Ibn Riḍwān: Taʿālīq li-fawāʾid min kitāb al-fuṣūl li-Abuqrāṭ tafsīr Ǧālīnūs (Notes on Useful Points Derived from Galen's Commentary on Hippocrates' Aphorisms)
Work
Ibn Riḍwān, Taʿālīq li-fawāʾid min kitāb al-fuṣūl li-Abuqrāṭ tafsīr Ǧālīnūs
English: Notes on Useful Points Derived from Galen's Commentary on Hippocrates' Aphorisms
Related to
Text information
Type: Summary (Arabic)
Date:
between 1010 and 1060
Source
C =
Cambridge, University Library, Cantabr. Dd. 12.1 (6),
51r-83r
Text made available under a Creative Commons Attribution 4.0 International license.
Pormann, P., Karimullah, K., Carpentieri, N., Mimura, T., Selove, E., Das, A., and Obaid, H. (2017). Taʿālīq ʿAlī ibn Riḍwān li-fawāʾid fī kitāb al-fuṣūl li-Abuqrāṭ bi-tafsīr Ǧālīnūs. University of Manchester. https://doi.org/10.3927/52065977
Transcript by Aileen Das, with corrections by Taro Mimura and Uwe Vagelpohl.
Download
تعاليقي أنا عليّ ابن رضوان لفوائد من كتاب الفصول لأبقراط تفسير جالينوس
قال عليّ: إنّما رتّب جالينوس كتاب الفصول تالياً لكتاب المواضع والمياه والأهوية الذي هو كتاب أبقراط في الأمراض البلديّة لأنّه عرّف في كتاب الأمراض البلديّة كيف يتعرّف الأمراض العامّيّة في بلد بلد حتّى يتحرّز منها ويتأتّى لبرء ما حصل منها وينبغي أن يصل إلى ذلك بالقول في الأمراض المختلفة التي يختصّ بواحد واحد منها واحد واحد من الناس وهذه لا يعلم أمرها ويتعرّف على ما ينبغي حتّى يتقدّم العلم بقوانين صناعة الطبّ فيرى لذلك أن يصل كتاب الأمراض العامّيّة بكتاب الفصول ثمّ يصل كتاب الفصول بكتبه في الأمراض المختلفة ثمّ يصل ذلك بكتابه في الأمراض الوافدة.
بسم اللّه الرحمن الرحيم ربّ يسّر
تعاليق فوائد من كتاب الفصول لأبقراط تفسير جالينوس والحمد للّه مطلقاً
فهمت قول أبقراط «العمر قصير والصناعة طويلة» دعوى يصحّحها قوله «والوقت».
فهمت عنهما في الفصل الأوّل ما هذا سياقته: «الوقت ضيّق والتجربة خطر والقضاء عسر» أمّا ضيق الوقت فمن قبل كثرة استحالة بدن الإنسان فإنّه لا يثبت على حال واحدة فإنّه كثيراً ما يروم الطبيب إعطاء دواء فقبل أن يجمعه أو يدقّه أو يطبخه تتغيّر حال البدن فيحوج إلى تغيّر الدواء. ومن قبل أنّ اللتين (؟) اللين (؟) بهما يستخرج كلّ ما في الصناعة في هذا البدن خلافهما في عٮره (؟) من موادّ الصناعة وهما التجربة والقياس أمّا التجربة فخطر لا يؤمن إذا جرّب عليه شيء تلافه بالواحدة وأمّا القياس وهو الذي سمّاه أبقراط القضاء فعسر لأنّه لا يوجد فيه قضايا كلّيّة وإنّما يؤلّف من جزئيّات والجزئيّات
لا تلزم عنها نتيجة واحدة بعينها ولذلك اختلف فيه الأطبّاء وإذا كان هذا هكذا فليس يعني مقدار عمر الإنسان الواحد باستخراج صناعة الطبّ وتكملتها ولذلك ينبغي لمن أدرك فيها شيئاً أن يدوّنه لمن يأتي بعده فلمّا كان قد تقدّم أبقراط خلق كثير جمع أبقراط ما أدركه كلّ واحد منهم وهذّبه وزاد عليه ودوّنه في كتبه وأعلمنا في هذا الفصل ذلك ودلّ على ذلك بقوله «فقد ينبغي لك أن لا تقتصر على توخّي فعل ما ينبغي دون أن يكون ما يفعله المريض ومن يحضره كذلك والأشياء التي من خارج». أراد أنّ الدليل على تكميلي صناعة الطبّ هو أنّك إذا فهمت ما دوّنته لك وعملت به حفظت الأصحّاء على صحّتهم وشفيت المرضى من أمراضهم وذلك أنّه إذا لم يخطأ المريض على نفسه باتّباعه شهواته ولم يخطأ عليه خدمه ومن يحضره لا في عمل غذاء أو دواء أو غير ذلك ولم يعرض له شيء من خارج يجلب عليه مرضه فحذره فغرضك المطلوب يتمّ لا محالة.
وفهمت من الفصلين
التاليين للفصل الأوّل ما هذا سياقته: الطبيب خادم الطبيعة يعنيها بأن يتمّ ما قصرت عنه ويجتهد في إزالة خللها ولذلك تنقلب أفعالها في كلّ واحد من أفعاله فإذا أراد أن يغيّر كيفيّة خلط قد ساء مزاجه أو ينقص كمّيّة خلط قد زاد مقداره أو يزيد في كمّيّة خلط قد نقص مقداره نظر فإن كان ما همّ به من ذلك من شأن الطبيعة إذا فعلت ما همّ به انتفع به البدن وسهل احتماله فعل ما همّ به وإن كان من شأنها إذا فعلت ذلك استضرّ به البدن وعسر احتماله توقّي فعل ما همّ به والطبيعة قد تستفرغ الخلط فينفع به البدن إذا كان الخلط قد انتقل عنها وهذا هو الذي يسمّى النضج وقد تستفرغه فيضرّ به البدن إذا كان الخلط قد أثقلها وأزعجها فرمت به كما يرمي الإنسان الحمل الذي أثقله.
قال جالينوس: الكيموسات التي تغلب فتضرّ بكيفيّتها وبكمّيّتها خمسة: البلغم والمرّة الصفراء المرّة السوداء والدم ومائيّة الدم ويتعرّف كلّ واحد من هذه باللون الذي يغلب على البدن إذا كانت هذه
والآخر لئلّا تستعمل الطبيعة بنضج الغذاء عن نضج مادّة المرض وإذا كان تلطيف الغذاء ينقص من القوّة فينبغي أن تحذر كيلا تضعف القوّة وتخور ولذلك ينبغي أن يقصد في الأمراض المزمنة وهي التي تطول مدّتها إلى حفظ القوّة على حالها وفي الأمراض الحادّة وهي التي تقصر مدّتها إلى أن يكون نقصانها غير فادح بها.
التدبير اللطيف يتفاصل فمنه ما هو في الغاية القصوى وهو ترك استعمال الغذاء ومنه ما هو في الغاية وليست القصوى وهو أخذ ماء الشعير وحده ومنه ما هو لطيف فقط وهو أخذ ماء كشك الشعير ومنه ما هو أغلظ من هذا وهو أخذ ماء كشك الشعير بثفله ومنه ما هو أشدّ غلظاً من هذا وهو كشك الحنطة والبيض والسمك وما جرى هذا المجرى ثمّ يتلو هذا التدبير المعتدل وبعده التدبير الغليظ وهو أيضاً يتفاصل على نحو ذلك وليس شيء من التدبير المعتدل ولا من التدبير الغليظ يستعمل في الأمراض البتّة وإنّما يستعمل في الأصحّاء فقط.
من الخظأ العظيم أن
يحمل المريض على الحمية بتلطيف الغذاء فإذا رأيت قوّته قد ضعفت غلّظت غذاءه وإنّما الصواب هو أن تحفظ قوّته ولا تدعها منذ أوّل الأمر تنقص نقصاناً فادحاً إذ كنت تحتاج في وقت المنتهى إلی أن تدع الطبيعة ملبه (؟) علی إنضاج المرض ولا تشغلها بنضج شيء من الغذاء من قبل أنّها في وقت المنتهی قد أنضجت المرض وإنّما بقي لها عمل يسير يزيد تتميمه في المنتهى.
الخطأ في تلطيف الغذاء من وجهين أحدهما من قبل ضعف القوّة والآخر من قبل أنّ العادة لم تجرّبه وللعادة قوّة عظيمة أيضاً.
قال جالينوس: نوائب الحمّيات داخل في الأوجاع التي تكون في الحمّيات وليس المنتهى شيء سواء أعظم أجزاء المرض في الأوجاع.
فهمت عنهما أنّه إنّما ينبغي أن يعطى المريض الغذاء لتبقى قوّته عليه وأنّ القوّة في وقت النوائب وغيرها من الأوجاع مشغولة بمقاومة الخلط الفاعل للمرض ولذلك ينبغي أن يعطى للمريض الغذاء في أوقات الراحة فإن لم تكن راحة أعطى في وقت العادة من الصحّة وأنّه إذا كانت القوّة جمّة
والأوجاع في الغاية القصوى من الشدّة ومدّة زمان المرض قصيرة في مثلها تبقى القوّة ولا تتهزّم فينبغي أن لا يعطى الغذاء البتّة وإن كان الأمر دون هذا قليلاً فينبغي أن يعطى ماء العسل وحده ويدرج الأمر بحسب ذلك وبالقول المطلق تزن قوّة المريض وقوّة المرض ومدّة زمان المرض وتدبّر الغذاء بحسب ذلك وذلك أنّ المرض الذي في الغاية القصوى من الحدّة ينبغي أن يمنع الغذاء فيه لقرب انتهائه والمرض الطويل المدّة ينبغي أن يغلّظ الغذاء فيه وبالقول المطلق ينبغي أن يكون انحطاطنا من التدبير الذي قد بلغ الغاية القصوى من اللطافة على حسب بعد المرض عن منتهاه.
