Gregory Thaumaturgus: Disputatio de anima ad Tatianum (To Tatian on ther Soul)
Work
Gregory Thaumaturgus, Disputatio de anima ad Tatianum
(Λόγος κεφαλαιώδης περὶ ψυχῆς πρὸς Τατιανόν)
English: To Tatian on ther Soul
Text information
Type: Translation (Arabic)
Translator: anon.
Translated from: Syriac
(Paraphrase)
Date:
unknown
Source
Helmut Gätje. Studien zur Überlieferung der aristotelischen Psychologie im Islam. Annales Universitatis Saraviensis. Reihe: Philosophische Fakultät 11. Heidelberg (Carl Winter Universitätsverlag) 1971, 101-113
Download
gregthaumat_adtatianum-transl-ar1.xml [19.76 KB]
بسم اللّه الرحمن الرحيم
مختصر كتاب النفس عن الفيلسوف أرسطاطاليس وهو سبعة أبواب
(١) الباب الأوّل، قال الحكيم إنّ كلّ موجود إمّا أن يدرك بالحواسّ وإمّا أن يدرك بالوهم، فما وقع من الأشياء تحت الحواسّ ففي الحسّ كفاية في الدلالة على وجوده لأنّ كلّ شيء وافق حواسّنا فالحواسّ تحقّق وجوده ساعة يقع الحسّ عليه.
وما أدرك بالوهم فليس يمكننا العلم به من قبل ذاته وذلك لخفائه في الطبيعة من قبل ذاته واستتاره عن وقوع البصر عليه ولاكن من قبل فعاله، ولا خفيّة بأنّ النفس خفيّة في طبيعتها وكان لا سبيل إلى إدارك شيء خفيّ في الطبيعة من قبل ذاته لاكن من قبل فعاله، فالنفس لا سبيل إلى معرفتها من قبل ذاتها لاكن من قبل فعالها.
(٢) الباب الثاني في إثبات وجود النفس، إنّ كلّ متحرّك لا يخلو من أن تكون 〈حركته〉 إمّا من خارج وإمّا من داخل، فما كانت حركته من خارج فعلى وجهين إمّا أن تكون تدفع دفعاً أو تقود قوداً، فكذلك أجسادنا لا تخلو من أن تكون حركتها من خارج أو من داخل، وليس يخفى أنّ حركتها ليست من خارج لأنّها ليست بمدفوعة دفعاً ولا بمقودة قوداً كالأشياء التي لا نفس لها.
فإن كان كلّ متحرّك إمّا أن يكون متحرّكاً من خارج أو من داخل وكان جسدنا ليس بمتحرّك من خارج فقد استبان إذن أنّه إنّما يتحرّك من داخل، وكلّ شيء يتحرّك من داخل إمّا أن تكون حركته طبيعيّة لا تهدأ ولا تسكن البتّة كالنار التي لا تسكن عن حركتها ما دامت ناراً وإمّا أن تكون من قبل النفس
التي سبب حياته، وإن كانت النفس هي المحيّية التحيّية المتحرّكة فحرّكتها للجسد.
فإن كان كلّ حركة لا بدّ لها من محرّك وكان كلّ حيّ محرّك لغيره موجوداً بذاته لا محالة فالنفس إذن موجودة بذاتها يستدلّ عليها بأفعالها.
(٣) الباب الثالث وهو إثبات جوهريّة النفس، وقد يستدلّ اضطراراً على أنّ النفس جوهر من هذه الجهة أمّا الأوّل فمن قبل أنّ الحدّ الذي يوضح ماهيّة الجوهر لازم للنفس أيضاً وهو أنّ الجوهر ما كان قابلاً للمتضادّات من غير أن يتغيّر عمّا هو عليه في ذاته، ولا يخفى أنّ النفس قابلة للمتضادّات من غير أن تتغيّر عن ذاتها، فإن كانت خاصّة الجوهر الشبيهة بالحدّ أن يكون قابلاً للمتضادّات من غير تغيّر منها عن طبيعته وكانت النفس أيضاً قابلة للمتضادّات من غير تغيّر منها فالنفس إذن لا محالة جوهر.
والجسد يعيش ويتحرّك بالنفس والمحرّك للجوهر واجب أن يكون جوهراً، فإنّه لا سبيل لأحد أن يقول بحقّ إنّ الحيّ المتحرّك من قبل غيره جوهر وإنّ الذي يحيّيه ويحرّكه غير جوهر إلّا أن يبلغ من جهله أن يقول إنّ ما ليس بموجود هو علّة ما هو موجود ويبلغ أيضاً من سخفه أن يقول إنّ ما كانت حياته مأسورة بغيره من غير أن يقدر — إن هو فقده — أن يثبت حياته طرفة عين هو علّة وجود الشيء الذي به قوام حياته.
(٤) الباب الرابع وهو إثبات أنّ النفس روح، قد أوضجنا فيما سلف من منطقنا أنّ النفس في الجسد، وقد ينبغي الآن أن نوضح كيف هي فيه لأنّها إن كانت في الجسد بمنزلة العضو الملازق للعضو فهي أيضاً جسد وكلّ الجسد مع ذلك غير متنفّس لأنّه إنّما لازم للنفس من ناحية صغيرة، وإن كانت مختطلة
ممتزجة في الجسد فهي إذن غير بسيطة بل هي ذات أجزاء كثيرة وهي مخالفة لاسم النفس التي دلّت على بسيط.
وإن كانت ترى في أجزاء كثيرة فهي بعيدة عن فعل النفس لأنّ كلّ عضو قطعة وكلّ قطعة متحلّلة وكلّ متحلّل مركّب وكلّ مركّب فله ثلاثة أقدار: طول وعرض وعمق، وكذا ما كان له هذه الثلاثة الأقدار فإنّه جسم، وكلّ جسم إذا زيد على جسم آخر زاده ثقلاً، والنفس التي في الجسد ليست تزيده ثقلاً لاكنّها تحيية إحياءً، وإذا كان كلّ جسم زيد إلى جسم يزيده ثقلاً وكانت النفس بكونها في البدن لا تزيده ثقلاً فقد استبان إذن أنّ النفس ليست بجسد ولا جسم ولاكنّها غير جسم.
وإن كانت النفس جسداً فإمّا أن تكون حركتها من خارج وإمّا من داخل، وليس يخفى أنّ حركتها ليست من خارج لأنّها ليست تدفع دفعاً ولا تقاد قوداً كالأشياء التي لا نفس لها، ولا أيضاً حركتها من داخل كحركة المتنفّس الذي تحرّكه النفس فإنّه ليس ينبغي أن نقول إنّ للنفس نفساً أخرى ولتلك أيضاً أخرى إلى ما لا نهاية له، إذا كانت حركتها ليست من خارج ولا أيضاً من داخل كحركة الجسم الذي تحرّكه النفس فقد استبان إذن أنّ النفس ليست بجسد بل غير جسد.
ثمّ إن كانت النفس جسداً فإنّ الأشياء العارضة لها جسديّة محسوسة، وليست أعراض النفس بمحسوسة فإنّه لا البرّ محسوس ولا الجرأة ولا شيء ممّا أشبه ذلك من أعراض النفس، فإذا كان كلّ جسم محسوساً من الأعراض وكانت أعراض النفس غير محسوسة فقد استبان إذن أنّ النفس ليست بجسد.
ثمّ إن كانت النفس جسداً فإنّما تغتذي بأشياء جسمانيّة والنفس غير مغتذية من شيء من الأشياء الجسمانيّة، و〈إذا〉 كانت النفس لا تتغذي بشيء من الأشياء الجسمانيّة فقد استبان إذن أنّ النفس ليست بجسد بل هي غير جسم.
(٥) الباب الخامس وهو إثبات أنّ النفس بسيطة غير مركّبة، وقد تحقّق أنّ النفس بسيطة غير مركّبة من قبل أنّها غير جسد كما أوضحنا لأنّ كلّ جسد مركّب من أجزاء لا محالة، فإن لم تكن النفس جسداً وكان كلّ جسد مركّباً من أجزاء فالنفس إذن ليست بمركّبة بل هي بسيطة فافهم.
(٦) الباب السادس وهو أنّ النفس غير مائتة، قد يلزم للنفس في الحقيقة إذا كانت بسيطة أن تكون غير مائتة أيضاً، وذلك أنّه ليس من شيء يفسد ذاته لمّا ثبت في بدء الأمر بل إنّما يفسد كلّ ما فسد من قبل أمر مضادّ له، ولذلك قال الحكيم كلّ فاسد متحلّل وكلّ متحلّل مركّب وكلّ مركّب من أجزاء عدّة وكلّ مركّب من أجزاء كثيرة مختلفة والمختلف لا يسالم بذاته لأنّه ليس شيئاً واحداً.
وإذا كان ذلك كذلك فالنفس إذن بسيطة ليس لها أجزاء، وإذا لم تكن لها أجزاء فليست بمركّبة، وإذا لم تكن مركّبة فليست بمتحلّلة، وإذا لم تكن متحلّلة فليست بفاسدة، وإذا لم تكن فاسدة فليست بمائتة.
وأيضاً إنّ كلّ شيء متحرّك من قبل غيره لا من قبل ذاته فإنّه لا حياة له إلّا بالأمر المحرّك له وإنّما قوامه بقدر ما يتمسّك به قوّة فعل الأمر الذي يحيّيه، فإذا ما فارقه محييه بارت حياته من ساعته، فأمّا 〈ما〉 لم تكن حركته من قبل غيره بل من تلقاء ذاته بمنزلة النفس التي إنّما حركتها من تلقاء ذاتها فليس حياته البتّة تفسد، وإذا كانت النفس متحرّكة من تلقاء ذاتها وكان كلّ متحرّك من تلقائه لا يفسد فالنفس إذن لا تفسد حياتها ولا يتسلّط الموت عليها.
