Ibn Riḍwān: Fawāʾid min kitāb al-aḫlāṭ li-Buqrāṭ tafsīr Ǧālīnūs (Useful Points Derived from Galen's Commentary on Hippocrates' Book On Humours)

Work

Ibn Riḍwān, Fawāʾid min kitāb al-aḫlāṭ li-Buqrāṭ tafsīr Ǧālīnūs
English: Useful Points Derived from Galen's Commentary on Hippocrates' Book On Humours

Related to

Text information

Type: Summary (Arabic)
Date: between 1010 and 1060

Source

Ivan Garofalo. "Gli estratti di ʿAlī ibn Riḍwān dal commento di Galeno agli Umori di Ippocrate". Galenos 5 (2011), 119-132

تعاليق عليّ ابن رضوان لفوائد من كتاب الأخلاط لبقراط تفسير جالينوس

إنّما يرتّب جالينوس كتاب الأخلاط بعد كتاب إبيذيميا وقبل كتاب الغذاء لأنّ الكتب التي تقدّمته وخاصّة إبيذيميا تتضمّن الكلام في الأمراض الكائنة عن الأخلاط، فوصل ذلك بكتاب الأخلاط ليعرف منه، 〉ا〈 أحوال الأخلاط الثلاثة أعني كمّيّتها وكيفيّتها، ب تقدمة المعرفة بالأمراض اللاحقة بها، ج الحيلة والتأتّي في علاج كلّ واحد منها، ثمّ وصل ذلك بكتاب الغذاء الذي منه تتولّد الأخلاط فتفهم ذلك.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

تعاليق من كتاب الأخلاط لأبقراط تفسير جالينوس

(١) الكيلوس باللام والكيموس بالميم يعمّهما أنّهما بين الجسم الرطب المنحلّ بالحقيقة وبين الجسم المتماسك، ويختلفان في أنّ الكيموس يوجد في أبدان الحيوان والكيلوس يوجد في الثمار إذا هي أُكلت أو عُصرت.

(٢) البرودة تطرد الأخلاط إلی داخل فتجزر، وذلك يكون إمّا بسبب برد الهواء، وإمّا بسبب برد عرض من علّة، وإمّا بسبب فزع، والحرارة تبعث الأخلاط إلی خارج فتمدّ، وذلك يكون إمّا بسبب حرّ الهواء أو رياضة أو غضب أو حمّی.

(٣) قد يختدع بعض الأطبّاء فيظنّ أنّ الدم قد كثر في البدن ولم يكثر وإنّما عرض مثل ما يعرض في البحر من المدّ، وكذلك يختدع فيظنّ أنّه قد نقص وما نقص وإنّما جزر.

(٤) إذا أردت أن تتعرّف حال الخلط الزائد في البدن فتوخّ أن يكون بدن الإنسان في حال تأملك له خارجاً عن كلّ سبب يسخنه أو يبرّده أو أنّ الخلط الذي قد كثر في البدن يظهر في لون البدن.

(٥) تزيّد كلّ واحد من الأخلاط يعرف ويحكم عليه بقياسه إلی سائر الأخلاط خلا الدم، فإنّ تزيّده يزيد الأخلاط الأربعة، وذلك أنّا نعني بالدم أنّه قد كثر في البدن كثرة الشيء المختلط في العروق من الأخلاط الأربعة.

(٦) الدم وحده هو الكيموس الملائم للطبيعة وسائر الأخلاط بمنزلة فضول الدم، وذلك أنّ الصفراء والسوداء والبلغم إذا قلّ كلّ واحد منها في البدن لا يزعم أنّ حال البدن خارجة عن الحال الطبيعيّ، وإذا كثر ضرّ البدن.

(٧) إذا أردت أن تتعرّف الخلط الغالب فلا يكن البدن قد ناله برد شديد ولا حرّ شديد. فإذا

كان البدن علی اعتدال منهما فتعرّف الخلط يظهر في لون البدن. فإنّ البدن متی كان أزيد بياضاً فالبلغم قد كثر، ومتی كان أميل إلی الصفرة يدلّ علی كثرة المرّة الصفراء. والورم الفلغمونيّ يدلّ علی كثرة الدم والحمرة تدلّ علی كثرة الصفراء والسرطان علی كثرة السوداء والترهّل علی كثرة البلغم.

(٨) السرطان والجذام فضلاً عن داء الثعلب قد يبرئ بالتنقية وحدها من غير حاجة إلی علاج آخر، غير أنّه متی انضاف إلی التنقية علاج آخر كان أسرع البرء، وما كان من العلل من المرّة الصفراء أو من البلغم فكثيراً ما يجري في بروئها التنقية مرّة واحدة، وأمّا ما كان أقرب إلی السوداء مثل السرطان والجذام فليس يبرأ بالتنقية مرّة واحدة لكنّه ربّما احتاج إلی مرّة ثانية وثالثة ورابعة أو خامسة.

(٩) قد يتفرّغ الخلط بقصبة الرئة علی أنّ قصبة الرئة جعلت لفعل أنبل من هذا، إلّا أنّ من شأن الطبيعة أن تستعين بعض الأعضاء فتفعل بها أفعالاً كثيرة أخر.

(١٠) الأخلاط النيّة ضربان: أحدهما أن تكون رقيقة مائيّة، وهذه ينبغي أن تستفرغ علی المكان من قبل أن تحتدّ بطول لبثها فتصير لذّاعة أكّالة، وذلك أنّها تنتقل من حرارة الحمّی إلی هذه القوّة بأسرع السرعة، فالآخر أن تكون غليظة لزجة متمكّنة في بعض الأعضاء، وهذه ينبغي أوّلاً إنضاجها حتّی تجري بسهولة.

(١١) القرع يكون في الرأس وفي الجلد إمّا عن عوز الغذاء وإمّا عن رداءته إذا غلب خلط رديء.

(١٢) الاستفراغ الكائن من تلقاء نفسه أو بدواء، إن كان ما ينتفع به، فينبغي أن لا يمنع، وإن كان يستضرّ به، فينبغي أن يمنع.

(١٣) من كانت خلقة بدنه مائلة إلی السلّ فينبغي أن يحذر فيه التنقية بالأدوية التي تحدث القيء لئلّا ينصدع منه عرق في آلات التنفّس.

(١٤) الخلط السوداويّ ينبغي أن يستفرغ دائماً من أسفل ولا يستفرغ بالقيء البتّة.

