقدمتان ممكنتين، أو كانت إحداهما ممكنة. فإذا كانت المقدمات ممكنة فبالحرى النتيجة ممكنة. وكذلك تكون النتيجة ممكنةً إذا كانت إحداهما ممكنة والأخيرة مطلقة. فإن صيرت إحداهما اضطرارية وكانت موجبة، فإن النتيجة ليست تكون لا اضطرارية ولا مطلقة. فإن صيرت الاضطرارية سالبة، فإن النتيجة تكون سالبة مطلقة كما كانت تكون فيما تقدم. وينبغى أن يؤخذ الممكن فى النتيجة فى هذه المقاييس على نحو ما كان يؤخذ أولا فيها.

فلتكن المقدمات أولا ممكنة بأن يكون كلا ا ٮ ممكناً أن يوجد فى كل حـ. فلأن الواجبة تنعكس جزئية وكانت ٮ ممكنة أن توجد فى كل حـ، فإن حـ ممكنة فى بعض ٮ. فإذن إن كانت ا ممكنة فى كل حـ و حـ ممكنة فى بعض ٮ، فإن ا ممكنة فى بعض ٮ لأنه يكون

الشكل الأول. فإن كانت ا ممكنة ألا تكون فى شىء من حـ وكانت ٮ ممكنة فى كل حـ، فإنه يجب أن تكون ا يمكن ألا تكون فى بعض ٮ، لأنه يكون أيضا الشكل الأول بالانعكاس. فإن وضعت المقدمتان سالبتين، فإنه ليس يجب عنهما شىء ضرورة. فإذا انعكست المقدمات يكون قياس، كما كان يكون فيما تقدم. لأنه إن كان كلا ا ٮ ممكناً ألا يكون فى شىء من حـ وانعكست المقدمة الممكنة، يكون أيضا الشكل الأول بالانعكاس.

وإن كانت إحدى المقدمتين كلية والأخرى جزئية، فإن القياس يكون أولاً على نحو ما كان يكون فى المقاييس المطلقة. وبيان ذلك أن تكون ا ممكنة فى كل حـ و ٮ ممكنة فى بعض حـ، فيكون أيضا الشكل الأول إذا انعكست المقدمة الجزئية، لأنه إن كانت ا ممكنة فى كل حـ و حـ ممكنة فى بعض ٮ، فإن ا ممكنة فى بعض ٮ. وكذلك يعرض إن صيرت مقدمة ٮ حـ كلية. وكذلك يعرض إن صيرت مقدمة ا حـ سالبة، ومقدمة ٮ حـ موجبة، لأنه يكون أيضا الشكل الأول بالانعكاس. فإن صيرت المقدمتان سالبتين وكانت إحداهما كلية والأخرى جزئية، فإنه لا يجب عنهما شىء باضطرار. فإذا انعكست المقدمات يكون قياس كما كان يكون فيما تقدم.

وأما إذا أخذت المقدمتان مهملتين أو جزئيتين، فإنه ليس يكون قياس، لأنه قد يعرض أن تكون ا بالضرورة فى كل ٮ وغير ممكنة فى شىء منها. أما حدود النتيجة الموجبة: فحى وإنسان وأبيض. وأما حدود السالبة: ففرس وإنسان وأبيض. والحد الأوسط هو الأبيض.

٢١

تأليف الممكن والوجودى فى الشكل الثالث

فإن كانت إحدى المقدمتين مطلقة وكانت الأخرى ممكنة، فإن النتيجة تكون ممكنة غير مطلقة. وأما القياس فيكون على نحو ما كان يكون فيما تقدم من ترتيب الحدود. فلتكن أولاً المقدمات موجبةً، ولتكن ا موجودة فى كل حـ، و ٮ ممكنة أن توجد فى كل حـ. فإذا انعكست مقدمة ٮ حـ يكون الشكل الأول وتكون النتيجة أن ا ممكنة فى بعض ٮ، لأنه حين كانت تكون المقدمة الواحدة فى الشكل الأول ممكنة، كانت تكون النتيجة ممكنة. وأيضا إذا كانت مقدمة ا حـ سالبة، وكانت مقدمة ٮ حـ واجبة، وكانت أيهما اتفق مطلقة، فإن النتيجة تكون ممكنة، لأنه يكون أيضا الشكل الأول. وقد تبين أنه إذا كانت إحدى المقدمتين ممكنة فى هذا الشكل، تكون النتيجة ممكنة. فإن صيرت المقدمة السالبة ممكنةً عند الطرف الأصغر،

أو صيرتا كلتاهما سالبتين، فإنه يكون من هذه المقدمات الموضوعة قياس. وأما إذا قلبت الصغرى فيكون كما كان يكون فيما تقدم. فإن كانت إحدى المقدمتين كلية والأخرى جزئية: واجبتين كانتا أو الكلية سالبة والجزئية موجبة، فإن القياس يكون على هذا النحو. لأنها كلها تتم بالشكل الأول. فإذن هو بين أن نتيجة هذا القياس ممكنة، ليست مطلقة. فإن كانت الموجبة كلية، والسالبة جزئية يكون قياس. وبيان ذلك برفع الكلام إلى المحال. فلتكن ٮ موجودة فى كل حـ، ولتكن ا ممكنة ألا تكون فى بعض حـ. فإذن هو واجب ضرورةً أن ا ممكنة ألا تكون فى بعض ٮ، لأنه إن كان ا فى كل ٮ بالضرورة، وكانت ٮ موجودة فى كل حـ، فإن ا بالضرورة فى كل حـ، لأن ذلك قد تبين بدءاً، ولكن قد كان موضوعا أن ا ممكنة ألا تكون فى بعض حـ.

فإن أخذت المقدمتان مهملتين أو جزئيتين، فإنه ليس يكون قياس. وبرهان ذلك هو البرهان فى الأقوال الكلية وبتلك الحدود.

٢٢

تأليف الممكن والضرورى فى الشكل الثالث

فإن كانت إحدى المقدمتين اضطرارية والأخرى ممكنة وكانت كلتا المقدمتين موجبتين، فيكون قياس أبداً أن النتيجة ممكنة. فإن كانت إحدى المقدمتين موجبة والأخرى سالبة، وكانت الموجبة اضطرارية، تكون النتيجة سالبة ممكنة. فإن كانت السالبة اضطرارية تكون النتيجة سالبة ممكنة، وسالبة مطلقة. وأما سالبةً اضطراريةً فليس يكون عليها قياس. كما أنه لم يكن عليها قياس فى سائر الأشكال.

فلتكن كلتا المقدمتين أولاً موجبتين بأن تكون ا فى كل حـ بالضرورة، و ٮ ممكنة فى كل حـ؛ فلأن ا بالضرورة فى كل حـ، و حـ ممكنة فى بعض ٮ، فإن ا تكون بالإمكان فى بعض ٮ، لا بالإطلاق فيها، لأنه هكذا كان يعرض فى الشكل الأول. وكذلك يتبين إن وضعت مقدمة ٮ حـ اضطرارية ومقدمة ا حـ ممكنة. — فلتكن أيضا إحدى المقدمتين موجبة والأخرى سالبة، ولتكن الموجبة اضطرارية بأن تكون ا ممكنة ولا فى شىء من حـ، و ٮ فى كل حـ باضطرار، فيكون أيضا الشكل الأول وتكون المقدمة السالبة فيه ممكنة، — فهو بين أن النتيجة تكون ممكنة، لأنه قد تبين أنه إذا كانت المقدمات هكذا فى الشكل

الأول، فإن النتيجة تكون ممكنة. — فإن كانت المقدمات السالبة اضطرارية، فإن النتيجة تكون سالبة ممكنة وسالبة مطلقة. وبيان ذلك أن تكون ا بالضرورة غير موجودة فى شىء من حـ وٮ ممكنة فى كل حـ. فإذا ارتجعت مقدمة ٮ حـ الواجبة، يكون الشكل الأول وتصير هذه المقدمة السالبة فيه اضطرارية. وحين كانت تكون المقدمات فيه هكذا، كانت ا غير موجودة فى بعض ٮ وممكنة ألا تكون فى بعضها. فإذن ا غير موجودة فى بعض ٮ. — فإن صيرت المقدمة التى عند الطرف الأصغر سالبة، فإنها إن كانت ممكنة تكون قياسا بانعكاس المقدمة الممكنة، كما كان يكون فيما تقدم. فإن كانت اضطرارية، فإنه لا يكون قياساً، لأنه قد يعرض أحيانا أن تكون ا فى كل ٮ بالضرورة وتكون أحيانا بالضرورة غير موجودة فى شىء منها. فالحدود التى تجمع نتيجة موجبة كلية هى: فرس ونائم وإنسان نائم. وأما التى تجمع نتيجة سالبة كلية: ففرس ويقظان وإنسان نائم.

وكذلك يعرض إن كانت إحدى المقدمتين كلية والأخرى جزئية، لأنه إن كانت كلتا المقدمتين موجبتين يكون قياساً أن النتيجة ممكنة لا مطلقة. وكذلك تكون النتيجة إذا كانت المقدمة الواحدة سالبة والأخرى موجبة وكانت الموجبة اضطرارية. فإذا كانت السالبة اضطرارية فإن النتيجة تكون سالبة مطلقة. والبرهان فى ذلك هو البرهان فى المقاييس الكلية، لأنه بالشكل

الأول ضرورةً تتم هذه المقاييس. فإذن كما عرض فى تلك المقاييس، كذلك وفى هذه بالضرورة يعرض. فإن صيرت السالبة الكلية عند الطرف الأصغر فانها إن كانت ممكنة تكون قياسا بالانعكاس. وإن كانت اضطرارية ليس تكون قياسا. ويبين ذلك على نحو ما يبين فى المقاييس الكلية وبتلك الحدود.

فهو بين فى هذا الشكل متى يكون قياس وكيف يكون، ومتى لا يكون، ومتى تجمع نتيجة ممكنة، ومتى مطلقة: وهذا أيضا بين أن هذه المقاييس كلها غير تامة، وأنها تتم بالشكل الأول.

][ تم القول فى تأليف القياسات ][

٢٣

〈التطبيق الكلى للأشكال. — الرد إلى الشكل الأول〉

فهو بين مما قد قيل أن المقاييس التى فى هذه الأشكال تتم بالمقاييس الكلية التى فى الشكل الأول وإليها تنحل. وأما أن كل قياس فى الجملة هكذا هو فالآن يتبين إذا تبين أن كل قياس إنما يكون بواحد من هذه الأشكال الثلاثة.

فكل برهان وكل قياس إما أن يبين أن الشكل موجود وإما غير موجود. وهذا إما أن يكون كليا أو جزئيا، وإما أن يكون جزما أو بشريطة. وأما القياس الذى يكون برفع الكلام إلى المحال فهو جزء من القياس الذى يكون

بشريطة. فلنتكلم أولاً على المقاييس الجزئية لأنه إذا تبينت هذه تبينت المقاييس التى تكون برفع الكلام إلى المحال، وفى الجملة المقاييس التى تكون عن شريطة.

فإن احتيج أن يقاس أن ا مقول على حـ أو غير مقول فيجب ضرورةً أن يوجد شىء مقول على شىء. فإن أخذ أن ا مقول على ٮ، يكون المأخوذ هو المطلوب أولاً. — فإن أخذت ا مقولة على حـ و حـ غير مقولة على شىء، ولا شىء مقول عليها، ولا شىء مقول على ا، فإنه لا يكون قياس ألبتة، لأنه بصفة شىء واحد على شىء واحد لا يعرض شىء باضطرار. فإذن يجب أن تضاف إلى ذلك مقدمة أخرى. فإن أخذت ا مقولة على شىء آخر أو أخذ شىء آخر مقولا على ا أو على حـ، فإنه ليس شىء يمنع أن يكون قياس؛ ولكنه لا يكون القياس على ٮ بهذه المقدمات المأخوذة. وكذلك لا يكون قياس على ٮ [و]إذا كانت حـ فى شىء آخر، وذلك الشىء فى آخر، وذلك أيضا فى آخر، وكان ذلك غير متصل ب ٮ. لأنا نقول فى الجملة إنه ولا قياس واحدا يكون ألبتة لشىء على شىء إذا لم يوجد بينهما وسيط مضاف إلى كل واحد منهما بالصفة، لأن القياس المرسل من مقدمات.

فأما القياس الذى على هذا الشىء فمن المقدمات التى على ذلك الشىء. وأما القياس الذى لهذا الشىء على هذا الشىء فمن المقدمات التى لهذا على هذا. فمحال أن توجد مقدمة على ٮ إذا لم يوجد شىء مقول عليها أو مسلوب عنها. وأيضا محال أن توجد مقدمات ا ٮ على حـ إن لم يوجد شىء واحد مشتركا لهما، ولكن لكل واحد منهما أشياء يقال عليها خاصة أو يسلب عنها. فإذن ينبغى أن يؤخذ شىء واحد وسيطاً بينهما يكون موصلا للصفات إن كان يحتاج إلى قياس لهذا على هذا. فإن كان يجب ضرورةً أن يوجد شىء مشتركا لهما — وذلك يمكن على ثلاث جهات، لأنه يكون إما بأن يحمل ا على حـ و حـ على ٮ؛ أو بأن تحمل حـ على كلتيهما، أو بأن تحمل كلتاهما

على حـ، وكأن ذلك هو الأشكال التى ذكرنا. فهو بين أن كل قياس بالضرورة يكون بواحد من هذه الأشكال. لأنه إن وجب بأوساط كثيرة أن ا على ٮ، فإن ذلك الشكل بعينه يكون بالأوساط الكثيرة التى تكون كما يكون بوسط واحد.

وهو بين أن المقاييس الجزئية بالأشكال التى ذكرنا تتم. وأما المقاييس التى برفع الكلام إلى المحال فإنما تتم بواحدة من هذه الأشكال. فهو بين مما نقول: كل المقاييس التى تكون برفع الكلام إلى المحال أما الكذب فنتيجة جزما، وأما المطلوب الأول فتوجبه شرطاً إذا عرض شىء محال بوضع النقيضة، مثل أنه ليس للقطر والضلع مقدار مشترك من أنه إذا وضع ذلك يعرض أن يكون العدد الزوج مساويا للعدد الفرد. فالذى ينتج جزما هو أن الزوج مساو للفرد. وأما الذى يتبين شرطا فهو أنه ليس للقطر والضلع مقدار مشترك، لأنه يجب عن نقيضه هذا القول الكذب، لأن هذا معنى أن يقاس على الشىء بالقياس الذى يرفع إلى المحال أن ينتج شىء محال بالنقيضة الموضوعة. فإذن القياس جزما يكون على الكذب فى المقاييس التى ترفع إلى المحال. وأما المطلوب الأول فيتبين شرطا. وقد قلنا فيما تقدم إن المقاييس الجزمية بهذه الأشكال تكون، وكذلك تكون سائر

المقاييس الشرطية كلها، لأنه فى هذه الشرطية كلها على المقدمة المحولة فيها أبدا يكون القياس الجزم. وأما المطلوب الأول فإنه يجب إما عن اصطلاح وإما عن شريطة أخرى. فإذا كان ذلك حقا فكل برهان وكل قياس إنما يكون بهذه الثلاثة الأشكال التى ذكرنا. وإذا تبين ذلك فهو بين أن كل قياس إنما يتم بالشكل الأول وينحل إلى المقاييس الكلية.

٢٤

〈الكيف والكم فى المقدمات〉

وإنه ينبغى أن يكون فى كل قياس مقدمة موجبة ومقدمة كلية؛ لأنه بلا مقدمة كلية [و]إما ألا يكون قياس، وإما أن يكون — غير أنه ليس على المطلوب، وإما أن تكون المقدمة نفسها فى المطلوب، — فليكن الشىء المطلوب أن اللذة الموسيقية فاضلة؛ فإن قدم أحد أن الذة فاضلة ولم يزد فى قوله: «كل» — ليس يكون قياسا. وإن قدم أن لذة ما فاضلة وكانت غير اللذة التى سبقته فإنه لا يكون قياسا على الشىء المطلوب. فإن قدم اللذة الموسيقية أنها فاضلة، فقد استعمل الشىء المطلوب مقدمة. وبيان ذلك فى الأشكال أكثر، مثل أن زاويتى المثلث المتساوى الساقين اللتين عند القاعدة متساويتان. فلنخرج إلى المركز خطى ا ٮ. فإن أخذ أحد

زاوية ا + حـ مساوية لزاوية حـ + د من غير أن يقدم فيه أن زوايا أنصاف الدوائر متساوية، وأيضا إن أخذ زاوية حـ مساوية لزاوية حـ من غير أن تأخذ الزاوية كلها التى تقطعه الدائرة، وإنه إذا أخذ من زوايا متساوية تبقى منها زوايا متساوية وهى ھ 〈و〉 د فإنه قد تقدم فى قوله المطلوب الأول. فهو إذن بين أنه فى كل قياس ينبغى أن تكون مقدمة كلية وأن الشىء الكلى من مقدمات كلية يتبين، فإن الجزئى قد يتبين من مقدمات كلية، وقد يتبين من مقدمات بعضها كلية وبعضها جزئية. فإذن إن كانت النتيجة كلية فينبغى أن تكون المقدمات كلية. وإن كانت المقدمات كلية فقد يمكن ألا تكون النتيجة كلية. وهو بين أن فى كل قياس إما أن تكون كلتا المقدمتين أو الواحدة بالضرورة شبيهة بالنتيجة، أعنى ليس فى أن تكون واجبة أو سالبة، لكن وفى أن تكون اضطرارية أو مطلقة أو ممكنة. وينبغى

أن نتفقد سائر الصفات. وهو بين متى يكون قياس مرسلا ومتى لا يكون، ومتى يكون ناقصا ومتى يكون تاما، وأنه إذا كان قياس فبالضرورة تكون الحدود على نحو من الأنحاء التى ذكرنا.

٢٥

〈تعيين عدد الحدود والمقدمات والنتائج〉

وهو بين أن كل برهان يكون بثلاثة حدود، لا بأكثر 〈و〉إن لم تكن النتيجة الواحدة تتبين بأوساط مختلفة، مثل أن ھ تتبين بمقدمتى ا ٮ وبمقدمتى حـ د أو بمقدمتى ا ٮ وبمقدمتى ا حـ، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون لأشياء واحدة أو صاف كثيرة. فإذا كان ذلك، فإن المقاييس ليست واحدة، لكنها كثيرة. وأيضا إذا أخذت كل واحدة من مقدمتى ا ٮ بقياس — مثل أن تؤخذ مقدمة ا بمقدمتى د ھ وأيضا مقدمة ٮ بمقدمتى ز ث أو تؤخذ المقدمة الواحدة التقاطا والأخرى قياسا. لكن وعلى هذه الجهة تكون المقاييس كثيرة، لأن النتائج كثيرة

وهى ا ٮ حـ. فإن كانت هذه المقاييس ليست كثيرة ولكنها قياس واحد، فإنه على هذه الجهة يمكن أن تكون نتيجة واحدة بحدود كثيرة. وأما على نحو ما تنتج ا حـ من ا ٮ فمحال، وإلا فلتكن ھ منتجة من ا ٮ حـ د. فإذن بالضرورة ينبغى أن تؤخذ نسبة الواحدة إلى الأخرى كنسبة الكل إلى الجزء، لأن ذلك قد تبين أولاً أنه إذا كان قياس فبالضرورة تكون المقدمات هكذا. فلتكن ا و ٮ على هذه النسبة، فإذن تكون منها نتيجة إما ھ وإما إحدى حـ و د أو شىء آخر غير هذه. — فإن كانت النتيجة ھ فإن القياس يكون من مقدمتى ا ٮ. و حـ د أيضا، إن كانت نسبة إحداهما إلى الأخرى كنسبة الكل إلى الجزء، فإنه يكون أيضا منهما نتيجة: وهى إما ھ وإما إحدى ا ٮ وإما شىء آخر غير هذه. فإن كانت النتيجة ھ أو إحدى ا ٮ، فإنه يعرض أن تكون القياسات كثيرة أو كما كان يمكن أن تكون النتيجة بأوساط كثيرة. فإن كانت النتيجة غير ھ فإن المقاييس تكون كثيرة وغير متصلة بعضها ببعض. فإن لم تكن نسبة حـ إلى د نسبة يكون منها قياس، فإن أحدهما يكون باطلا، اللهم إلا أن تكون مأخوذةً من أجل شىء ما مثل التقاط أو ستر النتيجة، أو من أجل شىء آخر مشاكل لهذه. — فإن كانت من مقدمتى ا ٮ نتيجة غير ھ، ومن مقدمتى حـ د إما إحدى ا ٮ أو شىء غيرهما، فإن المقاييس تكون كثيرة، وليس على المطلوب الأول، لأنه كان موضوعا أن يكون القياس على ھ.

فإن لم يكن من مقدمتى حـ د نتيجة، فإنه يعرض أن يكون أحدهما باطلاً والآخر يكون قياسا على المطلوب الأول.

فإذن هو بين أن كل برهان وكل قياس بثلاثة حدود فقط. فإذ كان ذلك بينا فإنه بين أن كل قياس إنما يكون من مقدمتين لا أكثر، لأن الثلاثة الحدود هى مقدمتان، إلا أن يضاف إليهما شىء لتتميم القياسات كما قيل فيما تقدم. فهو بين أن أى قول قياسى لا تكون المقدمات التى بها تكون النتيجة المطلوبة أزواجا. وذلك أن بعض النتائج التى ذكرت قبل قد يجب ضرورةً أن تكون مقدمة. فإن هذا القول إما ألا يوجب شيئا باضطرار أو يكون فيه شىء لا يحتاج إليه فى بيان المطلوب. فإن أخذت المقاييس بالمقدمات المتصلة المحتاج إليها فى المطلوب الأول، فإنه يكون كل قياس من مقدمات أزواج ومن حدود أفراد، لأن الحدود أكثر من المقدمات بواحد، وتكون النتائج نصف المقدمات فى العدد. فإذا أنتج الشىء المطلوب من مقدمات مأخوذة من مقاييس قبلها، أو أنتج من أوساط كثيرة متصلة كمثل ا ٮ بأوساط حـ د فإن كثرة الحدود تزيد على المقدمات واحدا، لأن الحد الزائد على الحدود إما أن يكون فى الوسط أو خارجاً منها. وعلى كلتا الجهتين يعرض أن تكون المقدمات بواحد أقل من الحدود. إلا أنها ليست تكون أبدا أزواجا والحدود أفراداً، لكنها قد

تكون بالعكس. فإذا كانت المقدمات أزواجا، فإن الحدود أفراد. وإذا كانت الحدود أزواجا فالمقدمات أفراد، لأن مع زيادة حد تزيد مقدمة أينما وضع الحد. فإذاً إن كانت المقدمات أزواجا والحدود أفرادا وزيد عليها حد، فبالضرورة يتبدل عددهما. وليس تكون نسبة عدد النتائج إلى الحدود والمقدمات كما كانت المقاييس الأخر، لأنه إذا زيد حد واحد، تزداد النتائج أقل من الحدود المتقدمة قبل المزيد بواحد، لأنه لا يجتمع من الحد المزاد ومن الحد الأخير الذى قبله نتيجة. وأما منه ومن سائر الحدود الأخر فتكون نتيجة. ومثال ذلك أن تزاد د على حدود ا ٮ حـ. فإنه إذا زيد يعرض أن تزداد نتيجتان، وهما نتيجة ا د ونتيجة ٮ حـ؛ وكذلك وفى سائر هذا، إذا زيدت تحت حـ. فإن جعلت فوق ا حدثت نتيجة د ٮ و د حـ. وإن جعلت بعد ا حدثت نتيجة ا ٮ ونتيجة د ٮ وكذلك الحدود. فإن زيد الحد فى الوسط، فإنه على هذا المثال تكون زيادة التنائج، لأن الحد المزيد يعمل مع كل واحد من الحدود قياساً ماخلا حداً واحدا، فإنه لا يعمل معه قياساً. فإذن النتائج تكون تتكثر أكثر من الحدود ومن المقدمات.

٢٦

〈أنواع القضايا التى تثبت أو تبطل فى كل شكل〉

فلأن الأشياء التى عليها تكون المقاييس هى عندنا موجودة، وأيما منها فى كل شكل وعلى كم ضرب يتبين، فإنه أيضا بين لنا أى المطلوب يكون القياس فيه صعبا، وأيما يكون القياس فيه هينا.

لأن الذى يتبين فى أشكال كثيرة وعلى ضروب كثيرة هو هين. وأما الذى يتبين بأشكال قليلة وعلى ضروب قليلة فإنه صعب. والكلى الموجب يتبين بالشكل الأول فقط، و، بذلك 〈الشكل〉، على ضرب واحد. وأما الكلى السالب فيتبين بالأول والثانى: بالأول على ضرب واحد؛ وأما بالثانى فعلى ضربين. وأما الجزئى الموجب فيتبين بالشكل الأول والثالث: أما بالشكل الأول فعلى ضرب واحد؛ وأما بالشكل الثالث فعلى ثلاثة أضراب. وأما الجزئى السالب فإنه يتبين فى كل الأشكال، إلا أنه يتبين فى الشكل الأول على ضرب واحد، وأما فى الثانى فعلى ضربين، وأما فى الثالث فعلى ثلاثة أضرب.

فهو بين إذاً أن إيجاب الكلى الموجب صعب جدا، وإبطاله هين. وبالجملة إبطال الكلية أسهل من إبطال الجزئية، لأنه إن تبين أن المطلوب سالب كلى أو سالب جزئى يبطل أنه موجب كلى. والسالب الجزئى يتبين فى كل الأشكال. وأما السالب الكلى ففى شكلين. وكذلك يعرض فى إبطال السالب الكلى، لأنه إن تبين أن المطلوب كلى موجب أو جزئى موجب، يبطل أنه كلى سالب. وبيان ذلك كان فى شكلين. وأما إبطال

الجزئيات فعلى ضرب واحد، إما بأن نبين أن المطلوب كلى واجب وإما كلى سالب. وأما إيجاب المطلوبات الجزئية فسهل، لأنها تتبين فى أشكال كثيرة وعلى ضروب كثيرة. وبالجملة، لا ينبغى أن نفعل أن الإبطال قد يكون ببعضها لبعض، أى إبطال كلى بإيجاب الجزئى، وإبطال الجزئى بالكلى. وأما إيجاب الكلى فمحال أن يكون بإيجاب الجزئى. وأما إيجاب الجزئى فإنه يكون من إيجاب الكلى. وفى ذلك ما يتبين أن الإبطال أسهل من الإيجاب.

فقد تبين مما قد قيل: كيف يكون القياس، ومن كم حدً وكم مقدمة، وكيف ينبغى أن تكون نسبتها؛ وأيضا أى مطلوب يتبين فى أى شكل، وأيما فى أشكال كثيرة، وأيما فى أشكال قليلة.

٢٧

〈قواعد عامة للأقيسة الحملية〉 الفصل الثانى على اكتساب المقدمات

فينبغى الآن أن نقول كيف نكتسب أبداً للشىء المطلوب الموضوع مقاييس، وبأى سبيل نأخذ أوائل كل شىء؛ لأنه ليس ينبغى أن نعلم فقط كون المقاييس، ولكن ينبغى لمن علمها أن تكون له قوة على أن يعملها.

