Galen: De bono habitu (Good Condition)
Work
Galen, De bono habitu
(Περὶ εὐεξίας)
English: Good Condition
Text information
Type: Translation (Arabic)
Translator: Ḥubayš
Translated from: Syriac
(Close)
Date:
between 830 and 870
Source
N =
Madrid, Biblioteca Nacional, 5011 (5),
144r-147r
I =
Istanbul, Süleymaniye, Ayasofya 3725 (10),
122v-125r
P =
Paris, Bibliothèque Nationale, arabe 2847 (5),
118v-120v
بسم اللّه الرحمن الرحيم
مقالة جالينوس في خصب البدن نقل حنين بن إسحق
قال جالينوس: قد جرت عادتنا معشر اليونانيّين تصرّف اسم الخصب علی كلّ شيء يجري مجراه مجری قنية طويلة المكث بطيئة الانقضاء. وقولنا «خصب» أو «قنية» مطلقاً ليس يدلّ علی أنّا نحمد الحال التي نعنيها به ولا علی أنّا نذمّها. فإنّا إذا قلنا «خصب» أو «قنية جيّدة» أو «رديئة» كان في ذلك حينئذٍ تفريق ودلالة علی الحال التي نعنيها بقولنا «خصب البدن المحمود» «والقنية الجيّدة» مطلق وهي خصب البدن المحمود مطلقاً إنّما يكون في أفضل هيئات البدن والقنية والخصب الذي ليس بمطلق هو موجود في كلّ واحد من سائر طبائع الأبدان. فأمّا القنية الرديئة والخصب الرديء فتكون في كلّ هيئة من هيئات البدن إن قيل مطلقاً وإن قيل علی طريق الإضافة.
وقد ينبغي لمن أراد أن يعلم يقيناً ما خصب البدن المحمود مطلقاً أن يكون ذاكراً لما تقدّم من قولنا في أفضل هيئات البدن خاصّة وذلك أنّه لمّا كانت الصحّة ذات عرض لا عرض بعده
كما قد بيّنّا ذلك في كتب أخر مراراً شتّی صار الفلاسفة والأطبّاء القدماء ينسبون ذهاب الصحّة إلی جهة الزيادة «خصب محمود» وأمّا ذهابها إلی جهة النقصان فليس له عندهم اسم خاصّ لكنّهم يسمّونه باسم جملة الجنس فيسمّونه علی مثال واحد «صحّة». وإن كان الأمر علی هذا فخصب البدن المحمود هو صحّة فاضلة فلذلك صار إنّما يكون في الأبدان التي هيئتها أفضل الهيئات لأنّ البدن متی لم يكن كذلك لم تكن صحّته صحّة فاضلة ومتی لم تكن صحّته فاضلة لم يكن أيضاً خصبه خصباً محموداً.
وأمّا الخصب الذي يقال علی طريق الإضافة إلی شيء فيكون بحسب طبيعة كلّ واحد من الأبدان ومن أجل ذلك صار لا يقال خصب مطلق لكن يضاف إليه شيء يدلّ علی صاحبه فيقال خصب بدن فلان كأنّك قلت في المثل خصب بدن ديون أو خصب بدن ثاون. وأمّا خصب بدن ميلن وخصب بدن أخيلوس وخصب إيراقليس فليس يحتاج فيه إلی زيادة شيء يضاف إليه الخصب لكنّه يقال خصب محمود مطلق كما يقال إنّ أخيلوس جميل بقول مطلق ولا يقال القرد جميل أو حسن بقول مطلق لكن علی أنّه قرد.
وخصب أبدان أصحاب الرياضة أحد الأشياء التي يقال قولاً فيه زيادة تدلّ علی الإضافة. وقد أجاد وأصاب أبقراط في قوله «إنّ خصب البدن
«قفيز ومكيال غير معتدل».
وعلی هذا المثال كلّ شيء يوصف بصفة لا زيادة فيها فيما تدلّ علی الإضافة إلی شيء فطبيعته غير طبيعة الشيء الذي يوصف بصفة فيها زيادة تدلّ علی الإضافة إليه شيء وبلوغ الغاية ربّما كان محموداً وربّما كان مذموماً. وكذلك أيضاً الأمر في خصب أبدان أصحاب الرياضة فإنّ خصب أبدان هؤلاء يبلغ من نقصانه عن الحدّ المحمود أنّ مذمّته صواب ليس عند أبقراط فقط وعند سائر قدماء الأطبّاء لكن عند أفاضل الفلاسفة أيضاً بمنزلة ما ذمّه أفلاطن في المقالة الثالثة من كتابه في تدبير المدن. فإنّ أفلاطن بيّن في هذه المقالة جميع ما في هذا الخصب من الخصال التي لا ينتفع بها في الأفعال التي في الطبع وأخبر أنّه خصب ليس تكون الصحّة معه وثيقة لا خوف عليها. وذلك أنّ أصحاب الرياضة لمّا كانوا ليس يطلبون اعتدال مزاج البدن وحده ولاكن يطلبون معه عظم الجثّة وكان عظم الجثّة أمر لا يكون خلواً من الإفراط في التملّئ من الطعام والشراب صاروا من هذا الوجه يجعلون خصب أبدانهم وقنيتها خصباً وقنية علی خطر ومع خطره لا يصلح لما يحتاج إليه الناس من التصرّف في الأعمال المدنيّة.
فكيما تستفيد معرفة خصب البدن المحمود الذي هو محمود بحقّ قد ينبغي لك أن تقيس بينه
كان كذلك امتلأت العروق دماً حتّی تمدّدت واختنقت الحرارة الغريزيّة وانطفأت لأنّها تعدم الترويح والتنفّس. وإن كان في الحرارة بعد محتمل يخرق أحد العروق والشريانات الشريفة النفيسة التي في الكبد وفي الرئة وفي الصدر إذ كانت هذه العروق والشريانات ألين جرماً من العروق والشريانات التي في اليدين والرجلين وكانت هي القابلة للغذاء أوّلاً وكانت بسبب كثرة الحرارة الطبيعيّة فيها وبسبب دوام فعلها يعرض للدم فيها شيء شبيه بالغليان وإذا عرض له ذلك خرقها وشقّها كما يشقّ الشراب القريب العهد بالمعصرة الزقاق.
فهذه الأشياء كلّها يكون باتّباعها الامتلاء المفرط بالضرورة والبرهان عليها تابع للكلام في الأشياء الطبيعيّة. وقد قلت في المقالة التي ذكرت فيها منفعة التنفّس أنّ الحرارة الغريزيّة تنطفئ عندما تمتلئ العروق من الدم بأكثر ممّا ينبغي وقد قلت في كتاب التشريح إنّ العروق إذا امتلأت كثيراً تخرّقت وانشقّت. وأنت تجد أبقراط يعرّف ما وصفت من ذلك علی ما وصفت حيث يقول «إنّ خصب البدن لأصحاب الرياضة إذا صاروا إلی الغاية فهو خطر» وحيث يقول في موضع آخر «إنّ العلّة التي تعرض فيها للإنسان أن ينقطع صوته دفعة إنّما تحدث عن انقفال العروق». فإنّ أبقراط دلّ في قوله هذا علی بطلان
جميع الأفعال العارضة دفعة ببطلان فعل واحد منها وهو أشرفها وأنفسها. وأمّا قوله «انقفال العروق» فيعني به امتلاءها المفرط حتّی لا يكون لها نفس تستروح به.
تمّت مقالة جالينوس في خصب البدن.