Hippocrates: De salubri diaeta (Regimen in Health)

Work

Hippocrates, De salubri diaeta (Περὶ διαίτης ὑγιεινῆς)
English: Regimen in Health

Text information

Type: Translation (Arabic)
Translator: Ḥunayn ibn Isḥāq
Translated from: Syriac (Close)
Date: between 825 and 873

Source

John N. Mattock, Malcolm C. Lyons. Kitāb Buqrāṭ fī ṭabīʿat al-insān (Hippocrates: On the nature of man). Arabic Technical and Scientific Texts 4. Cambridge (W. Heffer and Sons) 1968, 27-36

المقالة الثالثة من كتاب طبيعة الإنسان في تدبير الأصحّاء

(وهي المقالة التي يذكر كثير من المفسّرين أنّ فولوبس تلميذ أبقراط وضعها)

(١) قال: على هذا ينبغي أن يكون تدبير العوامّ من الناس ينبغي أن تستعمل في الشتاء من الأطعمة أكثر ممّا تستعمل في سائر أوقات السنة وأمّا الشراب فيكون ما تشرب منه قليلاً جدّاً وينبغي أن يكون الشراب أقلّ مزاجاً وأقوى ممّا تستعمل في سائر الأوقات وينبغي أن تختار من الأطعمة الخبز وأمّا الإدام التي يتأدّم بها فتكون جميعها مشويّة وتستعمل من البقول في هذا الوقت من أوقات السنة أيبس ما يكون فإنّك إذا فعلت ذلك صار مزاج البدن حارّاً يابساً في غاية ما يمكن وإذا جاء الربيع فينبغي أن يزاد في الشراب ويكسر بالماء وتنقص من الطعام قليلاً قليلاً وتختار منه ما هو أقلّ غذاء وأرطب وتستعمل مكان الاستكثار من

الخبز الاستكثار من السويق وتنتقل من استعمال اللحوم المشويّة إلى استعمال المطبوخة والمسلوقة ويزاد في هذا الوقت في استعمال البقول قليلاً حتّى ينتهي بك الأمر إلى أن يدخل الصيف فتستعمل حينئذٍ الأطعمة الرطبة والإدام المسلوقة وتستعمل البقول طريّة ومسلوقة وأمّا الشراب فينبغي أن تستكثر من استعماله في هذا الوقت ويكون ما يمزج به من الماء أكثر منه في سائر الأوقات واحذر أن ينتقل المستعمل لهذا التدبير إلى الضدّ بغتة.

(٢) وأمّا الأبدان الكثيرة اللحم الرطبة التي لونها اللون الأحمر فالأولى أن تدبّر في أكثر أوقات السنة بالتدبير الذي هو أجفّ وذلك أنّ طبائع هذه الأبدان رطبة وأمّا الأبدان التي اللحم والشحم فيها قليلان وهي أصلب وأميل إلى السواد أو إلى الشقرة فينبغي أن تدبّر بالتدبير الذي هو أرطب في أكثر أوقات السنة وذلك أنّ مزاج هذه الأبدان مزاج يابس وأمّا الفتيان فينبغي أن يستعملوا التدبير الليّن الرطب وذلك أنّ مزاج أصحاب هذا السنّ مزاج يابس وأبدانهم جامدة وكذلك أيضاً المشائخ فينبغي أن يستعلموا في أكثر أوقات السنة التدبير الذي هو أجفّ فإنّ الأبدان في هذا السنّ رطبة ليّنة باردة فينبغي

أن تقدّر الغذاء بحسب الأسنان وأوقات السنة وأصناف مزاج البدن بعد أن تجعل غرضك في جميع ذلك مقابلة الحارّ والبارد فإنّك إذا فعلت ذلك حفظت الصحّة على الأبدان.

(٣) وأما المشي والسير فينبغي أن يستعمل في الشتاء مع فضل سرعة وفي الصيف مع رفق إلّا أن يكون السير في الشمس وينبغي للسمين أن يستعمل المشي والسير كثيراً مع فضل سرعة وأمّا المهزول فينبغي أن يستعمل ذلك برفق وأمّا اللباس فينبغي أن يكون في الشتاء ثياباً جدداً نقيّة وفي الصيف ثياباً قد أنقعت في الدهن.

