Ḥunayn ibn Isḥāq: Ǧawāmiʿ maqālat Ǧālīnūs fī l-tadbīr al-mulaṭṭif (Summary of Galen's Treatise on the Thinning Diet)

Work

Ḥunayn ibn Isḥāq, Ǧawāmiʿ maqālat Ǧālīnūs fī l-tadbīr al-mulaṭṭif
English: Summary of Galen's Treatise on the Thinning Diet

Related to

Text information

Type: Summary (Arabic)
Date: between 830 and 870

Source

A = Istanbul, Süleymaniye, Ayasofya 3631 (15), 110v-115v
M = Oxford, Bodleian, Marsh 663 (21), 265-271

Download

hunayn_gal_devictuatt-summ_jawami-ar1.xml [78.89 KB]

بسم اللّه الرحمن الرحيم

جوامع مقالة جالينوس في التدبير الملطّف إخراج حنين ابن إسحق المتطبّب

إنّ أكثر الأمراض المزمنة يكون شفاؤها بالتدبير الملطّف وذلك أنّها إن كانت يسيرة الخطر فقد نبرئها من غير أن نحتاج معه إلی شيء من الأدوية. من ذلك أنّه قد يشفي وجع الكلی وأوجاع المفاصل والرئة ويحلّ ورم الطحال وأورام الكبد ويشفي الصرع في ابتداء حدوثه وإن كانت الأمراض عظيمة الخطر فإنّها قد يؤمن خطرها ويضعف عاديتها. ومن شأن التدبير الملطّف إذا استعمل في الوقت الموافق وبالمقدار الذي ينبغي أن ينقّی جميع الأبدان المملوءة من الأخلاط الباردة الغليظة اللزجة وإذا استعمل في غير الوقت الموافق وعلی غير المقدار الذي ينبغي فلا يؤمن منه أن يؤدّي البدن إلی حال فساد الأخلاط.

وأجناس ما هو من النبات ملطّف أربعة وذلك أنّ منه حرّيفاً مثل الخردل والحرف والبصل ومنه عطريّاً مثل الشاهشفرم والأترجّ والخوخ ومنه مالحاً مثل السلق ومنه مرّاً مثل الهندباء والشاهترج. وإنّ النبات قد يختلف بحسب جوهره وبحسب الزمان الذي يكون فيه وبحسب الموضع الذي ينبت فيه وبحسب مكثه علی وجه الأرض وبحسب الصنعة التي تتّخذ منها. أمّا بحسب جوهره فإنّ ما كان جوهره من النبات حارّاً يابساً لطيفاً فهو أشدّ تلطيفاً وما كان أقلّ حرارة وأقلّ يبساً فهو أقلّ تلطيفاً. وأمّا بحسب

الزمان فإنّ ما كان منه جافّاً فهو أشدّ تلطيفاً وما كان منه طريّاً فهو أقلّ تلطيفاً. وأمّا بحسب الموضع الذي ينبت فيه فإنّ ما كان منه ينبت في مواضع مرتفعة يابسة فهو أشدّ تلطيفاً وما كان منه ينبت في مواضع منخفضة كثيرة الأنداء فهو أقلّ تلطيفاً. وأمّا بحسب مكثه علی وجه الأرض فإنّ ما كان من النبات قد كمل فهو أقلّ تلطيفاً وما كان منه لم يكمل لكنّه حين طلع فهو أشدّ تلطيفاً. وأمّا بحسب الصنعة التي يتّخذ منها فإنّ ما كان منه مطيّباً بالخلّ والعسل والتوابل الحارّة اليابسة والمرّيّ فهو أشدّ تلطيفاً وكلّما كانت هذه أغلب عليه كان تلطيفها أشدّ وما كان منه يتّخذ بالزيت واللبن والسمّاق فهو أقلّ تلطيفاً وكلّما كانت هذه فيه أكثر كان أقلّ تلطيفاً.