فالأشياء كلها منها ما لا يقال على شىء ألبتة قولاً حقيقيا كليا مثل 〈قليون〉 وقلياس وكل شىء جزئى محسوس وأشياء أخر تحمل على هذه. وذلك أن كل واحد من هذين هو إنسان وهو حيوان أيضا. ومنها ما يقال على آخر ويقال عليها آخر مثل ما يقال الإنسان على قليون والحى على الإنسان؛ وهو بين أن من الأشياء ما لا يقال على شىء لأن كل واحد من المحسوسات على هذا النحو هو لا يقال على شىء آخر إلا بالعرض، لأنا قد نقول أحيانا ذلك الأبيض سقراط وذلك الجائى قلياس. وسيبين فيما بعد أن الأشياء المفولة لها نهاية إلى فوق. ولكن ليكن ذلك ذلك فى هذا الوقت موضوعا أن من الأشياء ما يقال على آخر ولا يبرهن عليه مقول آخر إلا على جهة الرأى المحمود. وأما الأشياء الجزئية فإنها لا تقال على أخر، ولكن تقال عليها أخر. وأما الأوساط فيمكن فيها الجهتان، لأنها تقال على أخر ويقال عليها أخر. وأكثر ما يكون الكلام والفحص عن هذه الأوساط.

فينبغى أن تؤخذ مقدمات كل شىء مطلوب على هذه الجهة: بأن يؤخذ المطلوب أولا فيوضع وينظر: ما حدود الشىء وخواصه، ثم من بعد ذلك كل ما يلحق الشىء وأيضا تلك التى يلحقها الشىء وكل مالا يمكن أن يؤخذ فى الشىء. وأما الأشياء التى لا يمكن الشىء فيها فلا ينبغى أن تؤخذ، من جهة أن الكلية السالبة ترجع. وينبغى أن نميز أيما من اللوحق يقال بماذا، وأيما منها

خواص للشىء، وأيما منها يقال مع الشىء بالعرض. وينبغى أيضا أن نميز أيما من هذه يقال بالرأى المحمود، وإيما منها يقال بالحقيقة، لأنه كلما أكثر أحد من اكتساب هذه الأشياء كان أسرع له فى وجود النتيجة. وكلما أكثر من اكتساب الحق كان أجدر له فى أن يبرهن. وينبغى أن يختار ليس الأشياء اللاحقة لشىء جزئى، ولكن اللاحقة لكل الشىء، مثل أنه لا ينبغى أن نختار ما هو لاحق لإنسان ما، ولكن ما هو لاحق لكل إنسان، لأن القياس إنما يكون بالمقدمات الكلية. فإن كانت المقدمة مهملة، فإنه غير بين أنها كلية. وإذا حددت المقدمة بالكل بان أنها كلية. وكذلك ينبغى أن نختار الأشياء الكلية التى يلحقها الشىء من أجل العلة التى قيلت. وأما الشىء اللاحق فلا ينبغى أن يؤخذ كله لاحقا مثل أن الإنسان يلحقه كل الحى، أو أن الموسيقى يلحقها كل علم. ولكن ينبغى أن يؤخذ الشىء اللاحق مرسلا وكما هو جار فى القول، لأن القول الآخر محال غير نافع مثل أن كل إنسان هو كل حى وأن العدل هو كل خير: ولكن ينبغى أن يضاف الكل إلى الموضوع. فإن كان الموضوع الذى ينبغى أن تؤخذ لواحقه محاطاً بشىء، فإنه لا ينبغى أن ينظر فى أن الأشياء اللاحقة بالمحيط أو غير اللاحقة هى لا حقة بالمحاط، لأن كل ما لحق الحى فهو لاحق للانسان. وكذلك مالا يلحق الحى. وينبغى أن تؤخذ

خواص كل شىء لأن للنوع خواص دون الجنس، لأنه بالضرورة فى سائر الأنواع الأخر تؤخذ خواص. ولا ينبغى أن ينظر: هل الشىء المحيط لاحق بموضوعات المحاط، لأنه بالضرورة إن كان الحى محيطا بالإنسان فهو لاحق لكل ما يلحقه الإنسان، بل هو أولى أن ينظر: هل الإنسان لاحق بها. وينبغى أن يؤخذ ما هو لاحق على الأكثر وما يلحق لأن قياس الشىء الذى هو على الأكثر إنما يكون من مقدمات على الأكثر إما كلها وإما بعضها، لأن نتيجة كل شىء شبيهة بالأوائل. — ولا ينبغى أن يختار ما هو لاحق للطرفين، لأنه لا يكون من ذلك قياس، وسنبين علة ذلك فيما نستأنف.

٢٨

〈قواعد خاصة بالبحث عن الأوسط فى الحمليات〉

فإذا أردنا أن يوجد أن شيئا محمولا على شىء كله، فإنه ينبغى أن ينظر فى موضوعات المحمول التى يقال عليها المحمول فى لواحق الموضوع كلها. فإن كان بعض موضوعات المحمول ولواحق الموضوع شيئا واحدا، فبالضرورة يقال المحمول على كل الموضوع. فإذا أردنا أن ننتج ليس موجبه كلية، بل موجبة جزئية، فينبغى أن نأخذ الموضوع لكلا الطرفين. فإن كانا شيئا واحدا، فمن الاضطرار أن يكون الطرف الأكبر فى بعض الطرف الأصغر. فإذا أردنا أن نوجب أن المحمول لا يقال على شىء من الموضوع، فإنه ينبغى

أن ننظر فى لاحق الموضوع وفيما لا يمكن أن يكون فى المحمول أو بالعكس: أعنى أن ننظر: وفيما لا يمكن أن يكون فى الموضوع وفى لواحق المحمول. فإن كان بعض هذه شيئا أحدا على أى الجهتين كان، فإن المحمول يكون غير مقول على شىء من الموضوع، لأنه يكون أحيانا القياس الذى فى الشكل الأول وأحيانا القياس الذى فى الشكل الأوسط. فإن أردنا أن نوجب أن المحمول ليس هو مقولاً على بعض الموضوع، فإنه ينبغى أن ننظر فيما يلحقه الموضوع وفيما لا يمكن أن يكون فى المحمول. فإن كان بعض هذه شيئا أحدا، فإن المحمول بالضرورة ليس فى بعض الموضوع. ويتبين كل واحد مما قلنا بيانا أكثر هكذا: لتكن لواحق ا 〈هى〉 ٮ وموضوعاتها حـ، وما لا يمكن أن يكون فى ا فليكن د. وأيضا لتكن لواحق ھ 〈هى〉 ز وموضوعاتها ى، وما لا يمكن أن يكون فيها ث؛ فإن أصبت من حـ و ز شيئا واحدا، فإن ا بالضرورة يكون فى كل ھ، لأن ز فى كل ھ و ا فى كل حـ، فإذن ا فى كل ھ. فإن أصبت من حـ و ى شيئا واحداً فإنه بالضرورة يكون ا فى بعض ھ، لأن ا موجودة فى حـ و ھ فى كل ى. فإن أصبت من ز و د شيئا واحدا، فإنه يجب أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ھ بقياس متقدم، لأن الكلية السالبة ترتجع و ز د هما شىء أحد، ف ا غير موجودة فى شىء من د و د هى فى كل ھ. وأيضا إن أصبت من ٮ و ث شيئا أحداً فإن ا تكون غير موجودة فى شىء من

ھ، لأن ٮ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى شىء من ھ، لأن ٮ هى ث. وقد كانت ث غير موجودة فى شىء من ھ. فإن أصبت من ٮ و ى شيئا أحدا، فإن ا تكون غير موجودة فى بعض ھ، لأنها غير موجودة فى ى. وذلك لأنها ولا فى د موجودة و ى موضوعة له. فإذن ا غير موجودة فى بعض ھ. فإن أصبت من ى و ٮ شيئا أحدا فإنه يكون القياس بانعكاس النتيجة، لأن ى تكون موجودة فى كل ا، لأن ٮ موجودة فى كل ا وأما ھ فموجودة فى كل ى، لأن ى هى ٮ. وأما ا فإنها ليس بالضرورة فى كل ھ، ولكنها فى بعضها بالضرورة من جهة أن الكلية الموجبة ترتجع جزئية.

فهو بين أنه ينبغى أن نتفقد ما ذكرنا فى حدى كل مطلوب، لأن بهذه تكون جميع المقاييس. وينبغى أن نقصد من اللواحق والموضوعات إلى الأوائل والكلية جداً، مثلما إذا قصدنا إلى لواحق ھ فهو أولى أن ننظر فى و د من أن ننظر فى د فقط. وإذا نظر فى لواحق ا فهو أولى أن ننظر فى و حـ من أن ننظر فى حـ، لأنه إن كانت ا موجودة فى و د فإنها وفى ز موجودة، وفى ھ. فإن كانت ا ليست لاحقة ل و د فقد يمكن أن تكون لاحقة ل د.

وكذلك ينبغى أن نتفقد فى الأشياء التى يلحقها الشىء 〈ا〉، لأنه إن كان لاحقا له أوائل، فإنه لاحق لما تحت ذلك؛ وإن كان ليس لاحقا للأوائل فقد يمكن أن يكون لاحقاً لما تحتها. وهو بين أن النظر يكون فى الثلاثة الحدود والمقدمتين. فإن المقاييس كلها تكون فى الأشكال التى ذكرت. لأنه يتبين أن ا موجودة فى كل ھ إذا أخذ شىء من حـ و ز شيئا واحدا. ويكون هذا المأخوذ الحد الأوسط وتكون الأطراف ا و ھ: فيكون الشكل الأول. — ونتبين أن ا موجودة فى بعض ھ إذا أخذ من حـ و ى شيئا واحدا: ويكون ذلك فى الشكل الثالث، ويكون الحد الأوسط ى. — ويبين أن ا غير موجودة فى شىء من ھ إذا أخذ د و ز شيئا واحدا؛ ويكون على هذه الجهة الشكل الأول والثانى: أما الشكل الأول فلأن ا غير موجودة فى شىء من ز إذ كانت ترتجع السالبة و ز موجودة فى كل ھ؛ وأما الشكل الثانى فلأن د غير موجودة فى شىء من ا وموجودة فى كل ھ. — ويتبين أن ا غير موجودة فى بعض ھ إذا كان ز ى شيئا واحدا، — وذلك الشكل الثالث، لأن ا تكون غير موجودة فى شىء من ى وتكون ھ موجودة فى كل ى.

فهو إذن بين أن المقاييس كلها إنما تكون بالأشكال التى ذكرت، وأنه لا ينبغى أن نختار فى اكتساب المقدمات ما يلحق كلا الطرفين من جهة أنه ليس يكون عن ذلك قياس ألبتة، لأنه فى الجملة ليس يوجب

شىء من لواحق الطرفين، ولا يمكن أن يسلب شىء من لواحق الطرفين، لأنه ينبغى أن يكون الحد الأوسط موجودا فى الواحد وغير موجود فى الآخر.

وهو بين أن سائر النظر الذى فى الاختيار غير نافع فى أن يعمل قياسا: مثل أنه إن كانت لواحق الطرفين شيئا واحدا، وإذا كانت موضوعات ا وما لا يمكن أن يكون فى ھ شيئا واحدا. وأيضا إن كان مما لا يمكن أن يكون فى كل واحد منهما شىء أحد فإنه لا يكون قياس عن ذلك. — لأنه إن كانت لواحق الطرفين شيئا أحدا مثل ٮ ز، يكون الشكل الثانى وتكون مقدماته موجبة. — فإن كانت موضوعات ا وما لا يمكن أن يكون فى ھ شيئا واحداً مثل حـ ث، فإنه يكون الشكل الأول وتكون المقدمة الصغرى فيه سالبة. — فإن كان ما لا يمكن أن يكون فى واحد منهما شيئاً أحداً مثل د ث فإن كلتا المقدمتين تكونان سالبتين إما فى الشكل الأول وإما فى الشكل الثانى. وعلى هذه الجهة ليس يكون قياس ألبتة.

وهو بين أنه إنما ينبغى أن يؤخذ فى النظر شىء واحد؛ وأنه ليس ينبغى أن يؤخذ غير أو ضد. أما أولاً فإن النظر إنما يكون من أجل الحد الأوسط، والحد الأوسط لا ينبغى أن يؤخذ مختلفا، ولكن شيئا واحدا. وأما بعد ذلك فإنه أى قياس عرض بأن توجد أضداد وما لا يمكن أن يكون فى شىء أحد، فإن ذلك القياس ينحل إلى أحد هذه الأنحاء التى ذكرنا، مثل أنه إن كانت ٮ و ز أضدادا وغير

ممكنة أن تكون فى شىء واحد. فإنه يكون قياس عن ذلك أن ا غير موجودة فى شىء من ھ. فإذن بالضرورة تكون ٮ و ث شيئا أحدا. وأيضا إن كانت ٮ ى لا يمكن أن يكون فى شىء أحد فإنه يكون قياسا أن ا غير موجودة فى بعض ھ، لأنه يكون على هذه الجهة الشكل الثانى لأن ٮ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى شىء من ى. فإذن بالضرورة تكون ى و ث شيئا أحدا، لأنه لا فرق بين أن تكون ٮ و ى غير ممكنة فى شىء واحد وأن تكون ى و د شيئا واحدا، لأنه قد أخذ جميع ما لا يمكن أن يكون فى ھ.

فهو بين أن من هذا النظر ليس يكون قياس ألبتة، لأنه إن أخذت ٮ و د أضداداً فإن القياس إنما يكون بأن ٮ و ث شىء أحد. ويعرض للذين ينظرون هذا النظر أن يكون نظرهم فى غير الطريق الاضطرارية من جهة أنهم يعقلون أن ٮ و ث شىء أحد.

٢٩

〈تفقد الأوسط فى المقاييس التى ترفع إلى المحال، وفى المقاييس الشرطية، والمقاييس ذوات الجهة〉

وعلى هذه الجهة تكون المقاييس التى ترفع إلى المحال، لأن هذه كلها إنما تكون باللواحق التى للطرفين وبالتى يلحقها الطرفان. والنظر فى القياس الجزمى والرافع إلى المحال واحد: لأن الشىء الذى يبين جزما يكون أن يتبين برفع الكلام إلى المحال وبحدود واحدة، والذى يتبين برفع الكلام إلى المحال يكون أن يتبين جزما: مثل أن ا غير موجودة فى شىء من ھ. وإلا فلتكن موجودة فى بعضها ولأن ٮ موجودة فى كل ا، وا موجودة فى بعض ھ، فإن ٮ موجودة فى بعض ھ، ولكن كانت ٮ غير موجودة فى شىء من ھ. — وأيضا أن ا موجودة فى بعض ھ. لأنه إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ھ، وكانت ھ موجودة فى كل ى فإن ا غير موجودة فى شىء من ى، ولكن قد كانت موجودة فى كل ھ|. — وكذلك يعرض فى سائر المطلوبات، لأنه أبداً يكون فى جميع المطلوبات البيان الذى يكون برفع الكلام إلى المحال من لواحق الطرفين وما يلحقها الطرفان. ونظر واحد يكون فى كل مطلوب للذى نقيس جزما أو برفع الكلام إلى المحال، لأن كلا البرهانين من حدود واحدة. مثل أن يبين أن ا غير موجودة فى شىء من ھ، لأنه إذا صيرت

موجودة فى بعضها كانت ٮ موجودة فى بعض ھ، وذلك محال. فإن أخذت ٮ غير موجودة فى شىء من ھ وموجودة فى كل ا، فإنه يتبين جزماً أن ا غير موجودة فى شىء من ھ. وأيضا أن يتبين جزما أن ا غير موجودة فى شىء من ھ، فإن ذلك أيضا يتبين برفع الكلام إلى المحال إن وضعت ا موجودة فى بعض ھ. وكذلك يعرض فى سائر المطلوبات لأنه يجب فى كل المقاييس التى تكون برفع الكلام إلى المحال أن يوجد حد آخر مشترك للقياس الجزمى والرافع إلى المحال. فإذا ارتجعت هذه المقدمة وبقيت الأخرى على حالها يكون القياس جزمياً وبتلك الحدود بعينها التى بها يكون القياس الرافع إلى المحال، لأن القياس الجزمى ينفصل من الرافع إلى المحال بأن كلتا المقدمتين توجد فى الجزمى حقا. وأما فى الرافع إلى المحال فإن الواحدة توجد كذبا.

وسنبين ذلك فيما نستأنف بيانا أ أكثر إذا نحن تكلمنا على المحال. وأما الآن، فليكن ذلك بينا أنه فى أشياء واحدة ينبغى أن ينظر القائس جزما والقائس برفع الكلام إلى المحال. وأما فى سائر المقاييس الشرطية مثل التى تكون بتحويل القول أو بكيفية، فإن النظر ليس يكون فى المقدمات الشرطية منها، ولكن فى القول المحول. والنظر

فى ذلك يكون على نحو ما يكون فى المقاييس الجزمية. وينبغى أن نتفقد ونقسم على كم ضرب تكون المقاييس الشرطية. فعلى هذا النحو يتبين كل مطلوب. ومن المطلوبات ما يتبين على نحو آخر مثل ما تتبين الأشياء الكلية بشرط من النظر فى الأشياء الجزئية، لأنه إن كانت حـ و ى شيئا واحداً، وكانت ھ موجودة فى ى فقط، فإن ا موجودة فى كل ھ. وأيضا إن كانت د وى شيئا واحدا وكانت ھ مقولة على ى فقط، فإن ا غير مقولة على شىء من ھ. فهو بين أنه على هذه الجهة ينبغى أن ننظر. وعلى هذا النحو يكون النظر فى الأشياء الاضطرارية والممكنة، لأن النظر فى قياس المطلوب المطلق أو المطلوب الممكن واحد وبحدود واحدة فى الترتيب يكون. وينبغى أن يؤخذ فى الأشياء الممكنة ما ليس بموجود ولكنه يمكن أن يوجد، لأنه قد تبين أن بهذه يكون قياس الممكن. وكذلك فى سائر الصفات.

فهو بين مما قيل أنه ليس فقط بهذه السبيل يمكن أن تكون كل المقاييس، لكن ومحال أن تكون بغيرها، لأنه قد تبين أن كل قياس إنما يكون بواحد من الأشكال التى ذكرت فيما تقدم. وهذه الأشكال محال أن تكون إلا من الأشياء اللاحقة أو من الملحوقة، لأن من هذه تكون المقدمات واكتساب الحد الأوسط. فإذن ليس يمكن أن يكون قياس بأشياء أخر.

٣٠

〈البحث عن الأوسط فى الفلسفة وسائر العلوم والصناعات〉

أما المأخذ فى أشياء كلها فواحد، أعنى فى الفلسفة، وكل صناعة وكل تعليم: بأنه ينبغى أن يعرف فى كل مطلوب الأشياء الموجودة فى الشىء والتى فيها يوجد الشىء، ويكتسب ذلك على أكثر ما يمكن ويتفقد ذلك فى ثلاثة حدود. ويكون النظر فى السلب على نحو ما، وفى الإيجاب على نحو آخر. أما الحقيقى، فمن الحقيقة؛ وأما المقاييس الجدلية، فمن المقدمات المأخوذة من الرأى المحمود.

وقد قيلت فى الجملة أوائل المقاييس كيف هى، وعلى أى نحو ينبغى أن تكتسب. لكن لا نقصد إلى كل ما يقال ولا إلى أشياء واحدة فى الإيجاب والسلب، ولا فى الإيجاب على الكلى أو على الجزئى، وفى السلب عن الكل أو عن الجزء؛ ولكن لكى نقصد إلى أشياء قليلة محدودة. وينبغى أن نختار فى كل واحد من الأشياء المطلوبة مقدمات خاصة مثلما إن كان المطلوب خيرا أو علما، فإن أكثر المقدمات فى كل صناعة خاصة لتلك الصناعة؛ ولذلك يحتاج فى معرفة أوائل كل شىء إلى التجربة كما يحتاج فى علم النجوم إلى التجربة بأمور النجوم، لأنه لما علمت الظاهرات علماً كافيا حينئذ وجدت البراهين النجومية. وكذلك يعرض فى كل صناعة وكل علم. فإذن

إن أخذت الأشياء الموجودة فى كل مطلوب، فإنه لنا أن تظهر البراهين حينئذ بسهولة، لأنه إن لم يتخلف شىء فى الخبر من الموجود فى الأشياء بالحقيقة، فإنا نقول إننا نجد برهان كل ماله برهان، وما ليس له برهان يتبين ذلك فيه.

فقد قيل فى الجملة كيف ينبغى أن تختار المقدمات. أما بالاستقصاء فقد خبرنا بذلك فى كتاب «الجدل».

٣١

〈القسمة〉

وأما أن القسمة التى تكون بالأجناس جزء صغير من هذا المأخذ، فإنه سهل أن يعرف، لأن القسمة كأنها قياس ضعيف، لأنها تقدم ما ينبغى أن يبرهن وتنتج أبدا شيئا فوقانيا. أما أولا فهذا بعينه أغفله كل المستعملين للقسمة والذين كانوا يتعاطون أن يقنعوا أنه يكون برهان فى الذات وفى ماهية الشىء. فإذن وهم مستعملون للقسمة ما كانوا فهموا أى شىء يمكن أن يتبين قياسا، ولا أن ما يتبين بالقياس هكذا يتبين على نحو ما قلنا، لأنه إذا احتيج أن يتبين شىء فى البراهين ينبغى أن يكون الحد

الأوسط الذى به يكون القياس أصغر أبدا من الطرف الأول. وأما فى القسمة فبخلاف ذلك يكون، لأنها تأخذ الحد الأوسط أكبر. فليكن الحى ا والمائت ٮ والأزلى حـ؛ وأما الإنسان الذى ينبغى أن يوخذ حده فليكن د، فالمستعمل للقسمة يأخذ أن كل حى إما أن يكون مائتا أو أزليا. وذلك هو أن كل ا إما أن يكون ٮ أو حـ. وأيضا يضع أن الإنسان «حى» فى قسمته، ثم يأخذ أن ا محمول على د. فالقياس هو أن كل د إما أن يكون ٮ، أو حـ، فإذن الإنسان بالضرورة إما أن يكون مائتا أو أزليا؛ وأما حيا مائتا، فليس بالضرورة؛ ولكنه يأخذ هذا عن غير برهان وهو الذى كان ينبغى أن يبرهنه. وأيضا إذ نضع أن ا هو حى مائت، وذو الأرجل ٮ وغير ذى الأرجل حـ، والإنسان د، فإنه يأخذ أن ا إما أن تكون فى ٮ أو فى حـ؛ لأن كل حى مائت إما أن يكون ذا أرجل أو يكون غير ذى أرجل، ويأخذ ا مقولة على د، لأنه أخذ أن الإنسان حى مائت. فإذن بالضرورة الإنسان هو حى ذو أرجل أو غير ذى أرجل. وأما ذو أرجل فليس بالضرورة، ولكن يأخذ ذلك. وهذا أيضا الذى كان يجب أن يبرهن. وعلى هذه الجهة، إذ يقسمون أبداً، يعرض أن يكون الحد الأكبر هو الأوسط. وأما الفصول والحد الذى كان يجب أن يكون عليه البرهان فتكون أطرافا. وأخذ ذلك أن هذا هو الإنسان أو ما كان الشىء المطلوب، وليس يقولون شيئاً بينا ألبتة حتى إنه يعرض منه آخر باضطرار. ولا يتوهمون

أنه يمكن أن تكتسب المقدمات على نحو ما قيل. فهو بين أنه لا يمكن بهذا المأخذ أن يسلب شيئا، ولا يمكن أن يقاس قياس فى العرض أو فى الخاصة أو فى الجنس ولا فى الأشياء التى نجهل هل هى هكذا أو هكذا، مثل أن القطر ليس له مقدار مشترك والضلع. لأنه إن أخذ أن كل طول إما أن يكون له مقدار مشترك أولا يكون له، وأن القطر طول، فهو ينتج أن القطر إما أن يكون له مقدار مشترك، وإما أن لا يكون له. فإن أخذ أن القطر ليس له مقدار مشترك فإنه يأخذ ما كان ينبغى له أن يبرهن. فإذن ليس للقسمة أن تبرهن شيئا، لأن السبيل هذه، وبهذه السبيل ليس يتبين شىء. فليكن الذى له مقدار مشترك أو غير مشترك ا والطول ٮ والقطر حـ. — فهو بين أن الطلب بالقسمة ليس يصلح فى كل نظر ولا فى الشىء الذى يظن أن القسمة تصلح له يكون هذا الطلب نافعا.

فهو بين مما قد قيل من أى الأشياء تكون المقاييس، وكيف، وإلى أى شىء ينبغى أن نقصد فى كل مطلوب.

٣٢

〈قواعد لاختبار المقدمات والحدود والأوسط والشكل〉 الفصل الثالث

وأما بعد ذلك فإنه ينبغى أن نقول كيف ترفع المقاييس إلى الأشكال التى ذكرنا، لأن ذلك بقية ما كان يجب أن ينظر فيه. لأنه إن عرفنا كون المقاييس، وكانت لنا قدرة على أن نوجدها أيضا، وأيضا على أن نرد ما كان

منها إلى الأشكال التى ذكرنا، فإن ذلك تمام غرضنا الأول. ويعرض مما سنتكلم فيه الآن من حل المقاييس إلى الأشكال أن نتحقق ما قيل أولا ويكون أ بين هكذا كما قيل: لأنه يجب أن يكون الحق شاهدا لنفسه ومتفقا من كل جهة. فينبغى أولا أن نتعاطى أحد مقدمتى القياس لأنه أسهل أن نقسم الكلام إلى ما كثر منه، لا إلى ما قل. والكثير هو مؤلف، والقليل الذى منه التأليف. وأيضا من بعد ذلك ينبغى أن نفحص أيما المقدمة الكبرى، وأيما الصغرى، وهل هما موجودتان فى القياس أم الواحدة، لأنه قد يعرض أن يقدموا الكبرى ويسكتوا عن الصغرى، وذلك إما فى المساءلة وإما فى الكتب. وإما أن يقدموا الصغرى ويسكتوا عن المقدمة التى بها تنتج الصغرى. وأحيانا يقدمون أشياء لا تعين فى إيجاب النتيجة ولا فى نقضها.