(٤) وأمّا الأبدان السمينة التي تريد تهزيلها فمر أصحابها أن يكون تعبهم على الريق قبل الطعام ثمّ يتناولون الطعام بعد ذلك وهم يلهثون قبل تبرّد أبدانهم ويشربون قبل طعامهم شراباً ممزوجاً ليس بالشديد البرد ويكون الإدام الذي يتّخذ لهم بالسمسم وبسائر ما أشبهه ويكون أيضاً الأشياء التي تطيّب طعامهم أشياء دسمة فإنّها إذا فعلوا ذلك أشبعهم المقدار اليسير ويجعل تناول الطعام في اليوم مرّة واحدة ويتجنّب الدخول

إلى الحمّام ويتحرّى أن يكون فراشه صلباً جاسياً ويكون مشيه للرياضة وأكثر بدنه مكشوف ما أمكن ذلك وأمّا المهزول المحتاج إلى أن يسمن فينبغي أن يستعمل ضدّ جميع ما وصفناه ممّا يستعمله السمين المحتاج إلى أن يهزل ولا يصوم البتّة ولا يتعب.

(٥) وينبغي للأصحّاء أن يتعاهدوا القيء وغسل البدن منهم على هذا الطريق أمّا في الستّة الأشهر الشتويّة فينبغي أن يستعمل القيء وذلك أنّ البلغم في هذا الوقت في البدن أكثر منه في الصيف والأمراض العارضة فيه تعرض في نواحي الرأس والمواضع التي فوق الحجاب فإذا دخل الحرّ استعملت الغسل وذلك أنّ الهواء في هذا الوقت يتوقّد والغالب على البدن فيه المرار ويحدث للإنسان فيه ثقل في البطن والركبتين والتهاب ويعرض فيه المغص فيجب من ذلك أن تبرّد البدن وتحطّ ما يرتفع

ويطفو فيه إلى أسفل من المواضع التي تليق بذلك ولتكن الحقن التي تسعمل في الأبدان التي السمن عليها أغلب ما كان منها أرطب وأرقّ والملوحة غالبة عليه وأمّا الأبدان التي هي أجفّ وأقضف وأضعف فينبغي أن تكون الحقن التي تستعمل فيها ما كان الدسم واللين عليها أغلب وقوامها أغلظ ومن لم يكن بدنه مهزولاً لكنّه عبل فينبغي أن يتقيّأ على الريق قبل الطعام بعد أن يحضر قبل استعماله أو يتحرّك بغير ذلك حركة سريعة ويكون ذلك قبل وقت الزوال خذ من الزوفاء أربع أواقٍ ونصف واسحقه وصبّ عليه من الماء كوزاً واسقه إيّاه بعد أن تخلط به من الخلّ والملح ما يطيب به وينبغي أن يكون شربهم من هذا الشراب أوّلاً برفق ثمّ يسرعون في شربه ومن كان بدنه مهزولاً ضعيفاً فينبغي أن يستعمل القيء بعد الطعام على هذه الصفة يستحمّ أوّلاً بماء حارّ ثمّ يشرب بعد خروجه من الحمّام شراباً قليل المزاح مقدار تسع أواقٍ ثمّ يأكل من بعد ذلك أطعمة مختلفة من كلّ ضرب ولا يشرب على الطعام ولا بعد فراغه منه لكن يلبث من غير أن يشرب شيئاً مقدار عشر غلوات وإذا

فعل ذلك فاسقه ثلاثه أصناف من الشراب مختلفة الطعم ويكون أحدها قابضاً والآخر حلواً والثالث حامضاً وينبغي أن يشرب الشراب أوّلاً قليل المزاج قليلاً قليلاً بتمهّل ثمّ يرقّ الشراب ويوفّر الشربات ويوالي.

من كان عادته أن يتقيّأ في الشهر مرّتين فالأجود له أن يتقيّأ في يومين متواليين من أن يتقيّأ فيما بين كلّ خمسة عشر يوماً ومن الناس من فعل ضدّ ذلك ومن احتاج إلى القيء وعسر عليه انطلاق بطنه فينبغي أن يأكل في اليوم مراراً ويجعل أطعمته أطعمة مختلفة الأصناف ويهيّأ له من كلّ صنف ألوان مختلفة ويستعمل أشربة مختلفة إمّا شرابين وإمّا ثلاثة ومن لم يحتج إلى القيء أو كان بطنه ليّناً فينبغي أن يفعل خلاف ذلك.