قال جالينوس: إنّما نغذو بسبب القوّة لا بسبب المرض فمتى قدّرنا مقداراً ما من الغذاء بحسب بعد منتهى المرض وقربه فرأينا القوّة تفي بالثبات عليه إلى وقت منتهى المرض فإنّا قد قدّرنا الغذاء على الاستقصاء ومتى رأيناها تضعف عن أن تفي به فينبغي أن
تزيد في الغذاء أو تغلّظه على حسب ما يوجبه مقدار ضعف القوّة ولهذا قد نضطرّ في بعض الأوقات إلى أن نغذو المريض في وقت المنتهى نفسه إذا عرض له عارض يحلّ قوّته.
قال أبقراط: والذين يأتي منتهى مرضهم بديئاً فينبغي أن يدبّروا بالتدبير اللطيف بديئاً والذين يتأخّر منتهى مرضهم فينبغي أن يجعل تدبيرهم في ابتداء مرضهم أغلظ ثمّ ينقص من غلظه قليلاً قليلاً كلّما قرب منتهى المرض وفي وقت منتهاه بمقدار ما يبقى المريض عليه وينبغي أن يمنع من الغذاء في وقت منتهى المرض فإنّ الزيادة فيه مضرّة.
وقال: وإذا كان للحمّى أدوار فامنع من الغذاء أيضاً في أوقات نوائبها.
قال جالينوس: ولا إذا قرب وقتها لكنّ في أوقات انحطاطها وسكونها. قد تبيّن أنّه ينبغي أن نقصد في الغذاء أمرين أحدهما بعد منتهى المرض وقربه والآخر شدّة القوّة وضعفها.
الأغراض في تدبير الغذاء ثلثة أوّلها قوّة المريض والثاني نظام المرض وهو هل هو حادّ
أو حادً جدّاً أو مزمن ومتى يكون منتهاه والثالث النوائب الجزئيّة وهي التي يقع التدبير بالغذاء فيها يوماً فيوم. يعرف تزيّد النوبة الثانية على النوبة الأولى من ثلثة أشياء أحدها وقت نوبة الحمّى والآخر طول النوبة والثالث عظمها. تزيّد النوب يدلّ على تزيّد المرض وتناقصها يدلّ على الأنحطاط وكونها على مثال واحد يدلّ إمّا على ابتداء المرض وإمّا على انتهائه فإن كان ذلك قبل النضج فهو ابتداؤه وإن كان بعد ظهور النضج فهو انتهاؤه. النوبة هي أردأ جزء الدور وانحطاط النوبة هي أصلح جزء الدور. النوبة إذا تقدّم أخذها بمقدار من الزمان أكثر وطالت بمقدار أكثر واشتدّت بمقدار أكثر دلّت على أنّ تزيّد الحمّى قويّ وأنّ حركة المرض سريعة وأنّ المنتهى قريب والنوبة التي يكون تزيّدها أقلّ في كلّ واحد من الثلاثة فهي تدلّ على أنّ المنتهى أبعد إن كان ذلك قبل النضج وإن كان بعد النضج دلّت ... ولذلك هي رديئة مذمومة وعلامات عدم النضج تدلّ على طول المرض فقط فإن كانت قوّة المريض قويّة سلم وإن كانت ضعيفة عطب.
عدّد جالينوس تزيّد
على الانحطاط؛ تزيّد الأدوار وتناقصها يعلم منه أمرين أحدهما بعد المنتهى وقربه فتدبّر جملة غذاء المريض بحسب ذلك والثاني حدّ وقت النوبة على الصحّة فتدبّر الغذاء بحسب ذلك في كلّ يوم.
جميع العلامات والأعراض ستّة أصناف منها المقوّمة للأمراض وهذه تبتدئ دائماً مع المرض منذ أوّله والثاني اللاحقة للمقوّمة وهذه ربّما ابتدأت مع المرض منذ أوّله وربّما تأخّرت قليلاً وربّما لم تحدث البتّة والثالث أعراض البحران وهي تظهر بعد النضج والرابع علامات النضج وهذه ليس تظهر منذ أوّل المرض لكنّ في آخر الابتداء ويتزايد ظهورها بتزايد المرض ويتكامل في الانتهاء والخامس علامات عدم النضج وهذه قد تبتدئ منذ أوّل المرض وربّما حدثت بعد ابتدائه وكذلك علامات الموت وهي الضرب السادس. السبب فيما ينفثه صاحب ذات الجنب قبل النضج هو أنّ جميع الأورام إذا كانت في عضو ليس عليه غطاء كثيف مثل الجلد يرشح
منها صديد ويكون في ابتداء رشحه رقيق ثمّ يتزايد غلظه كلّما قارب النضج فإن لم يرشح منه شيء وجب ضرورة أن يكون ذلك الورم عسر النضج طويل المدّة.
علامات النضج التامّ هي أن يكون قوام ما يرشح لا رقيقاً ولا مفرط الغلظ ويكون لونه أبيض. الرشح الرقيق يدلّ على نضج ضعيف خفيّ. إن كان ما ينفث من ذات الجنب خالصاً وكان لونه أحمر ناصعاً أو أصفر مشبّع فليس بمحمود وإن كان كمداً أو زنجاريّاً أو أسود كان من أدلّ العلامات على الهلاك. إذا ظهرت علامات النضج فهي تدلّ على أنّ انقضاء المرض يكون سريعاً ولذلك هي جيّدة محمودة وإذا ظهرت علامات الهلاك فهي تدلّ على أنّ تلف المريض يكون سريعاً.
عدّد جالينوس علامات البحران فقال إنّها العرق والنافض وسيلان الدم والاختلاف الكثير والقيء الكثير والصداع العارض بغتة وعسر النفس العارض من غير علّة ظاهرة والخفقان والتمدّد العارض
فيما دون الشراسيف من غير وجع والأرق الشديد واختلاط الذهن والقلق العارض في الليل من غير سبب يعرف وتقدّم نوبة الحمّى والدموع إذا عرضت بغتة من غير علّة تكون في العين ولا حزن والحمرة العارضة في الوجوه واختلاج الشفة السفلى وأن يرى المريض إمامه سواداً أو شعاعاً والحمرة التي تعرض بغتة في الوجنتين أو في الأنف والورم الحادث في أصل الأذن والخراج الذي يعرض في بعض الأعضاء وهذه كلّها وغيرها ممّا أشبهها تسمّى أعراض البحران لأنّها تدلّ على تغيير سريع وحي. قال: فإن ظهرت من بعد نضج المرض دلّت على السلامة القريبة وإن ظهرت قبل أن يظهر نضج المرض دلّت على تغيّر ليس بمحمود يؤدّي إلى تلف المريض أو إلى طول مرضه.
النضج يدلّ على سرعة البحران وعلى الثقة بالصحّة والشيء النيّ الذي لم ينضج إذا صار إلى الخروج الرديء يدلّ إمّا على أنّه لا يكون بحران وإمّا على
صعوبة المرض وإمّا على طوله وإمّا على الموت وإمّا على عودة المرض. من بلغ من الشيوخ الغاية القصوى من الشيخوخة فحرارته مثل السراج الذي قد شارف أن يطفأ فلذلك يحتاج من الغذاء إلى ما يحفظ حرارته ولا يكون كثيراً فيطفئها ولا قليلاً فينطفئ وليس يمكن في هذا الإمساك عن الغذاء كما يمكن ذلك في من لم يبلغ هذا السنّ من الشيوخ لكن يتعاهد بالشيء اليسير من الغذاء مراراً كثيرة مفرّقاً ولا يترك وقتاً طويلاً بلا غذاء.
فهمت عن جالينوس مبدأ كوننا من حارّ رطب ونحن ننتقل كلّ يوم ونميل إلى الأرضيّة فتنقص حرارتنا الغريزيّة وإن كنّا أقوياء الحرارة.
قال: حرارة الشباب ناريّة وحرارة الصبيان غريزيّة.
قال: جوهر الحرارة الغريزيّة معتدل المزاج وجوهر الحرارة العرضيّة ناريّ ولذلك تكون الحرارة الغريزيّة في المحمومين أقلّ منها على ما كانت عليه قبل الحمّى.
قال جالينوس: ما يتحلّل من البدن كلّه إذا كانت حرارته عرضيّة فهو من جنس
الدخان حارّ يابس وإن كانت حرارته طبيعيّة فهو من جنس البخار لذيذ معتدل المزاج.
إنّه يجب ضرورة أن يتحلّل من الجوهر الرطب والجوهر الهوائيّ أكثر ما يتحلّل من الجوهر الأرضيّ ولذلك يكون ما يتحلّل من أبدان الصبيان أكثر ما يتحلّل من أبدان الشباب.
