Ibn Riḍwān: Taʿālīq li-fawāʾid min kitāb qāṭīṭriyūn tafsīr Ǧālīnūs (Notes on Useful Points Derived from Galen's Commentary on Hippocrates' In the Surgery)
Work
,
English:
Related to
Text information
Type: Summary (Arabic)
Date:
between 1010 and 1060
Source
Malcolm C. Lyons. Galeni in Hippocratis De officina medici commentariorum versio arabica. Corpus Medicorum Graecorum. Supplementum Orientale 1. Berlin (Akademie-Verlag) 1963, 100-122
Download
تعاليق عليّ ابن رضوان لفوائد من كتاب قاطيطريون تفسير جالينوس
قال عليّ ابن رضوان: كتاب قاطيطريون له ترتيبان أحدهما يوافق المتعلّمين وهو أن يبتدئ بقراءته ويفهم معانيه والتدرّب بها في أعمال صناعة الطبّ والآخر يوافق الحذّاق بصناعة الطبّ وهو أن يتذكّر بقراءته جميع ما يحتاج إليه من أعمال الطبّ التي تختصّ بعمل اليدين دون غيرها من الربط والشدّ والخياطة والجبر وردّ الخلع والتنطيل والتكميد وجميع ما يحتاج إليه فتفهّم ذلك.
بسم اللّه الرحمن الرحيم
تعاليق من كتاب قاطيطريون لأبقراط تفسير جالينوس
قال جالينوس: أبقراط بنى أمره على أنّه أوّل كتاب يقرأ من كتبه وكذلك ظنّ جميع المفسّرين وأنا واحد منهم وسمّاه الحانوت الذي يجلس فيه الطبيب لعلاج المرضى والأجود أن تحوّل ترجمته كتاب الأشياء التي تعمل في حانوت الطبّ.
أوّل شيء ينبغي أن يتعلّمه المتعلّمون لصناعة الطبّ الرباط وينبغي أن يتعلّم على خشب منحوت مفصّل مصوّر بصورة الإنسان فإن لم يتهيّأ ذلك فعلى أبدان الصبيان.
قال جالينوس: أبقراط وضع هذا الكتاب بمنزلة المدخل ثمّ قرن به ذكر الأشياء التي ينبغي أن تعمل في حانوت الطبّ ممّا هو أنفع شيء ينبغي أن يبتدأ بتعليمه.
إذا سوّيت العضو المكسور أو المخلوع أو غير ذلك فينبغي أن تقيسه بنظيره من بدن المريض لا من بدن غيره وكذلك قس الجانب الأيمن بالجانب الأيسر.
الدليل على خلع العضد هو أن يكون في لإبط نتوء مدوّر صلب الانخفاض والغور الذي يكون في قلّة العاتق علامة تعمّ خلع العضد وإفلات العظم الصغير المسمّى رأس الكتف.
قد ينبغي أن تتثبّت أوّلاً في رأس الكتف السليم الباقي على حاله الطبيعيّة كم مقدار ارتفاعه ثمّ تقيس إليه الكتف المريض فإذا خالفه فاعلم أنّه مخلوع.
متى كان رأس الكتف ليس بزائل عن موضعه فقد توجد علامة من الحركات وذلك أنّ الإنسان يعرض له ألّا يقدر أن يشيل عضده إلى فوق عندما يصيب عضد الكتف فسخ أو تمدّد وعندما يتورّم أو انهتك وانقطع شيء من أقسام العصب المبثوث فيه.
أوّل شيء ينبغي للطبيب أن يتعرّفه هو علامة عامّة في جميع الأمراض وسائر العلامات إنّما تتبعها وتضاف إليها وهذه العلامة هي النظر في الشبيه وغير الشبيه فإنّ هذه العلامة متقدّمة على جميع العلامات والدلائل في باب سابق العلم وفي باب المداواة ولذلك يحتاج أن تعرف العليل قبل مرضه فإن كان دخولك إليه قبل معرفته فينبغي أن تسئل عن صورته وصورة أعضائه في حال صحّته فإنّ بذلك تثق وتصحّ قضاياك عليه.