فينبغى إذن أن نفحص إن كان أخذ فى القياس شىء لا يحتاج إليه، أو إن كان ينقصه شىء يحتاج إليه. لكن نرفض ما لا يحتاج إليه ونضع ما يحتاج إليه، حتى يبلغ الإنسان إلى المقدمتين، لأنه بلا هاتين ليس يكون أن يرد الكلام إلى الأشكال. ومن الكلام ما تسهل فيه المعرفة بما فيه من النقصان، ومنه ما يجوز المعرفة ويظن أنه قياس من جهة أنه يعرض منه شىء

اضطرارى، مثل أنه إن قدم أن ببطلان غير جوهر ليس يبطل جوهر، وببطلان أجزاء الجواهر تبطل الجواهر، لأنه إذا قدم ذلك فإنه يعرض أن يكون جزء الجوهر بالضرورة جوهرا، غير أن ذلك ليس هو مجتمعا من هذه المقدمات، ولكن تنقصه مقدمات. وأيضا إن كان إنسان موجودا، فحى موجود. وإن كان حى موجودا، فجوهر موجود. فإن كان إنسان موجودا فجوهر موجود بالضرورة، غير أنه غير مجتمع بعد من هذه المقدمات لأنه ليس تناسب المقدمات كما قلنا فيما تقدم. وتعرض لنا الخدعة فى هذا الكلام من جهة أنه يعرض شىء اضطرارى من الموضوعات فيه، لأن القياس هو اضطرارى، ولكن الاضطرارى يذهب على أكثر مما يذهب عليه القياس، لأن كل قياس اضطرارى، وليس كل اضطرارى قياسا. فإذاً ليس يجب إذا عرض شىء بالضرورة بوضع أشياء ينبغى أن نتعاطى رفع ذلك إلى شكل؛ ولكن ينبغى أن تؤخذ أولاً المقدمتان، ومن بعد ذلك ينبغى أن نقسمها إلى الحدود. وينبغى أن يصير الحد الأوسط من الحدود المقول

فى كلتا المقدمتين، لأن الحد الأوسط بالضرورة موجود فى كلتا المقدمتين فى كل الأشكال.

فإن كان الحد الأوسط محمولا فى المقدمة الواحدة، وآخر محمول عليه فى الأخرى، فإنه يكون الشكل الأول. فإن كان الحد الأوسط محمولا فى الواحدة مسلوبا فى الأخرى، فإنه يكون الشكل الأوسط؛ فإن كان الحدان محمولين على الحد الأوسط أو الواحد محمولا والآخر مسلوبا، فإنه يكون الشكل الأخير؛ لأنه هكذا كانت نسبة الحد الأوسط فى كل شكل. وكذلك وإن لم تكن المقدمات كلية، لأن تحديدا واحدا يكون للحد الأوسط. فهو بين أن أى كلام لا يوجد فيه شىء واحد مرتين فإنه ليس قياسا، لأنه لم يوجد فيه حد أوسط، فلأنه معلوم عندنا أيما من المطلوبات يتبين فى كل واحد من الأشكال، وفى أيما يتبين الكلى، وفى أيما يتبين الجزئى، فإنه بين أنه لا ينبغى أن ننظر فى جميع الأشكال، ولكن لكل مطلوب فى الشكل الخاص به. فكل ما كان من المطلوبات يتبين بأشكال كثيرة فإنا إنما نعرف الشكل الذى به يتبين المطلوب بوضع الحد الأوسط.

٣٣

〈الكم فى المقدمات〉

فقد يعرض أن نختدع مرارا كثيرة فى المقاييس من جهة أنه يعرض شىء اضطرارى كما قيل أولاً. وقد تعرض أحيانا الخدعة من تشابه وضع

الحدود الذى لا ينبغى أن نغفله، مثل أنه إن كانت ا مقولة على ٮ، و ٮ مقولة على حـ، فإنه يظن أنه إذا كانت الحدود هكذا يكون قياس، ولكنه ليس يكون عن ذلك شىء اضطرارى ألبتة ولا قياس. فليكن ا أزليا، وٮ أرسطومانس متوهما وحـ أرسطومانس، فهو حق أن تكون ا فى ٮ، لأن أرسطومانس هو متوهم أبدا؛ وهو حق أن تكون ٮ فى حـ، لأن أرسطومانس هو أرسطومانس متوهما. وأما ا فغير موجودة فى حـ لأن أرسطومانس فى طبيعته يتلف، لأنه لم يكن قياس إذا كانت الحدود على هذه النسبة، لكن كان ينبغى أن تؤخذ مقدمة ا ٮ كلية، ولكن هو كذب أن يقضى بأن كل أرسطومانس متوهم هو أبدا، إذ كان أرسطومانس فى طبيعته أن يتلف. — وأيضا فليكن حـ ميقالوس، ولكن ٮ ميقالوس موسيقوس، و ا إن يتلف غدا فهو حق أن يقال إن ٮ على حـ، لأن ميقالوس هو موسيقوس ميقالوس. وهو حق أيضا أن يقال ا على ٮ، لأنه يتلف غدا موسيقوس ميقالوس. فأما أن يقال ا على حـ فهو كذلك. وهذا المثال والمثال الذى قبله واحد، لأنه ليس يحق أن يقال إن كل ميقالوس موسيقوس يتلف غدا، لأنه لم يكن القياس يكون من غير أن تكون هذه المقدمة كلية.

وهذه الخدعة تكون من الفصل الخلفى اليسير: لأنه: «إذ كان هذا فى هذا موجودا»، كأنه ليس ينفصل من القول: «إن هذا فى كل هذا موجود» — يسلم أن يكون قياس.

٣٤

〈الحدود المجردة والحدود العينية〉

وقد يعرض مرارا كثيرة الكذب من جهة فساد وضع الحدود فى المقدمة، مثل أنه إن كانت ا صحة وكانت ٮ مرضا وحـ إنسانا، فهو حق أن يقال إن ا ليس يمكن أن تكون موجودة فى شىء من ٮ، لأنه ليس شىء من المرض صحة. وأيضا حق أن يقال إن ٮ فى كل حـ (لأنه ليس كل إنسان قابلا للمرض). فقد يظن أنه يعرض أنه ليس يمكن أن توجد الصحة فى واحد من الناس. وعلة ذلك من أن وضع الحدود ليس كما ينبغى، لأنه إن وضع بدل الحالات، القابلة للحالات، ليس يكون قياس: مثل أنه إن وضع بدل «الصحة»: «صحيحا» 〈، وبدل «المرض»: «مريضاً». لأنه ليس حقاً أن يقال أنه من المستحيل على المريض أن يصح〉. فإن لم يؤخذ ذلك ليس يكون قياس إلا للممكن، وذلك ليس بمجال، لأنه يمكن ألا تكون صحة فى واحد من الناس. 〈وأما فى الشكل الثانى، فالكذب يعرض بالطريقة عينها: ليس من الممكن أن توجد الصحة فى بعض المرض، لكن من الممكن أن توجد فى كل إنسان؛ وإذن فالمرض ليس فى واحد من الناس〉. — وأما فى الشكل الثالث فيعرض الكذب فى الممكن، لأن الصحة والمرض والعلم والجهل وفى الجملة الأضداد يمكن

أن تكون فى شىء واحد، ومحال أن يكون بعضها فى بعض. وذلك غير موافق لما قد فيل فيما تقدم، لأنه حين كانت أشياء ممكنة فى شىء واحد كانت ممكنة بعضها فى بعض.

فهو بين أن فى كل هذه الأقوال إنما تكون الخدعة من وضع الحدود، لأنه إذا أخذ بدل الحالات، القابلة للحالات، ليس يعرض كذب ألبتة. فهو بين أن فى مثل هذه المقدمات ينبغى أن يؤخذ ذو الحال بدل الحال ويصير حدا.

٣٥

〈الحدود المركبة〉

وليس ينبغى أبداً أن يطلب وضع الحدود باسم، لأنه قد يعرض كثيرا أن يكون الحد كلاما لا اسم له، ولذلك هو صعب أن ترفع هذه المقاييس إلى الأشكال. وقد يخدع أحيانا من أجل ذلك ويظن أنه قد يكون قياس فيما لا وسط فيه. فلتكن ا قائمتين و ٮ مثلث و حـ متساوى الساقين، ف ا موجودة فى حـ من أجل ٮ، وموجودة فى ٮ ليس من أجل شىء آخر، لأن المثلث بذاته ذو قائمتين. فإذن ليس ل ا ٮ وسط، إذ هو مبرهن. فهو بين أنه ليس ينبغى أبدا أن يؤخذ الحد الأوسط كشىء واحد، ولكن قد يكون هذا الحد أحيانا كلاما كما كان فى هذا المثال الذى ذكرناه.

٣٦

〈الحدود فى مختلف الأحوال〉

وأما القول أن الطرف الأول موجود فى الأوسط، والأوسط هو موجود فى الأخير، فإنه ليس ينبغى أن يفهم من ذلك أبداً أن بعضها صفة لبعض، أو أن الطرف الأول موجود فى الحد الأوسط على نحو ما الأوسط موجود فى الآخر. وكذلك يعرض إذا قيل إن الشىء ليس موجودا فى الشىء، وكم كانت أنحاء ما إذا قيل كان صدقا على عدد تلك الأنحاء ومعانيها بدل القول إن الشىء موجود فى الشىء أو غير موجود، مثل أن الأضداد علم واحد فيها. فلتكن ا علما واحدا و ٮ الأضداد، ف ا هى موجودة فى ٮ، ليس أن الأضداد هى علم واحد، ولكن أنه صدق أن يقال على الأضداد إن فيها علما واحدا.

وقد يعرض أن يكون الطرف الأول صفة الأوسط، ولا يكون الأوسط صفة للثالث، مثل أنه إن كانت الحكمة علما، والحكمة للخير، فإن النتيجة أن للخير علما. فأما الخير فليس هو علما؛ وأما الحكمة فإنها علم. — وأحيانا يعرض أن يكون الحد الأوسط صفة للثالث، والأول غير صفة للأوسط، مثل أنه إن كان فى كل ضد أو كل كيفية علم، والخير ضد أو كيفية، فإن النتيجة أن فى الخير علما، وليس الخير علما، ولا الكيفية، ولا الضد؛ ولكن الخير هو هذه.

وقد يعرض أحيانا ألا يكون الحد الأول صفةً للأوسط، ولا الأوسط صفة للثالث، ويكون الأول صفة للثالث وأحيانا غير صفة له مثل أنه إن كان ما فيه علم له جنس وفى الخير علم، فالنتيجة أن للخير جنسا، فليس فى القياس شىء هو صفة لشىء. فإن كان ما فيه علم جنسا، وفى الخير علم، فإن النتيجة أن الخير جنس. فالحد الأول صفة للثالث، والحدود غير صفة بعضها لبعض.

وكذلك ينبغى أن نفهم إذا قيل إن الشىء غير موجود فى الشىء، لأنه ليس أبداً يدل أنه إذا كان هذا غير موجود فى هذا أن هذا ليس هو هذا، ولكن أحيانا أن هذا ليس لهذا، وأحيانا أن هذا ليس فى هذا، مثل أنه ليس للحركة حركة، ولا للكون كون؛ وللذة كون، فليس إذاً اللذة كونا. — وأيضا إن للضحك علامة، وليس للعلامة علامة، فإذن ليس الضحك علامة. وكذلك يعرض فى سائر المقاييس التى نتيجتها سالبة بأن يقال: الحد الأوسط على الحدين كيفما قيل. — وأيضا إن الوقت ليس هو زمانا محتاجا إليه، لأن للإله وقتا وليس للإله زمانا محتاجا إليه من جهة أنه ليس لله شىء نافع، لأنه ينبغى أن نضع الحدود هكذا: وقتا، وزمانا تحتاج إليه، وإلهاً. وأما المقدمات فينبغى أن تقال على نحو ما يقع به الحق، وذلك قول كلى أن الحدود وينبغى أن توضع كما يسمى كل واحد منها على الانفراد،

مثل إنسان أو خير أو أضداد، لا: لإنسان، ولخير، ولأضداد. وأما المقدمات فينبغى أن تؤخذ على نحو ما يكون الحق، كقولك: هذا ضعف لهذا، وهذا من هذا — وما شا كل ذلك.

٣٧

〈أنواع الحمل〉

وإما أن يكون هذا موجودا فى هذا، وأن يكون هذا صدقا على هذا فينبغى أن يؤخذ على أنحاء المقولات. وذلك إما أن يقال مرسلا أو من جهة؛ وإما أن يقال مبسوطا أو بتركيب. وكذلك الذى لا يقال على الشىء. فينبغى أن تتفقد هذه الأشياء وتحدد كما ينبغى.

٣٨

〈تكرار حد بعينه〉

وأما الحد المكرر فى المقدمات فإنه ينبغى أن يقال مع الحد الأكبر، لا مع الأوسط، أعنى أنه إن كان قياس أن العدل يعلم أنه خير، فإنه خير ينبغى أن يقال مع الطرف الأول. وبيان ذلك أن يكون ا يعلم أنه خير و ٮ خير و حـ عدل، فهو صدق أن يقال إن ا على ٮ، لأن الخير يعلم أنه خير. وأيضا ٮ صدق أن يقال على حـ، لأن العدل خير. فعلى هذه الجهة يكون أن يحل القياس. فإن وضع أنه خير مع ٮ، فإنه

لا ينحل القياس ألبتة لأنه صدق أن يقال ا على ٮ. وأما ٮ فغير صدق أن يقال على حـ، لأنه أن يقال إن العدل خير أنه خير — كذب وغير مفهوم. — وكذلك إن تبين أن الصحيح معلوم من جهة أنه خير أو أن غير — أيل متوهم من جهة أنه ليس، أو أن الإنسان ليتلف من جهة أنه محسوس، لأنه فى كل المقاييس التى ينبغى فيها الحد المكرر ينبغى أن يصير التكرار عند الطرف الأول.

وليس وضع الحدود واحدا إذا تبين الشىء مرسلا أو غير مرسل، أعنى مثل ما إذا تبين أن الخير معلوم أو إذا تبين أنه معلوم ما. ولكن إن يبين مرسلا أن الخير معلوم، فإنه ينبغى أن يصير الموجود حداً أوسط. — وإن تبين أن الخير معلوم ما، ينبغى أن يصير الحد الأوسط موجودا ما. فليكن ا يعلم أن موجودا ما، و ٮ موجودا ما، و حـ خير؛ فإذن تكون نتيجة أن الخير يعلم أنه خير، لأن موجوداً ما هو علامة للذات الخاصية. فإن صير الموجود حدا أوسط وقيل مرسلا على الطرف الأصغر، فإنه لا يكون قياسا أن الخير يعلم أنه خير، ولكن أنه موجود. فليكن ا يعلم أنه موجود خير، و ٮ موجود، و حـ خير.

فهو بين أنه على هذا النحو ينبغى أن تؤخذ الحدود فى المقاييس التى محمول النتيجة فيها غير مرسل.

٣٩

〈استبدال الأقوال المتساوية〉

فينبغى أن تبدل الأسماء بالأسماء إذا كان معناهما واحدا، والأخبار بالأخبار، والاسم والخبر. وينبغى أن يؤخذ مكان الخبر اسم، لأنه أهون لوضع الحدود، مثل أنه إن كان لا فرق بين القول: المظنون ليس هو جنسا للمتوهم، وبين القول: المتوهم ليس هو بمظنون (لأن معنى الاسم هاهنا هو ومعنى الخبر واحد) فإنه ينبغى أن تعد الحدود: مظنونا ومتوهما.

٤٠

〈استعمال الأداة〉

فلأن ليس هو واحدا أن يقال إن اللذة هى خير وإن اللذة هى الخير، فإنه ليس ينبغى أن يكون وضع الحدود على نحو واحد. ولكن إن كان القياس أن اللذة هى الخير، فينبغى أن يصير الخير حدا. فإن كان القياس أن اللذة خير فينبغى أن يصير الحد خيراً، وكذلك فى سائر الأشياء.

٤١

〈تفسير بعض العبارات〉

وليس هو واحدا أن يقال إن الذى يوجد فيه ٮ فى كله يوجد ا، وأن يقال فى كل الذى يوجد فى ٮ يوجد فى ا ولا معناهما واحد، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ٮ فى حـ ولا فى كله. فلتكن ٮ خيرا، ولتكن حـ أبيض فإن كان يوجد فى أبيض ما، خير فهو حق أن يقال إن الأبيض خير. غير أنه ليس كل أبيض يجب أن يكون خيرا. فإن كانت ا فى ٮ، وكانت ا لا تقال على كل ما تقال عليه ٮ، فإنه لا يجب بالضرورة أن تكون ا ليس فقط لا فى كل حـ، ولكن ولا فى حـ ألبتة يجب أن تكون: 〈سواء〉 كانت ٮ مقولة على كل حـ أو كانت مقولة على حـ فقط. — فإن كانت ا تقال على كل ما تقال عليه ٮ بالحقيقة، فإنه يعرض إذا قيلت ٮ على شىء كله أن يقال ا على كل ذلك الشىء. فإن قيلت ا على الذى على كا تقال ٮ فإنه ليس شىء يمنع إن كانت ٮ مقولة على حـ ألا تكون ا مقولة على كل حـ أو لا تكون مقولة على حـ ألبتة. فهو بين فى الثلاثة الحدود أنه إن كانت ٮ مقولة على كل الشىء، فإن ا تكون مقولة على كل الشىء، أعنى

أن جميع الأشياء التى يقال عليها ٮ يقال على كلها ا. فإن كانت ٮ على الكل ف ا أيضا هكذا. فإن كانت ٮ ليست مقولة على كل الشىء، فليس بالضرورة ا مقولة على كله.

ولا ينبغى أن يتوهم أنه يعرض شىء محال من وضع الحروف، لأنا ليس نستعملها على أنها شىء محدود يشار إليه، ولكن مثل الهندسى الذى يسمى خطا قدميا وخطا مستقيما لا عرض له، وليس هو كما نسميه، ولكن نستعمله هكذا ونقيس على ما نستعمل، لأنه فى الجملة إذا لم يكن شىء نسبته إلى آخر كنسبة كل إلى جزء آخر نسبته إلى هذا كنسبة كل إلى جزء، فإنه ولا من مثل واحد من هذه تبين المبين ولا يكون قياس ألبتة. وأما وضع هذه الحروف فنستعمله لبيان التعليم للمتعلم، لا أنه محال أن يتبين شىء قياسا بلا هذه، أعنى على جهة ما يتبين الشىء من الأشياء التى يكون فيها القياس. ولا ينبغى أن فى القياس الواحد ليس كل النتائج بشكل واحد تكون، ولكن هذه النتيجة بشكل، وهذه بآخر، فهو بين أن حل المقاييس كذلك.

٤٢

〈حل الأقيسة المركبة〉

ولأنه ليس كل مسئلة هى مرتبة فى كل شكل، لكن فى واحد واحد، فبين من النتيجة فى أى شكل ينبغى أن يطلب.

٤٣

〈رد الحدود〉

وكل ما كان مناقضا لاسم واحد من التى فى الحد، فإنه ينبغى أن يوضع ذلك الاسم الذى نقص من الحد ولا الحد كله، فإنه يعرض أن لا يضطرب لطول القول مثل أنه إن يتبين أن الماء ليس مشروبا، فإنه ينبغى أن تصير الحدود: المشروب، وماء البحر، والماء.

٤٤

〈حل البرهان بالرفع إلى المحال وبقية الأقيسة الشرطية〉

وأيضا ليس ينبغى أن نتعاطى حل المقاييس الشرطية، لأنه ليس يمكن أن يحل من ذلك المكان الموضوع، لأنها ليس يتبين ما بينه بقياس، ولكن على تواطؤ يقتربها كلها، مثل أنه إن وضع أحد أنه إن كانت قوة واحدة ما ليست للأضداد ولا علم واحد للأضداد، ثم بعد ذلك تبين أن ليس قوة

للأضداد مثل الصحيح والمريض، وإلا فقد كان سيكون الشىء الواحد صحيحا مريضا. فأن لا تكون للأضداد كلها قوة واحدة، فإن ذلك قد تبين قياسا. وأما ألا يكون للأضداد كلها علم واحد فإنه لم يتبين قياسا، وإن كان ينبغى أن نقربه ضرورةً، ولكن ليس قياسا، بل عن شريطة. فهذا القول ليس يمكن أن يحل. وأما أن ليس للأضداد قوة واحدة فيحل، لأنه قد كان لذلك قياس. وأما القول الآخر فشريطة.

وكذلك القول الذى يرفع إلى المحال، لأنه ليس يمكن أن يحل كذلك، ولكن القياس الذى ينتج المحال يمكن أن يحل لأنه قياسا يتبين. وأما الجزء الآخر منه، فلا، لأنه عن شريطة يتبين. وينفصل القول الذى يرفع إلى المحال من المقاييس الشرطية التى ذكرناها من قبل أن فى تيك المقاييس ينبغى أن يواطأ المكلم ويقرر إن كان يراد منه الإقرار، مثل أنه إن تبين للأضداد قوة واحدة فإنه يكون للأضداد علم واحد. وأما فى المقاييس التى ترفع إلى المحال فإنه بلا تواطؤ ولا تقرير يقرون النتيجة من جهة أن الكذب يكون بينا، مثل ما إذا صير مقدار مشترك للضلع والقطر يعرض أن تكون الأعداد الفرد مساوية للزوج.

وقياسات أخر كثيرة تتبين عن شريطة، وقد ينبغى أن تتفقد وتتعلم تعلما يقينا. وأما ما فصول هذه المقاييس الشرطية وعلى كم جهة تكون،

فسنتكلم فيما نستأنف. وأما الآن، فليكن هذا بينا أنه ليس يكون أن تحل هذه المقاييس إلى الأشكال. وقد قلنا لأى علة.

٤٥

〈رد الأقيسة من شكل إلى آخر〉

فكل ما كان من المطلوبات يتبين فى أشكال كثيرة فإنه إن كان قيس فى واحد من الأشكال، 〈فـ〉ـقد تكون أن يحل إلى شكل آخر: مثل القياس السالب الكلى فى الشكل الأول قد يحل إلى الشكل الثانى، والذى فى الشكل الثانى قد يحل إلى الأول؛ وليس ذلك أبدا، ولكن أحيانا؛ وسنبين ذلك فيما نستأنف. — لأنه إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ و ٮ موجودة فى كل حـ، فإن ا غير موجودة فى شىء من حـ ويكون على هذه الجهة الشكل الأول. فإن رجعت المقدمة السالبة يكون الشكل الأوسط، لأن ٮ غير موجودة فى شىء من ا وموجودة فى كل حـ. — وكذلك يعرض وإن كان القياس جزئيا مثل ما إذا كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ و ٮ فى بعض حـ، لأنه إذا رجعت المقدمة السالبة يكون الشكل الأوسط.

وأما المقاييس الكلية التى فى الشكل الثانى فإنها تنحل إلى الشكل الأول. وأما الجزئية فواحد منها فقط ينحل إلى الأول. وبيان ذلك أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى كل حـ، فإذا رجعت المقدمة السالبة يكون الشكل الأول، لأن ٮ تكون غير موجودة فى شىء من ا و ا

موجودة فى كل حـ. فإن كانت الموجبة عند ٮ والسالبة عند حـ فينبغى أن يصير الحد الأول حـ لأنها غير موجودة فى شىء من ا وا موجودة فى كل ٮ، فإذن حـ غير موجودة فى شىء من ٮ. فإذن ٮ ليست موجودة فى شىء من حـ لأن السالبة ترجع.

فإن كان القياس جزئيا وكانت السالبة عند الطرف الأكبر، فإنه ينحل إلى الشكل الأول مثل ما إذا كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى بعض حـ، لأن السالبة إذا رجعت يكون الشكل الأول لأن ٮ تكون غير موجودة فى شىء من ا و ا موجودة فى بعض حـ. وأما إذا كانت الموجبة عند الطرف الأكبر، فإن القياس لا ينحل إلى الشكل الأول: مثل ما إذا كانت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى كل حـ لأن مقدمة ا ٮ ليس ترجع، وإن رجعت ليس يكون برجوعها قياس.

وأما مقاييس الشكل الثالث فليس تنحل كلها إلى الشكل الأول. وأما مقاييس الشكل الأول فكلها تنحل إلى الشكل الثالث.

وبيان ذلك أن تكون ا موجودة فى كل ٮ، وٮ فى بعض حـ لأن الجزئية الموجبة ترجع: تكون حـ فى بعض ٮ، وكانت ا فى كلها. فإذن يكون الشكل الثالث.

وكذلك يعرض إذا كان القياس سالبا، لأن الجزئية الموجبة ترجع، فإذن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، و حـ موجودة فى بعض ٮ.

وأما المقاييس التى فى الشكل الثالث فواحد من فقط لا ينحل إلى الشكل الأول إذا لم تكن المقدمة السالبة كلية. وأما الباقية كلها فتنحل. وبيان ذلك أن تقال ا و ٮ على كل حـ، فإذن حـ ترجع على كل واحد منها رجوعا جزئيا. فإذن حـ فى بعض ٮ، ويكون على هذه الجهة الشكل الأول. ومعنى واحد يكون إذا كانت ا فى كل حـ و حـ فى بعض ٮ. وإذا كانت ا فى كل حـ و ٮ فى بعضها لأن ٮ على حـ. فإن كانت ٮ فى كل حـ و ا فى بعض حـ فإن الحد الأول ينبغى أن يوضع ٮ، لأن ٮ فى كل حـ، و حـ فى بعض ا. فاذن ٮ فى بعض ا. ولأن الجزئية الواجبة ترجع، فإن ا تكون فى بعض ٮ. — وكذلك ينبغى أن نفعل إذا كان القياس سالبا كليا. وبيان ذلك أن تكون ٮ موجودة فى كل حـ، وا غير موجودة فى شىء منها، ف حـ تكون بالرجوع فى بعض ٮ، وا غير موجودة فى شىء من حـ، فإذن يكون الحد الأوسط حـ. وكذلك أيضا إذا كانت المقدمة السالبة كلية والموجبة جزئية لأن ا تكون غير موجودة فى شىء من حـ وحـ بالرجوع تكون فى بعض ٮ. فإن أخذت المقدمة السالبة جزئية فليس ينحل القياس إلى الشكل الأول، مثل ما إذا كانت ٮ موجودة فى كل حـ و ا غير موجودة فى بعضها، لأنه إذا ارتجعت مقدمة ٮ حـ تصير كلتا المقدمتين جزئيتين.

وهو بين أنه فى حل الأشكال بعضها إلى بعض المقدمة الصغرى ينبغى أن تعكس فى كلا الشكلين، لأن بعكس هذه كانت تكون النقلة.

وأما المقاييس التى فى الشكل الثانى فالواحد منها ينحل إلى الشكل الثالث، وأما الآخر فلا ينحل، لأنه إذا كانت المقدمة السالبة كلية تنحل. — لأنه إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى بعض حـ فإن كلا ٮ حـ يرجعان على ا. فإذن تكون ٮ غير موجودة فى شىء من ا، و حـ فى بعض ا، فإذن الحد الأوسط ا. — فإذا كانت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى كل حـ، فإن القياس لا ينحل، لأنه ولا واحدة من المقدمتين تكون كلية بالرجوع.

وأما المقاييس التى فى الشكل الثالث فتنحل إلى الشكل الثانى إذا كانت المقدمة السالبة كلية مثل ما إذا كانت ا غير موجودة فى شىء من حـ و ٮ موجودة فى كل حـ أو فى بعض حـ، لأن حـ بالرجوع تكون غير موجودة فى شىء من ا وموجودة فى بعض ٮ. فإن كانت المقدمة السالبة جزئية، فإن القياس لا ينحل، لأن السالبة الجزئية ليس تنعكس.