قال جالينوس: حرارة الصبيان وحرارة الشباب المتناهي في الشباب متساوية غير أنّ حرارة الصبيان فيها من الجوهر المائيّ والجوهر الهوائيّ أكثر فلذلك يتحلّل منها أكثر ممّا يتحلّل من حرارة الشباب فيحتاج الصبيان من الغذاء إلى أكثر ممّا يحتاج إليه الشباب.
الحمّى هي تغيّر الحرارة الغريزيّة إلى الناريّة ولذلك يكون مقدار حدّة الحمّى بحسب مقدار الحرارة الغريزيّة لأنّه لا تكاد تبلغ الحمّى في الشيخ ما يبلغه في الشابّ من قبل ضعف حرارة الشيخ الغريزيّة فإن بلغت في شيء من الأوقات فذلك يكون عن سبب عظيم جدّاً ولذلك يدلّ على تلفه.
حكى جالينوس
عن أرسطوطاليس أنّه قال إنّ الحرارة الغريزيّة تهرب من البرد الذي يحيط بالبدن من خارج في الشتاء فتبطن وفي الصيف تبرز وتخرج إلى الشيء المجانس لها واستصوب ذلك وزعم أنّه رأيه ورأي أبقراط. قال: وإنّه يعرض من قبل ذلك أن يتحلّل جوهرها وينفشّ في الصيف ويحتقن ويجتمع ويكتنز في الشتاء.
قال: معونة النوم على الأفعال الطبيعيّة معونة قويّة. الذين يستحمّون بالماء المبارد من كان منهم ضعيفاً برد بدنه وناله ضرر ومن كان منهم قويّ البدن أمّا في أوّل ما يستحمّ فتهرب الحرارة إلى عمق البدن وتجتمع هناك ثمّ من بعد تعود إلى سطح البدن الخارج وهي أكثر ممّا كانت كثيراً وكذلك الحيوان ما كان منه في طبعه أبرد فإنّ برد الشتاء بلغت حرارته الغريزيّة حتّى تكاد أن تطفأ ولذلك نرى أكثره شبيهاً بالميّت مطروحاً في وكره وهو عديم الحسّ والحركة فمنها ما يعطب
ومنها ما يسلم ولذلك أيضاً لا يحتاج إلى غذاء وما كان من الحيوان أكثر دماً وأسخن مزاجاً فإنّه يعرض له في الشتاء شبيه بما يعرض للأبدان القويّة من الاستحمام بالماء البارد وذلك أنّ حرارته تجمع في عمق بدنه لأنّ الروح والدم يغوران ويبطنان فيه.
الشيء الذي به يكون تكوين الحيوان عند تصوّره وابتداء خلقته ونمائه بعد ذلك وغذاؤه إلى أن يموت هو الحرارة الغريزيّة ولمّا كانت هذه الحرارة هي سبب الأفعال الطبيعيّة كلّها وكانت في الشتاء أكثر صارت في ذلك الوقت تزيد في الشهوة وتقوّي الهضم وتجمع دماً أكثر وتسخّن البدن وتتلطّف وتعني باستفراغ الفضول. فأمّا الحرّ الذي يلقى البدن من خارج فليس يستفرغ الفضول وحدها لكنّه يستفرغ كلّ ما في البدن بالسواء فيحلّل مع فضول بدن الحيوان الأشياء الطبيعيّة التي تحويها وليس هذا التحليل الخفيّ لأنّ التحليل الخفيّ هو الذي تفعله الحرارة الغريزيّة وحدها
ويجتمع فيه دم كثير جيّد متى كان تدبيره حميداً. إن لم يرد على الحرارة الغريزيّة في الشتاء غذاء أكثر فإن برد الهواء يصل بالنفس إلى باطن البدن فيقهرها ويغلبها فتضعف ويضعف بضعفها استمراء الطعام وتولّد الدم الجيّد واغتذاء الأعضاء واستفراغ الفضول. أكثر الأمراض التي تحدث من الامتلاء وأعظمها إنّما يكون إذا ذابت الكيموسات وانبسطت ولذلك يضطرّ إلى أن ينقص الدم في الربيع.
الحمّى مرض حارّ يابس وهي تغيّر الحرارة الغريزيّة إلى الحرارة الناريّة ولذلك ينبغي أن يعالج بالغذاء الرطب.
فهمت عنهما أنّ أبقراط قصد بكلامه في التدبير اللطيف.
القول في كمّيّة الغذاء وبكلامه في زيادة الحرارة الغريزيّة في الشتاء ونقصانها في الصيف تعريفنا ما ينبغي أن نفعله في تقوية الحرارة الغريزيّة وبقوله «الأغذية الرطبة توافق جميع المحمومين» تعريفنا ما ينبغي أن نغذو به المحمومين وبقوله «سيّما الصبيان» تعريفنا أن يكون ما يعطيه المريض
الغريزيّة.
وإن كانت القوّة القويّة وكان المرض من امتلاء فينبغي أن تطعمه طعاماً قليلاً مراراً قليلة.
الحارّ الغريزيّ هو المغيّر والهاضم للغذاء.
إذا كانت حركة الطبيعة للبحران حركة ناقصة فينبغي أن يزيد نحو الشيء الذي قد نقص.
قال جالينوس: يعلم أنّ البحران تامّ أو ناقص من ستّة أشياء أوّلها أنّ البحران الذي يكون بالاستفراغ أفضل من الذي يكون بالخراج والثاني أنّ الذي يستفرغ الكيموس الرديء أفضل من الذي يستفرغ غيره والثالث أنّ الذي يكون استفراغه من جانب المرض أفضل من الذي يكون من غير الجانب والرابع أنّ الذي يكون مع راحة وخفّة من البدن هو الأفضل والخامس أنّ الذي يكون من بعد ظهور علامات النضج أفضل والسادس أنّ الذي يكون في يوم من أيّام البحران التامّ الكامل أفضل فجميع هذه الأشياء ينبغي أن تكون موجودة في البحران التامّ الكامل فإذا نقص واحد منها أو أكثر من واحد فليس البحران بصحيح ولا تامّ.
إذا كانت الكيموسات تتحرّك وتسيل من عضو إلى عضو وتؤذي بحركتها هذه وتثقلها للمريض
فينبغي أن تستفرغ قبل النضج وإذا لم يكن كذلك فلا ينبغي أن تستفرغ حتّى تنضج.
ينبغي لك في كلّ استفراغ أن تنظر في كيفيّة ما تستفرغه وفي كمّيّته وذلك بأن تنظر فإن وجدت بدن المريض يخفّ عمّا كان ويجد من الراحة أكثر ممّا كان فاستفرغه وإذا كان بدنه يسترخي وتضعف قوّته ويحسّ بثقل وقلق فاقطع استفراغه.
الأدوية المسهلة كلّها حارّة يابسة.
الذين أوّل مرضهم من تخم كثيرة أو من أطمعة لزجة غليظة والذين بهم فيما دون الشراسيف تمدّد وانتفاخ أو حرارة شديدة مفرطة أو في بعض الأحشاء ورم ليس أحد منهم بدنه متهيّئ للإسهال.
تمّت تعاليق المقالة الأولى من كتاب الفصول لأبقراط بتفسير جالينوس.
تعاليق المقالة الثانية
تقدّم إلى المرضى في الانتباه في ابتداء نوائب الحمّى
وحذره من النوم فيها من قبل أنّ الحرارة كلّها والكيموسات تميل إلى عمق البدن في ابتداء النوائب فإذا نام تطاولت الأعراض وعسر انتهاء الحمّى وإن كان به ورم في بعض الأحشاء زاد فيه وإن كانت تتجلّب إلى معدته بعض الكيموسات زادت كثيراً وعسر نضجها وإذا كان منتبهاً قاوم ميل الروح والدم والحرارة باليقظة إلى خارج ميلها إلى داخل.
في وقت ابتداء النوائب كلّ شيء إذا وجد في الوقت الذي يكون نفعه فيه أبلغ لا ينفع ثمّ يجاوز ذلك إلى أن ضرّ فواجب أن يدلّ على الموت. إذا كانت الحرارة الغريزيّة أقوى من الكيموسات وأقهر أنضجتها في وقت النوم وإذا كانت أضعف من الكيموسات غلبت الكيموسات الحرارة الغريزيّة وتغلب تلك الكيموسات على الأحشاء وعرض للمريض من قبل خبث الكيموسات ورداءتها أن يزيد في الحمّى ويزيد في الوجع وأن يكثر سيلان ما يسيل إلى بعض نواحي البدن وأن يزيد في الأورام وربّما عرض للمريض أن يتكلّم في
نومه كلاماً مختلطاً وإذا انتبه بقي مدّة طويلة ليس معه عقله وربّما حدث له في نومه ابتداء السبات ولا ينتبه من نومه إذا حرّك إلاّ بكدّ. إنّما صار النوم إذا أحدث وجعاً دلّ على الموت لأنّ الحرارة الغريزيّة إذا اجتمعت في الأحشاء فلم يقو علی غلبة الكيموس الفاعل للمريض باجتماعها فهي منهزمة من المرض. ليس يقال إنّ بالمريض سباتاً حتّى يعسر انتباهه فأمّا إذا طالت مدّة النوم ولم يعسر الانتباه منه إذا حرّك فذلك يقال له نوم طويل فقط ويكون من برد الحاسّ الأوّل أعني الدماغ وهذا البرد إذا قوي ثمّ خالطته رطوبة حدث منه ليترغس أي السرسام البارد وإذا خالطه يبس حدث منه قاطاليسس أي الجمود. الأرق يكون من سخونة الحاسّ الأوّل أعني الدماغ وهذه السخونة إمّا أن تكون مزاجاً رديئاً مجرّداً وإمّا أن تكون بغلبة من المرّة الصفراء.