وإنّ أجناس الحبوب والتوابل التي يغتذی بها أربعة أجناس وذلك أنّ منها ما يؤكل من غير أن يصلح بشيء من الصنعة مثل السمسم والخشخاش والشهدانج ومنها ما يطيّب به الأطعمة مثل الكمّون والكزبرة والفلفل ومنها ما يتّخذ منه الخبز مثل الحنطة والشعير ومنها ما يؤكل بعد أن يصلح بالطبخ مثل الباقلّی والحمّص والعدس. وإنّما يصلح من هذه الأربعة الأجناس للتدبير الملطّف التوابل وأمّا الحبوب فليس منها شيء يصلح للتدبير الملطّف وذلك أنّ بعضها يولّد خلطاً غليظاً مثل اللوبياء والباقلّی والحمّص والعدس وبعضها يولّد كيموساً رديئاً مثل الحلبة. وأمّا الحنطة والشعير فيصلحان للتدبير الملطّف في بعض الأوقات أمّا الحنطة فإذا اتّخذ منها الخبز بعد أن يحمرّ ويجعل فيه الملح وينضج وذلك

أنّه إذا كان بهذه الحال ولّد خلطاً محموداً معتدلاً في اللطافة وأمّا الشعير فإنّه يلطّف وخاصّة إذا اتّخذ منه الحساء وجعل فيه توابل حارّة مثل الفلفل وما أشبهه.

وإنّ جميع البزور فيها قوّة من النبات الذي هو له بزر. وإنّ كلّ بزر فهو أيبس من النبات الذي هو له بزر يابساً كان ذلك النبات أو رطباً وكلّ نبات حارّ فبزره أشدّ حرارة منه وأمّا ما كان من النبات بارداً فبزره أقلّ برداً منه وذلك أنّا قد نجد بزر الخشخاش والخسّ أقلّ برداً من الخشخاش والخسّ. وأمّا ما كان من الحنطة رزيناً متكاثفاً أحمر فالخلط المتولّد عنه غليظ وما كان منه علی ضدّ ذلك أعني أن يكون خفيفاً متخلخلاً أبيض الجوف يكون الخلط المتولّد عنه ألطف. وينبغي أن يخلط بالشعير إذا استعمل في الأمراض التي تكون في الصدر والرئة عسل أو سكّر لتكون تنقيته لهذه الأعضاء أشدّ. وأمّا في أوجاع الكبد والطحال فليس ينبغي أن يخلط معه شيء من العسل ولا السكّر وذلك أنّه إن كان في شيء من هذه الأعضاء غلظ زاد فيه وإنّما ينبغي حينئذٍ أن يخلط به السكنجبين.

الذي يصلح للتدبير الملطّف من جميع الحيوان بالجملة كلّ ما كان لحمه رطباً متخلخلاً ولم يكن صلباً لزجاً. وإنّ أكثر الغذاء الملطّف إنّما يوجد فيما كان من الحيوان يطير وخاصّة فيما كان مأواه الجبال وذلك بحسب علائه وكثرة حركته وما يستنشقه من الهواء وأقلّه في لحوم الحيوان المشّاء خلا لحوم الجداء وذلك أنّك لا تجد في شيء من لحوم الحيوان المشّاء ما يتولّد عنه خلط لطيف. وأمّا لحوم

السمك فهي كأنّها متوسّطة فيما بين هذين الصنفين من الحيوان أعني ما كان طائراً وما كان مشّاء. وإنّه قد ينفع في تلطيف كلّ اللحوم أن يتحرّك ذلك الحيوان الذي يراد أكله قبل ذبحه بعنف وأن يترك ذلك اللحم يوماً واحداً ثمّ يؤكل. وأمّا في تلطيف لحوم السمك خاصّة فتصبّره في الملح.

وإنّ ما يؤكل من لحوم الطير يضرب لونه إلی البياض فهو ألطف وكلّ ما كان يضرب لونه إلی السواد فهو أغلظ. وإنّ العضل من جميع أعضاء الحيوان فقط يصلح للتدبير الملطّف وذلك بسبب الحركة. وأمّا الدماغ والبطون فليس منها شيء يصلح لاستعمال التدبير الملطّف وذلك لقلّة حركتها وكثرة الفضول التي فيها ولغلظ الخلط المتولّد عنها وخاصّة الكبد والطحال والكلی.

وإنّ أفضل السمك ما كان مأواه علی الصخور ويكون الماء الذي يأويه نقيّاً بحريّاً كان أو نهريّاً وأفضل جميع السمك الباقي ما لم يكن صلب اللحم ولا لزجاً.