وهو بين أن مقاييس واحدةً بأعيانها فى هذه الأشكل ليس لها انحلال ولا التى فى الشكل كانت تنحل، وسائر المقاييس كلها تنحل إلى الشكل الأول. فأما هذه فإنها تتبين برفع الكلام إلى المحال.

وهو بين مما قد قيل كيف ينبغى أن تحل المقاييس وأن الأشكال ينحل بعضها إلى بعض.

٤٦

〈الحدود المحدودة والحدود غير المحدودة فى الأقيسة〉

وقد يغفل اختلافاً — فى أن يقاس على الشىء بإيجاب أو بسلب — المتوهم بأن القول: «ليس هو هذا» والقول: «هو لا هذا» — يدل على معنى واحد أو على معنى مختلف، مثل القول: «ليس هو أبيض»، «وهو لا أبيض»، لأن هذين القولين ليس يدلان على معنى واحد وليس سالب: هو أبيض، القول: هو لا أبيض، ولكن: ليس هو أبيض. وقياس ذلك هو أن نسبة: «يمكن أن يمشى» إلى «يمكن ألا يمشى»، كنسبة «هو أبيض» إلى «هو لا أبيض»، وكنسبة «يعلم خيرا» إلى «يعلم لا خيرا» ومعنى القول إنه «يعلم الخير» «وهو عالم بالخير» واحد — وكذلك «يقدر أن يمشى» و«هو قادر أن يمشى». فإذن، ومعنى الأقوال المناقضة لهذه واحد: «ليس يقدر أن يمشى»، «وليس هو قادرا أن يمشى». فإن كان القول أن «ليس هو قادرا أن يمشى» يدل على ما يدل عليه «هو قادر أن لا يمشى»، فإنه يجب أن يتفقا معا فى شىء أحد، لأن الإنسان الواحد يمكنه أن يمشى وألا يمشى. وأيضا: «هو عالم بالخير» «وعالم لا بالخير». فأما الموجبة والسالبة المتناقضتان فليس يمكن أن يتفقا

فى شىء واحد معا. فكما أن القول: «ليس يعلم خيرا» «ويعلم لا خير» ليس هو شيئا واحدا، كذلك ليس هو شيئا واحدا القول: «ليس هو خيرا» و«هو لا خير»، لأن الأشياء التى فى نسبة واحدة إن كان بعضها مختلفا فبعضها مختلف. وكذلك ليس القول: «هو لا مساو» و«ليس هو مساويا» شيئاً واحداً، لأن القول: «هو لا مساو»، يقع على شىء ما موضوع وهو: غيرمساو. فأما القول: «ليس هو مساويا» فليس له شىء موضوع. ولذلك ليس كل شىء: إما أن يكون مساويا أو لا يكون مساويا. والقول أيضا إن «هذا هو عود ليس بأبيض» و«ليس هو عودا أبيض» ليس يتفق معا فى شىء واحد، لأنه إن كان عودا ليس بأبيض فهو عود، وإن كان ليس هو عودا أبيض فليس هو بالضرورة عودا. فإذن هو بين أن ليس سالب القول «هو خير» القول «هو لا خير». فاذ كان كل واحد من الأشياء إما أن تصدق عليه الموجبة أو السالبة، ولم تكن هذه سالبة، فبين أنها موجبة، ولكل موجبة سالبة، فإذن سالبة هذه: «ليس هو لا خيراً»؛ ولبعضها إلى بعض نسبة على ترتيب.

وبيان ذلك أن تكون علاقة «هو خير»: ا، و«ليس هو خيرا»: ٮ، و«هو لا خير»: حـ؛ ولتكن حـ تحت ٮ. وأما علامة «ليس هو خير» ف د، ولتكن د تحت ا. فكل شىء إما أن توجد فيه ا وإما

ٮ. ولكن ليس يتفقان فى شىء واحد معا. وإما حـ وإما د وليس يجتمعات معا فى شىء واحد، والذى يوجد فيه حـ بالضرورة يوجد فى كله ٮ؛ لأنه إن كان حقا أن يقال إن هذا لا أبيض، فحق أن يقال: إن هذا ليس هو أبيض، لأنه محال أن يكون الشىء الواحد أبيض وأن يكون لا أبيض، أو أن يكون عودا أبيض أو عودا ليس بأبيض. فإذن إن لم تكن الموجبة فالسالبة. وليس أبداً حـ فى ٮ، لأن ما لم يكن عودا ألبتة، فليس هو عودا ليس بأبيض. وبالعكس الذى يوجد فيه ا فى كله يوجد د، لأنه إما أن يكون فيه حـ أو د، فلأنه لا يمكن معا أن يكون أبيض وأن يكون لا أبيض فإن د تكون فيما فيه ا موجودة، لأنه صدق أن يقال على ما هو أبيض أنه ليس غير أبيض. وأما ا فيقال ليس على كل د لأن ا ليس هى صدقا أن يقال على ما ليس هو عوداً ألبتة إنه عود أبيض. فإذن د صدق. وأما ا فليس صدقا عليه أنه عود أبيض. فهو بين أنه ليس يجتمع ا و حـ فى شىء واحد. وأما ٮ و د فقد يجتمعان فى شىء واحد.

وكذلك نسبة المقدمات العدمية إلى المقدمات المبسوطة بهذا الترتيب. فلتكن ا: هو مساو، و حـ: ليس هو مساويا و حـ: هو لا مساو، و د: ليس هو لا مساويا.

وكذلك يعرض فى الأشياء الكثيرة إذا كان المحمول موجودا فى بعضها وغير موجود فى البعض، فإن السالبة تصدق أن أشياء ليس كلها أبيض أو ليس كل واحد منها أبيض. وأما أن كل واحد منها لا أبيض أو كلها لا أبيض فكذب. وكذلك ليس سالبة: كل حى أبيض هى: كل حى لا أبيض، لأن كليهما كذب، ولكن ليس كل حى أبيض، فلأن القول «هو لا أبيض» يدل على غير ما يدل عليه «ليس هو أبيض»، وكأن القول الواحد هو موجبة والآخر سالبة. فإنه بين أنه ليس نحو برهانها واحدا، مثل أنه إن يوجد حيوان ليس بأبيض، أو يمكن ألا يكون أبيض، فحق أن يقال إنه أبيض أو إنه لا أبيض هو نحو واحد بعينه وهو نحو الإيجاب. وذلك أن كلا القولين يبينان بالشكل الأول. فإن القول بأنه حق هو ترتب على مثل ترتب الموجود، وذلك أن سالبة الإيجاب القائل إنه صدق أن يقال إنه أبيض، ليست القائلة صدق أن يقال إنه لا أبيض، لكن القائل إنه ليس صدق أن يقال إنه أبيض. فإن كان صدقا أن يقال: إن كل إنسان هو موسيقوس أو لا موسيقوس، فينبغى أن يؤخذ كل حى هو موسيقوس أو لا موسيقوس فإنه يتبرهن. وأما أن ليس

واحد من الناس موسيقوس، فإن ذلك يبرهن سلبا على الثلاثة الضروب التى ذكرنا.

وفى الجملة، إذا كانت ا ٮ هكذا حتى إنه لا يمكن أن يكون معا فى شىء واحد وكل واحدة من الأشياء، فإنه لا يخلو من أحدهما بالضرورة، وكانت أيضا حـ د على هذه الجهة، وكانت ا لاحقة ل حـ وغير راجعة عليها، فإن د تكون لاحقة ل ٮ غير راجعة عليها، ويمكن أن تجتمع ا د فى شىء واحد، وأما ٮ حـ 〈فلا يجتمعان〉 فى شىء واحد. — فليبين أولا أن د لاحقة ل ٮ، فلان كل واحد 〈من حـ و د〉 بالضرورة ليس يخلو منه إحدى حـ د والذى فيه يوجد ٮ لا يكون فيه حـ موجودة من جهة أن ا تنحصر فى حـ و ا ٮ 〈لا يمكن〉 أن يجتمعا فى شىء واحد معا، فإنه بين أن د لاحقة ل ٮ. — وأيضا لأن حـ غير راجعة على ا وكل واحد من الأشياء إما أن يوجد فيه حـ أو د، فإن ا د يمكن أن يكونا فى شىء واحد. — وأما ٮ حـ فمحال أن يجتمعا فى شىء واحد معا بل إن ا منحصرة فى حـ، وإذن يعرض من ذلك محال. فهو إذن بين أن ٮ غير راجعة على د لأنه يمكن أن تجتمع د ا معا فى شىء واحد.

فقد يعرض أحيانا أن يختدع فى هذا الترتيب من أجل أنه لا يوجد المتناقضان على الصواب الذى ليس يخلو من أحدهما واحد من

الأشياء، مثل أنه إن كان المحال أن تجتمع ا ٮ فى شىء واحد، والذى يوجد فيه إحداهما فبالضرورة لا توجد فيه الأخرى. وكذلك أيضا حـ د والذى يوجد فيه حـ ففى كله يوجد ا لأنه يعرض بالضرورة أن تكون ٮ موجودة فى الذى توجد فيه د، وذلك كذب. وبيان ذلك أن توجد ز سالبة ا ٮ و ٮ سالبة حـ د. فكل شىء بالضرورة إما أن يوجد فيه ا أو د، لأنه إما أن توجد فيه الموجبة وإما السالبة. وأيضا فى كل شىء إما أن توجد حـ وإما أن توجد حـ وإما أن توجد ٮ، لأنهما موجبة وسالبة وكان موضوعا أن ا موجودة فى كل ما يوجد فيه حـ. فإذن الذى يوجد فيه د فى كله يوجد ٮ. وأيضا لأن كل واحد من الأشياء بالضرورة ليس يخلو من إحدى ز ٮ، وكذلك ولا من إحدى ٮ د وكانت ٮ لاحقة ل د فإن ٮ لاحقة ل د، لأن ذلك هو عندنا معلوم. فإذن إن كانت 〈ا لاحقة ل حـ〉 فإن ٮ لاحقة ل د. — وذلك كذب، لأنه بخلاف ذلك 〈قلنا إن هناك قلباً فى〉 تناسبها هكذا. لأنه ليس بالضرورة كل شىء إما أن يوجد فيه ا أو 〈د، ولا〉 ولا أيضا ٮ أو د لأن د ليس هى سالبة ا، لأن سالبة «الخير» هى: «ليس خيرا» وليس هى «لا خير» ولا «لا — خير»؛ وسالبة الشر هى «ليس شراً» وليس هى «لا شر»، ولا «لا — شر». وكذلك يعرض فى حـ د لأن السوالب المأخوذة اثنتان.

تمت المقالة الأولى من أنالوطيقا الأولى نقلت من نسخة بخط الحسن ابن سوار، نقلها من نسخة يحى بن عدى بخطه هذا سنة تسعة وأربعمائة...

قوبل به نسخة كتبت أيضا من خط يحيى بن عدى، وقوبل بها عليها وقرئت بحضرته فكان موافقا لها.

بسم الله الرحمن الرحيم المقالة الثانية من انالوطيقا الأولى 〈خصائص القياس. — النتائج الكاذبة. — أنواع الاستدلال الشبيهة بالقياس.〉

١

〈تعدد النتائج فى الأقيسة〉

قد بينا فى كم شكل، وبأى مقدمات، وكم، ومتى، وكيف يكون كل قياس؛ وأيضا ما الأشياء التى ينبغى أن ننظر فيها فى إثبات الشىء ويقضه، وكيف ينبغى أن نبحث عن الشىء المطلوب فى أى صناعة؛ وأيضا بأى سبيل نأخذ أوائل الأشياء. فلأن المقاييس منها كلية ومنها جزئية، فإن الكلية أبداً تجمع أشياء كثيرة؛ وأما الجزئية فالموجبة منها تجمع أشياء كثيرة، وأما السالبة فإنها تجمع النتيجة فقط، لأن المقدمات الأخر تنعكس. وأما السالبة فليس تنعكس، والنتيجة هى شىء مقول على شىء. فالمقاييس الأخر إذن تجمع أشياء كثيرة، مثل أنه إن تبين أن ا مقولة على كل ٮ أو على بعضها، فإن ٮ بالضرورة تكون مقولة على بعض ا، وإن لم تكن ا مقولة على شىء من ٮ فإن ٮ لا تكون مقولة على شىء من ا، وذلك بخلاف ما تقدم. فإن لم تكن ا فى بعض ٮ، فليس بالضرورة ٮ غير موجودة فى بعض ا، لأنه قد يمكن أن تكون فى كلها.

فهذه علة عامية لكل المقاييس الكلية والجزئية. وقد يمكن أن نتكلم فى المقاييس الكلية على ضرب آخر: أن قياسا واحدا يكون فى الحدود الموضوعة للحد الأوسط وللنتيجة، مثل أنه إن كانت ا حـ نتيجة بتوسط ٮ، فإن كل ما هو موضوع ل ٮ أو ل حـ فبالاضطرار على كله يقال ا، لأنه إن كانت ٮ مقولة على د، و ا مقولة على كل ٮ، فإن ا تكون مقولة على كل د. وأيضا إن كانت حـ مقولة على كل ھ و ا مقولة على كل حـ، فإن ا مقولة على كل ھ. وكذلك يعرض إذا كان القياس سالبة. — وأما فى الشكل الثانى فإن القياس إنما يكون فيما هو موضوع النتيجة فقط، مثل أنه إن لم تكن ا مقولة على شىء من ٮ ومقولة على كل حـ فإن النتيجة أن ٮ ليست مقولة على شىء من حـ. فإن كانت د موضوعة ل حـ فإنه يتبين أن ٮ ليست مقولة على شىء من د. وأما أن ٮ ليست مقولة على ما هو موضوع ل ا، فإنه ليس يتبين بقياس. وإن كانت ٮ ليست مقولة على ھ، إذ كانت ھ موضوعة ل ا: ولكن أن ٮ ليست مقولة على شىء من حـ قد يبين بقياس، وأما أن لا تكون ا مقولة على ٮ فإن ذلك خذ بلا برهان. فإذن ليس من أجل القياس يعرض ألا يكون ٮ مقولة على ھ.

فأما فى المقاييس الجزئية فإنه لا يعرض مما هو موضوع النتيجة شىء باضطرار، لأنه لا يكون قياس إذا أخذت هذه المقدمة جزئية. وأما إن كان موضوعا للأوسط فيكون قياس، غير أنه ليس يكون من أجل القياس

مثل أنه إن كانت ا مقولة على كل ٮ 〈و〉 ٮ مقولة على بعض حـ فإن ما كان موضوعا ل حـ ليس عليه قياس؛ وما كان موضوعا ل ٮ يكون عليه قياس، ولكن ليس من أجل القياس المتقدم. وكذلك يعرض فى سائر الأشكال، لأن كل ما كان موضوعا للنتيجة ليس يكون عليه قياس؛ وأما الآخر فيكون عليه قياس، غير أنه ليس من أجل القياسات. وفى القياسات الكلية كان يتبين ما كان موضوعا للحد الأوسط من مقدمة غير مبرهنة. فإذن إما ألا يكون ثمت قياس، وإما ثم وهاهنا.

٢

〈الإنتاج كذباً من مقدمات صادقة، والإنتاج بالصدق من مقدمات كاذبة — فى الشكل الأول〉

وقد تكون المقدمتان اللتان منهما يكون القياس أحيانا جميعا صدقاً وأحيانا جميعا كذبا، وأحيانا الواحدة صدقا والأخرى كذبا؛ وأما النتيجة فتكون بالاضطرار: إما صدقا وإما كذبا.

أما من مقدمات صادقة فليس يكون أن يجتمع كذب. وأما من مقدمات كاذبة فقد يكون أن يجتمع صدق، غير أنه ليس لعلة المقدمات، لأنه لا تكون القياسات لعلة المقدمات إذا كانت كذبا. وسنقول فيما نستأنف لأى علة يعرض ذلك. وهو بين من هاهنا أنه لا يمكن أن يجتمع

كذب من مقدمات صادقة، لأنه إن كان موضوعا أنه إذا كانت ا موجودة فبالاضطرار تكون ٮ موجودة. فإنه إذا لم تكن ٮ موجودة، فبالاضطرار أن تكون ا غير موجودة، وأنه إن كانت ا صدقا فمن الاضطرار أن تكون ٮ صدقا، وألا يعرض أن يكون الشىء الواحد موجودا وغير موجود معا، وذلك محال. ولا ينبغى أن نفهم أن ا حد واحد يعرض منه شىء باضطرار، لأنه لا يمكن ذلك، لأن الشىء الذى يعرض باضطرار هو النتيجة. وأقل ما تجب عنه النتيجة ثلاثة حدود ومقدمتان، لأنه إن كان حقا أن تكون ا مقولة على كل ٮ، و ٮ مقولة على كل حـ، فبالضرورة تكون ا مقولة على كل حـ، وكان ذلك غير ممكن أن يكون كذبا، وإلا يعرض أن يكون الشىء الواحد موجودا وغير موجود معا، لأن ا كما وضعًت هى مقدمتان متصلتان —. وكذلك يعرض فى القياسات السالبة، لأنه لا يكون أن يتبين كذب من مقدمات صادقة.

وأما من مقدمات كاذبة فقد يكون أن يجتمع صدق إذا كانت جميعا كذبا أو الواحدة. إلا أنه ليس أيما اتفق منها، ولكن الثانية إن هى أخذت كلها كذبا. فإن لم تؤخذ المقدمة كلها كذبا، فقد يجوز أن تكون النتيجة صدقا، على أن يكون الكذب فى أيما اتفق من المقدمتين. وبيان ذلك أن تكون ا مقولة على كل حـ وغير مقولة على شىء من ٮ، وٮ غير مقولة على حـ لأن ذلك قد يمكن مثل أن الحى غير مقول على كل شىء من الحجارة، والحجر غير مقول على واحد من الناس. فإن أخذت ا مقولة على كل ٮ وٮ مقولة على كل

حـ، فإن ا تكون مقولة على كل حـ. فإذن قد تكون النتيجة صدقا إذا كانت كلتا المقدمتين كذبا، لأن كل إنسان حى. وكذلك يعرض فى القياسات السالبة، لأنه قد يجوز أن تكون ا غير مقولة على شىء من حـ، و ٮ غير مقولة على شىء من حـ، و ا مقولة على كل ٮ، مثل أنه إن أخذت حدود وصير الإنسان الحد الأوسط، فإن الحى غير مقول على شىء من الحجارة، والإنسان غير مقول على شىء من الحجارة، والحى مقول على كل إنسان. فإذن إن أخذنا ما هو مقول على كل الشىء إنه غير مقول على شىء منه، وما هو غير مقول عليه إنه مقول على كله، فإنه يكون من هاتين المقدمتين — وهى كذب — نتيجة صادقة.

وكذلك يتبين [و]إن أخذ كل واحدة من المقدمتين بعضها كذب. فإن كانت الواحدة كذبا واتفق أنها المقدمة الأولى وكانت كلها كذبا كمقدمة ا ٮ، فإن النتيجة لا تكون صدقا. وأما إن كانت مقدمة حـ كلها كذبا فإن النتيجة تكون صدقا وأعنى بكلها كذبا المقدمة التى يوجد الصدق فى ضدها، مثل أنه إن كان الحيوان غير موجود فى شىء من الموضوع، فيؤخذ موجودا فى كله. وإن كان موجودا فى كله يؤخذ غير موجود فى شىء منه.

وبيان ذلك أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ، و ٮ موجودة فى كل حـ. فإن نحن أخذنا مقدمة ٮ حـ صدقا ومقدمة ا ٮ كلها كذباً بأن تؤخذ ا مقولة على كل حـ فمحال أن تكون النتيجة صدقا، لأن ا كانت

غير موجودة فى حـ، إذ كان ما يوجد فيه ٮ لا يوجد فى شىء منه ا، و ٮ موجودة فى كل حـ. — وكذلك لا تكون النتيجة صدقا إذا كانت ا موجودة فى كل ٮ، و ٮ فى كل حـ وأخذت مقدمة ٮ حـ صدقا ومقدمة ا ٮ كذبا كلها بأن تؤخذ ا غير مقولة على شىء من ٮ، لأن ا تكون غير موجودة فى حـ إذ كان ما توجد فيه ٮ ففى كله يوجد ا، وٮ موجودة فى كل حـ. فهو إذن بين أنه إذا أخذت المقدمة الأولى كلها كذبا: موجبة كانت أو سالبة، وكانت الأخرى صدقا، فإن النتيجة لا تكون صدقا.

فإن لم تؤخذ كلها كذبا فقد تكون النتيجة صدقا، لأنه إن كانت ا موجودة فى كل حـ وفى بعض ٮ، و ٮ فى كل حـ، مثل أن الحى موجود فى كل ققنس، وموجود فى بعض الأبيض وأما الأبيض ففى كل ققنس، فإنه إن أخذت ا موجودة فى كل ٮ، و ٮ موجودة فى كل حـ تكون ا موجودة فى كل حـ حقاً، لأن كل ققنس حى. وكذلك يعرض [و]إن كانت مقدمة ا ٮ سالبة، لأنه قد يمكن أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ وتكون ٮ موجودة فى كل حـ: مثل أن الحى موجود فى بعض الأبيض وغير موجود فى شىء من الثلج، والأبيض فى كل ثلج. فإن أخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ، و ٮ فى كل حـ، فإن ا تكون غير موجودة فى شىء من حـ.

فإن أخذت مقدمة ا ٮ كلها صدقا، ومقدمة ٮ حـ كلها كذباً، فإن النتيجة تكون صدقا إذا كانت مقدمة ٮ حـ كلها كذبا. وكذلك يعرض

إذا كانت مقدمة ا ٮ سالبة، لأنه يمكن أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ حـ مثل الجنس فى الأنواع التى تحت جنس آخر كالحى، فإنه غير موجود فى الموسيقى وفى الطب، والموسيقى ليست موجودة فى الطب. فإذا أخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ، و ٮ موجودة فى كل حـ، فإن النتيجة تكون صدقا.

وإن لم تكن مقدمة ٮ حـ كلها كذبا، بل بعضها، فإن النتيجة أيضا تكون صدقا لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا موجودة فى كل واحد من ٮ حـ وتكون ٮ موجودة فى بعض حـ مثل الجنس فى النوع والفصل، كالحى: فإنه موجود فى كل إنسان وفى كل مشاء. وأما الإنسان فإنه موجود فى بعض المشاء، لا فى كله. فإذن ا إن كانت موجودة فى كل ٮ، وأخذت ٮ موجودة فى كل حـ، فإن ا تكون موجودة فى كل حـ؛ وذلك قد كان حقا. وكذلك يعرض إذا كانت مقدمة ا ٮ سالبة، لأنه يمكن ألا تكون ا موجودة فى شىء من ٮ حـ وتكون ٮ موجودة فى بعض حـ: مثل الجنس فى نوع وفصل من جنس آخر، كالحى فإنه لا يوجد فى شىء من العقلى ولا فى شىء من الفكرى، فأما العقلى فإنه موجود فى بعض الفكرى. فإذن إن أخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وأخذت ٮ موجودة فى كل حـ، فإن ا تكون غير موجودة فى شىء من حـ — وذلك قد كان حقا.

وأما فى القياسات الجزئية فقد يمكن — إذا كانت المقدمة الأولى كلها كذبا والأخرى كلها صدقا — أن تكون النتيجة صدقا. وقد يمكن أيضا أن تكون

النتيجة صدقا إذا كان بعض المقدمة الأولى كذبا وبعض الأخرى صدقا. وقد يعرض أيضا ذلك إذا كانتا جميعا كذبا، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى بعض حـ: مثل الحى، فإنه غير موجود فى شىء من الثلج وموجود فى بعض الأبيض، والثلج موجود فى بعض الأبيض. فإن وضع الحد الأوسط ثلجا، والطرف الأول حيا، وأخذت ا موجودة فى كل ٮ، و ٮ موجودة فى بعض حـ، فإن مقدمة ا ٮ تكون كلها كذبا ومقدمة ٮ حـ صدقا، وتكون النتيجة حقا. وكذلك يعرض إذا كانت مقدمة ا ٮ سالبة، لأنه قد يمكن أن تكون ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى بعض حـ وتكون ٮ موجودة فى بعض حـ، كالحى فإنه موجود فى كل إنسان وغير موجود فى بعض الأبيض. وأما الإنسان فموجود فى بعض الأبيض. فإذن إن وضع الإنسان حدا أوسط وأخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وٮ فى بعض حـ وكانت مقدمة ا حـ كلها كذبا، فإن النتيجة تكون صدقا.

وكذلك يعرض إن كانت مقدمة ا ٮ بعضها كذبا، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا فى بعض ٮ وفى بعض حـ وتكون ٮ موجودة فى بعض حـ: كالحى، فإنه موجود فى بعض الجيد وفى بعض الكبير، والجيد موجود فى بعض الكبير. فإذن إن أخذت ا موجودة فى كل ٮ، وٮ موجودة فى بعض حـ، وكان بعض مقدمة ا ٮ كذباً ومقدمة ٮ حـ

صدقا، فإن النتيجة تكون صدقا. — وكذلك يعرض إذا كانت مقدمة ا ٮ سالبة، لأن بيان ذلك يكون بالحدود المتقدمة بعينها بنحو ما أخذت.

وأيضا إن كانت مقدمة ا ٮ صدقا ومقدمة ٮ حـ كذبا، فإن النتيجة تكون صدقا، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا موجودة فى كل ٮ وموجودة فى بعض حـ وتكون ٮ غير موجودة فى شىء من حـ: كالحلى، فإنه موجود فى كل ققنس وفى بعض الأسود، والققنس غير موجود فى شىء من الأسود، فإذن إذا أخذت ا موجودة فى كل ٮ، و ٮ فى بعض حـ، فإن النتيجة تكون صدقا إذا كانت مقدمة ٮ حـ كذبا. وكذلك يعرض إن كانت مقدمة ا ٮ سالبة، لأنه قد يمكن أن تكون ا غير موجودة فى شىء من حـ مثل الجنس فى النوع الذى من جنس آخر والعرض الذى لأنواع الجنس كالحى فإنه غير موجود فى شىء من العدد وموجود فى بعض الأبيض. وأما العدد فغير موجود فى شىء من الأبيض. فإن وضع العدد حداً أوسط وأخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ و ٮ فى بعض حـ فإن ا تكون غير موجودة فى بعض حـ وذلك قد كان حقا. ومقدمة ا ٮ حق، وٮ حـ كذب.

وكذلك تكون النتيجة صدقا، وإن كانت مقدمة ا ٮ كذبا ومقدمة ٮ حـ كذبا، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ وفى بعض

حـ وتكون ٮ غير موجودة فى شىء من حـ، مثل أنه إن كانت ٮ ضد حـ وكانتا جميعا عرضين فى جنس واحد كالحى، فإنه فى بعض الأبيض وفى بعض الأسود. وأما الأبيض فغير موجود فى شىء من الأسود. فإذن إذا أخذت ا موجودة فى كل ٮ و ٮ موجودة فى بعض حـ، فإن النتيجة تكون حقا. وكذلك يعرض [و]إن أخذت مقدمة ا ٮ سالبة. وبيان ذلك من هذه الحدود التى تقدمت وبنحو ما وضعت.