فهمت 〉أنّ〈 الصحّة إنّما هي اعتدال فما جاوز الاعتدال اندخل في حدّ الإفراط ثمّ كان بعيداً جدّاً
الغريزيّة فيضعف الهضم ويقلّ انتشار الغذاء في البدن وتولّد الدم ولذلك تكون إعادتها إلى الخصب في زمان طويل.
من كان يأكل المقدار الكافي ولا تتراجع قوّته فليس يغتذي أعضاؤه بما يأكل لكنّه ثقل يقع على بدنه ومن كان لا يقدر على أكل المقدار الكافي ففي بدنه أخلاط رديئة إن لم يستفرغ لم يمكن أن يعود إلى قوّته في حال الصحّة. إذا كانت الكيموسات كلّها قد تزيّدت على التناسب استفرغ الدم وإذا كان الغالب واحداً منها أسقي الدواء المسهل لذلك الكيموس الغالب. إذا أردت أن تستفرغ بدناً بدواء مسهل أو مقيّئ فتقدّم فلطّف الخلط الغليط اللزج وقطعه ووسع المجاري باستعمال التدبير الملطّف وإن كنت تريد إسهاله فليّن بطنه مراراً متوالية وإن كنت تريد أن يتقيّأ فهيّج القيء مراراً كثيرة قبل ذلك. من شرب دواء مسهلاً وأخلاطه غليطة لزجة لم تلطف وتقطع عرض له كثيراً المغص والدوار والكرب الشديد وسوء النبض والغشي والجهد الشديد. إذا كانت المعدة ممتلئة كيموسات
رديئة عرض من ذلك أن يفسد الغذاء ويزيد في كمّيّة الخلط الرديء. من احتاج بدنه إلى زيادة في قوّته سريعة فأبلغ الأشياء في ردّ قوّته الشيء الرطب ومن احتاج من ذلك إلى ما هو أسرع فتقويته تكون بالشمّ. الغذاء الرطب الذي هو في طبيعته حارّ أسهل وأسرع غذاء للبدن من كلّ شيء.
البحران تغيّر سريع من المرض يميل بالمريض إلى الصحّة أو إلى الموت ويكون ذلك عند تمييز الطبيعة للشيء الرديء من الشيء الجيّد وتهيئتها له للاندفاع والخروج فواجب عند هذا الاضطراب أن يقلق المريض ويصعب عليه مرضه. البثور والخراجات إنّما تكون عند ما يسخن الدم من قبل المرار الأصفر.
قال جالينوس: وينبغي أن يحفظ عن أبقراط يعني بالاستفراغ استفراغ جميع الكيموسات بالسواء أو يعني بالتنقية والنقاء استفراغ الكيموس الرديء في كيفيّته. استفراغ جميع الأخلاط بالسواء يكون بالفصد خاصّة أصحّ ممّا يكون بغيره ويقرب منه الاستفراغ الذي يكون بالشرط
في القلب. الأشياء التي ينبغي أن تستفرغ من البدن أربعة المرّة الصفراء والمرّة السوداء والبلغم والفضلة المائيّة والدواء الذي يستفرغ كلّ واحد من هذه بالإسهال كان أو بالقيء إذا لم يجد منه في البدن فضلاً جاذب الدم واللحم واستكرههما لينتزع منهما ما فيهما ممّا يلائمه فيعرض من ذلك دوار أو مغس أو غشي أو يعسر خروج ما يخرج من ذلك.
السكتة تكون إذا لم يمكن الروح النفسانيّ أن يجري إلى ما دون الرأس إمّا لعلّة من جنس الورم حدثت في الدماغ وإمّا لأنّ بطون الدماغ امتلأت من رطوبة بلغميّة وبحسب مقدار السبب الفاعل لهذا المرض يكون مقدار عظمه وشدّته وعلامة القويّ منها من الضعيف مأخوذة من حال النفس فإنّه إن عدم حركة النفس فإنّ ذلك يكون أعظم وأوحى ما يكون من السكتة وإن كان يتنفّس باستكراه فسكته قويّة وإن كان يتنفّس من غير مجاهدة واستكراه غير أنّ تنفّسه مختلف غير لازم لنظام واحد ومع ذلك
ربّما فتر التنفّس فسكتته قويّة إلّا أنّها أنقص من الأولى ومتى كان يتنفّس تنفّساً لازماً لنظام ما فسكتته ضعيفة وإن تأتّيت في أمره أبريته وما كان على غير ما وصفنا فليس يمكن أن ييرأ.
الزبد يكون من اختلاط ريح ورطوبة بعد أن ينقسم كلّ واحد منهما إلى أجزاء كثيرة ثمّ يشتبكان فيحدث ما بينهما عبب (؟) صغار كثيرة. ليس يمكن أن يرتفع من المعدة شيء إلّا بعد حركة قيء أو غثي. تغيّر الدم الجيّد هو اغتذاء الأعضاء به وتغيّره الرديء هو أن يعفن عفن معه نتن وتغيّره المتوسّط بين الجيّد والرديء هو أن يصير مدّة وذلك أنّ المدّة حال بين الجيّدة والرديئة من تغيير الدم. تولّد المدّة يكون من الحرارة الخارجة عن الطبع ومن الحرارة الغريزيّة معاً وذلك أنّه يعرض للدم من الاستحالة الشبيهة بالغليان والاحتراق وإذا استكمل الاحتراق صار ما يبقى منه قيحاً وهو بمنزلة الرماد من الخشب الذي يحرق والوجع في وقت تولّد المدّة يكون من تمديد المادّة للعضو وإسخانها إيّاه.
تمّت تعاليق المقالة الثانية من كتاب الفصول لأبقراط بتفسير جالينوس.
ابتداء المقالة الثالثة
ينبغي للطبيب دائماً أن يفرق ويميّز بين ما يكون من نفس المرض وبين ما يعرض من غير المرض من سبب من خارج كيما يكون ما يتقدّم فيحكم به على المرضى أصحّ وأوكد.
قال جالينوس: اجتمعت في الخريف خمس خصال مذمومة الأولى أنّه يكون فيه اليوم الواحد مرّة حرّ ومرّة برد والثانية أنّه يتلو الصيف فيلقى الأبدان وقد احترقت في كثير منها الكيموسات والثالثة وقد ضعفت مع ذلك في بعضها القوّة والرابعة وقد كانت حركة الكيموسات من قبله إلى ناحية الجلد فكانت تتحلّل ثمّ إنّها في الخريف تندفع إلى قعر البدن من البرد والخامسة ويخصّ بعض الناس أنّه يجتمع في بدنه كيموس رديء من أكل الفواكه الرطوبة للعفن بمنزلة العنصر والحرارة له بمنزلة القوّة الفاعلة. الدماغ
من شأنه إذا برد من الهواء البارد لم يقو على إحكام غذائه أن يولّد فضولاً بلغميّة. ما تولّد منه من قبل برد شديد من البلغم في الدماغ كان حامضاً وما تولّد من قبل حرارة يملأ الرأس كان مالحاً وما تولّد من قبل برد يسير إمّا أن تكون له حلاوة يسيرة وإمّا أن 〉لا〈 يكون له طعم بيّن.
البلغم المالح يسحج الأمعاء لسبب لزوجته تحتبس وتبطئ نفوذه في الأمعاء وبسبب ملوحته يجلوها ويحملها.
النزل كلّها تنحدر من الرأس إلى ما دون الرأس فمنها ما ينحدر إلى الرئة ومنها ما ينحدر في العروق إلى ما دون الرأس.
الخريف إذا كان رطباً كان كاسراً ليبس الصيف.
طلوع الثريّا أوّل الصيف وطلوع الشعری العبور الجزء الثاني من الصيف وهو ابتداء وقت الفواكه وطلوع السماك الرامح أوّل الخريف وغروب الثريّا أوّل الشتاء واستواء الليل والنهار بعد الشتاء أوّل الربيع. في أوقات قلّة المطر تتحلّل الفضول وفي أوقات كثرة المطر تجتمع داخل البدن فتعفن إلّا أن ينقّي الإنسان بدنه منها في كلّ يوم باستعمال الرياضة وذلك أنّ
من المفاضل فيحدث فيها عسر حركتها.
تقطير البول يكون من حدّة البول ويكون من ضعف القوّة الماسكة في المثانة.
الأفعال إنّما تكون بأعضاء البدن الأصليّة التي هي بالحقيقة أعضاؤه.
الأمراض التي يحدثها الربيع إنّما تعرض لأنّ الطبيعة تقوى فتنقّي باطن البدن وعمقه وتدفع الأخلاط الرديئة من الأعضاء الرئيسيّة إلى ناحية الجلد. الرياضة أصحّ ما يستعمل وهي وإن كانت كذلك فقد تحدث أمراضاً لأنّها إن صاقب البدن مملوءاً من البلغم أو المرّة الصفراء أو السوداء أو الدم حدث على صاحبه منها إمّا الصرع وإمّا السكات وإمّا غير ذلك لأنّها تذيب الفضول وتحرّكها للخروج لأنّ فعل الرياضة يشبه فعل الطبيعة في حلّ الفضول.