المتعرّف والعلامات ينبغي أن تكون بالأشياء التي هي عظيمة جدّاً في القوّة سهلة التعرّف وهذه الأشياء هي التي تدرك بالبصر وباللمس وبالسمع وبالشمّ وبالذوق وبالعقل.
فإنّ هذه إذا أدركت على حقائقها دلّت على حقيقة المرض وذلك أنّ الطبيعة أعطتنا هذه القوى لنتعرّف بها حقائق الأمور ولهذه القوّة آلات جعلت للناس في طبيعتهم ليمتحنوا بها الأمور.
عدّد أبقراط الأشياء التي بها قوام صناعة الطبّ فقال: هي المريض والطبيب والخدم والآلات والأدوات والضوء وأين وكيف وكم وفي أيّ الأشياء وبأيّ حال ومتى والجسم والآنية والوقت والجهة والموضع.
آلات الطبيب السكاكين والمثاقب والصنانير والآلات المعروفة بحافظة أغشية الدماغ والمباضع ونحو ذلك ممّا يحتاج إليه.
وآلات المريض هي الطسوس والأبزنات ونحو ذلك.
أراد أبقراط بقوله والجسم العضو العليل وذلك أنّه يحتاج في علاجه إلى أن يعلم كم مقدار ما أتى عليه من الزمان وكم مقدار ما يحتاج أن يعالج فيه من الزمان من ذلك أنّ أبقراط نفسه أمر ألّا يمدّد ما يحتاج إلى التمديد من اليدين والرجلين ولا يردّ المفصل المخلوع إلى موضعه في اليوم الثالث والرابع.
من الأعضاء ما ينبغي أن يفرغ من علاجه أسرع ما يمكن متى كانت أعضاء يخاف عليها أن ينالها البرد فيتبع ذلك خطر عظيم بمنزلة ما يعرض لمن يثقب عظم رأسه أو كان المريض لا يحتمل ولا يصبر على ما يمرّ به من شدّة الألم ومنها أعضاء ينبغي أن يبطأ في علاجها بمنزلة العين التي يقدح منها الماء فإنّ الماء من بعد ما ينزل ويحطّ عن وجه الناظر ينبغي أن يمسك بالمقدح مدّة طويلة في المواضع التي يراد أن يستفرغ فيها ويتشبّت بها تشبّتاً وثيقاً.
ليس يمكن استقصاء ما يحدث في نفس العين والمريض مواجه للضوء ولا استقصاء علاجها وذلك أنّه ينبغي لنا أن نهرب في علاج العين وفي توقٍّ ما بها من العلّة من مواجهة الضوء.
يمكن علاج ما في الأجفان من العلل والعليل مواجه الضوء.
ينبغي في علل العين أن يكون العليل دائماً غير مواجه الضوء خلا الوقت الذي ينظر الطبيب في عينيه دواه فإنّه ينبغي أن يكون مواجهاً للضوء ليرى الطبيب العين جيّداً.
من يكون في عينيه قرحة أو مدّة كامنة أو نتوء العنبيّة أو ورم حارّ أو تنصبّ إليها مادّة حادّة. قد يناله من الضوء اليسير فضلاً على الكثير أذی شديد حتّى يؤلمه ذلك ويجلب إلى عينيه مادّة على المكان.
الطبيب يحتاج إلى الضوء لينظر فيه نظراً شافياً وعلل العين تحتاج إلى أن تكون في غير مواجه الضوء فلذلك ينبغي للطبيب أن يتوسّط في علاجها بين الحالين حتّى ينظر فلا يضرّ بالعين بالضوء.
ينبغي أن يختار في جميع العلل الظاهرة خلا علل العين لنور الأضوأ وهي المواضع المكشوفة تحت الشمس التي يقع فيها ضوء الشمس لينظر علّة العضو نظراً شافياً.
قد ينبغي أن تهرب من المواضع التي تهبّ فيها الرياح والبرد لئلّا ينال العصب آفة ومن المواضع الحارّة لئلّا تضرّ ومن الشمس خاصّة في من يتعفّن من بدنه شيء أو يكون مستعدّاً لانبعاث دم.