(١٥) قد يمكن أن يجتمع البلغم في المعدة والمرار في الأمعاء.

(١٦) سنّ الأحداث نظيرة الربيع في توليد الدم، سنّ الشباب نظيرة الصيف في توليد المرار، سنّ الكهول نظيرة الخريف في توليد السوداء، سنّ الشيوخ نظيرة الشتاء في توليد البلغم.

(١٧) ينبغي أن يستفرغ الخلط الغالب من الناحية التي هو إليها أميل.

(١٨) وللعادة أيضاً في هذا معونة عظيمة، وذلك أنّ من اعتاد أن يتقيّأ فاستعمل الأدوية المقيّئة يسهل عليه تناولها.

(١٩) ينبغي أن تتفقّد نوع المرض وصورته لتعلم من ذلك الخلط الفاعل له فتستفرغه، مثل الاستسقاء اللحميّ ينبغي أن تستعمل فيه ما يخرج البلغم أوّلاً بالإسهال، ثمّ بعد ذلك ما يخرجه بالقيء، ثمّ بالغرغرة فإنّ الغرغره تستفرغ البلغم من الرأس، وذلك أنّه لمّا كان الخلط الفاعل له هو البلغم وهو منبثّ في البدن كلّه صرنا نستعمل فيه جميع أنحاء استفراغه. ونسقي أيضاً في هذه العلّة أدوية شأنها التقطيع والإسخان لندرّ بها البول ويتفرّغ بها البدن كلّه التفرّغ الذي يخصّه اسم التحليل. وأمّا في الاستسقاء الزقّيّ فإنّا نسقي الأدوية التي تخرج الماء، وفي اليرقان نسقي الأدوية التي تخرج المرار وننقّي أبدانهم من المرار بكلّ وجه يمكننا ذلك حتّی نستفرغه من فوق ومن أسفل وبالبول وبالحنك وبالمنخرين.

(٢٠) فمن ذلك أيضاً أنّه متی كان في الكبد ورم ثمّ كان قد نضج فإنّا نقصد لتنقية الكبد منه بالإسهال إن كان الورم في جانبها المقعّر، ونقصد لتنقيتها بالبول إن كان الورم في محدّبها.

(٢١) وبالقول المطلق ننظر في سائر العلل في الخلط الفاعل لها وفي الموضع الذي حدثت فيه العلّة وهو لها سببه †بلاهٮل† والمستوقد، فنستدلّ بذلك علی ما ينبغي أن نعطي من الأدوية المنقّية أو المطلقة أو غيرها.

(٢٢) إذا انصبّ خلط إلی عضو من الأعضاء فينبغي أن يمنع فيردّ، ومنعه وردّه يكون بالأشياء المبرّدة القابضة التي تجعل علی العضو وبأن يجری إلی ناحية أخری، مثاله أن تكون المادّة تجری إلی أعلی الفم أو إلی الحنك أو إلی اللهاة فتردّها إلی المنخرين بالأدوية الحرّيفة أو أن تكون المادّة تجري إلی العينين أو إلی الأذنين فتجذبها إلی الأنف وإلی الفم، وجذبها إلی الفم يكون بالأدوية الحرّيفة التي يتغرغر بها. أعلی الفم هو من مقدّم الأسنان إلی الثقبين النافذين إلی الأنف، والحنك هو ما وراء ذلك.

(٢٣) أنواع العلاج التي يكون بها جذب الخلط علی المقابلة هي شدّ اليدين والرجلين عند ميل الخلط إلی الصدر أو إلی المعدة، والقيء عند ميله إلی أسفل، والحقن الحادّة عند ميله إلی الخروج بالقيء. وقد يقابل الميل إلی أسفل وإلی فوق بالقيء إدرار البول، وإدرار البول أيضاً يقابل العرق، وكذلك إسهال البطن والمحجمة إذا وضعت تحت الثدي تقابل إدرار الطمث، وعلی البطن تقابل الرعاف. وممّا يجتذب علی المقابلة الأدوية الحرّيفة إذا أدنيت من اليدين والرجلين تقابل الفضول التي قد مالت نحو الرأس أو نحو الأحشاء. متی مالت الأخلاط إلی داخل فينبغي أن تجذب إلی خارج، وإن مالت إلی خارج فينبغي أن تجذب إلی داخل، وإن مالت إلی الجانب الأيمن فينبغي أن تجذب إلی الأيسر وإن مالت إلی الأيسر فينبغي أن تجذب إلی الأيمن وإن مالت إلی خلف فينبغي أن تجذب إلی قدّام، وإن مالت إلی قدّام فينبغي أن تجذب إلی خلف.

(٢٤) قد تعلّق المحجمة علی النقرة فتجذب المادّة التي تجري إلی العينين وتفصد عرق الجبهة فتجذب المادّة التي تكون في مؤخّر الرأس.

(٢٥) أتی غلام إلی طبيب فشكا إليه أنّه حمل بيده اليمنی من قرية إلی قرية شيئاً ثقيلاً وٮٮٮها (؟) عن يده، فلمّا وضع الثقل الذي كان بيده فرآها قد تورّمت فأمره الطبيب أن يحمل بيده اليسری ثقلاً

مساوياً لذلك الثقل ويقطع به مسافة مساوية للمسافة الأولی وأن يعصب يده اليمنی، ففعل ذلك فبرئ.

(٢٦) قال جالينوس: قد أفعل ذلك في الرجلين فأضع علی الرجل التي انصبّ إليها الخلط بعض الأدوية التي تصدّ المادّة وأعصبها من أسفل إلی موضع الأربيّة، وأضع علی الرجل الأخری بعض الأدوية المسخنة كيما أجتذب إليها تلك المادّة، وإن كان السنّ والقوّة مواتيتين فصدت الباسليق من اليد فأجذب المادّة إلی فوق وإلی الرجل الأخری.

(٢٧) ما يبقی في العضو من المادّة فقد يفنی وينحلّ ويبيد بالتجفيف، والتجفيف علاج جيّد لفضل الرطوبات الرديئة إذا كانت الأخلاط قد لحجت وتمكّنت في طبقات بدن الأمعاء أو المعدة فهي تحتاج أن تغسل بما يجلوها، والأدوية الغسّالة رطبة القوام وفي قوّتها جلاء، فمن ذلك ماء العسل والسكنجبين وكشك الشعير، وأقواها جلاء السكنجبين وأقلّها جلاء كشك الشعير، وماء العسل يتزيّد جلاؤه بكثرة العسل ويقلّ بكثرة الماء، ويتزيّد أيضاً جلاؤه إذا طبخ فيه بعض الحشائش الحرّيفة مثل الزوفا أو الفوذنج.