حرارة الهواء في الربيع تذيب الأخلاط فتخرجها إلى الجلد.
الحصف من جنس البثور التي تحدث في ظاهر الجلد وهو يحدث من كثرة العرق إذا كان العرق إلى طبيعة المرار أميل أو كان بالجملة لذّاعاً فإنّه إذا كان كذلك
أحرق الجلد وأحدث فيه حكّة وخشّنه تخشين القروح.
تولّد المرّة السوداء من ضربين أحدهما من احتراق المرّة الصفراء والآخر من الدم الغليظ.
زلق الأمعاء هو خروج الطعام بالبراز بسرعة من غير أن يكون تغيير بتّة وذلك يكون إمّا لقروح في سطح المعدة والأمعاء شبيهة بالقروح التي تعرض للصبيان التي تسمّى القلاع وإمّا لضعف القوّة الماسكة والحال الأولى من فضول لذّاعة والحال الثانية من تغيير عظيم في مزاج المعدة والأمعاء.
الأخلاط في الصيف رقيقة سريعة الحركة فإذا دخل عليها الخريف وهو بارد مختلف المزاج أمالها إلى باطن البدن وعمقه فتحدث من ذلك آفة في نواحي البطن والأمعاء مثل ورم أو نحوه يعرض للطفل حين تولّد القلاع وهو قروح تعرض في الفم في سطحه وشبيهاً ليّن آلات الطفل حتّى لا تحتمل ملاقاة اللبن لها ولا كيفيّته لأنّ في اللبن رطوبة مائيّة ليست باليسيرة في طبعها قوّة جلاء وحدّة.
إذا اجتمع في
المعدة فضول كثيرة رديئة تثقلها وتلذعها وخاصّة في فمها لكثرة حسّه عرض لصاحب ذلك التخيّل الهائل في النوم وكذلك إذا فسد الطعام في المعدة.
أكثر أوقات الطفل نائم فإذا عرض له سهر فذلك لمرض.
الهيضة حركة الصفراء بالقيء والإسهال. الدوار يحدث إمّا عن رياح بخاريّة تستكنّ في نفس الدماغ وتتحرّك فيه حركة مضطربة وإمّا عن فضول رديئة تجتمع في المعدة فيرتفع منها إلى الرأس بخار غليظ.
إنّما يعسر برء القروح في الشيوخ لقلّة الدم فيهم وممّا يعرض للشيخ أنّه يحتكّ دائماً لأنّ الفضول المولّدة للحكّة فيه يعسر نفوذها من الجلد واستفراغها وذلك أنّ الجلد يصير أشدّ تكاثفاً لغلبة البرد والفضول في بدن الشيخ أكثر وأغلظ.
إنّما يسهر الشيخ لأحد أمرين إمّا لأنّ الشيخوخة تحدث همّهم والآخر يبس بدن الشيخ.
حدّ سنّ الصبيّ إلى أن ينبت الشعر في العانة وحدّ سنّ القتيان من حين الإنبات
إلى إحدى وعشرين سنة وحدّ سنّ الشباب من إحدى وعشرين إلى خمس وثلاثين سنة والمتناهي الشباب من كحٓ سنة إلى لهٓ سنة والكهول من لهٓ سنة إلى مطٓ سنة والشيوح من مطٓ سنة إلى آخر العمر.
تمّت تعاليق المقالة الثالثة.
تعاليق المقالة الرابعة
استفراغ ما يستفرغ من البدن يكون بأربعة أشياء: آ جذب الطبيب له بالدواء؛ بٓ قذف الطبيعة التي 〉بـ〈ـتدبير البدن له وتنقيتها إيّاه من البدن؛ جٓ تهييج ذلك الشيء وتلذيعه؛ دٓ من أنّ الأوعية لا تضبطه وتحصره. المرّة الصفراء خفيفة تطفو إلى فوق ولذلك ينبغي أن تستفرغ بالقيء سيّما في الصيف والمرّة السوداء ثقيلة ترخى إلى أسفل ولذلك ينبغي أن تستفرغ بالإسهال ويحتاج في استفراغ المرّة السوداء إلى دواء أقوى ممّا يحتاج إليه في استفراغ الصفراء بسبب غلظها.
هيجان الأخلاط إمّا أن تكون
في البدن كلّه حركة للطبيعة لقذف الفضول وإمّا أن يكون ذلك في أشرف أعضائه. ينبغي أن يبادر باستفراغ الخلط الهائج إمّا من قبل أن تضعف القوّة وإمّا من قبل أن تتزيّد حرارة الحمّى وإمّا من قبل أن تصير تلك الأخلاط إلى عضو من الأعضاء الشريفة فتتمكّن فيه فإذا رأيت شيئاً من ذلك وخفته فبادر باستفراغ الخلط.
المغس يكون من تلذيع شديد ويكون أيضاً من ريح غليظة نافخة لا منفذ لها لكنّها منحصرة في لفائف الأمعاء.
السدر هو أن يخيّل إلی الإنسان أنّ ما يراه يدور حوله ويفقد حسّ البصر بغتة حتّى يظنّ أنّه قد غشيت جميع ما يراه ظلمة. مع المرّة السوداء حدّة وتأكيل وحموضة وخلّيّة هي أن يغلى منها الأرض والخلط السوداويّ بمنزلة عكر الخمر أي درديّ الدم. البراز الأسود يتولّد إمّا من غلبة الاحتراق وإمّا من عفونة منكرة وإمّا من انصباب خلط سوداويّ. إذا ظهر البراز الأسود في أوّل المرض دلّ
على آفة عظيمة حدثت بالكبد وإذا ظهر بعد انتهاء المرض فكثيراً ما يدلّ على خير إذا كان ظهوره بدفع الطبيعة للفضول المحترقة وتنقيتها للبدن منها. البراز الأسود يخرج شبيهاً بالدم المسوّد ويخالف ذلك الدم بأنّه ذائب لا جامد والمرّة السوداء تخالف البزار أيضاً بأنّها ذائبة غير جامدة وتخالف الدم بأنّه مع سوادها بريق وبأنّ معها تلذيعاً شبيهاً بتلذيع الخلّ وتغلى منها الأرض. ما كان من اختلاف الدم من المرّة السوداء فليس يبرأ لأنّه لا فرق بين علّة المعاء فيه وبين السرطان الذي معه قرحة ولأنّه أيضاً لا يثبت عليه الدواء وفضول الغذاء تمرّ به دائماً. الشيء المتمكّن الثابت يحتاج إلى معالجة قويّة حتّى يتقلّع ولا يكون ذلك إلّا في مدّة طويلة وأدوية قويّة كثيرة والشيء الغير متمكّن الغير ثابت سهل العلاج.
بطلان التنفّس إمّا من ضعف القوّة المحرّكة للصدر وإمّا من برد مفرط يغلب على ابتداء الحياة.
الاختناق هو ضيق آلات النفس
وذلك يكون إمّا عند امتلاء الفضاء الذي فيما بين الصدر والرئة أو الخلل الذي في جوف الرئة أو عند ورم يشتمل على الرئة كلّها أو على قصبتها أو على رأس قصبتها الذي يسمّى الحنجرة أو في الفضاء الذي من قبل الحنجرة الذي اسمه الحلق أعني الموضع الذي يفضي إليه المريء والحنجرة ممّا يلي الفم.
الاختناق بغتة إنّما يعرض من قبل الحنجرة فقط.
الفضاء الذي فيما بين الصدر والرئة قد يمتلئ كثيراً مدّة فيختنق صاحبها وتلك المدّة إنّما تصير فيما بين الرئة والصدر من خراج ينفجر إلى ذلك الفضاء.
ورم قصبة الرئة يحدث عسراً في النفس ولا يمكن أن يخنق لسعة مجراها ورقّة جسمها إذ كان من جنس الأغشية. يمكن أن يكون الاختناق من غير وجع إمّا لأنّ رطوبة كثيرة لا سيّما بلغميّة بلد الغشاء المستبطن للحنجرة فيحدث منها فيه ورم ليس معه وجع ويمكن أن تبطل حركة العضل الذي يفتح الحنجرة فيضيق مجراها فيحدث الاختناق ويمكن أن يجتمع الأمران جميعاً ويمكن أن يفرط اليبس على العضل الذي
في داخل الحنجرة فيتوتّر توتّراً كثيراً فيضيق مجراها.
والاختناق قد يعرض أيضاً إمّا لورم في المريء وإمّا لورم مستبطن للمريء فإنّ بين هذه الأعضاء وبين النخاع والأغشية المحيطة به والعظام التي من ورائها وهي الفقار مشاركة بعصب ورباطات فإذا مدّت تلك الرباطات والعصب نحو الأعضاء التي فيها الورم وجب ضرورة أن ينجذب الفقارة التي تتّصل بها إمّا إلى داخل وإمّا إلى جانب أمّا إلى داخل فإذا كان المدّ من الجانبين وأمّا إلى جانب فإذا كان المدّ إلى جانب وكلّ هذه تمنع الإرداد.