ينبغي للطبيب أن يستر علاجه لأسباب ثلثة منها ستره عن أبصار النظّارة إذا كان موضع النظر قبيحاً ومنها إذا كان يروم قطع شيء يموت فلا يشقّ ذلك على أهل المريض أو من يخدمه أن يرى ذلك ومنها إذا كان المريض جبّاناً خوّاراً فإنّه ينبغي له أن يمينه ويقول: في غد أبطّك وأمّا الآن فإنّي أكمّد الموضع أو أنطّله بماء حارّ أو بإسفنجة بزيت حارّ ويوهّمه أنّه يفعل ذلك ويبطّه من حيث لا يشعر وما سوى ذلك فليس ينبغي أن يستره.
ينبغي أن يكون جلوس الطبيب المعالج باليد هكذا: تكون قدماه مستقربتين على الأرض محاذيتين للركبتين على استقامة ويكون بينهما فسحة باعتدال وتكون ركبته أرفع قليلاً من حالبيه ليمكنه أن يضع مرفقيه على فخذيه ليتولّى بهما عليهما فإنّ هذه الجلسة أمكن له في العمل.
ينبغي أن يكون الطبيب حسن الثوب حسن الزيّ من غير مباهاة ولا مفاخرة إذا احتاج الطبيب أن يعالج وهو قائم فينبغي له أن يرفع رجله الواحدة ويجعلها على شيء يوطأ تحتها حتّى تصير ركبته مرتفعة قليلاً على حالبه وينبغي أن تكون الرجل التي يرفعها هي غير المحاذية لليد التي يعمل بها.
علاج الكسر يمدّد العضو من جهتين متضادّتين ويقوّم ويجبر ويصلح حتّى يرجع على ما ينبغي ثمّ يربط على ما ينبغي. علاج الخلع يمدّد العضو إلى خلاف الناحية التي خرج منها ويدخل برأس العظم المنخلع إلى موضعه من المفصل ويشدّ الموضع برباط
يكتنفه كما يدور موافق له علاج بسط الجراح أن يخرج ويستفرغ المدّة أو الصديد وأن يقطع ما تعفّن من العضو ويقوّره كلّه كما يدور أو أن يكوي بالنار.
ليس ينبغي أن يبقى ويثبت في داخل البدن شيء رديء.
ينبغي للطبيب أن يتدرّب حتّى يعمل بكلّ واحدة من يديه ما يعمله بالأخرى فإنّه إذا صار كذلك أمكنه أن يسرع عمله بلا مشقّة وينبغي أن يكون عملها حسن الوزن ويكون الطبيب لطيف الحيلة.
وينبغي أن يكون من يحضر علاجه لازماً للصمت سامعاً مطيعاً لما يأمره به الطبيب سيّما إن كان من خدم الطبيب.
تمّت تعاليق المقالة الأولى.
تعاليق المقالة الثانية
ينبغي أن يكون الرباط بسرعة ولا يؤلم العضو ويكون وجوده حسناً أن يكون لفّ الخرق والذهاب بها موافقاً وهذا يحتاج إلى دربة وينبغي أن يكون وزنه حسناً ليلتذّ به العليل وذلك أنّه ينبغي أن لا يكون شيء من الخرق منثنياً ولا منطوياً ولا فيه تشنّج بل تكون الخرقة ممدودة على جميع أجزاء العضو بالسواء وينبغي أن يكون الثاني والثالث والرابع يقع كلّ واحد منها فوق الذي قبله على المشاكلة أي تكون اللفّة الثانية في بعض الأعضاء مساوية لللفّة الأولى لا تعاودها وفي بعض الأعضاء تميل عنها ميلاً قليلاً وكذلك اللفّة الثالثة والرابعة.
إذا وقع في الساعد أو في العضد أو في الفخذ كسر فينبغي أن تكون اللفّة الأولى من الرباط ذاهبة إلى فوق والثانية ذاهبة إلى أسفل والثالثة ذاهبة إلى فوق وعلى هذا المثال في الباقي وينبغي أن يكون عرض الخرق متساوية.
ينبغي أن يكون لفّ الخرق متناسبة وينبغي أن يكون على مشابهة للعضو في شكله وعلى مشاكلة العلّة.