(٢٨) وممّا يغسل الأخلاط الملابسة لطبقتي المعدة غسلاً جيّداً الفجل مع السكنجبين وأدوية القيء المتّخذة بالعنصل. وما كان من الأخلاط في طبقتي جرم المعاء وخاصّة الغلاظ منها فقد تغسلها الحقن بماء العسل المطبوخ فيه إمّا زوفا وإمّا فوذنج وإمّا قنطوريون وإمّا حنظل وما أشبه ذلك.

(٢٩) الحقنة بالماء الملح قد نستعملها في من كان في أمعائه قروح عفنة فنغسل كلّ ما قد عفن في الجوف، فإذا نقي الموضع حقن بالأدوية التي تصلح العفونة، وإن تفقّدت ماء الملح إذا خرج وجدته ربّما خرج معه قشور ليست بالصغار.

(٣٠) الأخلاط تحدث الوجع بأنحاء ستّة، الأوّل كثرتها، الثاني غلظها، الثالث لزوجتها، الرابع سخونتها، الخامس برودتها، السادس لذعها وأكلها للأعضاء.

(٣١) الفرق بين الدواء المسكّن وبين الدواء المبرّئ أنّ المبرّئ هو الذي يشفي الشيء الخارج عن المجری الطبيعيّ حتّی يعود إلی الحال الطبيعيّة، والمسكّن فهو الذي يهدّئ الألم وإن لم يزل السبب الموجب للألم.

(٣٢) الدم الذي يحبس تحت الجلد عندما يعرض له رضّ من قرع شيء صلب أو شدخ ينبغي أن يحلّل بالأدوية التي تفتح مجاري الجلد، سيّما إن كان العظم الذي تحته قد انكسر. إذا انتشر الدم تحت الظفر من ضربة فينبغي أن تشقّ الظفر شقّاً بالوراب بسكّين حادّة حتّی يخرج الدم المحتقن ويكون الموضع المشقوق من الظفر غطاء لما تحته من اللحم فيسكن بذلك الوجع، ويمكن بعد أيّام أن تشيل برفق الموضع المشقوق من الظفر حتّی يسيل صديد القرحة ثمّ يعود فيضمّ الظفر إلی اللحم الذي تحته حتّی يكون له بمنزلة الغطاء. سائر ما ينبغي أن يعالج به الإصبع كلّها ينبغي أن يكون قصدك فيه إلی التسكين والتحليل فتنطلها بالزيت والماء فرادی أو مجموعين مسخنين

سخونة معتدلة، وتنطلها بهذه في اليوم الأوّل أو بالدهن وحده إذا كان الوقت شتويّاً، ثمّ تستعمل بأخرة المرهم المتّخذ من الأربعة الذي يجمع المدّة، وينبغي أن لا يغری اللحم الذي تحت الظفر: فإنّه إن غري تزيّد بسرعة فيبدر من الموضع المشقوق فيحدث عنه من الوجع ما هو أعظم من وجع الداحس. فإذا سكن الوجع من الإصبع بهذا العلاج فإنّا عند ذلك نداويها حتّی يبرأ بالأدوية المحلّلة.

(٣٣) الدم الذي يحتقن تحت الجلد: ينبغي أن يشرط الجلد منذ أوّل الأمر علی المكان.

(٣٤) قال أبقراط: يسمّی ما تفعله الأدوية المسهلة إزعاج الأخلاط، ويسمّی الإسهال الذي يكون لكثرة الشراب تغريقاً، ويسمّی الإسهال بما معه جلاء يسير مثل ماء العسل وما كشك الشعير وماء اللبن مسحاً.

(٣٥) قد ينتفع كثيراً في الجراحات بخروج شيء من الدم علی المكان، وينبغي أن تنظر عند الجراحة الواقعة في البدن حال البدن كلّه، فإن كان الدم كثيراً فيه فينبغي أن تدع الدم يجري كثيراً كيلا يحدث في موضع الجراحة ورم عظيم، وإن كان الدم فيه قليلاً قطعت جري الدم، وإذا احتجت أن يجري الدم ولم يجر فافصد أو احجم.

(٣٦) الحركة تهيّج القوّة المهيّجة للاستفراغ والسكون يسكّنها.

(٣٧) ما كان من الأخلاط يحتاج إلی النضج فالنوم ينفعه، وما كان منها يحتاج إلی التحليل فاليقظة تنفعه.

(٣٨) متی كان انفجار الدم من جرح فالنوم يسكّنه ويقطّعه، والانتباه يجترّه، والأخلاط التي ينبغي أن تقذف من فوق النوم لها أجود من الانتباه، والأخلاط التي تحتاج فيها إلی أن ترقّق من غلظها أو من لزوجتها اليقظة فيها أنفع من النوم.

(٣٩) النوم من أضرّ الأشياء للأخلاط الباردة جدّاً، ولذلك يضرّ في ابتداء أدوار الحمّی ويضرّ الأحشاء المتورّمة، لأنّ الحرارة تعود إلی داخل فتجترّ معها الدم، ولذلك ينبغي أن تقدّر النوم واليقظة بمقدار ما يكتفي به في استرداد القوّة.

(٤٠) قد ينبغي أن تفيد من يحتاج إلی الاستفراغ بالقيء أو بالإسهال عادة لذلك، ومن البيّن أنّ المتولّي لذلك ينبغي أن يكون طبيباً حاذقاً حتّی تكون إفادته هذه العادة علی توقٍّ قليلاً قليلاً حتّی يتدرّب بذلك البدن ولا يضرّه، وكذلك يفعل إذا أراد إبطال هذه العادة.

(٤١) متی كان المرار الأصفر ينصبّ إلی المعدة ويجتمع فيها وكانت السوداء غالبة علی ذلك الإنسان وكان بلده الذي يقيم فيه حارّاً وكان تدبيره التعب والنصب فتقدّم فعوّده في ذلك القيء

قبل تناول الطعام، ومتی كان البدن قد اعتاد استعمال القيء بعد الاستحمام وقبل تناول الطعام أو بعده إذا هو تملّی منه بشره وصحبه لاستكثار الشراب فاقطع عنه تلك العادة بأن تنقص من طعامه ومقدار شرابه، لأنّ معد هؤلاء تضعف فتألف وتعتاد قبول جميع الفضول المنحدرة إليه.