الأمراض التي تتجاوز أربعين يوماً لا يكاد يكون فيها بحران بعرق ولا بنوع من أنواع الاستفراغ بتّة لكنّ انقضاءها يكون إمّا بأن ينضج أوّلاً فأوّلاً وإمّا بخراج يخرج.
بحران الأمراض الحادّة جدّاً التي تكون بعرق أكثر ما يكون في الثالث. الأمراض التي تنوب في الأفراد بحرانها أسرع من بحران الأمراض التي تنوب في الأزواج.
العرق البارد لا يمكن أن يجيء من المواضع التي فيها
الحمّى الشديدة فإنّه لو جاء منها لسخن بحرارة الحمّى وإنّما يجيء من مواضع قد بردت إمّا لضعف الحرارة الغريزيّة وإمّا لقرب انطفائها ولذلك يدلّ إمّا على الموت وإمّا على طول المرض لأنّه يدلّ على أنّه قد غلب في البدن رطوبات كثيرة باردة.
العرق بعد النوم إمّا أن يكون كثيراً وإمّا أن يكون قليلاً فالعرق الكثير يكون إمّا من إفراط في تناول الغذاء وعلاجه أن يمنعه من الغذاء الكثير وإمّا من قبل كثرة ما قد كان قبل ذلك يتناوله وعلاجه الاستفراغ والعرق القليل إّما لضعف القوّة وإمّا لسخافة البدن.
العرق الذي يكون في غير أيّام البحران إمّا أن يكون حارّاً فيدلّ على أنّ الأخلاط حارّة والنضج يسرع إليها وإمّا أن يكون بارداً فيدلّ على أنّ الأخلاط باردة والنضج يبطئ فيها ولذلك هو أردأ.
الحمّى التي تكون من ورم أو من عفونة خبيثة في الأخلاط لا ينقّى البدن منها.
إنّما تطول
مدّة الأمراض إمّا لكثرة الأخلاط المولّدة لها وإمّا لغلظها وإمّا لبردها لأنّها إذا كانت كذلك احتاجت إلى زمان طويل حتّى تنضج.
حدوث النافض مراراً كثيرة في الحمّى من علامات الهلاك وذلك أنّه إن تبع النافض استفراغ لا تسكن به الحمّى فواجب أن تنحلّ القوّة لأنّها لا تحتمل رعدة النافض وزعزعته للبدن ولأنّ الاستفراغ أيضاً يزيدها ضعفاً واسترخاء وإن لم يتبع النافض استفراغ فهو يدلّ على ضعف من القوّة لم تقدر معه أن يستفرغ بالنافض شيئاً ومع ذلك فإنّه يزيدها ضعفاً بزعزعته للبدن.
العلامات الدالّة على أنّ ما يخرج جيّد هي نضجه خاصّة واحتمال البدن لخروجه بسهولة وخفّة البدن بخروجه عنه. إذا حدث ورم حارّ قويّ في بعض الأعضاء الباطنة وانحدر الدم كلّه إلى العضو العليل من البدن أحرق باطن البدن بالحرارة وبرد الجلد لخلوه منها كما يعرض في أوّل نوائب الحمّى ولذلك تكون هذه الحال
دالّة على الموت.
التمدّد يعرض في العصب إمّا من قبل الأورام الحارّة والصلبة وإمّا من فبل اليبس وإمّا من قبل البرد المفرط.
الدمع إذا جرى من غير علّة من العين وعن غير إرادة فهو يدلّ على ضعف من القوّة الماسكة.
ما حدث من التشنّج ابتداء فحدوثه فتولّده من امتلاء فإذا حدثت بعده الحمّى حلّلت بعض الرطوبة التي للفضل وأنضجت بعض برودتها فلذلك ينفع لأنّ هذين غرض الأطبّاء.
الحمّى المحرقة تكون في الصيف لأنّ الشرايين تجفّ وتجذب إليها رطوبات حارّة من جنس المرار.
اليرقان يحدث من ثلاثة أشياء إمّا من ورم صلب وهذا يكون في مدّة طويلة وهو مرض مزمن طويل يحدث عنه اليرقان على طول الأيّام وإمّا من سدّة وإمّا من ورم حارّ وهذان يمكن أن يكونا في مدّة قصيرة.
النافض يكون عندما تتحرّك المرار وينبعث في البدن كلّه. قد يعرض للمعدة التهاب شديد من قبل المرّة الصفراء إذا فارت وعلت في طبقاتها. لو لا أنّ النوم ينفع بإنضاجه ما يحتاج إلى إنضاجه لكان سيضرّ
دائماً بسبب انصباب الموادّ فيه إلى عمق البدن وميل الأخلاط فيه إلى داخل.
البول المنثور الشبيه ببول الدوابّ يكون إذا عملت الحرارة في مادّة غليظة كثيفة فإن رسب فيه ثفل غليظ بسرعة دلّ على أنّ المرض ينقضي سريعاً وإن لم يرسب فيه ثفل فإنّه إن كانت القوّة معه قويّة دلّ على طول من المرض وإن كانت ضعيفة دلّ على أنّ المريض يموت. نثور البول يكون إذا عملت فيه حرارة خارجة فتولّدت فيه رياح غليظة.
الرياح تمدّد ما دون الشراسيف على ضربين أحدهما من حال المعدة وحدها أي تتولّد فيها الرياح والآخر من سبب حادث يمدّد المعدة وما يليها من الأعضاء معاً. إذا خرج في البول الذي فيه الدم والقيح قطع لحم صغار فهي تدلّ على أنّها من الكلى وإذا خرج فيه بمنزلة الشعر فهو يدلّ على أنّه من العروق وإذا خرج شبيه بالصفائح فهو يدلّ على أنّه من المثانة. الشعر الذي
إذا كان البطن ليّناً فقلّل الشرب وزد البول وإذا كان البطن يابساً فزد الشرب وامنع من نفوذه إلى العروق.
تمّت تعاليق المقالة الرابعة.
فوائد تعاليق المقالة الخامسة من كتاب الفصول
قد يعرض لمن شرب الخربق الأبيض في أوّل الأمر اختناق من كثرة البلغم وفي آخره تشنّج يدلّ على الموت وذلك يكون من شدّة الحركة في القيء خاصّة بالمشاركة من العصب في الألم لفم المعدة أو من إفراط الاستفراغ أو من جذب الرطوبات التي في العصب قسراً أو تكون قوّة الخربق قد سرت في البدن فجفّفت جوهر العصب تجفيفاً شديداً فيعرض من ذلك التشنّج وأيضاً قد يعرض الفواق بسبب لذع في المعدة والمريء يحدثه الخربق وكلّ هذه تبرأ خلا واحد منها وهو الذي يكون من جنس اليبس.
الفواق
هو تشنّج يعرض في رأس المعدة والمريء.
فهمت عنهما أنّه إذا رأيت تشنّجاً أو فواقاً حدث بعد استفراغ مفرط فلا تعجل بالقضيّة على موت المريض حتّى تنظر فإن كان قد استولى عليه اليبس فاقض وإن كان ذلك من قبل لذع وغيره فلا تقضي.
الأخلاط المولّدة للصرع هي غليظة باردة بلغميّة وصلاحها يكون بانتقال السنّ عن الرطوبة إلى اليبس وبالرياضة والتدبير المجفّف مع الأدوية الموافقة في هذا الباب.
السنّ التي بين يحٓ وبين كهٓ هي سنّ الفتيان والسنّ التي بين كهٓ وبين لهٓ هي سنّ الشباب. الاستحمام بالماء البارد إمّا أن يقهر الحرارة الغريزيّة إذا كانت ضعيفة وإمّا أن يجمعها إذا كانت قويّة ولذلك ليس يتنفع به أحد إلّا من كان من الشباب خاصّة حسن اللحم وكان الوقت صيفاً.
القروح المتعفّتة والتي تنجلب إليها فضول تضرّها الأشياء الحارّة مضرّة عظيمة.
القيح من أعظم العلامات دلالة على الثقة والأمن في القرحة.
التلطّع هو المواضع التي فسد كونها النار وأحرقتها بشدّة حرارة الأخلاط
الفاعلة لذلك وإذا تأمّلت هذه المواضع رأيتها محمرّة بلون الدم الطريّ لا بلون الدم العتيق.
فضيلة الطعام سرعة استحالته في المعدة ويعرف ذلك من خارج بأنّه إذا كان سريع الاستحالة خارج المعدة فهو أيضاً سريع الاستحالة في المعدة وكذلك الحال في الماء فتفهمه فإنّه عجيب.
احتباس الطمث إمّا أن يكون بسبب ورم أو بسبب التواء الرحم أو نحو هذا وعلاج هذا يكون بإبراء العلّة التي عرض من قبلها ونقصان استفراغ الطمث من غير علّة من هذه العلل فهو يكون إمّا من غلظ الدم وإمّا من سدّة في العروق التي تنتهي إلى الرحم وإمّا انضمام أفواهها وإمّا تكاثف جوهر الرحم كلّه وأيّ هذه الأسباب كان فالتكميد بالأدوية يبرأ منه لأنّه يقدر أن يفتح أفواه العروق ويرقّق الدم ويفتق السدد بتقطيعه وتلطيفه.