وإنّ الزيت إن ألقي علی السمك من بعد أن يطبخ أو يصلق نقص لطافته وإن قلي به السمك زاد في تلطيفه وذلك أنّ جميع الأدهان إذا هي لقيت اللحوم من غير أن يخالطها شي آخر يبّستها. وقد بيّن في كتابه في الأدوية البسيطة أنّ الدهن إذا أدنی من أبداننا من غير أن يسخن فإنّه يحفظ الحرارة الغريزيّه التي فيها علی ما يصادفها إلّا أنّه قد يزيد في رطوبتها وإن أدنی بعد أن يسخن فإنّه يسخن ويجفّف.

وإنّ أفضل اتّخاذ السمك لينال البدن منه غذاء لطيفاً المطبوخ لأنّ الطبخ يحلّ فضوله بسرعة وذلك أنّ الماء الذي يطبخ به يمنع النار من تجفّف جلده وإذا جفّ جلده احتقنت فيه الفضول فلم تنحلّ ويزيد أيضاً في رطوبته جرم السمك كلّه

فيصير ذلك سبباً لتحلّله. وما يطيّب به أيضاً من التوابل ويطبخ معه من البقول الحرّيفة يصير سبباً لتحلّل الفضول بمداخله قواها جرمه. ومن بعد المطبوخ المصلوق وقد يتّفقان في المنفعة التي ينالها السمك من الماء وأمّا فيما يناله من التوابل فليس يستويان وذلك أنّ أقوی ما يطيّب به السمك من بعد النضج لا يداخل جرمه مثل مداخلتها إذا طبخ معها. ومن بعد المصلوق المقلوّ والمقلوّ قد يفضل المطبوخ والمصلوق بسبب عدمه للماء وبسبب ما فيه من الزيت الذي هو سبب تحلّله ولكن لمّا كان قد قبل كيفيّة رديئة من القلي وما يلقی عليه من كثرة الزيت صار أقلّ فضيلة من المصلوق والمطبوخ. ثمّ من بعد المقلوّ من السمك المشويّ وإنّما صار المشويّ من السمك أقلّ فضيلة من جميع ما يتّخذ من السمك بسبب قلّة الزيت الذي يستعمل فيه لأنّ النار إذا هي لقيت الأجزاء الخارجة منه جفّفتها ومنعت الفضول التي في داخل لحمه أن تتحلّل وذلك أنّ جلده يتقدّم فيجفّ ويمنع لفضول التي في لحمه أن يحلّل ولذلك حدثت له الدهومة وخاصّة ما دام حارّاً.

وإنّ الخلط المتولّد من البيض المصلوق غليظ ولذلك ينبغي أن يحذره من كان محتاجاً إلی التدبير الملطّف وأمّا البيض النيمٮرست (؟) فالخلط المتولّد عنه متوسّط بين اللطيف والغليظ ولذلك لا يقال إنّه ينفع أو يضرّ من كان محتاجاً إلی التدبير الملطّف.

وإنّ أصول النبات منها ما يولّد خلطاً غليظاً وخاصّة ما كان منها مزاجه بارداً رطباً مثل الفطر ثمّ من بعده ما كانت الرطوبة أغلب فيه من البرد مثل اللفت ثمّ ما كانت البرودة أغلب فيه من الرطوبة مثل الكمأة

ومنها ما يولّد خلطاً لطيفاً وخاصّة ما كان منها حارّاً يابساً مثل الثوم ثمّ ما كانت الحرارة أغلب فيه من اليبوسة مثل البصل والفجل ثمّ ما كانت اليبوسة أغلب فيه من الحرارة مثل أصول السلق.