(٤٢) قد ينتفع بالقيء في بعض الأدوار كيما يتحلّل الخلط اللزج الذي في المعدة متی تناول الإنسان الفجل مع السكنجبين وما أشبه ذلك، ومتی كان يجتمع في معدة الإنسان دائماً مثل هذا الخلط فقد ينبغي أن تستعمل فيه القيء دائماً ويكون ما يزدرده من الطعام مقداراً يسيراً، وينبغي أن يكون ذلك العطام بعض الأطعمة الموافقة للمعدة وتضمّد المعدة من خارج ببعض الأدوية التي تقوّيها.

(٤٣) متی أردت أن تنقّي ما احتبس في الصدر والرئة فينبغي أن تعطي ما يعين علی النفث بالسعال.

(٤٤) قد تستفرغ أيضاً الموادّ المجتمعة في الرأس بالبزاق، فإن أردت أن يكون البزاق يسيراً فاخلط مع المصطكی فلفلاً، وإن أردت أن يكون كثيراً فحنّكه بالعاقرقرحا أو بزبيب الجبل لتستفرغ بذلك الفضول المائيّة. وأمّا الفضول الغليظة البلغميّة فاستفرغها بالغرغرة بالخردل والعسل.

(٤٥) إذا كان سبب السعال موادّ رقيقة وخشونة فهو يسكّن بالدواء المتّخذ ببزر الخشخاش أو بالدواء المنسوب إلی فيلن متی كان المخاط مائيّاً غير نضيج فحسمنا له يكون بالأشياء التي تنطل علی الرأس كيما يسخن الدماغ، وبالأشياء التي تستنشق وبالأشياء التي تصبّ في الأذن. متی أردنا تنقية الدماغ بالمخاط فإنّا نحرّكه بالأدوية الحرّيفة التی تعطّس، ومتی كان عن بلغم فعلاجه بالأدوية المنقّية والأدوية المقطّعة.

(٤٦) السعال الذي معه دغدغة سببه موادّ تنحدر من الرأس إلی قصبة الرئة أو إلی الرئة ومتی لم يكن مع السعال نفث فالمادّة المنحدرة رقيقة.

(٤٧) سبب الجشاء والضراط واحد، وهو إمّا ريح غليظة تتولّد عن خلط بلغميّ وإمّا عن ضعف المعدة، وضعف المعدة إمّا أن يكون عن خلط خارج عن الطبع وإمّا عن سوء مزاج.

(٤٨) العطاس غير نافع متی كان في الصدر أو في الرئة أو في الرأس أخلاط نيّة محتقنة لأنّ إزعاج العطاس إزعاج شديد، والذي تحتاج إليه هذه الأعضاء الراحة والإسخان المعتدل لتنضج بذلك الأخلاط النيّة التي فيها، والذي يعرض من الحركة ضدّ هذا، وذلك أنّها في وقت الحركة تمتلئ دائماً بأكثر ممّا كانت عليه فلا تنضج لذلك تلك الأخلاط المحتبسة فيها، ومتی كانت الأخلاط قد قبلت النضج فقد ينتفع بالعطاس لاستفراغ تلك الفضول.

(٤٩) جميع أصحاب النزلات يتأذّون في ابتداء حدوثها بالعطاس، فإذا آن وقت انحطاطها انحلّت بالعطاس.

(٤٩\٢) الحكاك يجذب الأخلاط من عمق البدن إلی الجلد ولذلك نحدثه نحن متی أردنا جذب الأخلاط إلی الجلد ونمنع من حدوثه متی

تخوّفنا من الجرب أو من العلّة التي يتقشّر فيها الجلد أو بعض القروح الخبيثة التي تحدث من تلقاء نفسها، ومنعه يكون علی وجهين، إمّا بالأدوية المضادّة لما يجذب الأخلاط من عمق البدن إلی ظاهره، وإمّا أن يتجلّد الإنسان ويصبر فلا يحكّ تلك المواضع التي تحكّه.

(٥٠) الحكاك والسعال والفواق والعطاس وما أشبهها قد تسكن متی احتملها الإنسان وتصبر عليها، وخاصّة إذا كانت يسيرة ضعيفة.

(٥١) اللمع الذي يراها الإنسان قدّام عينيه تكون من أخلاط تجتمع في ما بين الرطبوبة الجليديّة والقرنيّ، ومن البيّن أنّ هذه الأخلاط في قوامها ولونها مخالفة للرطوبة البيضيّة.

(٥٢) إن كانت في المعدة أخلاط باردة تحتاج إلی النضج فإلقاء اليد عليها عظيم النفع وأعظم منه نفعاً متی لقي جميع البطن بدن معتدل في حرارته، وقد يفعل أكثر الناس ذلك بأن يلزموا بطونهم صبيّاً صغيراً أو جرو كلب.

(٥٣) أوجاع الرأس قد تنتفع كثيراً بضغط الرأس، متی كانت الأخلاط الفاعلة للوجع تحتاج إلی إسخان معتدل.

(٥٤) نتف الشعر ينتفع باستعماله في من له علّة النسيان أو في من يعرض له السبات كثيراً أو لمن ينصبّ من ظاهر بدنه إلی مفصل من مفاصله أو ناحية أذنه خلط من الأخلاط ليس بمستحكم النضج، وذلك أنّه يجذب الأخلاط من عمق البدن إلی ظاهره، وقد يمنع منه في غير ذلك فتأمّله.

(٥٥) العطش ينفع ويشفي من غلبة الأخلاط المائيّة ويضرّ في الأخلاط المراريّة ويهيّجها ويزيد فيها. الجوع يزيد في الأخلاط المراريّة وينفع من الأخلاط البلغميّة، وكلّ خلط نيّ لذيع ينفع في الأخلاط المراريّة.

(٥٦) 〔النوم واليقضه ادا اللون ڡوحد〕 ينبغي أن يحتال في تهييج الغيظ لاسترداد اللون ولانصباب الأخلاط والسرور والرعب.

(٥٧) من كانت الأخلاط الدمويّة أغلب عليه فاليقظة له أنفع من النوم، سيّما إن كانت قوّته قويّة، فإن كانت قوّته ضعيفة فالنوم ينفعه، وكذلك ينفع النوم متی كان في الأخلاط بعض النقصان أو كانت نيّة.