وأيضا إن كانت كلتا المقدمتين كذبا فقد تكون النتيجة صدقا، لأنه قد يمكن أن تكون ا غير موجودة فى شىء من حـ مثل الجنس فى النوع الذى من جنس آخر وفى العرض الذى لأنواعه: مثل الحى، فإنه غير موجود فى شىء من العدد وموجود فى بعض الأبيض والعدد غير موجود فى شىء من الأبيض. فإن أخذت ا موجودة فى كل ٮ وٮ فى بعض حـ، فإن النتيجة تكون صدقا والمقدمتان جميعا كذب. — وكذلك يعرض إذا كانت مقدمة ا ٮ سالبة، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى بعض حـ وتكون ٮ غير موجودة فى شىء من حـ: كالحى، فإنه موجود فى كل ققنس وغير موجود فى بعض الأسود، والققنس غير موجود فى شىء من الأسود. فإذن إذا أخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وٮ موجودة فى بعض حـ، فإن ا تكون غير موجودة فى بعض حـ، فالنتيجة صدق والمقدمات كذب.

٣

〈الإنتاج صدقا من مقدمات كاذبة فى الشكل الثانى〉

وأما فى الشكل الثانى فقد يمكن لا محالة أن يجتمع صدق من مقدمات كاذبة: 〈سواء〉 كانت كل واحدة من المقدمتين كلها كذبا أو بعضها، أو كانت الواحدة كلها صدقا والأخرى كلها كذبا: أيما منهما اتفق، أو كانت الواحدة كلها كذبا وبعض الأخرى كذباً. وذلك يكون إما فى القياسات الكلية وإما فى الجزئية.

لأنه إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى كل حـ، فإن ٮ تكون غير موجودة فى شىء من حـ: كالحى، فإنه غير موجود فى شىء من الحجارة وموجود فى كل فرس. فإن وضعت هذه المقدمات على ضد ما هى بأن تؤخذ ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من د فإن النتيجة تكون صدقا من مقدمات كلها كذب. — وكذلك يعرض إن كانت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من د، لأن القياس فى ذلك واحد. وكذلك أيضا يعرض إذا كانت الواحدة كلها كذبا والأخرى كلها صدق، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا موجودة فى كل واحد من ٮ حـ وتكون ٮ غير موجودة فى شىء من حـ: كالجنس فى الأنواع التى ليس بعضها تحت بعض، مثل الحى فإنه موجود فى كل إنسان وفى كل فرس، والفرس غير موجود فى واحد من الناس. فإن أخذ الحى موجوداً فى الواحد، غير

موجود فى الآخر، فإن المقدمة الواحدة تكون كلها كذبا والأخرى كلها صدقا، وتكون النتيجة كلها صدقا: فى أى ناحية صيرت السالبة. وكذلك يعرض إن كان بعض المقدمة الواحدة كذبا وكل الأخرى صدقا، لأنه قد يمكن أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ وقى كل حـ. وأما ٮ فغير موجودة فى شىء من حـ: كالحى، فإنه موجود فى بعض الأبيض وفى كل غراب، والأبيض غير موجود فى واحد من الغربان. فإن أخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى كل حـ، فإن مقدمة ا ٮ يكون بعضها كذبا وكل مقدمة ا حـ صدقا؛ وأما النتيجة فصدق فى أى ناحية صيرت السالبة. والبرهان فى ذلك بهذه الحدود التى تقدمت. وكذلك أيضاً يعرض إن كان بعض المقدمة الموجبة كذبا والسالبة صدقا، لأنه ليس شىء يمنع أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ وتكون ٮ غير موجودة فى شىء من حـ: مثل الحى، فإنه فى بعض الأبيض وغير موجود فى شىء من القير، والأبيض غير موجود فى شىء من القير. فإذن إن أخذت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ فإن بعض مقدمة ا ٮ حق، وأما النتيجة فحق. وكذلك يعرض إن كانت كل واحدة من المقدمتين بعضها كذبا، لأنه قد يمكن أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ وبعض حـ وتكون ٮ غير موجودة فى شىء من حـ: مثل الحى، فإنه موجود فى بعض الأبيض وبعض الأسود، وأما الأبيض فغير موجود فى شىء من الأسود. فإن أخذت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ، فكل واحدة من المقدمتين

بعضها كذب والنتيجة صدق، وكذلك يعرض وإن حولت السالبة. وبيان ذلك من تلك الحدود.

وكذلك أيضا يعرض فى القياسات الجزئية، لأنه ليس شىء يمنع من أن تكون ا موجودة فى كل ٮ وبعض حـ وتكون ٮ غير موجودة فى بعض حـ: كالحى، فإنه موجود فى كل إنسان وفى بعض الأبيض. فإن أخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى بعض حـ، فإن المقدمة الكلية تكون كلها كذبا والجزئية كلها صدقا. وأما النتيجة فصدق. وكذلك يعرض إذا صيرت مقدمة ا ٮ موجبة، لأنه قد يمكن أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ وغير موجودة فى بعض حـ وتكون ٮ غير موجودة فى بعض حـ: مثل الحى، فإنه ليس بموجود فى غير المتنفس وغير موجود فى بعض الأبيض، وغير المتنفس ليس بموجود فى بعض الأبيض. فإن وضعت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى بعض حـ فإن مقدمة ا ٮ الكلية كلها كذب، مقدمة ا حـ صدق، وأما النتيجة فتكون صدقا.

وكذلك يعرض إن وضعت الكلية صدقا والجزئية كذبا، لأنه لا شىء يمنع أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ حـ وتكون ٮ غير موجودة فى بعض حـ: كالحى، فإنه ليس بموجود فى واحد من الأعداد ولا فى غير المتنفس، والعدد ليس بموجود فى بعض ما هو غير متنفس. فإن وضعت

ا غير موجودة فى شىء من ٮ 〈وموجودة فى بعض حـ فإن〉 النتيجة والمقدمة الكلية تكونان صدقا، والمقدمة الجزئية كذبا.

وكذلك يعرض إن وضعت المقدمة الكلية واجبةً، لأنه قد يمكن أن تكون ا موجودة فى كل واحدة من ٮ حـ وتكون ٮ غير موجودة فى بعض حـ كالجنس فى النوع والفصل: مثل الحى، فإنه موجود فى كل إنسان وكل مشاء، والإنسان غير موجود فى كل مشاء. فإذن إن اخذت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى بعض حـ فإن المقدمة الكلية تكون صدقا والجزئية كذبا. وأما النتيجة فتكون صدقا. وهو بين أنه إذا كانت المقدمتان كذبا، فقد تكون النتيجة صدقا، إذ كان يمكن أن تكون ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ، وتكون ٮ غير موجودة فى بعض حـ. لأنه إذا أخذت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى بعض حـ، فإن كلتا المقدمتين تكونان كذبا، وأما النتيجة فصدق.

وكذلك يعرض إذا كانت المقدمة الكلية موجبة والجزئية سالبة، لأنه قد يمكن أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى كل حـ وتكون ٮ غير موجودة فى بعض حـ: كالحى، فإنه غير موجود فى شىء من العلم وموجود فى كل إنسان، وأما العلم فغير موجود فى كل إنسان. فإن أخذت ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى بعض حـ، فإن كلتا المقدمتين تكونان كذبا، وأما النتيجة فصدق.

٤

〈الإنتاج صدقا من مقدمات كاذبة، فى الشكل الثالث〉

وأما فى الشكل الثالث فقد تكون النتيجة صدقاً إذا كانت المقدمتان كلتاهما كذبا، أو بعضها، أو كانت الواحدة كلها صدقا والأخرى كذبا، أو كان بعض الواحدة كلها كذبا والأخرى كلها صدقا وبخلاف ذلك وكيفما أمكن أن تغير المقدمات، لأنه لا شىء يمنع أن تكون كل واحدة من ا ٮ غير موجودة فى شىء من حـ. وأما ا فتكون موجودة فى بعض ٮ مثل الإنسان والمشاء، فإنهما ليسا بموجودين فى واحد مما هو غير متنفس، وأما الإنسان فموجود فى بعض المشاء. فإن أخذت ا و ٮ موجودتين فى كل حـ، فإن كل واحدة من المقدمتين تكون كلها كذبا، وأما النتيجة فصدق.

وكذلك يعرض إذا كانت الواحدة سالبة والأخرى موجبة، لأنه قد يمكن أن تكون ٮ غير موجودة فى شىء من حـ و ا موجودة فى كل حـ وتكون ا غير موجودة فى بعض ٮ: مثل أن الأسود غير موجود فى شىء من الققنس، والحى موجود فى كل ققنس، فالحى غير موجود فى كل شىء أسود. فإذن إن أخذت ٮ موجودة فى كل حـ و ا غير موجودة فى شىء من حـ فإن ا تكون غير موجودة فى بعض ٮ، والنتيجة صدق والمقدمتان جميعا كذب.

فإن كانت كل واحدة من المقدمتين بعضها كذب فقد تكون النتيجة صدقا، لأنه لا شىء يمنع أن تكون كلتا ا و ٮ موجودتين فى بعض حـ وتكون ا موجودة فى بعض حـ كالأبيض والجيد فإنهما موجودان فى بعض الحى، والأبيض موجود فى بعض الجيد. فإن وضعت كلتا ا ٮ موجودتين فى كل حـ فإن كلتا المقدمتين تكونان كذبا والنتيجة صدقا.

وكذلك يعرض إن وضعت مقدمة ا حـ سالبة، لأنه لا شىء يمنع أن تكون ا غير موجودة فى بعض حـ وتكون ٮ موجودة فى بعض حـ وتكون ا غير موجودة فى كل ٮ، كالجيد فإنه غير موجود فى بعض الحى. وأما الأبيض فغير موجود فى كل جيد. فإذن إن أخذت ا غير موجودة فى شىء من حـ و ٮ موجودة فى كل حـ فإن كل واحدة من المقدمتين بعضها كذب والنتيجة صدق. وكذلك يعرض إن أخذت المقدمة الواحدة كلها كذبا والأخرى كلها صدقا، لأنه قد يمكن أن يكون كلتا ا ٮ موجودتين فى كل حـ وتكون ا غير موجودة فى بعض ٮ، كالحى والأبيض: فإنهما موجودان فى كل ققنس، والحى غير موجود فى كل أبيض.

فإذ قد أثبتت هذه الحدود فإنه إن أخذت ٮ موجودة فى كل حـ و ا غير موجودة فى كلها، فإن مقدمة ٮ حـ تكون كلها صدقا ومقدمة ا حـ كلها كذبا، وأما النتيجة فصدق.

وكذلك يعرض إن كانت مقدمة ٮ حـ كذبا ومقدمة ا حـ صدقا، والحدود التى فى ذلك هى: أسود، وققنس، وغير متنفس.

وكذلك أيضا يعرض إذا أخذنا كلتا المقدمتين موجبتين، لأنه لا شىء يمنع أن تكون ٮ موجودة فى كل حـ وتكون ا موجودة فى بعض ٮ: كالحى، فإنه موجود فى كل ققنس، والأسود غير موجود فى واحد من الققنس، والأسود موجود فى بعض الحى. فإذن إن أخذت ا وٮ موجودتين فى كل حـ، فإن مقدمة ٮ حـ تكون كلها صدقا ومقدمة ا حـ كلها كذبا، وأما النتيجة فصدق.

وكذلك يعرض إن حولت مقدمة ا حـ صدقا، لأن البرهان على ذلك بهذه الحدود التى تقدمت. وكذلك قد تكون النتيجة صدقا إذا كانت المقدمة الواحدة كلها صدقا وبعض الأخرى كذبا، لأنه قد يمكن أن تكون ٮ موجودة فى كل حـ وتكون ا موجودة فى بعض حـ. وأما ا فموجودة فى بعض ٮ: مثل ذى الرجلين، فإنه موجود فى كل إنسان، والجيد غير موجود فى كل إنسان، والجيد موجود فى بعض ذى الرجلين. فإن أخذت ا و ٮ موجودتين فى كل حـ، فإن مقدمة ٮ حـ تكون كلها صدقا، وبعض مقدمة ا حـ كذبا، وأما النتيجة فصدق.

وكذلك يعرض إن أخذت مقدمة ا حـ صدقا ومقدمة ٮ حـ كذبا، لأن البيان على ذلك إذا حولت المقدمات بهذه الحدود التى تقدمت.

وكذلك يعرض إذا أخذت المقدمة الواحدة سالبة والأخرى موجبة؛ فلأنه قد يمكن أن تكون ٮ موجودة فى كل حـ وا موجودة فى بعض حـ،

فإذا كانت المقدمات هكذا فقد تكون ا غير موجودة فى كل ٮ. فإن أخذت ٮ موجودة فى كل حـ و ا غير موجودة فى شىء من حـ، فإن المقدمة السالبة يكون بعضها كذبا ويكون كل الأخرى صدقا، وتكون أيضا النتيجة صدقا. فلأنه قد تبين أنه إذا كانت ا غير موجودة فى شىء من حـ و ٮ موجودة فى بعضها، فإنه يمكن أن يكون ا غير موجودة فى بعض ٮ، فإنه بين أنه إذا كانت مقدمة ا حـ كلها صدقا، وبعض مقدمة ٮ حـ كذبا، فإن النتيجة قد تكون صدقا، لأنه إن أخذت ا غير موجودة فى شىء من حـ و ٮ موجودة فى كل حـ، فإن مقدمة ا حـ تكون كلها صدقا وبعض مقدمة ٮ حـ كذب.

وهو بين فى القياسات الجزئية أنه لا محالة قد يجتمع من مقدمات كاذبة نتيجة صادقة، لأن البرهان على ذلك يتبين بالحدود التى استعملت فى القياسات الكلية. أما فى التى فى القياسات الموجبة منها فتستعمل فى الموجبة من الجزئية. وأما التى فى السالبة، ففى السالبة من هذه، لأنه لا فرق فى وضع الحدود إذا كان المحمول غير موجود فى شىء من الموضوع وأخذ موجوداً فى كله، أو كان موجوداً فى بعضه فأخذ موجودا فى كله.

فهو بين أنه إذا كانت النتيجة كذباً فبالضرورة يكون بعض المقدمات كذبا أو كلها. فإذا كانت النتيجة صدقا، فليس باضطرار أن تكون المقدمات صدقا، لا بعضها ولا كلها، بل قد تكون النتيجة صدقا من غير أن تؤخذ فى القياسات مقدمة صدق، ولكن ليس باضطرار. والعلة

فى ذلك أنه إذا كان اثنان لهما هذه النسبة لبعضها إلى بعض فإنه إذا كان أحدهما موجودا، فبالاضطرار أن يكون الآخر. فإنه إذا لم يكن الآخر موجوداً، فبالاضطرار لا يكون أحدهما موجوداً. وإذا كان موجودا، فليس باضطرار أن يكون أحدهما موجودا. وإذا وضع أن أحدهما موجود أو غير موجود، فمحال أن يكون الآخر بعينه موجودا باضطرار بوجود أحدهما وعدم وجوده، أعنى مثل ما إذا كانت ا أبيض فبالضرورة تكون ٮ عظيما، وإذا لم تكن ا أبيض فبالضرورة تكون ٮ عظيما، لأنه إذا كان شىء ما أبيض وهو ا، فإن شيئا ما بالضرورة يكون عظيما وهو ٮ. وإذا كانت ٮ عظيماً فإن حـ لا يكون أبيض، فيلحق باضطرار إذا كانت ا أبيض ألا تكون حـ أبيض. فإذا كان اثنان وكان بوجود أحدهما يوجد الآخر باضطرار، وإذا لم يكن الآخر فبالضرورة لا يكون أحدهما. فإذا لم يكن ٮ عظيما، فليس يمكن أن يكون ا أبيض؛ فإن كان إذا لم يكن ا أبيض يلحق باضطرار أن يكون ٮ عظيما، فإنه قد يعرض ضرورةً إذا لم تكن ٮ عظيما أن تكون ٮ بعينها عظيما، وذلك محال: لأنه إن لم تكن ٮ عظيما فإن ا لا تكون أبيض بالضرورة، وكان يظن أنه يجب إذا لم تكن ا أبيض أن تكون ٮ عظيما، فإن ا لا يكون أبيض بالضرورة، وكان يظن أنه يجب إذا لم تكن ا أبيض أن تكون ٮ عظيما، فإنه يعرض إذا لم تكن ٮ عظيما أن تكون ٮ يعينها عظيما كما تبين بالثلاثة الحروف.

٥

〈البرهان الدورى فى الشكل الأول〉

وأما التبين الذى يكون بالدور من بعض على بعض فهو أن تؤخذ النتيجة وإحدى المقدمتين فتجمع منهما المقدمة الباقية المأخوذة فى القياس الأول. مثل أنه إن احتيج أن يتبين أن ا موجودة فى كل حـ، ثم تبين ذلك ٮ، فإن أخذت ا موجودة فى كل حـ و حـ موجودة فى كل ٮ، فإن ا تكون موجودة فى كل ٮ. وأما أولاً فإخذت المقدمة بالعكس أن ٮ موجودة فى كل حـ، فإن احتيج أن تتبين أن ٮ موجودة فى كل حـ فإن ذلك يتبين إذا أخذت ا مقولة على حـ التى كانت نتيجة؛ وأخذت ٮ مقولة على كل ا التى كانت أولا مأخوذه بالعكس أن ا مقولة على كل ٮ وليس يكون أن تبين القضايا بعضها من بعض على غير هذه الجهة. لأنه إن أخذ حد آخر وسطاً، فإن التبيين لا يكون بالدور، لأنه لا يوجد على هذه الجهة أشياء بتةً يكون كل واحد منها مستعملا فى تبيين الآخر؛ وإن أخذ من المقدمات شىء فبالضرورة يكون المأخوذ مقدمة واحدة، لأنه إن أخذتا جميعا، رجعت النتيجة الأولى، ولكن ينبغى أن تكون مخالفة لها. أما فى الحدود التى لا تنعكس، فإن مقدمة القياس الواحدة تكون غير متبرهنة، لأنه لا يكون أن تبين بهذه الحدود أن الثابت الأوسط والأوسط فى الأول. وأما فى المنعكسة فقد تبين كل قضايا

القياس بعضها من بعض، مثل ما إذا كانت حدود ا ٮ حـ منعكسة بعضها على بعض. وبيان ذلك أن تكون قضية ا حـ مبرهنة بتوسط ٮ وأيضا قضية ا ٮ بالنتيجة وعكس مقدمة ٮ حـ. وكذلك تتبين قضية ٮ حـ بالنتيجة وعكس مقدمة ا ٮ. وينبغى أن تبين مقدمتا حـ ٮ ب ا، لأن هذه فقط استعملت غير مبرهنة. فإن أخذت ٮ موجودة فى كل حـ وحـ فى كل ا، يكون قياس ا ٮ إلى ا، وأيضا إن أخذت حـ موجودة فى كل ا و ا موجودة فى كل ٮ، فإن حـ بالضرورة تكون موجودة فى كل ٮ. ففى كلا هذه القياسين أخذت مقدمة حـ ا غير مبرهنة، لأن المقدمات الأخر مبرهنة. فإذن إن نحن برهنا هذه القضية يكون جميع القضايا مبرهنة بعضها ببعض. فإن أخذت حـ موجودة فى كل ٮ، وٮ فى كل ا، فإن كلتا المقدمتين توجد مبرهنتين وتكون حـ بالضرورة موجودة فى كل ا. فهو إذن بين أن فى الحدود الراجعة بعضها على بعض فقط تكون البراهين التى تكون بالدور. فأما فى الأخر فلا تكون كما قلنا أولا.

ويعرض فى هذه البراهين التى بالدور أن يستعمل الشىء المبرهن مقدمةً فى تبيين ما كان يبرهنه. وأما فى القياسات السالبة فهكذا تتبين القضايا بعضها من بعض. ولتكن ٮ موجودة فى كل حـ، و ا غير موجودة

فى شىء من ٮ، فالنتيجة أن ا غير موجودة فى شىء من حـ. فإن كان أيضا ينبغى أن يتبين أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ التى كانت أولا مقدمة، فلتكن ا غير موجودة فى شىء من حـ و حـ موجودة فى كل ٮ، لأن على هذه الجهة تكون المقدمة بالعكس. فإن كان ينبغى أن نبرهن أن ٮ موجودة فى كل حـ، فليس ينبغى أن تعكس مقدمة ا ٮ كمثل الآخر، لأن القول إن: «ٮ غير موجودة فى شىء من ا» و «ا غير موجودة فى شىء من ٮ» — مقدمة واحدة لا فرق بينهما، ولكن ينبغى أن يقال إن ما لا يوجد ا فى شىء منه، ٮ موجودة فى كله. فلتكن ا غير موجودة فى شىء من حـ التى كانت نتيجة، ولتكن ٮ موجودة فى كل ما لا توجد ا فى شىء منه. فإذن ٮ موجودة فى كل حـ بالضرورة. فقد صار كل واحدة من القضايا الثلاث نتيجة. والبيان الذى بالدور هو أن تؤخذ النتيجة وإحدى المقدمتين بالعكس فتنتج منهما المقدمة الباقية.

وأما فى القياسات الجزئية، فليس يكون أن تبرهن المقدمة الكلية من المقدمات الأخر، وأما الجزئية فقد تكون. فهو بين أنه لا يمكن أن تبرهن الكلية، لأن الشىء الكلى إنما يتبين من المقدمات الكلية، والنتيجة ليست كلية؛ والبرهان ينبغى أن يكون من النتيجة وإحدى المقدمتين.

ومن بعد فإنه لا يكون قياس ألبتة إذا أخذت المقدمة الصغرى منعكسة، لأن كلتا المقدمتين تكونان جزئيتين. وأما المقدمة الصغرى فقد

تبرهن. فلتبرهن ا أنها مقولة على بعض حـ بتوسط ٮ، فإن أخذت ٮ موجودة فى كل ا وبقيت النتيجة على حالها، فإن ٮ تكون موجودة فى بعض ج ويكون الشكل الأول، والحد الأوسط ا. وإذا كان القياس سالبا فليس يمكن أن تبرهن المقدمة الكلية للعلة التى قلنا أولا. وأما الجزئية فتبرهن إن انعكست مقدمة ا ٮ كمثل ما فى القياسات الكلية، كقولنا: كل ما ليس يوجد ا فى بعضه، فإن ٮ توجد فى بعضه، لأنه لا يكون قياس على جهة أخرى، لأن المقدمة الصغرى سالبة.

٦

〈البرهان الدورى فى الشكل الثانى〉

وأما الشكل الثانى فليس يكون أن تبرهن الموجبة بهذا النحو. وأما السالبة فتبرهن. أما الموجبة فإنها لا تبرهن من جهة أنه ليس كلتا المقدمتين موجبتين، لأن النتيجة سالبة، والموجبة فكانت تبرهن بموجبتين. وأما السالبة فهكذا تبرهن: فلتكن ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ، فالنتيجة أن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ ويكون الشكل الثانى والحد الأوسط ٮ.

فإن أخذت مقدمة ا ٮ سالبة والأخرى موجبة، يكون الشكل الأول، لأن حـ موجودة فى كل ا وٮ، غير موجودة فى شىء من حـ، فإذن ٮ غير

موجودة فى شىء من ا؛ ف ا غير موجودة فى شىء من ٮ؛ وليس يكون قياس من النتيجة وإحدى المقدمتين. فإذا أخذت مقدمة أخرى يكون قياس.

فإن لم يكن القياس كليا، فليس تبرهن المقدمة الكلية للعلة التى قلنا أولا. وأما الجزئية فتبرهن إذا كانت الكلية موجبة. فلتكن ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى بعض حـ، فالنتيجة أن ٮ غير موجودة فى بعض حـ. فإن أخذت ٮ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى كل حـ، فإن ا تكون غير موجودة فى بعض حـ والحد الأوسط ٮ. فإن كانت الكلية سالبة، فليس تتبرهن مقدمة ا حـ إذا انعكست مقدمة ا ٮ، لأنه يعرض إما أن تكون كلتا المقدمتين سالبتين وإما أن تكون الواحدة سالبة. فإذن ليس يكون قياس. وكذلك يكون التبيين كما كان فى القياسات الكلية، إن قيل: إن الذى يكون ٮ غير موجودة فى بعضه، فإن ا تكون موجودة فى بعضه.

٧

〈البرهان الدورى فى الشكل الثالث〉

وأما الشكل الثالث إذا كان كلتا المقدمتين كليتين، فليس يمكن أن نبرهن بالدور، لأن الكلية إنما تبرهن بالمقدمات الكلية، والنتيجة التى فى هذا الشكل أبداً هى جزئية. فإذن هو بين فى الجملة أنه لا يمكن أن تبرهن

المقدمة الكلية فى هذا الشكل. — فإن كانت المقدمة الواحدة كلية والأخرى جزئية، أحيانا يكون برهان، وأحيانا لا يكون. فإذا كانت كلتا المقدمتين موجبتين، وكانت الصغرى كلية، يكون قياس. وأما إذا كانت الكبرى كلية، فإنه لا يكون قياس. وبيان ذلك أن تكون ا موجودة فى كل حـ، وٮ فى بعض حـ، والنتيجة ا ٮ. فإن أخذت حـ موجودة فى كل ا. فقد تبين أن حـ موجودة فى بعض ٮ، وأما أن ٮ فى بعض حـ فلم يتبين، وإن كان لازما بالضرورة إذا كان حـ فى ٮ أن يكون ٮ فى بعض حـ. ولكن ليس هو واحداً أن يقال إن شيئا موجود فى آخر وآخر فى شىء بعكس القول. ولكن ينبغى أن يزاد فى القول أنه كل شىء موجود فى آخر، فإن الآخر موجود فى الشىء. فإذا زيد ذلك، ليس يكون القياس من النتيجة وإحدى المقدمتين فقط. — فإن كانت ٮ موجودة فى كل حـ، وا فى بعض حـ، فإن نتيجة ا حـ تكون بينة إذا اخذت حـ موجودة فى كل ٮ و ا بعض ٮ، لأنه يلزم ضرورة أن تكون ا فى بعض حـ، إذ كان الحد الأوسط ٮ والحدود ا ٮ حـ. — وإذا كانت إحدى المقدمتين موجبة والأخرى سالبة وكانت الموجبة كلية، فالمقدمة الأخرى تنتج. وبيان ذلك أن تكون ٮ موجودة فى كل حـ وا غير موجودة فى كل حـ، فالنتيجة أن ا غير موجودة فى كل ٮ. فإن أخذ مع النتيجة أن حـ موجودة فى كل ٮ، فإنه يلزم ضرورة أن تكون كل ا غير موجودة فى بعض حـ إذا كانت ٮ واسطة. — وأما إذا كانت

السالبة كلية، فإن المقدمة الأخرى لا تنتج إلا على نحو ما قيل قبل إن أخذ كل ما لم يوجد فى بعض هذا، فإن الآخر موجود فيه، مثل ما أن تكون ا غير موجودة فى شىء من حـ وٮ فى بعض حـ، والنتيجة أن ا غير موجودة فى بعض ٮ. فإن أخذ أن كل ما لم تؤخذ ا فى بعضه ف حـ موجودة فى بعضه، فإنه يجب أن تكون حـ موجودة فى بعض ٮ، وليس يمكن على نحو آخر أن تعكس المقدمة الكلية فتبرهن الأخرى.