ولمّا كانت جميع الفواكه لا تصلح للتدبير الملطّف وكان أبعدها منه ما كان مقبضاً صلباً مثل الزعرور والنبق والعنّاب والسفرجل وحبّ الآس وما كان من الرمّان مقبضاً. ويصلح منها ما كان حلواً ليس بالصلب وذلك أنّه قد يليّن البطن مثل التوت والإجّاص والخرنوب الشاميّ الرطب والتين الرطب والعنب النضيج وما كان يصلح منه بعد أن ينقّی. وأقربها كلّها من أن يقال إنّه قد ينتفع به في التدبير الملطّف ما كان حرّيفاً مثل قشر الأترجّ ثمّ ما كان بعده لطيفاً حامضاً مثل حمّاض الأترجّ والرمّان الحامض. وما كان من الفواكه يمكن بقاؤها خارجاً فإنّه قد يبقی أيضاً داخل البدن ولا يفسد مثل جنس من التفّاح والكمّثری والعنب وما كان منها لا يمكن أن يبقی خارجاً فليس يمكن أيضاً أن يبقی داخلاً من غير أن يفسد مثل التفّاح الربيعيّ والمشمش. وما كان من الفواكه اليابسة قابضاً فهو أبعدها من التلطيف مثل الخرنوب والبلّوط والعنّاب اليابس والزعرور والزبيب المقبض. وما كان منها حلواً فقد يصلح للتدبير الملطّف إلّا أنّه لا يصلح للأورام التي تكون في الكبد والطحال مثل التين اليابس والزبيب المنزوع العجم. وأقربها كلّها إلی التدبير الملطّف ما كان منها مرّاً مثل اللوز المرّ ثمّ ما كان منها جلّاء مثل الفستق والجوز وبقي البندق من قبل أنّه أصلبها كلّها وليس فيه شيء من الجلاء. وجعل الزيتون متوسّطاً فيما بين ما كان من الفواكه ملطّفاً أو مغلظاً.

وإنّ ما كان يكبس بالخلّ والملح إن كان غليظاً لطف مثل لحوم الخنزير والسنانير وإن كان لطيفاً زاد في تلطيفه حتّی يصير ملطّفاً للأخلاط الغليظة اللزجة مثل السمك المتخلخل إذا ملح.

وإنّ العسل قد ينتفع به كسائر الأشياء الحلوة بسبب ما يعين علی ما يقذف من الصدر والرئة وينتفع به خاصّة بسبب ما يتولّد من الخلط الغليظ. وقد يضرّ كسائر الأشياء الحلوة المضرّة بالصلابة الكائنة في الكبد والطحال وذلك أنّه يزيد فيها وأنّه لمّا كان جذب هذه الأعضاء للأشياء الحلوة من المعدة جذباً قويّاً صارت الأشياء الحلوة تملأ ما كان من العروق ضيّقاً وتسدّها وتلجح فيها وخاصّة التي في الكبد في الموضع الذي تتلاقی فيه العروق التي تنبت من حدبتها والتي تنبت من جانبها المقعّر ولذلك قد ينبغي أن يكسر عادية العسل بأن يخلط معه شيئاً من الخلّ لأنّه حينئذٍ يصير نافعاً للكبد والطحال. ولذلك صار السكنجبين من أنفع الأشياء في التدبير الملطّف لأنّه ليس كسائر الأشياء الملطّفة ولا يولّد خلطاً رديئاً ولا يضرّ بالمعدة ولا توجد فيه حال أخری ضارّة وإنّ خلّ العنصل والشراب المتّخذ منه والسكنجبين من الأشياء التي في غاية التلطيف لما كان من الأخلاط غليظاً لزجاً وإن وقع في شيء من استعمال التدبير الملطّف خطاء أصلحته هذه الأشياء.

وإنّ ما كان من الخمر أسود غليظاً مقبضاً كان أو حلواً فالخلط المتولّد عنه غليظ ولذلك قد ينبغي أن يجتنبه من يحتاج إلی التدبير الملطّف. وما كان منها لطيفاً أبيض فهو لا محالة غير حلو وذلك أنّك لا تجد شيئاً من الخمور التي ألوانها بيض حلواً. وما كان علی هذا الوصف فهو ملطّف للأخلاط