(٥٨) الألم ينتفع به في جذب الأخلاط بعنف إلی ضدّ الجهة التي مالت إليها من الأعضاء الشريفة إلی الأعضاء الخسيسة متی كان في البدن أخلاط كثيرة، فإنّها إن كان الغالب عليها المرار فهي تحتاج إلی الراحة. وإن كانت نيّة فقد يحتاج فيها في بعض الأوقات إلی الرياضة إمّا بالركوب وإمّا †بغيره†.

(٥٩) الغموم آلام النفس والأفكار والهموم رياضة النفس. من كانت الحرارة التي في قلبه ضعيفة فينبغي أن يهيّج منه الغضب. من كان المرار غالباً عليه وحرارة قلبه قويّة فينبغي أن يحذر فيه الغضب أو شيء من الهموم، ويقصد به إلی راحة النفس والبدن. جميع حركات النفس تولّد المرار وراحتها تولّد الأخلاط الباردة البلغميّة. متی كان البدن قضيفاً قليل الغذاء لضعف قوّته وفيه سخونة ويعرض له كرب فكان فيه فم المعدة أو الرأس مؤلمين بسبب المرار فينبغي أن يمنع صاحبه من التعلّم والذكر ومن كلّ حركة شديدة من حركات النفس. ومن كان البدن يتأذّی بسبب أخلاط باردة فينبغي أن لا تقصر فيه علی حركة البدن حتّی تضيف إلی ذلك حركة النفس بالتعلّم أو الذكر.

تمّت تعاليق المقالة الأولی.

تعاليق المقالة الثانية

(١) الاستسقاط يدلّ علی ضعف من القوّة التي في العصب والعضل في الغاية القصوی، وذلك يعرض إمّا عن أخلاط غليظة كثيرة في الأحشاء، وإمّا عن أخلاط قليلة رقيقة تتحلّل وتخرج من البدن بسهولة، وإمّا عن أخلاط رديئة تكاد أن تطفئ الحرارة الغريزيّة، ومن عرض له ذلك فهو عادم اللون الأحمر حتّی أنّك إذا دلّكت شيئاً من بدنه وسخّنته لم يحمرّ البتّة، ولون صاحب هذه الحال كمد وخاصّة أطرافه.

(٢) التنفّس العظيم يدلّ علی التهاب آلات النفس من أخلاط الغالب عليها المرار، وإذا كان يخرج بالتنفّس ريح كدرة مع بخارات أو نتن فهي تدلّ إمّا علی أخلاط كثيرة رطبة وإمّا علی أخلاط عفنة قد اجتمعت في آلات التنفّس.

(٣) التنفّس المشوّش الغير منتظم يدلّ إمّا علی سدد وإمّا علی تضاغط في آلات التنفّس، وأيّ ذلك كان فهو عن أخلاط غليظة لزجة كثيرة جدّاً.

(٤) إذا كان ما دون الشراسيف منتفخاً فهو يدلّ علی أخلاط نيّة قد غلبت، وإذا كان فيه قرقرة فهو يدلّ علی كثرة من البلغم تخالطه ريح نافخة، وإذا كان يابساً قحلاً يلذع اللامس له فهو يدلّ علی كثرة الصفراء.

(٥) دلالة العين علی الخلط الغالب في البدن أكثر من دلالة سائر الأعضاء، فإنّها يصفرّ لونها متی غلب علی البدن المرّة الصفراء، ويشتدّ حمرتها متی كان الغالب علی البدن الدم، ويتربّل من غير تلهّب متی غلب عليه البلغم أو الخلط النيّ أو بالجملة الأخلاط الباردة.

(٦) النبض العظيم السريع المتواتر يدلّ علی حرارة الأخلاط والذي يكون علی ضدّ ذلك يدلّ علی كثرة الأخلاط الباردة.

(٧) إذا عرض للحرارة أو للبرودة أو للون أو لغير ذلك استحالة فانظر ما سبب ذلك، فإن تبعه سهولة احتماله فهو يدلّ علی صلاح، وإن تبعه غسر احتماله فهو يدلّ علی أمر رديء، وعلی هذا المثال الحال في سائر الأعضاء.

(٨) الغليظ من الأخلاط يختنق داخلاً والرقيق اللطيف يتحلّل بالنفس الخفيّ، وذلك أنّه متی انحلّ إلی البخار فاحت منه روائح تدلّ علی كيفيّة الخلط، وذلك أنّه قد تفوح من بعض الأبدان مثل رائحة التيوس أو الغنم أو الثيران أو الخنازير أو الحمأة أو الزهومة، وربّما كانت رائحة منظّفة أو غير منظّفة.

(٩) الفرق بين العرق وبين الرائحة أنّ العرق مائيّة الأخلاط والرائحة بخار الأخلاط، ومنزلة العرق منزلة الرطوبات الحسوسة (؟) التي تستفرغ من الأمعاء، ومنزلة الرائحة التي تفوح من البدن منزلة الرياح التي تنزل من أسفل. الرياح التي تخرج من أسفل هي بخارات الأخلاط المحتبسة في الأمعاء، ولذلك تدلّ روائحها علی حال الأخلاط التي تبخّرت عنها.

(١٠) تفقّد الريح التي تفوح هل هي من الأعضاء التي تخرج منها أو من أعضاء بعيدة، مثاله الروائح المنتنة التي تخرج من الأمعاء تكون إمّا بسبب عفونة المعاء المستقيم وإمّا عن عفونة في بعض الأمعاء العليا، وربّما كان ذلك عن الأخلاط التي في الجداول التي بين الأمعاء والكبد، وربّما كان من الجانب المقعّر من الكبد، وربّما كان من أيّ الأخلاط فسدت في جميع البدن ومالت نحو البطن.

(١١) نتن الفم يكون إمّا عن تعفّن بعض أعضاء الفم أو عن عفونة في الحنك أو في الرئة أو في قصبتها أو المريء أو المعدة أو عن صديد ينحدر من الرأس إلی الفم، وربّما كان عن فساد أخلاط البدن كالذي يعرض في الأمراض القتّالة وعن تناول الأدوية المعفّنة مثل أرنب البحر والذراريح.

(١٢) وتفقّد مثل هذا في روائح الأنف والأذن، لأنّها تكون إمّا عن هذه الأعضاء وإمّا عن فضول تنحدر من الرأس أو من أغشية الدماغ.

