فأمّا كتاب الفصول فإنّه قال في كلّ وجه من العلم قولاً جامعاً في سبعة وخمسين باباً وهي التي تسمّى التعليمات، (١) فالتعليم الأوّل في الصنعة وصنفها قال أبقراط العمر قصير والصناعة طويلة والزمان حديد والتجربة خطر والقضاء عسر، (٢) التعليم الثاني في أصناف الطعام للمرضى وتقديره قال أبقراط الأطعمة اللطيفة دقيقة جدّاً ليست في الأمراض المزمنة ولا في الحادّة والأطعمة أيضاً التي على أقصى حدّ اللطافة رديئة مثل ما أنّ الماء الذي على الحدّ الأقصى رديء، (٣) التعليم الثالث في اهتياج الحمّى قال أبقراط ينبغي أن يتحفّظ في الطعام وأنّ الزيادة منه مضرّة وكلّما يعرض من الأمراض في الحين بعد الحين فينبغي التحفّظ عند اهتياجها، (٤) التعليم الرابع في علامات الأمراض قال أبقراط الدليل على حال
الأمراض ما يظهر من لفظ الجسد فيها مثل من به ذات الجنب إن ظهر منه نفث عاجل من أوّل المرض قصر مرضه وإن ظهر ذلك متأخّراً طال مرضه وفي مثل البول والبراز والعرق إذا ظهر على الوجه الذي يجري عليه القضاء بالفرج أو على خلاف ذلك على قصر الأمراض وطولها، (٥) التعليم الخامس قال أبقراط كلّما نشت يعني ذوات الأرواح فهو كثير حرارة الغريزيّة ولذلك يحتاج إلى كثرة الطعام وألّا بلي جسده، (٦) التعليم السادس فيما ينبغي 〈أن〉 يطعم للمحمومين من الطعام وقال أبقراط التدبيرات الرطبة بجميع المحمومين أمثل ولا سيّما للصبيان ولغيرهم من الذين اعتادوا ذلك التدبير لبعض مرّة ولبعض اثنتين وأكثر وأقلّ ومرّة بعد مرّة وأعطوا الساعة والعادة والبلاد والسنّ حقّها، (٧) التعليم السابع في معرفة الموقت قال أبقراط فيما يتفرّج وما قد تفرّج ينبغي أن لا يحرّك ولا يحدث به حدث لا بأدوية ولا بغيرها ممّا يهيج ذلك، (٨) التعليم الثامن في النوم قال أبقراط في أيّ مرض كان إن جاءه النوم بوجع فذلك يموت وإن نفع النوم فليس بميّت وإن ردّ النوم ذهاب العقل فذلك صالح، (٩) التعليم التاسع في سقي الدواء قال أبقراط ينبغي لمن أراد تنقية الأجساد أن ينقّيها قبل ذلك أي بإذابة ما فيها من الكيميوس الغليط، (١٠) التعليم العاشر في البراز قال أبقراط إن وقع في الجسد وجع أو خرجت في الجسد خُراجات فعند ذلك ينبغي أن ينظر في البراز فإن كانت مرّة صفراء فالجسد كلّه مريض وإن كان شبيهاً ببراز الأصحّاء
فالطعام الحشد، (١١) التعليم الحادي عشر قال أبقراط في الأمراض الحادّة ... لأنّها ربّما أسرعت إلى الدماغ أو إلى القلب أو الكبد فتهلك وربّما أسرع انحطاطها فتبرأ، (١٢) التعليم الثاني عشر في القضاء في الفرج قال أبقراط الأمراض الحادّة يقضي عليها بالفرج في أربعة عشر يوماً، (١٣) التعليم الثالث عشر قال أبقراط عند ابتداء الأمراض إن رأيت أن تحرّك شيئاً فحرّك وإن صعدت العلّة فلزوم الكفّ أفضل أي إن رأيت موضعاً للعلاج فقبل أن تصعد العلّة، (١٤) التعليم الرابع عشر في معرفة صالح الأمراض وطالحها فال أبقراط في كلّ مرض صحّة عقل المريض حسن وقبوله ما يقضي خير وخلاف ذلك شرّ أي ما يجد العليل في الدماغ والمعدة، (١٥) التعليم الخامس عشر في المخنوقين قال أبقراط الذين يخنقون ويخلون قبل أن يموتون وإن ظهر في أفواههم زبد لم يسلموا، (١٦) التعليم السادس عشر في إضمار الجسد والعناء قال أبقراط في كلّ تحريك الجسد إذا بدأ بتعب ثمّ ودعته مكانك لم يضرر التعب، (١٧) التعليم السابع عشر في انقلاب الساعات قال أبقراط انقلاب الساعات ... عن عظم البرد والحرّ وغير ذلك ممّا يجري مجراه أي انقلاب ساعات الزمان من أجزاء السنة،
(١٨) التعليم الثامن عشر في العرق قال أبقراط إذا كان الزمان شبيهاً بالصيف يعني الربيع عند ذلك ينبغي أن يتوقّع كثرة العرق مع كلّ حمّى تعرض، (١٩) التعليم التاسع عشر في الساعات قال أبقراط إن كان الشتاء يابساً بلا رطوبة وكانت رياحاً شمالاً كان الصيف يعني الربيع ممطوراً وكانت رياحه يمانيّة فلا بدّ أن يكون في القيظ حمّايات حادّة ووجع العين واختلاف من الأعفاج وعامّة ذلك في النساء 〈والذين〉 في طبيعتهم رطبة، (٢٠) التعليم العشرون في تدبير السنين قال أبقراط السنة اليابسة أوبأ من الممطورة الرطبة عامّتها حمّايات طويلة وسيلان البطون وخروج متماشيه وجنون وفالج وذبحة وأمّا أمراض السنة اليابسة فقرح في الرئة ووجع العيون والمفاصل وتقطير البول واختلاف من خراج الأعفاج، (٢١) التعليم الواحد والعشرون في أمراض الساعات والأسنان قال أبقراط في الساعات على ما يكون من الأمراض في الصيف وأوّل القيظ الغلمان والذين يتلونهم في السنّ أصحّاء وحسن حالهم أفضل من غيرهم وفي القيظ وبعض الربيع الشيوخ أحسن حالاً وفي سائر الربيع والشتاء أهل النصفة في السنّ أفضل حالاً، (٢٢) التعليم الثاني والعشرون في الأمراض التي تصيب الإنسان فيبدأ بالولدان قال أبقراط الأمراض التي تصيب
الولدان الصغار قرح وسعال وسهر وفزع وورم في السرر ورطوبات الأذنين، (٢٣) التعليم الثالث والعشرون قال أبقراط والأمراض التي تصيب الصبيان إذا كبروا وجع اللوزتين وبهر وحصاة ودود عراض ودود طوال ودود مثل دود الخلّ وثآليل وغلظ في أبشارهم وخنازير وخراجات أخر والذين أكبر منهم من قد راهق الاحتلام يصيبهم أمر آخر ويقضي عليهم بالفرج إلى أربعين يوماً وعلى بعضها إلى سبعة أشهر ومنها إلى سبعين يوماً ومنها إذا راهقوا الاحتلام وكلّ أمراض 〈لا〉 تنجلي عن الصبيان إلى الاحتلام وعن الجواري إلى أن يطمثن فتلك أمراض تثوي زماناً طويلاً، (٢٤) التعليم الرابع والعشرون في معرفة ما تداوى به النساء الحوامل قال أبقراط النساء الحوامل يداوين لأربعة أشهر فأمّا دون ذلك من صغر الولد وأمّا زاد من كبره فينبغي أن يحذر علاجهنّ، (٢٥) التعليم الخامس والعشرون قال أبقراط ينبغي أن يداوى ما فوق في الصيف وما أسفل في الشتاء يعني ما كان فوق الرأس والمعدة وما كان أسفل من المرّة الصفراء وما أسفل في الخام وما أشبهه، (٢٦) التعليم السادس والعشرون في ذي المشيّ قال أبقراط عند شرب الأدوية والخربق ينبغي أن يرطّب أجساد الذين لا تخفّ التنقية عليهم من فوق قبل الدواء بكثرة الطعام، (٢٧) التعليم السابع والعشرون في الاختلاف طوعاً قال أبقراط إذا جاء الاختلاف طوعاً كأنّه دم أسود