الأشياء التي يسبر بها جودة الماء ورداءته ثلاثة: آ ألّا يكون كدراً ولا عكراً؛ بٓ ألّا يظهر في طعمه أو رائحته كيفيّة منكزة؛ جٓ أن يكون سريع الاستحالة وهو أن يكون يسخن سريعاً ويبرد
سريعاً فإنّ هذا تستمرئه المعدة بسرعة. معنى الماء الخفيف ليس هو الخفيف الوزن بل الخفيف على المعدة وهو الذي تستمرئه ولا يثقل عليها. العطاس يثير الطبيعة وينبّهها وينفض عن أعضاء البدن ما هو لاصق بها متشبّث فيها يعسر تخلّصه منها وهذا الوجه قد يبرأ الفواق ويدلّ العطاس أيضاً في علّة خنق الرحم وهي العلّة التي تعدم المرأة فيها النفس. إنّ الطبيعة التي قد كانت قد جمدت وماتت قد انتهضت وانتعشت وراجعت حركاتها الخاصّيّة لها. إن كانت أخلاط بدن المرأة قد صارت أغلظ ممّا كانت عليه في الحال الطبيعيّة وأعسر جريه أبطأ مجيء الطمث وتأخّر وإن صارت أرقّ وأرطب تقدّم مجيء الطمث عن الوقت الذي جرت به العادة.
أسباب تزيّد الطمث أربعة: آ أن تتزيّد أفواه العروق التي تنتهي إلى الرحم تفتّحاً فيفرط بسبب ذلك الطمث؛ بٓ أن يصير الدم أرقّ ممّا كان؛ جٓ أن يصير الدم أسخن؛ دٓ أن يكون البدن كلّه قد ساءت حاله فيثقل عليه الدم وإن لم يجاوز الدم اعتداله الطبيعيّ فدفعته الطبيعة
على العروق التي في الرحم كما يعرض في جميع الأمراض التي تكون من اندفاع الموادّ إلى بعض الأعضاء.
وأسباب تنقصر الطمث أضداد هذه: آ أن تنضمّ أفواه العروق أو تنسدّ؛ بٓ غلظ الدم؛ جٓ برده؛ دٓ سدّة قوّة العروق التي في الرحم حتّى لا تقبل ما يجري إليها.
تقطير البول هو أن يبول الإنسان مراراً متواترة وهذا يكون إمّا من ضعف القوّة الماسكة التي في المثانة 〉وإمّا〈 من حدّة البول.
الطمث الذي يجري من الحوامل ليس يمكن أن يخرج من العروق التي داخل الرحم لأنّ المشيمة معلّقة بأفواه جميعها وإنّما يمكن خروجه من العروق التي في رقبة الرحم.
الوجع يعرض فيما كان من الأعضاء عصبيّاً وما كان كذلك فهو يحتاج إلى أن يعالج بالأدوية المسخّنة المجفّفة ليحلّل ما اجتمع في العضو وليسكن الوجع ولا ينجذب إليه شيء آخر لا يمكن أن يكون الورم صلباً مدافعاً وقد أنضجت طبيعة العضو ما جرى إليه من الأخلاط
على ما ينبغي.
الرياح تتولّد في البطن إمّا من قبل ضعف أعضاء البطن وهذا قليل ما يوجد وإمّا من قبل خلط غليظ بلغميّ بارد وهذا أكثر ما يحدث. تشنّج الصرع يكون من أخلاط لزجة بلغميّة ترسخ في الأعضاء العصبيّة ومداواته تكون بإنضاجه ثمّ نفضه عن العصب.
والحمد للّه وحده وصلّى اللّه على محمّد وسلّم.
تمّت تعاليق المقالة الخامسة.
فوائد تعاليق المقالة السادسة
يحدث زلق الأمعاء وهو خروج ما يؤكل بغير تغيير لا في لونه ولا قوامه ولا رائحته عن تسلّخ شبيه بالسلاق يعرض في أعلى سطح المعدة والأمعاء من أخلاط لذّاعة وعلامته ما يجده المريض من حسّ اللذع وإمّا عن ضعف القوّة الماسكة وللصنف الأوّل أيضاً علامة وهي إن كان أمر ذلك الخلط قد انقضى وسكن برئت العلّة في أسرع الأوقات بالأطعمة والأشربة القابضة وإن بقي ذلك السبب مدّة أطول انتقلت العلّة
إلى انقلاب الدم.
المزاج الرديء الذي يضعف القوّة إمّا أن يكون من خلط يحويه العضو وإمّا أن يكون حالاً متمكّنة ثابتة في العضو يعسر انحلالها قد يعرض في أوّل اختلاف الدم. ذهاب الشهوة بسبب فضول تجري إلى المعدة من الكبد وهي الفضول التي تسحج الأمعاء وخاصّة إذا كانت من جنس المرار فإنّه يطفو منها جزء فيعلو ويصير في فم المعدة ويعرض منه ذهاب الشهوة وهذا يبرأ وليس بعلامة رديئة وإنّما العلامة الرديئة في هذه العلّة ذهاب الشهوة التي تكون من جمود وموت القوى وهذا يكون بعد تطاول العلّة خاصّة.
إذا حدثت حمّى لصاحب اختلاف الدم فهي إمّا أن تكون في قرحة الأمعاء عفونة وإمّا أن يكون معها ورم عظيم قويّ. إذا رأيت الشعر ينتثر من المواضع التي حول القرحة أو رأيت الجلد تتقشّر منه قشور فاعلم أنّه تجري إلى ذلك العضو أخلاط رديئة تحدث في القرحة تأكّلاً وتمنع من اندمالها. الوجع إمّا أن يكون على
طريق النخس أو على طريق التمدّد أو على طريق الخدر أو مع حسّ ثقل أو شبيه بالشيء الذي يغرز أو بالشيء الذي يثقب أو بالشيء الذي يأكل أو يكون دائماً أو له قترات أو يكون مستوياً أو مختلفاً. كلّ عضو فهو يحتاج في برء علّته أيّ علّة كانت إلى سكون وهدوء. قد يحدث الفواق عن أسباب كثيرة مختلفة منها برد الهواء أو كلّ برودة فإنّها تمنع الأجسام العصبيّة من التحلّل فيحدث بسبب ذلك امتلاء يكون منه الفواق. الانتهاك الرديء في ذات الجنب أو ذات الرئة الكائن من تلقاء نفسه هو الذي يحدث عن عظم العلّة فيشاركها الكبد فلا يجتذب الغذاء من المعدة ولا يغيّر الدم.
الدم يتفرّق إلى أجزاء صغار وينبثّ في مواضع خالية من العضل لا يدركها الحسّ فيكون من ذلك الورم. إذا كانت المدّة قد اجتمع منها فيما بين الصدر والرئة ما يؤيس من اشتفائه بالنفث فاستعمل الكيّ على الصدر. إذا حدث في واحد من الأعضاء
ورم عظيم فيقيّح فاستفراغ القيح منه دفعة واحدة خطر لأنّه يعرض لصاحبه على المكان الغشي وسقوط القوّة ثمّ إنّه فيما بعد يبقى على ضعف يعسر ردّه عنه إلى القوّة وعلّة ذلك أنّه يتفتّح بعض الشرايين من شدّة تمدّده ومن حدّة المدّة فتكون أوّلاً المدّة كأنّها سدّ في فوهته فإذا استفرغت المدّة تبعها وخرج معها شيء كثير من الروح.
الأدوية المبرّدة لا تمنع وتردّ ما ينصبّ إلى العينين إذا كان أمره قويّاً لكنّها تمنعه من أن تخرج فإن كان ما ينصبّ حارّاً قد لحج في الطبقة القرنيّة وأحدث فيها تأكّلاً وإن كان كثيراً عرض منه أن يهيّجها ويمدّدها تمدّداً شديداً حتّى كأنّها تمزق فإن لم يكن مع الدواء المبرّد من قوّة الإخدار أمراً قويّاً عرض من الوجع ما لا يحتمله صاحبه وإن كان معه من قوّة الإخدار ما يبلغ من شدّته أن يجعل العين لا تحسّ الورم الحارّ العظيم وجب ضرورة أن يضرّ القوّة الباصرة وأن يجعل في طبقات العين غلظاً جاسياً يعسر برؤه.
ٮسحه (؟) شياف
مبرّد مخدّر اسفيداج رصاص مغسول ونشاستج وأفيون.
التكميد بالماء الحارّ يسكن الوجع مدّة ما ثمّ إنّه يجلب إلى الموضع مادّة أخرى بعد قليل. متى استدللت وعرفت أنّه تجري إلى العين رطوبات حادّة وليس في البدن امتلاء فاستعمل الحمّام ومتى رأيت العين جافّة والعروق التي فيها منتفخة انتفاخاً شديداً مملؤة دماً فاستعمل الحمّام واسقه خمراً قليل المزاج. متى رأيت قد لحج في عروق العين دم غليظ من غير أن يكون في البدن كلّه امتلاء فعلاجه شرب الشراب لأنّ من شأن الشراب أن يذيب ذلك الدم ويستفرغه ويزعجه بشدّة حركته من العروق التي قد لحج فيها حتّى يفتحها.