(١٣) نتن البول يكون إمّا عن عفونة في المثانة أو في رقبتها أو الكلی أو عن عفن الدم الذي في العروق، وكذلك نتن الصديد الذي يستفرغ من القروح يدلّ إمّا علی حال الشيء المتعفّن في القرحة وإمّا علی حال الأخلاط التي تنصبّ إليها من جميع البدن.

(١٤) قد يستدلّ علی الخلط من الطعوم التي يذوقها العليل أو يجد طعمها إمّا من الرطوبات التي في فمه وإمّا أن يجري عرق أو دموع أو مخاط فيدخل في الفم فيذوقه، وإمّا أن يمصّ شفتيه فيجد طعم الخلط الغالب في البدن إمّا مالحاً وإمّا مرّاً وإمّا حامضاً وإمّا مائيّاً وإمّا حلواً.

(١٥) الحكّة من كثرة الخلط المالح.

(١٦) النفس في وقت النوم تميل نحو عمق البدن فتحسّ بحالاته، وذلك أنّ من رأی في منامه ثلجاً أو برداً فتأدّيه من بلغم بارد، ومن رأی في منامه حريقاً فتأدّيه من مرّة صفراء، ومن رأی في منامه دخاناً أو غباراً أو ظلمة شديدة فالمرّة السوداء كثيرة في بدنه، ومن رأی كأنّه في مطر شديد فالفضل المائيّ البارد قد كثر في بدنه، ومن رأی كأنّه يسير في مواضع فيها أقذار أو حمأة ففي بدنه أخلاط رديئة عفنة أو في أمعائه زبل كثير محتبس.

(١٧) ومن رأی كأنّه يشمّ روائح طيّبة فالأخلاط التي في بدنه نافعة حميدة، ومن رأی كأنّه يعمل أعمالاً ففي بدنه أخلاط تدلّ عليها، مثال ذلك من رأی كأنّه يجامع ففي بدنه منيّ كثير مجتمع، ومن رأی كأنّه يستحمّ بماء حارّ أو يستعمل بعض آلات الحمّام ففي بدنه رطوبات تبخّر بخارات حارّة.

(١٨) المرّة السوداء قتّالة جدّاً متی ظهرت في البزاق أو في القيء أو في البول أو في البراز. ثمّ من بعدها الصفراء إذا كانت صرفة وسائر الأخلاط أقلّ غائلة إذا ظهرت في هذه.

(١٩) إذا كان المرض في عضو شريف فهو أعظم خطراً.

(٢٠) لا شيء من الحواسّ يمكن أن يكون علی الصحّة حتّی يكون العضو الحسّاس للأخلاط فيه علی الاعتدال.

(٢١) إذا كان الشيء الذي يستفرغ ينفع فقد ينبغي أن تعين عليه وتزيد فيه، وإذا كان يحدث ضرراً فليس ينبغي أن تحرّك شيئاً لكن ينبغي أن تمنعه وتقاومه، كلّما تريد استفراغه يحتاج أن تقدّر له ثلاثة أشياء: كيفيّة وكمّيّة ووقت استفراغه.

(٢٢) الروائح الحرّيفة الحامضة تنفع من اجتمع في بدنه أخلاط غليظة لزجة، لأنّها تلطّفها وتقطّعها، والروائح المسخنة تنفع من اجتمع في بدنه أخلاط باردة، والروائح الباردة تنفع من اجتمع في بدنه أخلاط حارّة، والروائح الطيّبة تنفع من اجتمع في بدنه عفونة، والروائح العفصة القابضة تنفع من ينفث الدم وتنفع أيضاً من كانت قوّته قد ضعفت بسبب التحلّل الكائن عن رقّة الأخلاط التي في بدنه، والروائح المنتنة تنفع من به اختناق رحم.

(٢٣) قد ينتفع صاحب اليرقان بالألوان الصفر لأنّها تحلّل المرار بمشاكلتها للونه وليس ينتفع صاحب نفث الدم بالألوان الحمر لأنّ الغرض في هذا هو دفع الخلط إلی عمق البدن لا إلی خارج، فإذن من احتجت أن يتحلّل خلطه فالنافع له اللون المشاكل له، ومن احتجت إلی ردّ خلطه ومنعه فالنافع له اللون المضادّ.

(٢٤) والألوان قد تنفع أيضاً وتضرّ بتوسّط آلام النفس. الغضب والسخط يضرّان من الغالب عليه المرار المرّ وينفعان من الغالب عليه الأخلاط الباردة. من قضف بدنه بسبب ضعف الحرارة الغريزيّة فقد ينبغي أن يحتال في تهييج الغيظ لاسترداد لونه ولانصباب الأخلاط.

(٢٥) الأشياء التي تحدث للناظر إليها السرور والفرح واللذّة تبسط النفس وتبسط الحرارة

الغريزيّة إلی خارج البدن بسطاً معتدلاً، فينفع بها في نفوذ الغذاء وتنفّس البدن، وبالضدّ فالأشياء التي تحدث للناظر إليها غمّاً أو همّاً.

(٢٦) وعلی هذا المثال الحال في الأصوات. الألوان والأصوات معاً يفعلان بأمرين أحدهما المشاكلة والمضادّة للأخلاط التي في البدن، والآخر بتحريك النفس فيحدث بتوسّط آلام النفس عنها في البدن منفعة أو مضرّة.

(٢٧) وكذلك يفعل الوهم أيضاً، فإنّ من الوهم ما يسرّ فيحدث للنفس انبساطاً فتنبسط بها الحرارة الغريزيّة، ومن الوهم ما يحزن فينقبض به النفس، ويحدث للحرارة الغريزيّة انقباض.

(٢٨) الذي يحتاج من العلم بالأخلاط ثلاثة أشياء: ا الاستدلال علی كثرتها، ب تقدمة المعرفة بالأعراض اللاحقة لها، ج علاجها.

(٢٩) ينبغي أن يحذر إعطاء المريض الغذاء بالقرب من حدوث النوائب أو قبل حدوثها بمدّة ليست بالكثيرة، إلّا أن يضطرّ إلی ذلك بسبب سقوط القوّة في الغاية القصوی، وأجود أوقات غذاء المرضی الوقت الذي بعد منتهی النوبة، فإن لم يكن للمرض نوائب ففي أخفّ أوقاته أو في وقت العادة في الصحّة.