فقد تبين أن التبيين الذى يكون بالدور فى الشكل الأول يكون بالشكل الأول والثالث. فإذا كانت النتيجة موجبة، كان التبيين بالشكل الأول. وإذا كانت سالبة، كان بالشكل الثالث: لأنه يؤخذ أن ما لا يوجد فى شىء منه هذا، فالآخر فى كله. وأما فى الشكل الثانى إذا كان القياس كلياً فإن البيان يكون به وبالشكل الأول والثالث. وأما فى الشكل الثالث، فإن البيان يكون به فى المقاييس كلها. وهو أيضا بين أن فى الشكل الثانى والثالث المقاييس التى لا تتبين بها إما أن تكون على الدور وإما أن تكون ناقصة.

٨

〈انعكاس القياس فى الشكل الأول〉

وأما انعكاس القياس فهو أن نبين بانعكاس نتيجة القياس: إما على أن الحد الأكبر ليس بموجود فى الأوسط، وإما أن الأوسط ليس بموجود فى الأصغر. لأنه يجب ضرورة إذا عكست النتيجة وأخذ معها

إحدى المقدمتين أن تبطل الأخرى، لأنها إن لم تبطل، ولا النتيجة تبطل.

وانعكاس النتيجة بالتناقض والتضاد مختلف، لأنه ليس قياس واحد يكون بكلا الانعكاسين؛ وذلك يتبين فيما يتلو من القول. والمتناقضات هى: كل ولا كل، وبعض ولا واحد؛ والمتضادات هى: كل ولا واحد، وبعض ولا بعض. فليكن بينا أن ا مقولة على كل حـ بتوسط ٮ، فإن أخذ أن ا غير مقولة على شىء من من حـ ومقولة على كل ٮ تكون غير مقولة على شىء من حـ. فإن كانت ا غير مقولة على شىء من حـ، وٮ مقولة على كل حـ، فإن ا غير مقولة على بعض ٮ وليس غير مقولة على شىء منه، لأنه لا يمكن تبيين العامى بالشكل الثالث. وفى الجملة، ليس يكون أن تنقض المقدمة الكبرى نقضا عاميا بانعكاس النتيجة، لأنها أبداً تنقض بالشكل الثالث، وذلك أنا بينا 〈أن〉 كلتا المقدمتين لا محالة تكون على الطرف الأصغر. — وكذلك يعرض فى المقاييس السالبة: فليكن بينا أن ا غير موجودة فى شىء من حـ بتوسط ٮ، فإن أخذت ا موجودة فى كل حـ وغير موجودة

فى شىء من ٮ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ. وإن كانت ا وٮ فى كل حـ، فإن ا فى بعض ٮ، ولكن لم تكن فى شىء منها.

فإن انعكست النتيجة بالتناقض، فإن المقاييس تكون متناقضة وليست بعامية، لأن إحدى المقدمتين تكون جزئية، فإذن فالنتيجة تكون جزئية. فليكن قياس موجب، وليرتجع هكذا. فإذن إن كانت ا غير موجودة فى كل حـ وموجودة فى كل ٮ، فإن ٮ غير موجودة فى كل حـ. وإن كانت ا غير موجودة فى كل حـ، فإن ا غير موجودة فى كل ٮ. — وكذلك يعرض فى القياس السالب أنه إذا كانت ا موجودة فى بعض حـ وغير موجودة فى شىء من ٮ، فإن ٮ غير موجودة فى بعض حـ، ليس ولا فى شىء منها. وأيضا إن كانت ا فى بعض حـ وٮ فى كل حـ كما أخذت فى القياس الأول، فإن ا تكون فى بعض ٮ.

وأما فى المقاييس الجزئية إذا ارتجعت النتيجة بالتناقض، فإن كلتا المقدمتين تبطلان. وأما إذا ارتجعت بالتضاد فإنه ولا واحدة منهما تبطل، ا لأنه ليس يعرض فيها كنحو ما يعرض فى المقاييس العامية من إبطال المقدمات بانعكاس النتيجة. فليكن منتجاً أن ا مقولة على بعض حـ، فإن أخذ أن ا غير موجودة فى شىء من حـ وٮ فى بعض حـ، فإن ا غير موجودة فى بعض ٮ. وإن كانت ا غير موجودة فى شىء من حـ،

وموجودة فى كل ٮ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ. فإذن كلتا المقدمتين تبطلان. فإن انعكست النتيجة بالتضاد فليس تبطل ولا واحدة من المقدمتين، لأنه إن كانت ا غير موجودة فى بعض حـ وموجودة فى كل ٮ، فإن ٮ غير موجودة فى بعض حـ، ولكن ليس تبطل المقدمة الأولى، لأنه يمكن أن تكون ٮ فى بعض حـ، ويمكن ألا تكون. وأما على مقدمة ا ٮ فليس يكون قياس بتة، لأنه إن كانت ا غير موجودة فى بعض حـ، و ٮ موجودة فى بعضها، فإنه ولا واحدة من المقدمات تبطل. — وكذلك إن كان القياس سالبا، لأنه إن أخذت ا موجودة فى كل حـ تبطل كلتا المقدمتين. فإن كانت ا موجودة فى بعض حـ، فإنه ولا واحدة منهما تبطل. والبرهان على ذلك قد تقدم.

٩

〈انعكاس القياس فى الشكل الثانى〉

وأما فى الشكل الثانى فإنه لا يمكن إبطال المقدمة الكبرى بالتضاد كيفما كان انعكاس النتيجة، لأن النتيجة أبداً تكون فى الشكل الثالث. وفى هذا الشكل لا يكون قياس عامى. وأما إبطال الصغرى فيمكن على نحو ما تنعكس النتيجة، أعنى بذلك أنه إن كان انعكاس النتيجة بالتضاد كان إبطال المقدمة بالتضاد، وإن كان بالتناقض كان إبطال المقدمة بالتناقض. — وبيان ذلك أن تكون ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة

فى شىء من حـ، والنتيجة: ٮ ولا على شىء من حـ. فإن أخذت ٮ موجودة فى كل حـ وأضيف إليها مقدمة ا ٮ، فإن ا تكون موجودة فى كل حـ، لأن القياس يكون فى الشكل الأول. فإن كانت ٮ موجودة فى كل حـ، وا غير موجودة فى كل حـ، فإن ا ليست موجودة فى كل ٮ، والقياس فى الشكل الثالث. — فإن انعكست نتيجة ٮ حـ بالتناقض، فإن المقدمات تبطل بالتناقض. وذلك أنه إن كانت ٮ موجودة فى بعض حـ، وا ليست بموجودة فى شىء من حـ، فإن ا ليست بموجودة فى بعض ٮ. وأيضا إن كانت ٮ موجودة فى بعض حـ، وا فى كل ٮ، فإن ا فى بعض حـ. فهو بين أن المقاييس مناقضة. — وكذلك يمكننا أن نبين فى هذه المقدمات وإن اختلف وضعها فى هذا الشكل.

فإن كان القياس جزئيا وانعكست النتيجة بالتضاد، فإنه ولا واحدة من المقدمتين تبطل، كمثل ما ولا فى الشكل الأول. فإن كان انعكاس النتيجة بالتناقض، فكلتا المقدمتين تبطل. وبيان ذلك أن توضع ا ليست بموجودة فى شىء من ٮ، وموجودة فى بعض حـ، والنتيجة ٮ حـ، فإن وضعت أن ٮ فى بعض حـ، وأضيف إلى ذلك مقدمة ا ٮ، تكون النتيجة أن ا ليست بموجودة فى بعض حـ، وغير موجودة فى بعضها. وأيضا إن كانت ٮ موجودة فى بعض حـ، وا فى بعض حـ، فإنه ليس

يكون قياس، لأنه ولا واحدة من المقدمتين أخذت كلية. فإذن ليس تبطل مقدمة ا ٮ. فإن انعكست النتيجة بالتناقض، فإن كلتا المقدمتين تبطل، لأنه إن وضعت ٮ موجودة فى كل حـ، وا ليس فى شىء من ٮ، فإن ا ليست فى شىء من حـ، وقد كانت فى بعض حـ. وأيضا إن كانت ٮ فى كل حـ، وا فى بعض حـ، فإن ا تكون فى بعض ٮ.

وكذلك يمكننا أن نبين فى القياس الذى كليته موجبة.

١٠

〈انعكاس القياس فى الشكل الثالث〉

وأما فى الشكل الثالث إذا انعكست النتيجة بالتضاد، فإنه ولا واحدة من المقدمتين تنتقض، وذلك فى كل مقاييسه. فإذا انعكست النتيجة بالتناقض انتقضت كل واحدة من المقدمتين فى كل المقاييس. — فلنبين أن ا فى بعض ٮ موجودة، ولتؤخذ حـ واسطة، ولتكن المقدمات كلية. فإن أخذت ا غير موجودة فى بعض ٮ، و ٮ فى كل حـ، فإنه ليس يجتمع من ذلك شىء على ا و حـ. ولا أيضا إن أخذت ا غير موجودة فى بعض ٮ، وموجودة فى كل حـ يكون قياس على ٮ و حـ. وكذلك يتبين فى المقدمات التى ليست كلية؛ لأنه 〈فى القياس المعكوس〉 النتيجة

إما أن تكون كلتا المقدمتين جزئيتين لا محالة، وإما أن تكون المقدمة التى عند الطرف الأصغر كلية. وعلى هذه الجهة لم يكن قياس، لا فى الشكل الأول ولا فى الشكل الثانى. فإن انعكست النتيجة بالتناقض، فإن كل واحدة من المقدمتين تبطل، لأنه إن لم تكن ا موجودة فى شىء من ٮ و ٮ موجودة فى كل حـ، فإن ا لا تكون موجودة فى شىء من حـ. وأيضا إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى كل حـ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ. وكذلك يعرض إذا كانت إحدى المقدمتين جزئية، لأنه إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ موجودة فى بعض حـ، فإن ا غير موجودة فى بعض حـ. فإن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى كل حـ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ.

وكذلك يعرض فى القياس السالب. وبيان ذلك أن تبرهن ا أنها غير موجودة فى بعض ٮ، وأن تكون مقدمة ٮ حـ موجبة، ومقدمة ا حـ سالبة، لأن على هذه الجهة يكون قياس. فإذا أخذ ضد النتيجة 〈فـ〉ـليس يكون قياس، لأنه إن كانت ا فى بعض ٮ، وٮ فى كل حـ، فإنه لا يكون قياس على ا و حـ، ولا إذا كانت ا فى بعض ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ يكون قياس على ٮ و حـ. فإذن ليس تبطل المقدمات بعكس النتيجة على الضد. وأما إذا عكست على التناقض، فإن المقدمات تبطل، لأنه إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، وٮ فى كل حـ، فإن ا موجودة فى كل حـ، ولكنها كانت غير موجودة فى شىء

من حـ. وأيضا إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، وغير موجودة فى شىء من حـ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ، ولكنها كانت موجودة فى كل حـ. — وكذلك يتبين فى المقدمات التى ليست كلية، لأن مقدمة ا حـ تكون كلية سالبة، والأخرى جزئية موجبة. فإنه إن كانت ا موجودة فى كل ٮ و ٮ فى بعض حـ، فإن ا تكون فى بعض حـ، ولكنها كانت غير موجودة فى شىء من حـ. وأيضا إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، وغير موجودة فى شىء من حـ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ، فإن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ؛ فإن كانت ا موجودة فى بعض ٮ و ٮ فى بعض حـ، فإنه ليس يكون قياس. ولا أيضا إذا كانت ا موجودة فى بعض ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ يكون قياس. فهو بين أن على الجهة الأولى تنقض 〈المقدمات〉. وأما على هذه الجهة فإنها لا تنقض.

فقد تبين مما قلنا كيف يكون القياس فى كل شكل، إذا انعكست النتيجة؛ ومتى يكون مضادا للمقدمة، ومتى يكون مناقضا؛ وأن فى الشكل الأول تكون المقاييس، إذا انعكست، بالشكل الثانى والثالث، وأن المقدمة التى عند الطرف الأصغر منه أبداً تبطل بالشكل الثانى والثالث؛ وأما التى عند الطرف

الأكبر فإنها تبطل بالشكل الثالث؛ وأن المقاييس التى فى الشكل الثانى تكون إذا انعكست النتيجة بالشكل الأول والثالث؛ وأن المقدمة التى عند الطرف الأصغر منه أبداً تنقض بالشكل الأول، وأما التى عند الطرف الأكبر فإنها تنقض بالشكل الثالث؛ وأن المقاييس التى فى الشكل الثالث فإنها تكون بالانعكاس فى الشكل الأول والثانى؛ وأن المقدمة التى عند الطرف الأكبر منه تنقض أبداً بالشكل الأول، وأما التى عند الطرف الأصغر فبالشكل الثانى تنقض.

فقد تبين ما الانعكاس فى المقاييس، وكيف يكون قياس، وأيها فى كل واحد من الأشكال.

١١

〈الرفع إلى المحال فى الشكل الأول〉

وأما القياس الذى يكون بالخلف فإنه يبين إذا وضعت نقيضة النتيجة وأضيف إليها مقدمة أخرى. ويكون فى الأشكال كلها، لأنه شبيه بالقياس المنعكس، غير أن الفصل بينهما أن القياس المنعكس يكون بعد كون قياس قبله وإحدى كلتا المقدمتين. وأما القياس الذى يكون بالخلف، فإنه ليس يكون بعد قياس قبله، ولا بعد إقرار بنقيضة ما فيه من المحال، لما فى نقيضة المحال من بيان الصدق. وأما الحدود

فى كلا القياسين فعلى نحو واحد يجرى، والمقدمات فيهما غير مختلفة، مثل أن تكون ا موجودة فى كل ٮ بتوسط حـ. فإن وضعت ا: إما غير موجودة فى كل ٮ، وإما ولا فى شىء من ٮ؛ وكانت ا موجودة فى كل حـ بالحقيقة، فإنه يلزم ضرورة أن تكون حـ: إما غير موجودة فى شىء من ٮ، وإما غير موجودة فى كل ٮ، وذلك محال. فإذن الموضوع كذب؛ فنقيضة الموضوع إذن صدق. — وكذلك يكون فى سائر الأشكال، لأن كل ما قبل من الأشكال الانعكاس، فإنه قابل للقياس الذى بالخلف. فكل المسائل تبين بالخلف فى كل الأشكال، ما خلا الكلية الموجبة، فإنها تبين فى الشكل الثانى والثالث فقط؛ فأما فى الأول، فلا. وبيان ذلك أن توضع ا غير موجودة فى كل ٮ أو غير موجودة فى شىء من ٮ، فإن تضاف إليها مقدمة أخرى من أى الناحيتين اتفق: إما بأن تكون حـ موجودة فى كل ا، وإما بأن تكون ٮ موجودة فى كل حـ، لأن على هذه الجهة يكون الشكل الأول. فإن كان موضوعنا أن ا ليست بموجودة فى كل ٮ، ثم أضيف إليها مقدمة أخرى من أى الناحيتين اتفق، فإنه لا يكون قياس. فإن كان الموضوع أن ا ليست موجودة فى شىء من ٮ، ثم أضيف إلى ذلك مقدمة ٮ حـ، فإنه يكون قياس على الكذب؛ وأما على الموضوع، فلا؛ لأنه إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وٮ فى كل حـ، فإن ا غير موجودة فى شىء من حـ، وذلك محال. فإذن القول

بأن ا ليست فى شىء من ٮ، كذب. ولكنه ليس متى كان هذا القول كذبا فضده صدق. فإن أضيف إلى الموضوع مقدمة حـ ا، فإنه لا يكون قياس. ولا أيضا إذا كان الموضوع أن ا ليست فى كل ٮ. فإذن هو بين أن الكلية الموجبة ليست تبين بالخلف فى الشكل الأول.

وأما الجزئية الموجبة والسالبة: الكلية منها والجزئية، فإنها تبين بالخلف فى الشكل الأول. وبيان ذلك أن يكون موضوعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، وأن توجد ٮ موجودة فى كل حـ أو فى بعضها. فإذن يلزم ضرورةً أن تكون ا إما غير موجودة فى شىء من حـ وإما غير موجودة فى كل حـ، وذلك محال، لأن وجود ا ٮ فى كل حـ من الصدق. فإن كان ذلك كذبا، فإن ا موجودة فى بعض ٮ. فإن أخذت المقدمة الأخرى عند ا، فإنه لا يكون قياس؛ ولا أيضا إذا وضع ضد النتيجة يكون أيضا قياس. فهو إذن بين أنه ينبغى أن توضع نقيضة ما نريد تبيينه.

وليكن أيضا موضوعنا أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ، ولتؤخذ حـ موجودة فى كل ا. فإذن حـ موجودة فى بعض ٮ، وذلك محال. فإذن الموضوع كذب. فإذ كان ذلك هكذا، فإن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. وكذلك يعرض أن تحدث مقدمة ا حـ سالبة. فأما إذا أضيف الى الموضوع مقدمة ٮ، فإنه لا يكون قياس. فإن وضع الضد، فإنه يكون قياس ويعرض المحال. وأما الموضوع فلا يتبرهن. وبيان ذلك أن تكون ا موجودة فى كل ٮ، وأن تكون مقدمة حـ ا كلية موجبة. فإذن يلزم ضرورةً أن تكون حـ موجودة

فى كل ٮ، وذلك محال. فإذن هو محال أن يقال إن ا موجودة فى كل ٮ، ولكن ليس متى كان ذلك كذبا وجب ضرورةً أن يكون ضده صدقا، أعنى بالضد أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ. وكذلك يعرض إن أخذت المقدمة الأخرى عند ٮ، لأنه يكون قياس وينتج المحال؛ وأما الموضوع فإنه لا يصح. فإذن ينبغى أن يكون موضوعنا كلية موجبة، لأنه إن كانت ا فى كل ٮ، وكانت حـ موجودة فى كل ا، فإن حـ موجودة فى كل ٮ. فإن كان ذلك محالا فإن موضوعنا محال.

وكذلك يعرض إن أخذت المقدمة الأخرى عند ٮ، وأيضا كمثل ذلك يعرض إن أخذت مقدمة حـ ا سالبة، لأن على هذه الجهة يكون قياس. فإن كانت المقدمة السالبة عند ٮ، فإنه ليس ينتج شىء بتةً. فإن كان موضوعنا جزئية موجبة، فإنه ليس ينتج من ذلك جزئية سالبة، ولكن كلية سالبة، لأنه ان كانت ا موجودة فى بعض ٮ، و حـ موجودة فى كل ا، فإن حـ موجودة فى بعض ٮ. فإن كان ذلك محالا، فإنه كذب أن يقال إن ا موجودة فى بعض ٮ. فهو إذن صدق أن يقال إن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. فإذا تبين أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ فإنه ينقض مع الكذب الصدق، لأن ا موجودة فى بعض ٮ وغير موجودة فى بعضها.

وأيضا ليس من قبل الموضوع عرض المحال، لأن الموضوع صدق، ومن الصدق لا يكون أن ينتج الكذب، لأن ا موجودة فى بعض ٮ بالحقيقة. فإذن لا ينبغى أن يكون موضوعنا جزئية موجبة، ولكن كلية موجبة.

فهو إذن بين أنه لا ينبغى أن يوضع ضد ما نريد 〈وضعه〉، ولكن نقيضه فى كل المقاييس، لأن على هذه الجهة يلزم القول الاضطرار، ويكون محموداً؛ لأنه إن كان على كل شىء إما أن تصدق الموجبة وإما السالبة، فإنه إذا تبرهن أن السالبة ليست صدقا فالموجبة لا محالة صدق؛ وأيضاً إن لم تكن الموجبة صدقا، فالسالبة لا محالة صدق.

وأما المقدمات المتضادة فليست كذلك، لأنه ليس يلزم ضرورةً إذا كانت الكلية السالبة كذبا، أن تكون الكلية الموجبة صدقا؛ ولا هو أيضا من الرأى المحمود إذا كانت إحداهما كذبا أن تكون الأخرى صدقا.

١٢

〈الرفع إلى المحال فى الشكل الثانى〉

فقد تبين أن كل المسائل تتبين فى الشكل الأول بالخلف ما خلا الكلية الموجبة، فإنها لا تتبين فى هذا الشكل بالخلف، ولكنها تتبين فى الشكل الثانى والثالث. وبيان ذلك ألا تكون ا موجودة فى كل ٮ، وأن تكون ا موجودة فى كل حـ. فإذا كان ذلك هكذا، فإنه يجب أن تكون حـ غير

موجودة فى كل ٮ، وذلك محال، لأنه تبين أن حـ موجودة فى كل ٮ. فإذن الموضوع كذب؛ فإذن نقيضة صدق: وهو أن ا موجودة فى كل ٮ. — فإذن إن كان الموضوع ضدها يريد أن ينتج فإنه يكون قياس وينتج المحال؛ غير أنه يتبين لنا ما نريد بيانه. لأنه إن كانت ا غير موجودة فى شىء من ٮ وموجودة فى كل حـ، فإن حـ غير موجودة فى شىء من ٮ، وذلك محال، فإذن هو كذب أن تكون ا غير موجودة فى شىء من ٮ. ولكن ليس إذا كان ذلك كذبا كان ضده صدقا: أعنى بذلك أن تكون ا موجودة فى كل ٮ.

فإذا أردنا أن نبين أن ا موجودة فى بعض ٮ، فإنه ينبغى أن يكون موضوعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، ثم نأخذ أنها موجودة فى كل حـ؛ لأنه إذا أخذت هذه المقدمات يجب أن تكون حـ غير موجودة فى شىء من ٮ. فإن كان ذلك محالا، فإنه يجب لا محالة أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ. — فإن كان موضوعنا أن ا غير موجودة فى بعض ٮ، فإنه يعرض ما عرض فى الشكل الأول. — وأيضا، ليوضع أن ا موجودة فى بعض ٮ غير موجودة فى شىء من حـ، فيلزم ضرورةً أن تكون حـ غير موجودة فى بعض ٮ، ولكنها كانت موجودة فى كلها. فإذن موضوعنا كذب. فإذن ا غير موجودة فى شىء من ٮ.

فإذا أردنا أن نبين أن ا غير موجودة فى كل ٮ، فليكن موضوعنا أن ا فى كل ٮ، وغير موجودة فى شىء من حـ، فيلزم ضرورة أن تكون حـ

غير موجودة فى شىء من ٮ. وذلك محال. فهو إذن صدق أن يقال إن ا غير موجودة فى كل ٮ.

فقد تبين أن جميع المقاييس التى بالخلف تكون فى الشكل الثانى.

١٣

〈الرفع إلى المحال فى الشكل الثالث〉

وكذلك تعرض فى الشكل الثالث. — وبيان ذلك أن تكون ا غير موجودة فى بعض ٮ، و حـ موجودة فى كل ٮ، فإذن ا موجودة فى بعض حـ. فإن كان ذلك محالا، فإنه كذب أن يقال إن ا غير موجودة فى بعض ٮ، وصدق أن يقال إن ا موجودة فى كل ٮ.

فإن كان موضوعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، فإنه يكون قياس ويعرض المحال، ولكن ليس يتبين لنا ما نريد بيانه، لأنه إن كان موضوعنا ضد ما نريد بيانه، فإنه يعرض مثل ما عرض فيما تقدم من الأشكال. فإذا أردنا أن نبين أن ا موجودة فى بعض ٮ، فإنه ينبغى أن يكون موضوعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، و حـ موجودة فى بعض ٮ. فإذن ا غير موجودة فى بعض حـ. فإن كان ذلك كذبا، فإنه صدق أن تكون ا موجودة فى بعض ٮ. — فإذا أردنا أن نبين أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ، فليكن موضوعنا أنها موجودة فى بعض ٮ. ولتؤخذ حـ موجودة فى كل ٮ، فإذن يلزم ضرورةً أن تكون ا موجودة

فى بعض حـ، ولكن لم يكن فى شىء منها. فإذن كذب أن يقال إن ا موجودة فى بعض ٮ. فإن كان موضوعنا أن ا موجودة فى كل ٮ، فإنه لا يتبين لنا ما نريد بيانه، ولكن ينبغى ان يكون هذا الموضوع إذا نحن أردنا أن نتبين أن ا غير موجودة فى كل ٮ، لأنه إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، وحـ موجودة فى بعض ٮ، فإن ا تكون موجودة فى بعض حـ، 〈ولكنا سلمنا أن〉 ذلك مما ليس هو، فإذن كذب أن يقال إن ا موجودة فى كل ٮ، وصدق أن يقال إنها ليست فى كل ٮ. — فإن كان موضوعنا أن ا موجودة فى بعض ٮ، فإنه يعرض مثل الذى عرض فيما تقدم.

فهو بين فى جميع المقاييس التى بالخلف أنه ينبغى أن توضع أبداً نقيضة ما نريد بيانه. وهو بين أيضا أن فى الشكل الثانى قد تبين الموجبة من جهة؛ وفى الشكل الثالث قد تبين الكلية.

١٤

〈الفرق بين البرهان بالخلف والبرهان المستقيم〉

والفرق بين البرهان المستقيم والذى بالخلف أن الذى بالخلف يضع ما نريد إبطاله، إذ يسوق إلى كذب مقر به؛ وأما المستقيم فإنه يبتدى من مقدمات مقر بها صدقاً. وكلا البرهانين من مقدمات مقر بها، إلا أن المستقيم يكون من المقدمات التى عنها القياس؛ وأما الذى بالخلف فإحدى مقدمتيه من مقدمات القياس المسقيم، والأخرى نقيضة النتيجة.

وفى المستقيم ليس يجب ضرورةً أن تكون النتيجة معروفةً قبل كون القياس. وأما الذى بالخلف فإنه يجب لا محالة أن تعرف هى ليوضع نقيضها، ولا فرق فى ذلك بين أن تكون النتيجة موجبة أو سالبة. وكل الذى يتبين باستقامة القياس فقد يبين بالخلف؛ وكل الذى يتبين بالخلف، فقد يبين باستقامة وبحدود واحدة.

وإذا كان القياس الذى بالخلف فى الشكل الأول، فإن القياس المستقيم يكون فى الشكل الثانى والثالث: أما السالب منها ففى الشكل الثانى، وأما الموجب ففى الثالث. فإذا كان القياس الذى بالخلف فى الشكل الثانى، يكون قياسه المستقيم بالشكل الأول فى كل المسائل. فإذا كان القياس الذى بالخلف فى الشكل الثالث، فإن قياسه المستقيم يكون فى الشكل الأول والثانى: أما الموجبات ففى الأول، وأما السالبات ففى الثانى.