ينبغي أن تكون قوّة الرباط وشدّته باعتدال فإنّه إن زاد ألم العضو لأنّه يناله منه ضغط وإن نقص كان الرباط رخواً.
في الرباط غرضان أحدهما حفظ للعضو العليل على ما أصلح وخير ومنعه من الحركة والآخر حفظه من الورم.
ينبغي أن تكون الخرق التي يربط بها نظيفة خفيفة ليّنة رقيقة أمّا النظيفة فلئلّا يلدغ وسخها العضو أو يمنع الوسخ قوّة النطول من الوصول إلى اللحم وأمّا الخفيفة فكيما لا تثقل على موضع العلّة وأمّا الرقيقة فلأنّ الرقاق من الخرق أخفّ وألين وينفذ فيها النطول بسهولة وأمّا الليّنة فلئلّا تضغط الموضع.
وينبغي أن تكون الخرق أيضاً مع لطافتها وخفّتها ولينها ورقّتها مع ذلك عراضاً ولا يكون فيها دروز ولا خمل ويكون لها صلابة وجلد لم تتمزّق وينبغي أن تكون صحيحة قويّة [و]لتضبط ضبطاً وثيقاً وذلك أنّ الدروز الخمل لا يكون معها لقاء الخرقة للعضو لقاء مستوياً لكنّ مختلفاً.
ينبغي أن تكون الخرق مبلولة أو مندّاة بقيروطي يقع فيه الزفت أو في شراب أسود عفص.
الخرق اليابسة تسخن العضو سخونة ناريّة فتزيد في حرارته وتشعلها فتصير سبباً لتحلّب الرطوبة وانجذابها إلى العضو وهذا أعون شيء على حدوث الورم.
ليس ينتفع بخروج شيء من الخلط الذي يريد أن يصير مدّة لأنّ تثبّته داخلاً إلى أن يتغيّر معه سائر ما هناك أجود وأسرع للتغيّر معاً.
الرباط يستعمل لأمرين أحدهما أن يكون خادماً للأشياء التي تشفي وهي الأدوية التي يحتاج إلى مسكها على العضو حتّى لا تتبّرأ وتسقط والآخر أن يكون نفس الرباط هو الشافي بضبطه للعضو وحفظه إيّاه على الشكل الموافق.
تمّت تعاليق المقالة الثانية.
تعاليق عليّ ابن رضوان لفوائد من المقالة الثالثة لجالينوس في تفسير قاطيطريون
الحواسّ الخمس والعقل هي الآلات الطبيعيّة التي بها نمتحن الأمور ونحكم عليها وهي التي يستعملها جميع الناس في تدبيرهم للأشياء التي يعالجونها في جميع الصناعات ولسيرتهم كلّها وما يتصرّفون فيه لمعائشهم.
يستعمل في جبر الترقوة رفائد ثلاثة كلّ واحد منها ثلاث أو أربع طبقات فتضع رفادتين وهما الأوليين تتقاطعان مثل الخاء باليونانيّة وهذه صورته X حتّى يقع وسط كلّ واحدة [من الرفادتين] منهما على موضع الكسر حيث يلتقيان ثمّ تضع فوقها رفادة ثالثة ذاهبة في طول البدن لتمسك وتشدّ الرفادتين اللتين تحتها وتدعم موضع الكسر.
منافع الرفائد في الكسور منتفعتان إحداهما ضبط الرباط الذي يقع تحته والثانية تتميم النقصان الذي في الأعضاء وذلك أنّه ينبغي أن تجعل الرفائد في الموضع الأرقّ من العضو حتّى يعتدل مع الغليظ وتشدّه بالرباط فيقع الشدّ مستوياً فإنّه إن اختلف استرخى وينبغي أن يكون عرض الرفادة بمقدار عرض العصابة التي تشدّ بها وأكثر ما ينبغي بمقدار ثلاث أو أربع أصابع من أصابع المريض.
منفعة الرباط في الكسر هو ضغط العضو المجبور حتّى لا يلتوي ولا ينعوج.