(٣٠) إنّما ينبغي أن يستفرغ الدم حتّی يحدث الغشي في الحمّيات المحرقة إذا كان حدڡٮ (؟) الحمّی عن كثرة دم يلتهب والمريض شابّ والقوّة الحيوانيّة قويّة، فإنّ الغشي في هذا الموضع يبرّد البدن ويزيل التهاب الحمّی، وقد يستعمل أيضاً استفراغ الدم حتّی يحدث الغشي في أوّل حدوث الأورام الملتهبة إذا كانت دائمة تعظم ويقصد به استفراغ الكثرة.

(٣١) علاج السهر شدّ اليدين والرجلين في الوقت الذي جرت فيه العادة أن يناموا ومنع النوم ومنع تغميض العين واضطرار العليل إلی فتحها حتّی إذا استرخی العليل لذلك استرخاء كافياً حلّلت الرطوبات ورفعت السراج وأمرت بالهدء في جميع الحركات لا يستمع المريض صوتاً بتّة ولا يحسّ بحركة شيء من الأشياء فإنّه ينام عند ذلك نوماً طيّباً مستغرقاً.

(٣٢) استرخاء العليل هو أن يتعب بأشياء تتعبه، وهو نوع من الكلال أو من ضعف القوّة. إذا استفرغت البدن حتّی يحدث الغشي فينبغي لك أن تغذو المريض بأغذية رطبة مثل ماء كشك الشعير بعد سكون الغشي، وإن احتجت إلی أن تصبّ علی الرأس دهناً استعملته علی المكان قبل أن يتناول المريض الغذاء.

(٣٣) ينبغي أن يستفرغ الخلط إمّا في أوقات النوائب فمن فوق بالرعاف أو القيء أو نحو ذلك، وإمّا في أوقات الراحة فمن أسفل بالبول أو بالبراز أو ما أشبه ذلك.

(٣٤) الحمّی تبتدئ تلتهب من الصدر ويرتفع لهيبها نحو الرأس فيبرد لذلك القدمان من قبل أنّ الحرارة إذا انبسطت غاية انبساطها ارتفعت عنها بخارات نحو الرأس فيبرد لذلك القدمان.

(٣٥) حرارة الحمّی تحلّ الأخلاط إلی الرياح وترفعها إلی فوق، فإذا سكنت تلك الحرارة عادت الطبيعة إلی الاستفراغات التي هي لها بالطبع الكائنة بالمنافذ السفليّة.

(٣٦) أكثر نوائب الأمراض الحادّة في الأفراد والمزمنة في الأزواج، فإذا انتقلت النوائب في المرضی وتغيّرت من الأفراد إلی الأزواج دلّت علی طول مدّة المرض.

(٣٧) ينبغي لك أن تحذر جدّاً متی هممت بالاستفراغ بكثرة من أسفل أوقات النوائب وأيّام البحارين، وذلك أنّ قوّة الدواء تفسد إذا كان ميل الأخلاط إلی أعلی البدن أو إلی ضدّ الجهة التي يستفرغ بها الدواء.

(٣٨) إنّما يحذر الأدوية المسهلة في أوّل المرض لأنّها حارّة فيعرض منها أن يقع البدن في حمّی مجفّفة لذّاعة تحرق الأعضاء الأصليّة وتستعمل في الندرة في أوّل المرض متی كان الخلط هائجاً لأنّ هيجان الخلط هو ينقله من موضع إلی موضع ويدلّ ذلك منه علی أنّه رقيق يجيب إلی جذب الدواء له.

(٣٩) إذا حدث الإعياء غبّاً في بعض أعضاء المحمومين فتوقّع حدوث خراج في ذلك العضو فحدوث الإعياء في هذه الحال يكون عن سببين، إمّا عن فساد الأخلاط وإمّا من امتلاء البدن.

(٤٠) بحران الأخلاط الحارّة الرقيقة بالاستفراغ وبحران الأخلاط الباردة الغليظة بالخراجات.

(٤١) إذا كانت القدمان باردتين فالمرض مائل إلی الأعضاء الفوقانيّة، وإذا كانتا حارّتين فالمرض مائل إلی الأعضاء السفليّة.

(٤٢) الصديد هو رطوبة تحدث عن الذوبان وهو شيء آخر غير الأخلاط.

(٤٣) الأخلاط عند الفزع وبالجملة عند انقباض النفس إلی داخل تغور نحو عمق البدن فيعرض من ذلك لبعض الناس إسهال البطن من فوق ومن أسفل ويدرّ البول في بعضهم فيستفرغ منه دفعة استفراغاً كثيراً، وأمّا في وقت السرور المفرط وكذلك الغضب فيثور الدم ويرقّ فيسهل انصباب الأخلاط.

(٤٤) تزيّد الأورام عن كثرة الأخلاط وضعف الأعضاء، فإن كان العضو الضعيف في عمق البدن زاد في ورمه الغمّ والفزع، وإن كان في ظاهر البدن زاد في ورمه السرور والفرح، وأمّا الغضب والغيظ فيؤدّيان الأخلاط إلی جميع البدن وخاصّة إلی الرأس والجلد.

(٤٥) ينبغي أن تتعرّف كثرة الأخلاط وفي أيّ أوقات السنة يكثر كلّ واحد منها وتتعرّف حال البدن إلی أيّ شيء هو مستعدّ موافق لواحد.

تمّت تعاليق المقالة الثانية.

ابتدأت تعاليق المقالة الثالثة من تفسير جالينوس لكتاب الأخلاط

(١) لون من كبده وارمة يری أبيض أخضر، لون المطحول يری أخضر أسود، لون من في رئتة علّة يری وجهه مترهّل أبيض، وينبغي أن تكون أورام هذه الأعضاء إذا كانت ألوانهم هكذا غير ملتهبة.

(٢) النوم المعتدل يولّد دماً محموداً والنوم الغير المعتدل يفسد الأخلاط.

(٣) كما أنّ الأخلاط تؤثّر في أخلاق النفس كذلك أخلاق النفس تؤثّر في الأخلاط، فإنّ من كان الغالب عليه المرار المرّ فهو غضوب، فكذلك من اشتدّ غضبه ولّد في بدنه أخلاط مرّة، وعلی هذا القياس في سائرها، إذا دامت الهموم أذابت الشحم من البدن وأفسدت اللحم الطريّ.

(٤) اللذّات المتواترة تفسد أيضاً الدم. العشق ومحبّة الأموال والرئاسة في المدن ونباهة الذكر تفسد أيضاً الدم، وإفساد جميع هذه للدماء يكون بسبب رداءة الهضم العارض في المعدة والعروق، ويكون أيضاً بسبب الذوبان العارض من السهر والإكثار في هذه الأشياء.