يستعمل التكميد بالماء الحارّ في الرمد يدلّ على ريح لأنّه يحلّل ما قد حصل في العين فإن كان قد ارتفع للانصباب برئت العين وإن كانت المادّة تجري إليها فهو يسكّن الوجع بعض التسكين بالإسخان ثمّ إنّه بعد قليل يزيد في الوجع فتصير عند ذلك علامة دالّة على العلّة حتّى إذا عرفناها استفرغنا البدن إمّا إن كان حال
امتلاء فبالفصد وإن كان قد غلب فيه بعض الأخلاط الرديئة فبالإسهال. اللثغة عرض خاصّ لازم للرطوبة المفرطة فقط إذا لم يقدر عضل اللسان أن يعتمد بقوّة ويمكن أن يعرض هذا العضل للسان من قبل ضعفه خاصّة ويمكن أن يعرض له من قبل ضعف العصب الذي يأتيه.
الاختلاف الطويل المزمن هو عرض خاصّ لازم لضعف المعدة بسبب الرطوبة. ذات الجنب إذا كان النفث فيها أصفر أو أحمر إلى الصفرة فتولّدها عن خلط المرار وإذا كان النفث زبديّاً فتولّدها عن خلط بلغميّ وإذا كان النفث معها يضرب إلى السواد فتولّدها عن خلط سوداويّ وإذا كان النفث معها أحمر مشبّع الحمرة فتولّدها من نفس الدم. إذا عرض السعال للمستسقي فإنّما حدث بسبب أنّه قد بلغ من تزيّد كثرة الرطوبة المائيّة إلى أن أشفت على أن تخنقه. العلل التي يفصد فيها متى كانت فوق الكبد فينبغي أن يفصد اليدين ومتى كانت تحت الكبد فينبغي أن يفصد الرجلين.
السرطان
المتقرّح ينبغي أن يغسل صديد القرحة برطوبة ليس معها حدّة ولا يهيّج العضو.
المعدة والمريء يتحرّكان في الفواق والقيء حركة واحدة إلّا أنّ حركتهما في الفواق أشدّ وأقوى وفي القيء أخفّ وأضعف لأنّها في القيء إنّما يدفعان شيئاً يحويه فضاء المعدة وفي الفواق يدفعان شيئاً غائضاً في نفس جرم فم المعدة.
عسر برء القرحة يكون إمّا لأنّ رطوبات رديئة تجري إليها وإمّا لأنّه قد صار في العضو حال رديئة وإمّا لعظم فاسد والصنفان الأوّلان يزداد القرحة معهما عظماً والآخر يبقي على حالها.
كلّ قرحة لا تجاوز الجلد وهي تسعي فاسمها نملة.
وكلّ قرحة تجاوز الجلد وتسعي في اللحم والجلد فهي آكلة.
الخبيثة قرحة مركّبة من قرحة وعفونة معاً.
الحمرة قرحة ذات خشكريشة معها التهاب شديد في المواضع التي حولها وما كان سوى هذه الأشياء من القروح فإنّها تسمّى قرحة باسم عامّ.
الرباطات والأوتار والأعصاب لا تكاد تقبل في جرمها شيئاً
من الرطوبة الخارجة عن طبعها إلّا بعسر لأنّها ملزّزة كثيفة صلبة وبهذا الوجع بعينه لا يكاد يجري وينحلّ منها شيء إلاّ بعسر. ما كان من اختلاط العقل من حرارة فقط من غير مادّة فهو شبيه بالاختلاط الكائن من شرب النبيذ وما كان منه من المرّة الصفراء فمعه همّ وحرض فإن تزيّدت الصفراء احتراقاً مال الاختلاط إلى طريق الجنون والاختلاط الكائن من المرّة السوداء إن كان من الخلط السوداويّ فهو أقلّ في رداءة كيفيّته وإن كان من المرّة السوداء فهو أكثر في رداءة كيفيّته.
الخلط البلغميّ لا يعرض منه البتّة الجنون لأنّ علّة الجنون تحتاج في تولّدها إلى أن يكون الخلط المحدث لها خلطاً مهيّجاً لذّاعاً. والمرّة الصفراء دائماً على هذه من الحال. والحمد للّه شكراً.
تمّت تعاليق المقالة السادسة.
فوائد تعاليق المقالة السابعة
برد الأطراف وهي الأنف والأذنين والقدمين والكفّين في الحمّيات المطبقة دليل على ورم عظيم في الأحشاء وذلك أنّه إذا لم يكن في الأحشاء ورم في هذه الحمّيات فليس يمكن أن تبرد بل تلتهب وتحترق.
حال الفواق من المعدة كحال التشنّج من العضل ويكون من رطوبات تؤذيها وربّما كانت تلك الرطوبات تؤذيها كلّها وفي آخر الأمر إنّما يكون أذاها في فمها وفي المريء فإذا دفعت المعدة تلك الرطوبات وقذفتها بالقيء سكن عنها الفواق عن المكان فإذا ما لم يسكن دلّ إمّا على ورم الدماغ وإمّا على ورم في المعدة.
المرار الأخضر الذي لونه لون الكرّاث أو الزنجار يدلّ على أنّ الرطوبة قد احترقت.
السهر الطويل يحدّ الدم ويميله إلى المرار.
البراز الصرف هو المرّة الصفراء والمرّة السوداء إذا خرجت وحدها.
برد الأطراف إمّا من قبل ورم عظيم في الأحشاء وإمّا من ذبول النفس والغشي إمّا من قبل خمود الحرارة وانطفائها وإمّا من قبل انغمارها
واختناقها بكثرة المادّة ويكون برد الأطراف أيضاً من وجع حديد في الجوف.
البراز الزبديّ يكون عن ريح غليظة تتحرّك في وقت مخالطتها للرطوبة حركة شديدة مختلفة حتّى تتقطّع وتقطع معها الرطوبة البلغميّة وتقسمها إلى أجزاء كثيرة صغار. إذا غلبت الطبيعة واستولت سيرت أجزاء البول كلّها مستوية وإذا كانت أسباب المرض تقاومها وتعاندها كانت منظرة البول مختلفة لأنّ الشيء الذي تستولي عليه الطبيعة وتنضجه مخالف للشيء الذي لم تستول عليه. الذي يجمع الريح في البول هو الخلط البارد النيّ ولذلك يدلّ على طول المرض.
القروح الباطنة التي لا يكون معها ورم قد تبرأ سريعاً بالأشياء القابضة والقروح التي يكون معها ورم وحمّى ليس يمكن أن تبرأ بل يزداد مقدارها كلّ يوم.
الخلط الغليظ يذوب ويرقّ بشرب الشراب الصرف واستعمال الحمّام في عقب بشربه.
إذا كان ضعف القوّة من مزاج بارد فشرب
الشراب الصرف يبرأ منه. الوجع يكون إمّا من ورم حارّ وإمّا من خراج وإمّا من قرحة وإمّا من مزاج مختلف خارج عن الاعتدال وإمّا من ريح غليظة.
العطاس يكون إذا انحلّت رطوبات لذّاعة فلذعت الدماغ فتحرّك لدفعها وإنّما تتحلّل تلك الرطوبات حتّى تصير هواء إذا سخنت بالحرارة الغريزيّة إذا انتعشت.
وجع الكبد الشديد يكون إمّا من ريح غليظة نافخة وإمّا من ورم حارّ وهذا يكون معه حمّى ويكون إمّا منفتحاً وإمّا غير منفتح. نفخات الماء يسرع حدوثها في الكبد أكثر منه في سائر الأعضاء وتولّدها في الكبد في الغشاء المحيط بها من خارج. القلق يعرض لمن كان في فم معدته رطوبة مؤذية ليست بالكثيرة ولا مصبوبة في فضاء المعدة لكن تكون طبقاتها قد تشرّبتها. التثاؤب يكون من رطوبة قريبة من طبيعة الرئة وإمّا من ريح بخاريّة في العضل وكذلك يكون التمطّى والقشعريريّة تكون إذا انصبّت رطوبات رديئة على الجلد.
الخمر التي تمزج بمثلها ما تسخن البدن كلّه وتتحرّك إلى جميع الأعضاء
حركة سريعة وتصلح أخلاط البدن وتجوّدها بأن تعدّل مزاجها وتستفرغ الرديء منها. إنّما يتحلّل من كلّ عضو أرطب ما فيه من قبل أنّ ما في البدن يلطف ويتحلّل فيصير بخاراً ولذلك سببان أحدهما من خارج وهو الهواء والآخر داخل وهو الحرارة الغريزيّة.
الحيوان الذي يتحجّز ويستكنّ في الشتاء لا يسخنه شيء من خارج ولا من داخل ولذلك لا يتحلّل منه شيء بتّة ولا يحتاج إلى غذاء وإن تحلّل منه شيء كان يسيراً جدّاً.
إذا كان في آلات الهضم مرّة سوداء بردت تلك الآلات فعرض للطعام أن يسوء هضمه ويضعف وتحدث التخم التي تكون على طريق الشهوة وإذا كان فيها مرّة صفراء لأنّ الطعام الذي لا يستمرأ بسبب الصفراء يحدث له شبيه بالاحتراق. الأمعاء تنجرد وتنسحج قليلاً قليلاً في الاختلاف حتّى ينفذ ذلك إلى عمقها فيصير فيها قرح.
تمّت تعاليق المقالة السابعة.
وتمّت تعاليق فوائد كتاب الفصول لأبقراط تفسير جالينوس والحمد للّه شكراً.