الرباط ينبغي أن يكون في الكسور اثنين أحدهما تحت الرفائد ليمنع من أن ينصبّ إلى العضو شيء من الرطوبات وليدفع بعض ما قد حصل في العضو إلى الموضع الذي فوقه والثاني فوق الرفائد ليعصر الدم العفن من العضو العليل إلى الطرف وينبغي أن يكون الرباط الذي أسفل يبتدئ من موضع العلّة وينتهي إلى الموضع الأعلى والذي 〈أعلى〉 يبتدئ من موضع العلّة وينتهي إلى أسفل ثمّ يعود من أسفل إلى فوق.
ينبغي أن يكون غمز الرباط وضغطه في موضع الكسر أشدّ ما يكون ليعصر ما فيه من الرطوبة وفي الطرفين أقلّ ما يكون ليقبل اللحم الذي تحته ما يجري وينصبّ إليه ما انعصر.
إنّما يكون ضبط الرباط للعضو أوثق وأحرز وانعصار الرطوبة من العضو إلى ما حوله أكثر وانقطاع وامتناع ما يتحلّل من فوق بأن يكون الرباط يأخذ زيادة من الموضع الصحيح شيئاً كثيراً.
ينبغي ألّا يكون طول الرباط في جميع الناس بالسواء لكنّ بحسب مقدار الكسر وبحسب مقدار ذلك الإنسان والدستور فيه طول العضو وثخنه وعرضه.
ينبغي أن تكون الجبائر ملساء متساوية الأجزاء مقعّرة الأطراف ناقصة من الجانبين عن الرباط وأغلظ ما تكون حيث الكسر مائلاً وذلك أنّها للرباط بمنزلة الدعائم والسند.
الرفائد تسنّد وتدعم الرباط 〈الذي〉 من أسفل العضو والجبائر تدعم وتسنّد كلّ ما هو من وراءها.
جميع ما يحيط بالعضو أربعة أشياء لكلّ واحد منفعة يقوم بها خاصّة أمّا من داخل آ فالرباط الذي من أسفل وهو أوّل شيء يلقى العضو ومنفعته أن يضبط العضو المجبور ويمنع العضو العليل من أن يتورّم بٓ وأمّا من بعد هذا الرباط الأسفل فالرفائد وهي تدعم ذلك الرباط وتثبّته من خارج جٓ والرباط الخارج وهو الذي يضبط الرفائد حتّى لا تضطرب وتتشوّش ثمّ من بعد هذا الرباط الجبائر وهي التي تسنّد تلك كلّها وتدعمها.
اطل على العضو قيروط مؤلّف من زيت وشمع وكلّما لففت عليه لفّة اطلها أيضاً بهذا القيروط إلى أن تفرغ من الرباط.
إذا حللت العضو بعد الشدّة الأولى فنطّله بماء حارّ وينبغي أن تكون حرارته بحسب ما يلتذّه المريض وكمّيّته باعتدال أعنى لا تنطّل وقتاً طويلاً ولا وقتاً قصيراً.
إذا كان البدن نقيّاً فالماء الحارّ يحلّل من العضو الذي يصبّ عليه أكثر ممّا يجذب إليه وإن كان البدن ممتلئاً فالماء الحارّ يجتذب إليه أكثر ممّا يحلّل منه وإذا كان مدّة صبّه يسيرة كان أحرى أن يملأ العضو من أن يحلّل منه وإذا كانت طويلة كان أحرى أن يحلّل منه أكثر ممّا يملأه.
ينبغي أن يكون الدم الذي يجري إلى العضو صحيحاً في كيفيّته معتدلاً في كمّيّته.
والصبّ المعتدل يجذب به الماء الحارّ إلى العضو دماً معتدلاً فزاد في لحم العضو وجعله أرخص وإنّ اللحم القريب العهد بالجمود هو رخص من طريق أنّ حدوثه وكونه إنّما هو دم قد جمد قريباً بمنزلة الجبن الطريّ القريب العهد بالجمود.
صبّ الماء الحارّ يزيد في اللحم ويليّنه فيشرف ويرتفع ويزداد غلظاً وثخناً على ما كان في طبعه لأنّ الدم الحاصل فيه ينحلّ وينتشر ولذلك ينبغي أن يقطع انصبابه عند هذه الحال قبل أن يضمر وينقبض العضو.