(٥) الضرس ألم في الأسنان لأنّه يحسّ فيها بضغط وشدّ مع خشونة وبرد، ويعرض الضرس إمّا بسبب أطعمة حامضة عفصة وإمّا بسبب النظر إلی من يأكلها وإمّا بسبب مصاكة (؟) جسم يحسم مثل مصاكة (؟) الطاحون.

(٦) الزوفا الرطب هو الصوف الدهن لا الصوف الوسخ.

(٧) المروخ باعتدال والحركة المعتدلة تحفظ الصحّة ويطول بها العمر. ألا تری الفرسان يعنون عناية عظيمة بجسّ الدوابّ وتمريعها في كلّ يوم؟ والنبات ينبت وينمو بتحريك الرياح، لأنّه يكون بالمروخ وبالحركة استفراغ الفضول وتصير الأخلاط محمودة فيحسن حال الحرّ الغريزيّ ويحسن التغذية ويعظّم البدن، فإنّ بخروج ما لا يحتاج إليه يصير في موضعه ما يحتاج إليه فيجوّد الأخلاط، وذلك أنّ تولّد الأخلاط إنّما يكون عن ما ينفذ من الغذاء إلی البدن.

(٨) حكی جالينوس أنّ أهل الإسكندريّة رآهم يستعملون جراراً لرشح الماء علی هذه الصفة يعمل إناء من طين مخلوط في وقت عمله بجاورس، ثمّ يحرق فإذا نضج وصار خزفاً وجب أن يكون فيه تخلخل يرشح منه الماء، الجاورس أيضاً يحترق في وقت شيّ الطين.

(٩) إذا دخلت بلداً فسبيلك أن تسأل من فيه من الأطبّاء عن أمراضه البلديّة أو تتعرّفها بالدلائل، وسؤالك عنها أجود لأنّ تعرّفها يحتاج إلی زمان طويل. ما يظهر في المحموم يدلّك علی الخلط الغالب الذي منه الحمّی، فأضف ذلك إلی غيره من الدلائل. إذا كان مزاج البلد موافقاً لمزاج أحد فصول السنة كانت الأمراض البلديّة فيه شبيهة بالأمراض التي يولّدها ذلك الفصل.

(١٠) يتولّد في البدن من الروائح الحمأة حال عفونة ومن روائح الآجام غلظ الروح، ويتبع ذلك غلظ الأخلاط وربّما تبع ذلك حال عفونة.

(١١) شرب المياه الثقيلة أو المياه التي بالقرب من بعض المعادن إذا استفادت من المعدن كيفيّة رديئة تتولّد عنها الحجارة في الكلی والمثانة.

(١٢) وأورام الطحال تحدث عن شرب ماء الآجام والبحيرات والنقائع.

(١٣) الرياح التي تهبّ من مواضع جيّدة كيفيّتها جيّدة، والتي يهبّ من مواضع رديئة كيفيّتها رديئة، فأفضل الرياح ما يهبّ من لجج البحر وأردأها ما يهبّ من غياض أو آجام أو نقائع، والمتوسّط منها ما يهبّ من غير ذلك، وأقربها إلی أفضلها ما يهبّ من الجبال.

(١٤) ما كان من البلدان بارداً رطباً أضرّ به الشتاء، وما كان منها حارّاً يابساً أضرّ به الصيف، وما كان منها بارداً يابساً أضرّ به الخريف، وما كان منها حارّاً رطباً أضرّ به الربيع.

(١٥) من البلدان ما يعرض فيه الأمراض بسبب عارض ما يلحق ذلك البلد، فإنّه إن كان بالقرب من البلد آجام تعفن في الصيف أصاب أهله الحمّيات نحو الخريف، ومن سلم لم يصبه حمّی أهله فلا بدّ أن يسترخي بدنه أو ينهك.

(١٦) إذا تغيّر الهواء فانظر في حال البدن الذي يلقاه، فإنّ الوقت البارد من أوقات السنة إذا صادف في البدن خلطاً بارداً بلغميّاً كان سبباً لحدوث الأمراض الباردة مثل الفالج والصرع والسكتة والتشنّج، والوقت الحارّ إذا صادف في البدن خلطاً حارّاً من جنس المرار أحدث الجنون والحمّی المحرقة والحمرة ونحو ذلك.

(١٧) انتثار الشعر من حول القروح يكون لأنّ أصوله تعفن.

(١٧\٢) ما كان بلوغه منتهاه من الحيوان والنبات بسرعة يشيخ بسرعة وما كان نشوءه كأنّه فيها سطا (؟) فإنّه يبقی مدّة طويلة.

(١٨) كلّ واحد من الأبدان حاله في وقت من أوقات السنة أجود وفي وقت آخر أردأ، فإنّ البارد المزاج حاله في الصيف أجود وفي الشتاء أردأ.

(١٩) كلّ واحد من الأبدان حاله عند مرض ما أجود وعند مرض آخر أردأ وذلك أنّ المرض الشبيه بالمزاج خطره أيسر من المرض المضادّ للمزاج.

(٢٩) الناس يتناولون من الفاكهة مقداراً أكثر بسبب طبيعة الفاكهة، وبيّن أنّ الفاكهة تثوّر أخلاط البدن، سيّما إذا كانت لم تنضج.

(٢١) قد يتعرّف من الأمراض الحال المزمعة في الهواء، مثال ذلك أنّه إذا كثر العرق في الحمّيات أنذر بمطر في الهواء، وإذا حدث المطر أنذر بكثرة العرق.

(٢٢) البثور التي تعرف بالبطم هي بثور سود تكون في الساقين تشبه ثمر البطم في لونها وعظمها، الآكلة قرحة تتأكّل من عمقها، الماشرا قرحة تتأكّل من ظاهرها.

(٢٣) من له عادة يجري الدم من أفواه العروق التي في المقعدة فإنّه لا يصيبه ذات الجنب ولا ذات الرئة ولا آكلة ولا جنون ولا البثور المسمّاة البطم، فإن أصابه من هذه شيء كان عظيماً صعباً وكثيراً ما يدلّ علی موته والسلام.

تمّت تعاليق المقالة الثالثة من تفسير جالينوس لكتاب الأخلاط لأبقراط وهي آخر الكتاب. والحمد للّه وحده.