وبيان ذلك أن نبين فى الشكل الأول بالخلف أن ا ليست موجودة فى شىء من ٮ، أو ليست موجودة فى كل ٮ، فوضعنا أن ا فى بعض ٮ، فعلى هذه الجهة يعرض المحال فى الشكل الأول. وقياس ذلك المستقيم فى الشكل الثانى، وهو أن توجد حـ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى شىء من ٮ؛ فإذن هو بين أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. وكذلك يعرض إن تبين فى الشكل الأول بالخلف أن ا غير موجودة فى كل ٮ بوضعنا أنها

موجودة فى كل ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الثانى، وهو أن تؤخذ حـ موجودة فى كل ا وغير موجودة فى كل ٮ. وكذلك يعرض إن أخذت مقدمة حـ سالبة. وأيضا ليكن منتجاً فى الشكل الأول بالخلف أن ا موجودة فى بعض ٮ بوضعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. فعلى هذه الجهة يعرض المحال فى الشكل الأول. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الثالث، وهو أن تؤخذ ٮ موجودة فى كل حـ، وا فى كل حـ أو فى بعضها. فإذن ا موجودة فى بعض ٮ. وكذلك يعرض إن أخذت ٮ أو ا موجودة فى بعض حـ.

وأيضا لنبرهن فى الشكل الثانى بالخلف أن ا موجودة فى كل ٮ بوضعنا أن ا ليست فى كل ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن تؤخذ ا موجودة فى كل حـ، وحـ فى كل ٮ، فإذن ا فى كل ٮ. وكذلك يعرض إن برهن فى الشكل الثانى بالخلف أن ا فى بعض ٮ بوضعنا أن ا ليست فى شىء من ٮ، وقياس ذلك المستقيم يكون فى الأول، وهو أن ا موجودة فى كل حـ، و حـ فى بعض ٮ. فإن كان القياس الذى بالخلف سالبا، فإن الموضوع يكون أن ا موجودة فى بعض ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا غير موجودة فى شىء من حـ، وحـ فى كل ٮ. وكذلك يعرض أيضا وإن لم يكن القياس كليا، مثل أن يبرهن 〈أن ا غير موجودة فى〉 بعض ٮ بوضعنا أن ا موجودة فى كل

ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا غير موجودة فى شىء من حـ، و حـ فى بعض ٮ. وأيضا ليتبين بالخلف فى الشكل الثالث أن ا موجودة فى كل ٮ بوضعنا أن ا ليست فى كل ٮ، فعلى هذه الجهة يعرض المحال. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا موجودة فى كل حـ، و حـ فى كل ٮ.

وكذلك يعرض وإن كان البرهان على بعض الموضوع بوضعنا أن ا غير موجودة فى شىء من ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الأول، وهو أن ا موجودة فى كل حـ، وحـ فى بعض ٮ. فإن كان القياس الذى بالخلف سالبا، فإن الموضوع يكون أن ا موجودة فى بعض ٮ. وقياس ذلك المستقيم يكون فى الشكل الثانى، وهو أن تؤخذ حـ غير موجودة فى شىء من ا وموجودة فى كل ٮ.

وكذلك يعرض وإن لم يكن البرهان كليا، فالموضوع هو أن ا موجودة فى كل ٮ، وقياس ذلك المستقيم هو أن حـ غير موجودة فى بعض ٮ — وذلك الشكل الثانى.

فقد تبين أن كل المسائل التى تتبرهن بالبراهين التى بالخلف يمكن أن تبرهن بالمقاييس المستقيمة وبحدود واحدة؛ وأن فى كل الحدود التى

مقاييسها مستقيمة يمكن أن يقاس بالخلف إذا وضعت نقيضة النتيجة، لأن المقاييس التى بالخلف الكائنة عن المقاييس المستقيمة، هى هى المقاييس المنعكسة بأعيانها. فإذن المعرفة أيضا بالأشكال التى بها يكون كل واحد من المقاييس هى لنا موجودة. وقد تبين أيضا أن كل مسئلة على كلتا الجهتين تتبرهن بالخلف وبالاستقامة، ولا يمكن أن تفترقا.

١٥

〈النتائج المستخلصة من مقدمات متقابلة〉

وأما فى أى شكل يمكن أن يقاس على الشىء من مقدمات متقابلة، وفى أى شكل لا يمكن، فإنه ينبنى على نحو ما نحن واصفوه.

والمتقابلات: أما فى اللفظ فأربعة، مثل: كل، ولا واحد؛ كل، لا كل؛ بعض، ولا واحد؛ بعض، ولا بعض. وأما بالحقيقة فثلاثة، لأن بعض ولا بعض إنما تتقابل باللفظ. ومن هذه المتقابلات ما يتقابل تقابل تضاد، مثل: كل ولا واحد؛ كقولنا: كل علم فاضل، يضاد قولنا: ولا واحد من العلوم فاضل. وأما سائر ما يتقابل من المقدمات فإن تقابله تقابل تناقض.

ففى الشكل الأول ليس يكون من مقدمات متقابلة قياس بتةً: لا موجب ولا سالب: أما موجب فلا يمكن من قبل أنه ينبغى أن تكون مقدمات القياس الموجب موجبة، وأما المتقابلات فموجبة وسالبة؛

وأما قياس سالب فلا يمكن من قبل أن المتقابلات توجب شيئا واحدا بعينه وتسلبه عنه. والواسطة التى فى الشكل الأول ليست تحمل على كلا الحدين، ولكن أحد الحدين مسلوب عنها فى القياس السالب، والآخر موضوع لها. وهذه المقدمات ليست متقابلة.

وأما فى الشكل الثانى فإنه يمكن أن يكون قياس من مقدمات متضادة ومتناقضة. وبيان ذلك أن تكون ا فاضلا، وٮ و حـ علما؛ فإن قيل إن كل علم فاضل، وأيضا 〈قيل〉: ولا واحد من العلوم فاضل، فإن ا تكون موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ. فإذن ٮ غير موجودة فى شىء من حـ، أى: ولا واحد من العلوم هو علم. وكذلك إن قيل: إن كل علم فإنه فاضل، ثم قيل بعد ذلك: إن صناعة الطب ليست فاضلة، لأن ا تكون موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ، فإذن بعض العلوم ليس بعلم. فإن كانت ا موجودة فى كل حـ، وغير موجودة فى شىء من ٮ، كانت ٮ علما، وحـ صناعة الطب، وكانت ا ظنا، فإنه قد قيل أن لا واحد من العلوم ظن، وأن بعض العلوم ظن.

وقد تختلف حال المقاييس فى ارتجاع الحدود بالسلب والوجوب، لأن الوجوب يكون — مرةً عند ٮ، ومرة عند حـ. وكذلك إن إن كانت المقدمة الواحدة غير كلية، لأن الحد الأوسط أبداً مسلوب عن أحد الطرفين، وموجب على الآخر. فإذن يمكن أن تنتج المتقابلات، غير أنه ليس أبداً ولا بالضرورة، ولكن إذا كان الطرفان إما شيئا واحدا، وإما أحدهما جزءاً للآخر. وأما على جهة أخرى فليس يمكن أن تنتج المتقابلات، لأن المقدمات لا تكون بجهة من الجهات لا أضدادا ولا متقابلة.

وأما فى الشكل الثالث فإنه لا يمكن إذا كان القياس موجباً أن تكون المقدمات متقابلة للعلة التى قيلت فى الشكل الأول. وأما إذا كان القياس سالباً، فإنه قد يكون من مقدمات متقابلة إذا كانت حدود القياس كلية. فلتكن ٮ و حـ علما، ولتكن ا طبا، فإن قيل إن: كل طب علم، وأيضا أن: ولا شىء من الطب علم — فإن ٮ تكون فى كل ا، و حـ غير موجودة فى شىء من ا. فإذن يجب من هذا أن يكون بعض العلوم لا علما، وكان أيضا: ولا شىء من الطب علم — يلزم ضرورةً أن يكون بعض العلوم لا علما.

فإذا كانت حدود القياس كلية، تكون المقدات متضادة. وإذا كانت إحدى المقدمتين جزئية، فإن المقدمات حينئذ تكون متناقضة.

وينبغى أن يستقصى النظر فى أنه يمكن أن توجد المتقابلات على نحو ما قلنا إن كل علم فإنه فاضل، وأيضا أن لا واحد من العلوم فاضل، أو أن ليس كل علم فاضلا، وذلك ما لا تخفى معرفته. فلأن للموجبات ثلاثة مقابلات يلزم أن يكون التقابل على ست جهات: كل، ولا واحد؛ كل، ولا كل؛ بعض، ولا واحد. فهذه ثلاثة مقابلات. فإذا ارتجعت فى حدودها صارت ستة مثل: أن ا موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى شىء من حـ، أو موجودة فى كل حـ وغير موجودة فى شىء من ٮ، أو موجودة فى كل ٮ وغير موجودة فى بعض حـ، أو بالعكس. — وكذلك يعرض فى الشكل الثالث.

فإذن هو بين فى أى الأشكال وعلى كم جهة يمكن أن يقاس بالمقدمات المتقابلة.

وهو أيضا بين أنه قد يمكن أن ينتج من مقدمات كاذبة نتيجة صدق، كما قد قيل فيما تقدم. وأما فى المقاييس 〈من المقدمات〉 المتقابلة

فليس يمكن أن يجتمع صدق، لأن القياس أبداً يكون مقابلا للشىء الموجود كالقول إن الخير ليس بخير، أو أن الحى ليس بحى. وذلك 〈من قبل〉 أن القياس يكون من مقدمتين متناقضتين وأن الطرفين إما أن يكونا شيئا واحدا، وإما أن يكون أحدهما جزءا للآخر. وقد تبين أيضا أن فى المقاييس الفاسدة لا شىء يمنع أن يكون الموضوع فيها نقيضه، مثل أنه إن كان الموضوع أن بعض الأعداد فرد، تكون المقدمة أنه ليس بفرد، لأنه قد تبين أن القياس المضاد من المقدمات المتقابلة يكون. فإن أخذ فى القياس أشياء متقابلة، فإنه يكون للموضوع نقيضه. وقد ينبغى أن نعلم أنه لا يمكن أن تنتج المتقابلات من قياس واحد، كقولنا إن الخير ليس بخير أو ما شاكل ذلك، إلا أن تكون مقدمة القياس كقول القائل: إن الحى الأبيض ليس بأبيض، والإنسان حى، فينبغى أن يتقدم فى القياس بوضع النقيضة إن كان يقصد الى إنتاج المتقابلات، مثل أن كل علم ظن، وكل طب علم، ولا شىء من الطب ظن؛ وكنحو ما تكون المقاييس المبكتة المركبة من قياسين.

١٦

〈وضع المطلوب الأول〉

وأما وضع المطلوب الأول فهو من جنس ما لا يتبرهن من الموضوعات؛ والموضوع يعرض له ألا يتبرهن على جهات، لأنه إما

ألا ينتج بتة مما قيل، وإما أن ينتج مما هو أخفى منه أو من المجهولات مثله أو مما هو بعده، لأن تأليف البرهان إنما يكون مما هو أصدق وأقدم، وليس وضع المطلوب الأول هو ألا يتبرهن الموضوع. وذلك أن من الأشياء ما يعرف من نفسه، ومنها ما يعرف من غيره، لأن الأوائل من نفسها تعرف. وأما ما تحت الأوائل فمن غيرها. فإن تعاطى أحد أن يبين الشىء من نفسه، وهو مالا يتبين إلا من غيره، حينئذ يقال لذلك وضع المطلوب الأول.

ويكون ذلك إما بأن يستعمل فى المقدمة المطلوب الذى يقصد البرهان عليه، وإما أن ينتقل إلى أشياء يباينها بالمطلوب، فيتعاطى تبيين المطلوب

منها، مثل أن يوضع بيان ا ب ٮ وبيان ٮ ب حـ وبيان حـ ب ا، لأنه يعرض للذين يقيسون هكذا أن يبينوا ا بنفسه كفعل الذين يظنون 〈أنهم〉 يبرهنون الخطوط المتوازية لأنه يغنى عن هؤلاء فى تبيين الخطوط المتوازية أنهم يستعملون فى المقدمات ما لا يبرهن إلا بالخطوط المتوازية. فإذن يعرض للذين يقيسون هكذا أن يقولوا إن كل واحد من الأشياء موجود إن كان كل واحد منها موجوداً. على هذه الجهة تكون الأشياء كلها معلومة بنفسها، وذلك محال.

فإن كان غير بين أن ا موجودة فى حـ وفى ٮ، وقيل إن ا موجودة فى ٮ، فإنه غير بين أن ذلك هو وضع المطلوب، ولكنه بين أنه لم يبرهن، لأنه ليس أول البرهان ما كان مجهولا مثل المطلوب، فإن كان ٮ و حـ شيئا واحدا إما لأنهما يرتجعان وإما لأن أحدهما يتبع الآخر، فإنه بين أنه قد وضع المطلوب الأول، لأن بتلك يتبين أن ا فى ٮ إن كان ارتجاع.

والمانع من أن يكون واضعا للمطلوب الأول هو ألا يكون ارتجاع، لا نحو القياس. فأما إن فعل ذلك، فإنه قد يكون ما قيل ويكون بالعكس فى القياس بثلاثة حدود. وكذلك يعرض من وضع أن ٮ موجودة فى حـ وأن ا فى حـ وكانا بالسوية مجهولين، فإنه ليس يتبين أن وضع المطلوب الأول بين إن لم يبرهن. فإن كان ا و ٮ شيئا واحداً إما بالارتجاع وإما

باتباعه ل ٮ فإنه واضع المطلوب الأول، لأنا قد بينا ما معنى وضع المطلوب الأول، وهو أن يبين بنفسه ما ليس بيناً بنفسه، وذلك هو الأبين. فكانت التى بها يبين المطلوب مجهولا مثله إما بأن أشياء هى شىء واحد بالحقيقة يقال على شىء واحد؛ وإما بأن شيئا واحدا يقال على أشياء كثيرة وهى بالحقيقة شىء واحد. فإن فى الشكل الثانى والثالث وكذلك فى الأول يمكن على كلتا الجهتين وضع المطلوب الأول. وإذا كان القياس موجبا فإنه يمكن فى الشكل الثالث والأول أن توجد أى المقدمات اتفق مجهولة مثل النتيجة. وأما إذا كان القياس سالبا، فليس أيهما اتفق، وكذلك فى الشكل الثانى لأنه ليس ترتجع الحدود فى المقاييس السالبة. فوضع المطلوب الأول: أما فى البراهين فإنه يكون بالحقيقة على ما وصفنا؛ وأما فى المقاييس الجدلية فإنه يكون على ما وصفنا بالظن الحسن.

١٧

〈البرهان بواسطة: «ليس من هذه الجهة وجب الكذب»〉

وأما 〈الاعتراض الذى〉 ينتج الكذب 〈فى النتيجة〉 من قبل ذلك ولا من هذه الجهة على نحو ما اعتدنا أن نقول فى الكلام، فإنه يعرض فى المقاييس التى بالخلف إذا كان بناء القياس على تناقض قول، لأنه إن لم

يكن الأصل الذى عليه بناء الكلام مختلفا، فلا حاجة بنا إلى القول إن الكذب وجب ليس من هذه الجهة ولا من قبل الموضوع. ولكنا نكتفى بأن نقول: قد وضع فيما تقدم من القول كذب. — ولا فى القياس المستقيم يجوز أن يقال ليس من هذه الجهة عرض الكذب، لأنه ليس يضع أحد فى القياس المستقيم شيئا كمناقض. وأيضا إذا اتصل شىء على استقامة ب ا ٮ حـ، فإنه غير جائز أن يقال إنه ليس من جهة الموضوع وجبت النتيجة، لأنه إنما يجوز لنا أن نقول: ليس من قبل الموضوع عرض ذلك إذا كان القياس واجب النتيجة: وضع الموضوع أم رفع. وهذا ما لا يكون فى القياس المستقيم. — فهو إذن بين أنه إنما يقال: ليس من هذه الجهة ولا من قبل الموضوع فى المقاييس التى بالخلف إذا كانت نسبة المحال إلى الأصل هكذا، أعنى بهكذا: أن يجب المحال: موضوعا كان الأصل أو مرفوعا. فأبين الأنحاء أن يقال فيها إنه لم يعرض الكذب من جهة الأصل الموضوع إذا كانت الحدود الواسطة غير واصلة بين المحال والموضوع بتةً كما قيل فى صناعة الجدل، لأن وضع غير العلة كعلة هو ألا تكون للمحال العارض إلى الموضوع نسبة، مثل أنه إن أراد أحد أن يبرهن أن القطر والضلع ليس

بعدهما مقداراً واحدا واستعمل فى ذلك قياساً وبين أنه ليس حركة، ورفع الكلام إلى ذلك من المحال، فإنه ليس يتناسب بتةً هذا الكذب للموضوع بجهة من الجهات.

والنحو الآخر مما يقال فيه ليس من قبل الموضوع عرض المحال، هو أن تكون الحدود الواسطة واصلة بين المحال والموضوع، غير أنه لا يكون وجوبه من قبل الموضوع، وذلك يكون إلى فوق وإلى أسفل باتصال، مثل أنه إن وضع أن ا موجودة فى ٮ، و ٮ فى حـ، و حـ فى د، وكانت نتيجة ٮ د كذبا، ثم رفع ا ٮ الموضوع، وبقيت مقدمتا ٮ حـ، حـ د، فإنه يكون بينا أن الكذب لم يعرض من قبل الموضوع. وكذلك يعرض إذا أخذ اتصال الحدود إلى فوق، مثل أنه إن كانت ا تحت ٮ وھ تحت ا وز تحت 〈ھ،〉 كانت نتيجة ا ز كذبا، فإن هذا الكذب يعرض وإن رفع الموضوع. ولكن ينبغى بعد أن تكون الحدود الواسطة واصلة بين المحال والموضوع أن يكون وجوب المحال إذا وضع الموضوع فقط، إلا إذا رفع، لأن بهذا النحو يكون وجوب المحال من قبل الأصل الموضوع. ومثال ذلك أن توضع الحدود الواصلة بينهما من فوق

ومن أسفل: إما من أسفل فلتوضع الحدود الواصلة بين المحال وبين الحد المحمول فى الأصل الموضوع؛ وأما إلى فوق فلتوضع الحدود الواصلة بين المحال وبين الحد الموضوع فى الأصل الموضوع. فإن كان محالا أن تكون ا موجودة فى د، ثم رفعت ا، فإنه لا يمكن وجوب الكذب، وذلك يكون بوضع الحدود إلى أسفل؛ وأما إلى فوق فإنه إن كان لا يمكن أن تكون د تحت ٮ ثم رفعت ٮ، فإنه لا يعرض المحال. — وكذلك يعرض فى المقاييس السالبة.

فإذن هو بين أنه إذا لم تكن الحدود الواسطة واصلة بين الموضوع وبين المحال، فإنه ليس يعرض المحال من قبل الموضوع. ولا أيضا إذا كانت الحدود واصلة بين المحال وبين الموضوع، فإنه لا محالة يعرض المحال من قبل الموضوع، لأنه إن لم تؤخذ ا موجودة فى ٮ ولكن فى ږ، وږ فى حـ، و حـ فى د، فإن على هذه الجهة يبقى المحال. وكذلك يعرض أيضا. إن كانت الحدود واصلة بينهما من فوق. وإذا كان المحال يعرض بوضع الموضوع ورفعه، فإنه غير واجب من قبل الموضوع. ومعنى قولنا يرفع بالموضوع ليس هو أن يوضع مكانه آخر غيره. ولكن إذا وجب ذلك المحال بعينه من سائر المقدمات بعد رفع الموضوع بلا زيادة

شىء آخر، حينئذ يقال إن المحال عرض برفع الموضوع، لأنه ليس بمنكر أن يعرض كذب واحد بعينه من مقاييس مختلفة، مثل أن الخطوط المتوازية تلتقى والزاوية الخارجة أعظم من الداخلة وأن زوايا المثلث أعظم من قائمتين.

١٨

〈كذب النتيجة بكذب المقدمات〉

فالقياس الكاذب يكون من الكذب، لأن كل قياس إما أن يكون من مقدمتين، وإما من أكثر. فإن كان من مقدمتين فإحداهما لا محالة كذب أو كلتاهما، لأنه لا يمكن أن ينتج الكذب من مقدمات صدق. فإن كان القياس من أكثر من مقدمتين، مثل أنه يبرهن حـ ب ا ٮ وا ٮ ب د ه، د ى، فإن المقدمات د ھ، ھ د تكون كذبا ومن قبل ذلك الكذب أ〈ن〉 ينتج كذب، لأن مقدمتى ا ٮ بتلك المقدمات تنتج. فإذن من قبل بعض مقدمات د ھ، د ى، عرضت النتيجة والكذب.

١٩

〈القياس المضاد〉

وأما فى منع كون المقاييس — 〈فإنه〉 إذا كانت المسألة تذكرالمقدمات وترك ذكر النتيجة، فإنه ينبغى أن نتحفظ من الإقرار بشىء واحد مرتين فى المقدمات، لأنا نعلم أنه — بلا واسطة — لا يكون قياس، والواسطة هى المأخوذة فى القياس مرتين. — وأما كيف ينبغى أن تحفظ الواسطة عند كل نتيجة، فإنه بين من المعرفة بأيما نتيجة يتبين فى كل واحد من الأشكال. وذلك ليس يخفى علينا من قبل أنا نعرف إذا نقلنا الجواب كيف نتأتى لحفظ الأصل الموضوع.

والذى يأمر متقلدى الجواب بحفظه يأمر السائلين باستعماله على أخفى ما يكون. وأخفى ذلك يكون أولا بأنا لا نذكر النتائج بعقب المقدمات، ولكن نذكر الأشياء الاضطرارية ونترك النتائج غير بينة؛ وبعد [ذلك] ما نخفى النتيجة ألا نسأل عما قرب منها، ولكن عما بعد جدا، مثل أنه واجب أن نبين ا موجودة فى د بتوسط ٮ حـ د ھ. فينبغى أن نسأل إن كانت ا موجودة فى ٮ، ولا نسأل إن كانت ٮ موجودة فى حـ؛ ولكن إن كانت د موجودة فى ھ. وبعد ذلك إن كانت ٮ فى حـ. وعلى هذه الجهة نسأل عن الباقى. فإن كان القياس بواسطة واحدة، فإنه ينبغى أن نبتدئ من الواسطة، لأن على هذه الجهة تخفى النتيجة جدا.

٢٠

〈التبكيت (=التفنيد)〉

فلأنا نعرف متى يكون قياس، وكيف يكون، فإنه بين متى يكون تبكيت ومتى لا يكون، لأنه إذا أقر بالمسائل ووضعت الجوابات مختلفة: مثل أن يكون بعضها موجبا وبعضها سالبا، فإنه يمكن أن يكون تبكيت، لأنه قد تبين أن القياس يكون إما بأن الحدود كلها موجبة، وإما بأن بعضها موجبة وبعضها سالبة. فإن كان الموضوع ضد النتيجة، فإنه يلزم لا محالة أن يكون القياس تبكيتا، لأن التبكيت هو قياس منتج لنقيضة الأصل الموضوع. فإن لم تفرض المسائل بشىء، فإنه محال أن يكون تبكيت، لأنه قد تبين أنه لا يكون قياس بسلب الحدود كلها. فإذن ولا تبكيت يكون، لأنه إن كان تبكيت فقد كان قياس لا محالة. وأما إذا كان قياس، فليس لا محالة يكون تبكيت. وكذلك أيضا لا يكون قياس إذا لم يقر فى الجواب بمقدمة كلية، لأن التحديد فى القياس والتبكيت واحد فى وجوب النتيجة.

٢١

〈الخطأ〉

وكما قد تعرض الخدعة فى وضع الحدود، كذلك أيضا يعرض فى الظن، مثل أن يكون شىء واحد فى شيئين بلا توسط، وأن يتوهم أن الشىء الواحد

غير موجود فى شىء من أحدهما، وأن يعلم أنه موجود فى كل الآخر، مثل أن ا موجود فى ٮ و حـ بلا توسط، وٮ و حـ موجودتان فى د بلا توسط. فإن علم أحد أن ا موجودة فى كل ٮ، و ٮ فى كل د، وتوهم أن ا غير موجودة فى شىء من حـ، وحـ فى كل د، فإنه يعلم ويجهل الشىء الواحد معا. وأيضا قد يختدع أحد فى الأشياء التى يوجد بعضها فى بعض مثل أنه إن كانت ا موجودة فى ٮ، وٮ فى حـ، و حـ فى د؛ ثم توهم أحد أن ا موجودة فى كل ٮ، وأيضا أن ا غير موجودة فى شىء من حـ، فإنه يعلم الشىء الواحد بعينه ويجهله، لأنه ليس يقضى مما قيل على أكثر من أن الذى نعلمه، لأنه يعلم من جهة أن ا موجودة فى حـ، كنحو ما نعلم الجزئى بالعلم الكلى. فهو بين أنـ〈ـه〉 كيفما علم ذلك فهو بالجملة يجب ألا يعلم ما قد علمه، وذلك محال. وأما على نحو ما قيل أولا إن لم تقل الحدود الوسطى بعضها على بعض، وكانت الخدعة فى مقدمة القياس الكبرى، فإنه لا يمكن أن يكون فى الكبرى من القياس الآخر. ومثال ذلك أن ا فى كل ٮ وليست فى شىء من حـ، وكلا ٮ حـ فى كل د. فيعرض أن تكون مقدمتا القياسين الكبريان إما متضادتين مرسلا،

وإما من جهة، لأنه إن ظن أحد أن ا موجودة فى كل ما توجد فيه ٮ، وعلم أن ٮ فى د، فإنه يعلم أن ا د. وأيضا إن توهم أن ا غير موجودة فى شىء مما توجد فيه حـ، فإنه يتوهم أن بعض ما توجد فيه ٮ ليس توجد فيه ا، فقد توهم أن ا موجودة فى كل ما فيه ٮ، وأيضا أن ا ليست فى بعض ما فيه ٮ. وهذان القولان إما أن يكونا متضادين مرسلا، وإما من جهة.