الغليظة منقٍّ للدم بإدراره للبول وهو وحده دون سائر الخمور يصلح للتدبير الملطّف. وما كان من الخمور أحمر اللون حلواً صافياً فهو متوسّط فيما بين الصنفين الأوّلين في جميع أحواله أعني في اللون والقوام والطعم وفي الخلط المتولّد عنها أيضاً في هذا الحدّ ولذلك ليس يضرّ ولا ينفع في استعمال التدبير الملطّف لكن قد ينفع في جميع الأوجاع المزمنة التي في الصدر والرئة غاية المنفعة لأنّه يعين علی قذف ما في هذه الأعضاء. وذلك أنّه لمّا كانت جميع الأشياء الباردة اليابسة الغليظة قد تحدث السعال الشديد بسبب عنف نفوذها وكانت بسبب هذه لا يؤمن أن يهتك بعض العروق وجب أن يسخن ويرطّب ويقطع. وقد يفعل هذه الثلاث خصال ما كانت من الخمور حارّة وخاصّة ما كانت سود الألوان صادقة الحلاوة وليس فيها شيء من القبض. وما كان فيها قبض قد يجفّف الرطوبة ولذلك قد ينبغي أن يخلط معها شيء من الأدوية الملطّفة. وأمّا ما كان من الأوجاع في الرأس والجوف فغير نافع أمّا ما كان منها في الرأس فلكثرة ما يرتقي إليه من بخار ما كان من الخمور حارّاً وذلك أنّ أكثر هذه الخمور حارّة ولهذا صارت مضرّته بوجع الرأس والصرع والجنون وجميع الأعراض الفادحة في الفكر. وأمّا الكبد والطحال فإنّ تسدّدهما من الخمور الحلوة يكون علی ما بيّنّا في قولنا في العسل فإنّه قد يساوي الشهد المتّخذ من التمر أو أردأ منه وكان أن يكون بمنزلة العسل الرديء. وتساوي الخمرة السوداء الحلوة العصير إلّا أنّها أردأ منه كما أنّ العسل المتّخذ من التمر أردأ

من العصير.

وإنّ التين اليابس قد يولّد خلطاً لطيفاً وأمّا الرطب النضيج منه فيولّد خلطاً متوسّطاً وأمّا ما كان منه غير نضيج فيولّد خلطاً غليظاً.

وإنّ مائيّة اللبن ملطّفة للبطن ولذلك قد ينتفع بها في استعمال التدبير الملطّف وأمّا الجبنيّة التي فيه فتولّد خلطاً غليظاً ولذلك ينبغي أن يجتنب في التدبير الملطّف واللبن بأسره مائل إلی الغلظ. وينبغي متی احتجنا أن نستعمل منه شيئاً في التدبير الملطّف أن نخلط معه إمّا شيئاً من العسل وإمّا من الملح أو هما جميعاً. وإنّ اللبن نافع لأوجاع الصدر والرئة وأمّا أوجاع الكبد والطحال التي تحتاج إلی التدبير الملطّف فغير نافع. وإنّ ما كان من الألبان الغالب عليه الجبنيّة فهو أغلظها مثل لبن البقر والضأن وما كان منه الغالب عليه المائيّة فهو ألطفها مثل ألبان الأتن. ولذلك قد ينبغي متی احتجنا أن نستعمل في التدبير الملطّف شيئاً من الألبان أن نستعمله ولا نطبخه فإنّ مائيّته تذهب بالطبخ وتبقی جبنيّته بعد أن نخلط فيه كما قلنا شيء من الملح أو العسل أو جميعاً. وما كان متوسّطاً فيما بين هذين فهو أيضاً متوسّط في فعله مثل لبن المعز.

فقد أتينا علی ذكر الأغذية الملطّفة ليستعملها من أراد التدبير الملطّف وعلی ذكر الأغذية المغلظة ليجتنبها من أراد التدبير الملطّف وعلی ذكر الأغذية المتوسّطة حتّی ما حصل فهمها المستعمل للتدبير الملطّف لم يتجنّبها علی أنّها غير موافقة ولم يستعملها علی أنّها موافقة. وإن عرض للمريض أن يشتهي منها شيئاً لم يمنعه ويستعملها المريد للتدبير الملطّف ولا يكثر استعماله لها لأنّك إن استعملت حينئذٍ من الأغذية ما هو يسير الغلظ لم يضرّ ذلك شيئاً مثل لحوم العصافير والخنازير الجبليّة وخاصّة كراعانها

وخراطيمها وآذانها وشبه ذلك. وأمّا جميع الأغذية الباقية فإنّا تركنا ذكرها لأنّها كلّها تولّد خلطاً غليظاً وقد ينبغي لمن أراد استعمال التدبير الملطّف أن يجتنبها كلّها.

تمّت مقالة جالينوس في التدبير الملطّف استخراج الحسن ترجمة حنين بن إسحق المتطبّب.

والحمد للّه وحده وصلّی اللّه علی سيّدنا محمّد مٮٮٮٮاله (؟) وسلّم تسليماً.