وقد يلزم للشيء المتحرّك من قبل ذاته ألّا تسكن حركته أو يعوقها عائق وما لا يسكن فليس لحركته غاية وما ليس لحركته غاية فليس بفاسد، وما لا يفسد لا
يبدؤ ولا يفنى، فإن كان ذلك كذلك وكانت النفس متحرّكة من تلقائها كما أوضحنا فليس يزيلها الموت إذن ولا يلحق بها الفساد.
وأيضاً إنّ كلّ شيء أثبتته محاسنه فإنّه تزيله مساوئه وما لم تثبته محاسنه لم تزله مساوئه وما لم تفسده مساوئه فإنّه لا يتسلّط الفناء عليه لأنّ المساوئ مضادّة للمحاسن ولذلك يفسد بعضها بعضاً، والجسد تثبته محاسنه وتزيله مساوئه فمساوئه الأوجاع والأسقام والأمراض ومحاسنه الحسن والحياة والصحّة والنموّ.
فأمّا النفس فإنّه لا تثبتها محاسنه التي هي البرّ والجرأة والعفّة ولا تزيلها مساوئها التي هي الفجور والجبن والحسد والخبث وما أشبه ذلك، فإذا كانت النفس لا تثبتها محاسنها فهي إذن لا تزيلها مساوئها، وإذا كانت لا تفسدها مساوئها وكان كلّ ما تفسده مساوئه لم يتسلّط الفساد عليه فالنفس إذن لا يتسلّط الفساد عليها، وإذا كان الفساد لا يتسلّط عليها فإذن ليست بميّتة
(٧) الباب السابع وهو إثبات أنّ النفس مفكّرة عالقة، وقد تحقّق الإنسان أنّ النفس مفكّرة عاقلة من وجوه شتّى، أمّا أوّل ذلك فمن قبل ما وجدت من الصناعات التي ينتفع البشر بها فإنّه لا يقدر أحد أن يقول بحقّ إنّ الصناعات وجدت باطلاً وعبثاً لأنّها ليست بعبث لا منفعة فيها بل منفعتها ظاهرة لا سرّيّة فيها، فإن كانت الصناعات نافعة للبشر ومنفعتها فخراً وشرفاً وهذا الفخر هو احتيال وتركيب من الفكر والفكر هو الفضيلة للنفس التي بها وجدت الصناعات فالنفس إذن مفكّرة.
وقد يستدلّ أيضاً على أنّ النفس مفكّرة من قبل أنّ حواسّنا لا تقدر على إدارك طبائع الأشياء فإنّه ليس هي كما ترينا حوسّنا في الظاهر، فلذلك يجب أن تدرك
حقائق الأشياء في الباطن والأمر الذي نلتمسه من العلم هاهنا ليس الظاهر ولاكنّه الباطن، فأمّا الباطن من حقائق جواهرها الذي إيّاه نلتمس فلا سبيل للحواسّ إليه فإنّ من الأشياء أشياء كثيرة مختلفة في طبائعها متّفقه في صورها وأشكالها وحدودها، فأمّا تمييز ما بين طبائعها في صورها وأشكالها ومعرفة كنهها فلا سبيل لها إليها البتّة.
فإذا كان حواسّنا لا تقدر على تمييز طبائع الأشياء وكنّا نعرف بأعيانها ونعلم حقائق طبائعها ونصل إلى كنه معرفتها وذلك بما قد نستعمل كلّ شيء منها في الوجوه الحاضرة في الموافق له ونقلبه إلى الأمر الذي نلتمسه منه فليس يخفى أنّا إنّما أدركنا علم ذلك لا بحواسّنا التي لا تقدر على إدراك حقائقها وطبائعها بل بفهمنا الذي هو فكرة النفس فإذا كان ذلك كذلك فالنفس إذن مفكّرة عاقلة.
ومع هذا أيضاً فليس من شيء نريد علاجه إلّا بعد تصويرنا في أنفسنا قبل أن نبتدئ به، وليس هذا شيئاً غير شرف النفس وفضلها وذلك لأنّها ليست تلامس هذه الأشياء وتنال هذا العلم وتصل معرفة هذه الأشياء من خارج لاكنّها تنال ذلك من تلقاء رويّتها وذكاء فطنتها، وبه تتقدّم الأمور وتقدّرها وتزيّنها وتداولها وتدوّمها وكذلك ما يتبادر تصوير الأشياء في أنفسنا ثمّ نظهرها بفعالنا، فهذه فضيلة للنفس وشرف لها أن تصنع كما صنعت من شيء بفكرتها قبل أن يظهر كاذب فعلها وإنّما ظهر شرفها على الحواسّ كلّها من جهة ما وضعناه أعني تقدّمها في تفصيل
ما النفس تعالجه في وهمها من التقدير والتصوير من قبل أن تباشره بعلمها وتظهره بعقلها، وإذا كان ذلك كذلك فالنفس إذن مفكّرة عاقلة اضطراراً.
كمل ما وضع الفيلسوف في صفة النفس والحمد للّه ربّ العالمين والصلوات على محمّد صحبه وآله أجمعين.
تمّت.