مع حمّى أو غير حمّى فذلك اختلاف سوء وإن كان اختلاف كثير الألوان منتقل من ألوان صالحة إلى ألوان رديئة فذلك اختلاف سوء أيضاً وإن جاء الأوّل بدواء فهو أمثل والكثير الألوان فلا بأس به، (٢٨) التعليم الثامن والعشرون في الفراغ من حيث كان قال أبقراط كلّ محموم يعرض له اختلاف لأنّ كثرة إفراغ الدم ترخي الكبد ثمّ تستقيم النضج، (٢٩) التعليم التاسع والعشرون في العرق قال أبقراط العرق في المحمومين خير إن جاء في اليوم الثالث أو الخامس ... أو السابع عشر أو الواحد والعشرين أو الواحد والثلثين أو الرابع والثلثين لأنّ هذا يفرج عن المريض فأمّا الذي يكون في غير هذه الأيّام فذلك عرق مؤذن بوجع وطول مرض ونكسة، (٣٠) التعليم الثلثون في الحمّايات اللازمة 〈قال أبقراط الحمّايات اللازمة〉 التي لا تقلع بل تشتدّ في اليوم الثالث فتلك أقرب إلى الهلاك والتي تقلع إلى أيّ وجه كان من الإقلاع فتلك أبعد إلى الهلاك، (٣١) التعليم الحادي والثلثون في علامات الموت قال أبقراط الحمّايات اللازمة التي لا تقلع إن كان ظاهر الجسد بارداً وداخله يحترق وكان بصاحبه عطش فتلك علامات موت، (٣٢) التعليم الثاني والثلثون في الانقباض والكزاز قال أبقراط من أصابه انقباض أو كزاز فتبعت ذلك الحمّى انحلّ مرضه، (٣٣) التعليم الثالث والثلثون قال أبقراط من كانت به حمّى فأصابه حرّ شديد في جوفه ووجع في قلبه فذلك شرّ، (٣٤) التعليم الرابع والثلثون قال أبقراط من كانت به حمّى فورمت شراسيفه وأشرفت
وظهرت به قرقرة في جوفه فأصابه مع ذلك وجع صلبه فلم يتفرّج بأرواح تخرج منه أو ببول كثير أو يتفرّج باختلاف هلك، (٣٥) التعليم الخامس والثلثون في شرب الخربق قال أبقراط من أصابه انقباض من كثرة الاختلاف على شرب الخربق فذلك ميّت، (٣٦) التعليم السادس والثلثون في القروح في الرئة والضمر في الرئة يكون ذلك في ثمانية عشر إلى خمسة وثلثين، (٣٧) التعليم السابع والثلثون في الماء الحارّ والبارد قال أبقراط الماء الحارّ إذا أدمنت عليه يرخي اللحم ويذهب بشدّة العصب ويحدر العضل ويهيج الرعاف ويضعف النفس وإن دام ذلك مات والبارد يأتي بكزاز وتسودّ ويأتي بنافض وحمّى، (٣٨) التعليم الثامن والثلثون في معرفة المياه قال أبقراط الماء الحارّ ينضج المدّة وليس في كلّ خرج ولنضج المدّة علامات كثيرة وهي لين الجلد وضمّ الورم وإذا كان الماء الحارّ يفعل ذلك يذهب الوجع ويسكن النافض والانقباض والكزاز ويحلّ وجع الرأس، (٣٩) التعليم التاسع والثلثون في أمور النساء قال أبقراط البخور بالطيب جلّاب لطمث النساء نافع لذلك ولأشياء كثيرة غير ذلك إلّا أنّه يهيج وجعاً في الرأس وصداعاً، (٤٠) التعليم الأربعون قال أبقراط أيّما امرأة ليست بحبلى ولا مرضعة وتجد في ثدييها لبناً فذلك دليل على أنّ دم طمثها قد انقطع، (٤١) التعليم الحادي والأربعون قال أبقراط إنّ الأولاد الذكور أكثر ذلك يكونون في يمين الأرحام والإناث في يسراها، (٤٢) التعليم الثاني والأربعون قال أبقراط النساء الحبالى اللاتي تصيبهن الحمّى فتصلب عليهنّ