(٦) وأمّا الصبيان فينبغي أن يجلسوا في ماء مسخن كثيراً مدّة طويلة وأن يسقوا شراباً ممزوجاً رقيقاً جدّاً

ولا يكون بارداً جدّاً وينبغي أن يكون الشراب الذي يسقى لا يطفو في فم المعدة ولا ينتفخ فإنّك إذا فعلت ذلك بهم كان ما يعرض لهم من الامتداد أقلّ وكان نشوءهم أجود وكانت ألوانهم أحسن وأمّا النساء فينبغي أن تدبّر أبدانهم بالأشياء التي هي أجفّ وذلك أنّ الأطعمة المجفّفة أوفق لهنّ بسبب لين اللحم منهنّ والشراب القليل المزاج أجود للرحم ولتربية الأولاد.

(٧) وأمّا الذين يستعملون الرياضة فالأوفق في الشتاء الإحضار والصراع وأمّا الصيف فلن يوافق هذه الأبدان فيه الإحضار وأمّا الصراع فينبغي أن يستعمل قليلاً فأوفق الرياضة فيه 〈المشي〉 الكثير في وقت من النهار بارد ومن أعيا من الإحضار فينبغي أن يصارع ومن أعيا من الصراع فينبغي أن يحضر فإنّ بدن المعيي إذا تحرّك على هذا الطريق سخن وكان أحرى بأن يسكن ما به من الإعياء ومن أصابه من الناس

إذا دعته الضرورة إلى التعب ذرب وخرج طعامه غير منطحن ولا منهضم فأصلح التدبير له أن يترك من تعبه مقدار ثلثه على الأقلّ ومن طعامه مقدار نصفه فإنّه من البيّن أنّ المعده منه لا يمكنها أن تسخن أطعمة كثيرة حتّى تستمرئها ولتكن الأطعمة التي يتناولها خبزاً نضيجاً مفتوفاً في شراب ويشربه قليلاً ممزوجاً مزاجاً معتدلاً ويتجنّب المشي بعد الطعام ويجعل طعامه مرّة واحدة في اليوم ما دام الذرب فإنّ المعدة إنّما يمكنها أن تسخن وتهضم ما يردها على هذه الصفة خاصّة وإنّما يعرض هذا الصنف من الذرب للأبدان التي اللحم منها مستحصف وخاصّة إذا اضطرّوا أن يتناولوا من الأغذية اللحوم التي طبيعتها هذه الطبيعة وذلك أنّ العروق إذا تكاثفت لم تقبل الغذاء الداخل فيها والأبدان التي حالها حادّة تميل إلى الجهتين جميعاً وخصبها لا يدوم إلّا زماناً يسيراً وأمّا الأبدان المتخلخلة الكثيرة الشعر فاحتمالها لما تضطرّ إليه

من تناول الأطعمة والتعب أكثر ومدّة بقاء خصبها أطول وإذا عرض لأحد أن يتجشّأ طعم طعامه من غد اليوم الذي أكله فيه وعرضت له نفخة فيما دون الشراسيف فإنّما يكون ذلك إذا لم ينهضم طعامه فالأصلح له أن ينام مدّة طويلة وإذا كان من غد ذلك اليوم أتعب بدنه وجعل شرابه أكثر ممّا كان وأقرب إلى الصروفة واستعمل من الأطعمة أقلّ ممّا كان يستعمله قبل ذلك فإنّه من البيّن أنّ المعدة منه بسبب ضعفها ويردها لا يمكنها أن تهضم أطعمة كثيرة وأمّا من أصابه عطش شديد فالأصلح له أن يقلّل من طعامه ومن تعبه ويشرب شرابه وهو شديد البرد جدّاً أكثر المزاج وأمّا من عرض له وجع في أحشائه من رياضة أو مشي فالأصلح له أن يسكن ويستقرّ من غير أن يتناول شيئاً من الأطعمة وأمّا الشراب فيشرب منه ما إذا ورد المقدار اليسير منه إلى البدن أدرّ البول إدراراً كثيراً كيما لا تتمدّد العروق التي في الأحشاء منه إذا امتلأت وذلك أنّ الأورام والحمّيات إنّما تعرض عن هذا.

(٨) ومن أصابه مرض بسبب دماغه عرض له أوّلاً خدر في رأسه وأصابه تقطير البول وسائر ما يعرض لمن به التقطير وجميع ذلك يثبت به إلى اليوم التاسع فإن جرى من أنفه وأذنه في هذا اليوم ماء ورطوبة لزجة تخلّص من مرضه وسكن ما به من تقطير البول وبال بولاً كثيراً أبيض من غير أذى إلى أن يجوز اليوم العشرين وذهب الوجع الذي يجده في رأسه إلّا أنّه يبقى إذا أحدّ البصر احتبس الضوء.

تمّت المقالة الثالثة من كتاب طبيعة الإنسان وهي المنسوبة إلى فولوبس في حفظ الصحّة.