فعلى هذا النحو ليس يمكن أن تكون الخدعة فى كلتا مقدمتى القياسين الكبريين. وأما فى الواحدة منهما فقد يمكن. وأما فى قياس واحد فقد تكون الخدعة فى كلتا المقدمتين. ومثال ذلك أن تكون ا فى كل ٮ، وٮ فى كل حـ، وأيضا أن ا غير موجودة فى شىء من حـ، لأن هذه الخدعة شبيهة بالخدعة فى الجزئيات، مثل أنه إن كانت ا موجودة فى كل ٮ، وٮ فى كل حـ، فإن ا تكون موجودة فى كل حـ. فإن علم أحد أن ا موجودة فى كل ما يوجد فيه ٮ، فإنه يعلم أن ا موجودة فى حـ، ولكن بشىء يمنع أن يجهل وجود حـ، مثل أنه إن كانت ا

زاويتين قائمتين، و ٮ مثلث، و حـ مثلث محسوس، فإنه قد يتوهم أحد أن حـ غير موجودة وهو عالم بأن كل مثلث فزواياه مساوية لزاويتين قائمتين. فإذن شىء واحد يعلم ويجهل معا، لأن المعرفة بأن كل مثلث فزواياه قائمتان ليست مبسوطة، ولكن منها عامية ومنها خاصية. فعلى هذا النحو يكون أن نعرف حـ بمعرفة عامية، وأما بمعرفة خاصية فلا نعرفها. فإذن لم يجمع الأضداد من عرف الشىء وجهله هكذا. وكذلك القول الذى فى «مانون» أن التعلم تذكر، لأنه ليس يعرض بجهة من الجهات أن تتقدم المعرفة الجزئيات، ولكن نعرفها بالحس، فإنا عالمون بها قبل ذلك. لأنا إذا علمنا أن هذا الشىء مثلث، فقد علمنا أن زواياه مساوية لزاويتين قائمتين. وكذلك يعرض فى سائر الأشياء. فهو بين أن بالعلم العامى تعرف الجزئيات، وأما بالعلم الجزئى فلا نعرفها، فإذن قد يمكن أن نختدع فيها. غير أنه ليس بالتضاد، ولكن يكون لنا العلم العام ونحن مختدعون فى المعرفة الجزئية. وكذلك القول فى الأشياء التى قيلت أولاً، لأن الخدعة التى فى الحد الأوسط ليست مضادة للعلم القياسى، ولا الخدعة التى فى كلا الحدين مضادة أيضا للعلم القياسى. فلا شىء يمنع أن نعلم أن ا فى كل ٮ، وأن ٮ فى كل حـ ثم نظن أن ا غير موجودة فى حـ — مثل أن كل بغلة عاقر، وأن هذه بغلة،
وأنها تنتج، لأنه لا نعلم أن ا موجودة فى حـ. وذلك يعرض إذا لم يستعمل الظن فى الأمرين جميعا معا. فإذن هو بين أنه إن علم أحدهما ولم يعلم الآخر فإنه يختدع، كالذى يعرض فى العلم الكلى والجزئى، لأنه ليس شىء من المحسوسات، إذا كان خارجا من الحس، يعرف. ولا أيضا إذا حسسناه وعرفناه معرفة عامية وخاصية، فإنا لا محالة نعرفه معرفة بالفعل، لأن المعرفة تقال على ثلاثة ضروب: إما عامية، وإما خاصية، وإما معرفة بالفعل. فإذن والخدعة أيضا على ثلاثة أضرب. فلا شىء يمنع إذن أن يجهل الشىء الواحد بعينه ويعلم، لا بالتضاد، كالذى يعرض لمن عرف المقدمة على كلتا الجهتين: أعنى المعرفة العامية والخاصية، لأنه إذا توهم أن البغلة تنتج، فإن المعرفة التى بالفعل ليست له، وليس كذلك من قبل ظنه المضاد لعلمه، لأن الخدعة التى تضاد الخدعة العامية بقياس تكون — والذى يتوهم أن الخير والشر شىء واحد، فإنه يتوهم أن الخير هو شر، وبيان ذلك أن تكون ا خيرا و ٮ شرا، وأيضا حـ خير — فلأنه يظن أن ٮ و حـ شىء واحد يتوهم أن حـ هو ٮ، وأيضا أن ٮ هو ا؛ فإذن حـ هو ا. وكما أنه لو كانت ٮ تقال على حـ بالحقيقة، وأيضا وكمثل ذلك ا على ٮ، فإنه بالحقيقة كانت تقال ا على حـ. كذلك يعرض وفى الظن، وأيضا فى أن أشياء ما هى شىء واحد، لأنه إن كانت حـ و ٮ شيئاً أحدا وٮ وا شيئا أحدا، فإن حـ و ا شىء أحد. فإذن

وفى الظن هكذا يعرض. فالنتيجة تكون اضطرارية إن وضعت المقدمة الكبرى، ولكن تلك كذب. وذلك أن يتوهم أحد أن الخير شر لا بالعرض. وذلك يمكن أن يتوهم على ضروب كثيرة. وليستقص ما قلناه بأفضل مما مثلناه.

٢٢

〈قواعد لعكس الأشياء المرغوب فيها أو التى تنتخب، ومقارنتها〉

فإذا رجعت الأطراف بعضها على بعض، فإن الواسطة بالضرورة ترجع على الطرفين، لأنه كانت ا مقولة على حـ بتوسط ٮ، ثم رجعت حـ على ا وكانت فى كل ا، فإن ٮ ترجع على ا وتكون موجودة فى كلها يتوسط حـ، وحـ أيضا ترجع على ٮ بتوسط ا. فكذلك يعرض بالقياس السالب، مثل أنه إن كانت ٮ فى حـ، و ا غير موجودة فى ٮ فإن ا غير موجودة فى حـ. فإن رجعت ٮ على ا، فإن ج ترجع على ا. وبيان ذلك أن تكون ٮ غير موجودة فى ا، فإذن ولا حـ تكون موجودة فى ا، لأن ٮ كانت موجودة فى كل ٮ، ف حـ تقال عليه. وإن كانت

حـ ترجع على ا فإن ٮ أيضا ترجع على ا. وهذا فقط يتبدى من النتيجة. وأما الأخرى فليست كما هى فى القياس الموجب. وأيضا إن كانت ا و ٮ يرجع كل واحد منهما على صاحبه، وكذلك حـ و د، وكان كل الموضوع إما أن يوجد فيه ا وإما حـ، فإن ٮ و د كذلك تكون نسبتهما من الموضوع إما أن توجد فيه ٮ وإما د، لأنه إذ كان كل ما يوجد فيه ا فٮ موجودة فيه، وكل ما توجد فيه حـ ف د موجودة فيه، وكان كل الموضوع إما أن توجد فيه ا وإما حـ، لا معاً: فإنه تبين أن كل الموضوع إما أن تكون فيه ٮ وإما حـ، لا معا، مثل أنه إن كان غير المكون غير فاسد، وغير الفاسد غير مكون، فإنه يلزم ضرورةً أن يكون المكون فاسدا والفاسد مكونا، وهذان قياسان مركبان. وأيضا إن كان كل الموضوع إما أن يوجد فيه ا وإما ٮ، وأيضا إما حـ وإما د — لا معاً، فإنه إن ارتجع ا و حـ، فإن ٮ و د يرتجعان، لأنه إن كانت ٮ غير موجودة فى بعض د فإن ا موجودة فى د. فإذن و حـ أيضا موجودة فى د، لأن ا و حـ يرتجعان. فإذن حـ و د يوجدان معا، وذلك محال. فإذا كانت ا موجودة فى ٮ وفى كل حـ، وكانت لا تقال على آخر غيرهما، وكانت ٮ موجودة فى كل حـ، فإنه يجب لا محالة أن ترتجع ا وٮ. وبرهان ذلك أن ا مقولة على ٮ وحـ فقط، و ٮ مقولة على نفسها وعلى حـ. فهو بين إذن أن كل ما يقال عليه ا فإن ٮ يقال عليه لا محالة. فإذن ٮ ترتجع على ا. وأيضا إذا كانت ا و ٮ فى كل حـ ورجعت حـ
على ٮ فإنه يجب ضرورة أن تكون ا مقولة على كل ٮ، لأنه إذا كانت ا فى كل حـ، و حـ فى كل ٮ لأن حـ ترتجع على ٮ، فإنه بين أن ا تكون فى كل ٮ. فإذا كان شيئان متقابلين مثل ا و ٮ، وكانت ا أفضل من ٮ، وكان أيضا شيئان آخران متفاعلين مثل د و حـ، فإنه إن كان كلا ا حـ أفضل من كلا ٮ حـ، فإن ا أفضل من د، لأن مثل ما أن ا مطلوب، كذلك ٮ مهروب منه، لأنهما متقابلان. وكذلك حـ و د لأنهما متقابلا. فإن كانت ا ود بالسوية مطلوبين، وٮ حـ بالسوية مهروب منهما، فإن كلا ا حـ مساويان لكلا ٮ د فى الطلب لهما والهرب منهما، ولكنهما كانا أفضل، أعنى ا حـ أفضل من ٮ د. فإن كانت د أفضل من ا، فإن ٮ أضعف شراً من حـ، لأن الضعيف الشر للضعيف الخير يقابل، والخير الأكثر والشر الأقل مختار على الشر الأكثر والخير الأقل: فإذن كلا ٮ د مختار على كلا ا حـ. ولكن ليس ذلك 〈واقعاً〉. 〈فـ ا إذن〉 مختارة على د و حـ أقل شرا من ٮ، فإذن و حـ أيضا مختارة على 〈ٮ. — فليكن〉 هو ممثلا بمحبة: إن أخذت علامة ا أن يختار أن يؤاتيه محبه على ما يريد، وعلامة ٮ ألا يختار أن يؤاتيه على ما يريد، فمن 〈البين〉

أن ا — أعنى أن يرى أن يؤاتيه أكثر — يختار من أن يؤاتيه. فالمحبة إذن هى أكثر اختياراً من 〈مؤاتاة〉 الجماع. ففى الصداقة إذن المحبة أكثر اختيارا من الاشتراك 〈الجنسى، وكا〉ـنت هذه أكثر اختيارا، فهذه أيضا هى الكمال. والاشتراك 〈الجنسى لا〉 يكون له مدخل فى المحبة، وأما أن يكون 〈مدخله من أجل أن يكون محبوباً. وكذلك بقية الشهوات〉 والصنائع أيضا تجرى هذا المجرى.

٢٣

〈نظرية الاستقراء〉

وأما كيف 〈تكون نسبة الحدود فى الانعكاس〉 وفى حال الاختيار وضده — فهو ظاهر.

وينبغى الآن أن نبين أنه 〈ليس〉 فقط المقاييس الجدلية والبرهانية تكون بالأشكال التى قيلت، ولكن أيضا والمقاييس الخطبية والفقهية والنشورية؛ وفى الجملة كل إيمان فى كل صناعة فكرية، فإنه بالأشكال التى قيلت تحدث، لأن تصديقنا بالأشياء كلها إما أن يكون بالقياس وإما بالاستقراء.

والاستقراء هو أن يبرهن بأحد الطرفين أن الطرف الآخر فى الواسطة موجود. ومثال ذلك أن تكون واسطة ا حـ 〈هى〉 ٮ وأن تبين ب حـ أن ا موجودة فى ٮ، لأن على هذا النحو يعمل الاستقراء. ومثال ذلك أن يكون ا طويل العمر، و ٮ قليل المرارة، و حـ الجزئيات الطويلة الأعمار: كالإنسان والفرس والبغل. ف ا موجودة فى كل حـ، لأن كل قليل المرارة فهو طويل العمر، و ٮ — أى القليل المرارة — موجود فى كل حـ. فإن رجعت حـ على ٮ الواسطة، فإنه يجب لا محالة أن تكون ا موجودة فى كل ٮ. لأنه قد بينا آنفا أنه إذا كان اثنان مقولان على موضوع واحد، ثم رجع الموضوع على أحد الطرفين، فإن الطرف الآخر يقال على الطرف الذى كان 〈عليه جرى〉 الرجوع. وينبغى أن نفهم من حـ جميع جزئيات الشىء العام، لأن الاستقراء لجميع جزئيات الشىء العام يبين النتيجة.

وينبغى أن تعلم الاستقراء ينتج أبدا المقدمة الأولى التى لا واسطة لها، لأن الأشياء التى لها واسطة، بالواسطة يكون قياسها. 〈أما الأشياء التى لا〉 واسطة لها فإن بيانها يكون بالاستقراء. — والاستقر〈اء〉 من جهة 〈يعارض〉 القياس، لأن القياس — بالواسطة — يبين وجود الطر〈ف

الأكبر〉 فى الاصغر؛ وأما بالاستقراء فيبين — بالطرف الأصغر — وجو〈د الأكبر فى الأوسط〉. والقياس أقدم وأبين بالطبع؛ وأما الاستقراء فأبين 〈عندنا〉.

٢٤

〈البرهان بالمثال〉

〈أما المثال〉 فإنه يكون إذا كان وجود الطرف الأكبر فى الواسطة 〈عن طريق حد شبيه〉 بالطرف الأصغر. فينبغى أن يكون وجود الواسطة فى 〈الطرف〉 الأصغر، ووجود الأكبر فى الشبيه بالطرف الأصغر، أبين من الذى نريد تبيينه. ومثال 〈ذلك أن〉 يكون ا مذموما، و ٮ قتال المتاخمين، و حـ قتال أهل أثينية لأهل ثيبا، و د أهل ثيبا لأهل فوقيا. فإذا أردنا أن نبين أن قتال أهل أثينية لأهل ثيبا مذموم، فإنه ينبغى أن نقدم فى القول أن قتال المتاخمين مذموم، والتصديق بذلك يكون من الأشياء الشبيهة بمثل أن قتال أهل ثيبيه لأهل فوقيا مذموم، فلأن قتال المتاخمين مذموم، وقتال أهل أثينية لأهل ثيبا هو قتال المتاخمين، فهو بين أن قتال أهل أثينية لأهل ثيبا مذموم. فهو بين أن ٮ موجودة فى حـ

و د، لأن قتال المتاخمين موجود فى كلا حـ د؛ وأيضا هو بين ان ا موجودة فى د، لأنه لم يكن قتال أهل ثيبا لأهل فوقيا تخيراً. أما وجود ا فى ٮ فيتبين ب د. وكذلك يعرض أيضا إن كان التصديق بوجود الطرف الأكبر فى الواسطة بأشياء كثيرة.

فهو بين أنه ليس المثال كجزء إلى كل، ولا ككل إلى جزء، وكنحو ما يكون فى القياس، ولكن، كجزء إلى جزء — و〈ذلك حينما تكون الحالتان الجزئيتان تابعتين لحد واحد، وإحداهما معروفة〉. فبين المثال وبين الاستقراءات 〈فرق، هو أن الاستقراء بابتدائه〉 من جميع الجزئيات يبين أن الطرف الأكبر موجود فى الواسطة 〈ولا يطبق القياس على الطرف الأصغر〉، وأما 〈فى المثال — وهو يطبق القياس —〉 فليس من جميع الجزئيات تبين وجود الطرف الأكبر فى الواسطة.

٢٥

〈نظرية البرهان الأباغوجى〉

وأما الاستقراء فيكون إذا كان وجود الطرف الأكبر فى الواسطة بينا، وكان وجود الواسطة فى الأصغر 〈خافيا، و〉كان خفاؤه إما مثل النتيجة وإما

دونها. وأيضا إن كان 〈عدد الحدود المتوسطة بين الحد الأخير والأوسط قليلا〉 لأنه يعرض لا محالة إذا كانت الأوساط قليلة أن يكون وجود واسطة فى الطرف الأصغر أقرب إلى المعرفة 〈من〉 النتيجة. ومثال ذلك أن يكون: ا متعلم وٮ علم و حـ عدل، فهو بين 〈أن كل〉 علم متعلم. إما إن كانت الفضيلة علما فذلك غير بين. فإن كانت مقدمة ٮ حـ مصدقة مثل نتيجة ا حـ، فإن هذا القياس يقال له استقراء. وذلك أن ٮ حـ أقرب إلى المعرفة، لأنا اقتضينا زيادة، وهى أخذنا ل ا ٮ أعرف من حيث لم يكن لنا أولا. وأيضا إن كانت الأوساط بين ٮ و حـ قليلة، لأن على هذه الجهة تكون مقدمة ٮ حـ أقرب إلى المعرفة من النتيجة، مثل أن تكون: د تربيع و ھ مستقيم الخطوط، و ز دائرة. فإن كان لمقدمة ھ و ز واسطة واحدة — وهى أن تكون مساوية للشكل المستقيم بتوسط الأهلة — فإن مقدمة ھ ز تكون أقرب إلى المعرفة من النتيجة. فإذا لم يكن التصديق بمقدمة ٮ حـ أكثر منه بنتيجة ا حـ أو لم تكن الأوساط قليلة، فإنى لست أسمى ذلك استقراءاً؛ ولا إذا لم يكن لمقدمة ٮ حـ واسطة، لأن ذلك حينئد يكون علما.

٢٦

〈الأنسطاسيس〉

وأما الأنسطاسيس فهى مقدمة تضاد مقدمة، والفرق بينها وبين المقدمة أن الأنسطاسيس يمكن أن تكون جزئية. وأما المقدمة فإنها: إما ألا تكون ألبتة جزئيةً، وإما ألا تكون المقاييس الكلية. — والأنسطاسيس تقال على جهتين فى شكلين: أما على جهتين فلأن منها كلية، ومنها جزئية؛ وأما فى شكلين فلأنها تقال بتقابل المقدمة، والمقدمة التى تقابلها إما أن تكون كلية وإما جزئية؛ وأما الكلية ففى الشكل الأول تتبين؛ وأما الجزئية ففى الشكل الثالث. لأنه إذا كانت المقدمة كلية موجبة فإنا نخالفها إما بكلية سالبة، وإما يجزئية سالبة. والكلية السالبة من الشكل الأول تبين، والجزئية السالبة من الشكل الثالث. ومثال ذلك أن تكون ا علما واحدا وٮ أضداداً، فإذا كانت المقدمة أن العلم بالأضداد واحد، ثم خالفناها بكلية سالبة وقلنا: ولا زوج واحداً من المتقابلات يقع عليه علم واحد، والأضداد متقابلة، فإنه [يكون] يجب أن يكون: ولا زوج واحدا من الأضداد يقع عليه علم واحد — وذلك هو الشكل الأول. فإذا خالفنا

المقدمة بجزئية سالبة، فإن القياس يكون بقول〈نا إن〉 المجهول والمعلوم ليس يقع عليهما علم واحد، والمعلوم والمجهول أضداد، 〈فإذن〉 بعض الأضداد ليس يقع عليهما علم واحد.

وكذلك يعرض أيضا وإن كانت المقدمة التى تخالفها كلية سالبة. لأنه إذا كانت المقدمة أنه: ولا زوج واحدا من الأضداد يقع عليه علم واحد، فإنا نخالف ذلك إما بقولنا: كل زوج من المتقابلات علم واحد يقع عليه؛ وإما أن بعض الأضداد علم واحد يقع عليه، مثل أن الصحة والمرض يقع عليهما علم واحد. والكلية من الشكل الأول تتبين؛ والجزئية من الثالث.

لأن بالجملة فى جميع المقدمات إذا خالفناها خلافا عاميا فإنه ينبغى أن تأتى نقيضة المقدمة المحيطة بالمقدمة التى نقصد لنقيضها، مثل أنه إن قدم فى القول أن ليس العلم بكل زوج من الأضداد واحدا، فإنه ينبغى أن نخالف ذلك بقولنا: كل زوج من المتقابلات فالعلم به واحد. وعلى هذه الجهة يكون الشكل الأول، لأن الواسطة — وهى المتقابلات — عامية للأضداد. فإذا خالفنا المقدمة خلافا جزئياً فإنه ينبغى أن نضع خلاف المقدمة الجزئية المحاطة بالمقدمة التى نقصد لنقيضها، كقولنا: إن العلم بالمعلوم والمجهول ليس بواحد، والمعلوم والمجهول أضداد — وذلك الشكل الثالث. فالأضداد عامية للمعلوم والمجهول. وأما جزءا الأضداد —

وهو المعلوم والمجهول — 〈فهما يقعان〉 واسطة، فالتى منها يمكن أن ينتج ضد المقدمة التى نقصد لنقيضها 〈هى التى يبدأ منها〉 المتعاطى وضع الأنسطاسيس. ولذلك نأتى بها من هذين الشكلين، لأن فى هذين الشكلين فقط تكون المقاييس المتقابلة، لأن فى الشكل الثانى لم يكن قياس موجب. وأيضا الأنسطاسيس الذى يكون فى الشكل الثانى يحتاج إلى عمل كثير — مثل أن ينكر أحد أن تكون ا موجودة فى ٮ من جهة أن حـ غير لاحقة لها، لأن ذلك يتبين بمقدمات أخرى. وليس ينبغى أن نأتى بالأنسطاسيس دون أن تكون المقدمة الأخرى بينةً. ولذلك لم يكن فى هذا الشكل فقط بيان شىء بالعلامة.

وينبغى أن ننظر فى سائر الأنسطاسيس، مثل الذى تكون من الضد، ومن الشبيه، ومن الظن المحمود. وينبغى أيضا أن ننظر: هل يمكن أن توجد الأنسطاسيس الجزئية من الشكل الأول، والسالبة من الشكل الثانى؟

٢٧

〈الضمير〉

وأما الأيقوس والعلامة، فليس هما شيئاً واحداً، لأن الأيقوس هى مقدمة محمودة؛ لأن الكائن وغير الكائن على الأكثر، والموجود وغير

الموجود هو أيقوس مثل: الحساد يبغضون والمحبوبون يحبون. وأما العلامة فهى مقدمة برهانية: إما اضطرارية وإما محمودة؛ لأن الذى بوجوده يوجد الشىء أو الذى بكونه يكون الشىء فهو علامة لكون الشىء أو لوجوده.

وأما أنثوميما فهو قياس مركب من مقدمات محمودة، أو من علامات. والعلامة توجد على ثلاث جهات مثلما توجد الواسطة فى الأشكال، لأنها إما أن تكون فى الشكل الأول وإما فى الثانى وإما فى الثالث. مثل أن نبين أن المرأة ولدت من قبل أن لها لبنا، فبيان ذلك يكون فى الشكل الأول، لأن الواسطة: هى أن لها لبنا. فلتكن ا والدة، وٮ وجود اللبن لها، و حـ امراة. وإما أن الحكماء ذوو فضائل، لأن پطيقوس ذو فضائل، فإنه يكون فى الشكل الثالث. فلتكن ا ذوى فضائل، وٮ حكماء، وحـ پطيقوس —

فهو صدق أن يقال: ا و ٮ على حـ، غير أن الواحدة لا تقال لشأنها أو لكذبها، وأما الأخرى فتقال. وأما أن المرأة قد ولدت لأنها صفراء فيتبين فى الشكل الثانى، فلأنه تلحق التى ولدت صفرة، وهذه المرأة صفراء — يظنون أنه يبين أن هذه المرأة 〈قد ولدت〉. فلتكن ا صفرة، وٮ والدة، و حـ امرأة. فإن قيلت المقدمة الواحدة ف〈قط دون〉 الأخرى، قيل لذلك علامة. فإن قيلت مع الأخرى قيل لذلك قياس: 〈مثال ذلك〉 پطيقوس سخى لأن محبى الكرامة أسخياء، وپطيقوس محب للكرامة. وأيضا إن الحكماء أخيار لأن پطيقوس خير وحكيم.

فعلى هذا النحو تكون مقاييس. غير أن الذى فى الشكل الأول لا ينتقض إذا كان صدقا لأنه عامى. وأما الذى فى الشكل الثالث فإنه ينتقض من قبل أن القياس ليس بعامى ولا مبنى على الشىء الذى نريد بيانه، لأنه ليس إذا كان پطيقوس ذا فضائل فإنه يجب لا محالة أن يكون سائر الحكماء ذوى فضائل. وأما الذى فى الشكل الثانى فإنه أبداً لا محالة ينتقض، لأنه ليس يكون فى الشكل الثانى قياس من مقدمات موجبة — لأنه ليس إذا كانت الوالدة فى وقت ما تلد صفراء، فإنه يجب لا محالة أن تكون قد ولدت. فالصدق قد يوجد فى جميع العلامات. وأما ما لا يوجد فى جميعها — وهو فصولها — فقد قيل آنفا.

على هذا النحو من القول لتقسم العلامة. فالمسمى من هذه العلامات بالحقيقة علامة ما كان من الأطراف. وأما ما كان من الواسطة فيسمى تقمريون، وهو الذى فى الشكل الأول، وهو أحمد العلامات وأصدقها. وأما الفراسة فهى ممكنة عند من سلم أن الآلام الطبيعية تحيل البدن والنفس معا، لأنه إن تعلم أحد صناعة اللحون، فإن نفسه تتغير بعض التغير، و〈لكنها〉 ليست من الآلام الطبيعية لأنها لا تغير البدن؛ فالطبيعية هى التعب والشهوة، فإنهما من الحركات التى بالطبع. فإن سلم ذلك أحد وكان واحد أو آخر علامة وقدرنا أن نأخذ لكل نوع ألما خاصا وعلامة، فإنه يمكننا أن نستعمل الفراسة. فإنه قد توجد فى بعض الأنواع آلام خاصة كالشجاعة فى الأسد، فإنه يجب ضرورة أن تكون لذلك علامة فى البدن، لأنه كان 〈موضوعاً أن البدن والنفس يألمان〉 معا فلتكن

العلامة عظم الأطراف العالية 〈وهذا يمكن أن يوجب فى بعضها〉 غير أنه لا يمكن فى كلها، لأن العلامة على هذه الجهة 〈التى بيناها تكون خاصة، لأن الألم〉 خاص للنوع كله، ولكن ليس هو له فقط، كما اعتدنا أن نقول عن الخاصة، لأنه قد توجد فى نوع آخر: وذلك أن الإنسان شجاع وغيره من الحيوان، إلا أن الشجاعة ليست فى كلها. فتكون الشجاعة إذن علامة لأنه 〈كان موضوعاً〉 أن واحدا لواحد علامة. فإن كان ذلك هكذا وأمكننا أن نجمع مثل هذه العلامات فى الحيوان التى فيها ألم واحد خاص، ولكل واحد منها علامة، فإنه يمكننا لذلك أن نستعمل الفراسة. فإن كانت له خاصتان: مثل أن الأسد شجاع وجواد من جهة، فإنا نعلم أى علامة على أى ألم تدل من العلامات التى توجد فى واحد واحد خاصة من الحيوان؛ وكذلك إن كانتا جميعا فى نوع آخر، لا كله. وأيضا إن لم يكونا كلتاهما فى النوع إذا كانت إحداهما فيه والأخرى غير موجودة فيه، لأنه إن كان شجاعا ولم يكن سخيا فإن علامة الشجاعة فيه هى العلامة الدالة على الشجاعة فى الأسد. فالفراسة تكون إذا رجعت الواسطة التى فى الشكل الأول على الطرف الأكبر، وكانت فاضلة على الطرف الأصغر إذ يكون غير راجع عليها: مثال ذلك أن تكون ا شجاعة، و ٮ عظم الأطراف العالية، و حـ أسد —

ف ٮ موجودة فى كل حـ وفى غيرها؛ و ا موجودة فى كل ٮ لا فى أكثر منها، ولكن ٮ راجعة على 〈ا〉: فإن لم يكن ذلك هكذا، فإنه ليس يكون واحد لواحد علامة.

][تمت المقالة الثانية من كتاب القياس، والحمد لله على إنعامه. نقلت من نسخة بخط الحسن بن سوار 〈عن نسخة〉 يحيى بن عدى؛ التى يخطه .〈...〉

قوبل به نسخة كتبت من خط يحيى بن عدى وصححت عليها وقرئت بحضرته فكان موافقا لها.][