فأولئك من غير علّة معروفة تبين فإنّ ذلك دالّاً على هلاك ويسقطن فيهلكن، (٤٣) التعليم الثالث والأربعون قال أبقراط أعط اللبن لمن يشتكي رأسه ولمن به عطش وأيضاً لمن به اختلاف من مرّة صفراء وحمّى حادّة ولمن اختلف دماً كثيراً وهو موافق أن يعطى لمن به ضمر وقرح في رئته إذا لم يكن محموماً جدّاً ويعطى لمن كانت حمّاه ليّنة فاترة مزمنة من غير أن يكون به شيء من العلامات التي ذكرنا ويكون جسده ناحلاً جدّاً، (٤٤) التعليم الرابع والأربعون في إزلاق الامعاء قال أبقراط من أصابه زلق الأمعاء وطال به ثمّ تبع ذلك جشاء حامض لم يكن به قبل ذلك فذلك علامة خير وهو مرض يكون له ثلثة أسباب من قبل ضعف المعدة أو من قبل بلغم بلّ المعدة أو من قبل قرح يكون في المعدة، (٤٥) التعليم الخامس والأربعون قال أبقراط من أصابه وجع في رأسه وضربان شديد فذلك إن سال من أنفه أو من أذنيه أو من فمه قيح أو ماء حلّ وجعه، (٤٦) التعليم السادس والأربعون قال أبقراط من أصابه انقطاع في مثانة أو دماغ أو قلب أو صفاق أو شيء من الأمعاء الدقاق أو في معدة أو في كبد فذلك كلّه مميت، (٤٧) التعليم السابع والأربعون قال أبقراط من أصابه فزع أو خبث نفس زماناً كثيراً دائماً فذلك يصير إلى المرّة السوداء، (٤٨) التعليم الثامن والأربعون قال أبقراط شرب الخمر صرفاً والكماد الحارّ وقطع العروق وشرب الدواء يحلّ وجع العينين، (٤٩) التعليم التاسع والأربعون قال أبقراط ترك كلّ خراج سرطانيّ لا
يعالج أفضل فإنّ أصحابه إن عولجوا هلكوا سريعاً فإن لم يعالجوا بقوا زماناً، (٥٠) التعليم الخمسون قال أبقراط الخراج الذي ينتو سنة وأكثر من ذلك فلا بدّ من أن يقلع منه عظام ويبقى آثارها كالجرب، (٥١) التعليم الحادي والخمسون قال أبقراط ذهاب العقل الذي يأتي الضحك معه يؤثر به وذهاب العقل مع الحزن والعبوس لا يؤثر به، (٥٢) التعليم الثاني والخمسون قال أبقراط في الأمراض الحادّة إذا بردت الأطراف فذلك شرّ، (٥٣) التعليم الثالث والخمسون قال أبقراط من خرج في كبده خراج ثمّ تبعه فواق فذلك شرّ، (٥٤) التعليم الرابع والخمسون قال أبقراط من كانت به حمّى وكان ببوله ثفل غليظ شبيه بدشيش الطحين فذلك دليل على أنّ مرضه يطول، (٥٥) التعليم الخامس والخمسون قال أبقراط من قاء دماً من غير أن تصيبه غلبة فهو يتخلّص فإن أخذته غلبة حمّى فهو خبيث وينبغي أن يعالج بكلّ دبوغ أي من الأدوية الدابغة، (٥٦) التعليم السادس والخمسون قال أبقراط من كان يتقيّأ القيح فكوى وخرج القيح أبيض نقيّاً سلم صحابه وإن خرج منتناً وسخاً هلك صاحبه وإن كان بكبده خراج قد قيّح وكوى وخرج القيح نقيّاً أبيض سلم لأنّ القيح في صفاق الكبد وإن خرج القيح شبه ماء الزيتون هلك صاحبه، (٥٧) التعليم السابع والخمسون قال أبقراط العطاس يكون من قبل الرأس إذا سخن الدماغ أو برد أو ترطّب ما بين الدماغ وصفاقه وامتلأ
فيفرغ ذلك الهوى ويكون له نغنغة لأنّ مخرجه من ضيّق، فهذه أبواب كتاب الفصول.