الأعضاء الناشزة الناتئة من البدن متى وضعت أرفع ممّا ينبغي عرض للعضو أن يتعقّف إلى فوق ومتى كان أخفض ممّا ينبغي عرض له أن ينثني ويتعقّف إلى أسفل ومتى كان على شيء أصلب ممّا ينبغي عرض له أن ينكسر.
قال قوم إنّ كسور الرجل تحتاج إلى القالب. قال جالينوس: ذلك لينتفع به المريض في الأوقات التي يقوم فيها عن فراشه وهذه الأوقات وقتان أحدهما وقت الحاجة إلى الغائط والآخر الوقت الذي يمتلّ فيه المريض من فراشه ولا يحتمل صلابته فيحتاج أن يدعه ويتحوّل منه إلى فراش آخر قد فرش له فيحمل إليه.
قال أبقراط: وينبغي أن يكون يبلغ إلى الركبة فقط لئلا يمنع الرجل من الحركة.
ينبغي أن تنعم النظر في المرض الذي لمكانه يستعمل القالب فإن كان المضارّ التي تجذب عن القالب أكثر من منافعه امتنعت من استعماله وإن كانت المنافع أكثر استعملته.
جميع أفاضل الأطبّاء يسمّون العادة طبيعة مستفادة وأبقراط يعطيها قوّة ثانية بعد القوّة الأولى المأخوذة ممّا هو في الطبع فينبغي لك أن تردّ العضو إلى شكله الطبيعيّ وإلى ما جرت به عادته فتجعله مزوّىً على ما جرت به عادته فتجعل الرجل فيمن قد اعتاد أن يكون جسده في أكثر زمانه منبسطاً بشكل يكون معه فضل بسط للرجل وتجعلها قليلة الانبساط فيمن لا يزال النهار كلّه قابضاً لها وكذلك تجعل اليد مزوّاة الشكل.
من شأن العضل أن يتقلّص وينجذب إلى ناحية أصوله سيّما في الفخذ وبعده العضد والساق وبعد الساق الساعد ثمّ الكتف ثمّ القدم ولذلك ينبغي أن يمدّد تمديداً جيّداً باعتدال.
أبدان الصبيان والخصيان والنساء ومن هو في طبيعته رطب أعضاؤهم تجيب إلى التمديد بسهولة ومن غير مضرّة والأبدان اليابسة لا تجيب إلى التمديد ولا تطاوع إلّا بعسر وكدّ وكثيراً ما يعرض معها مضرّة.
ينبغي أن يكون المريض يجد مسّ الضغط في موضع العلّة أكثر وفي الطرفين أقلّ.
كلّ جسم بطّال يضعف وتصير قوّته خاملة وكلّ عضو يستعمل يصحّ ويقوى.
ينبغي أن يتحرّك العضو ويدوم فعله أمّا أوّلاً فعند تنطيله بالماء الحارّ ثمّ يراح ويدوم ذلك في الحمّام ثمّ يراح ويدوم فعله بلا ماء حارّ ولا حمّام ويكون ذلك على تدريج.
الأعضاء الوارمة تداوى بالأضمدة ومواصلة صبّ الماء الحارّ عليها وبالأدوية الرطبة التي تنفع الأورام.
الغرض والقصد في ردّ الأعضاء التي قد زالت عن مفاصلها أمران أحدهما أن يقرّب العضو المتنحّي عن موضعه إلى موضعه ويزحم إليه بالرباط والآخر أن يترك الموضع الذي زال عنه رخواً الرباط ليقبل ما يزحم ويدفع إليه الرباط وبيّن أنّ الرباط يكون فيه مسترخىً وفى العضو الذي زال مشدوداً وهذا إنّما يكون في الأعضاء التي انخلعت.
الأعضاء التي قد هزلت وضعفت تحتاج إلى ما يقوّي قواها ويهيّئ لها دماً كثيراً جيّداً معتدلاً وقوّة العضو تقوى بالدلك المعتدل في الكمّيّة والكيفيّة وبالحركة الموافقة والدم يحتاج إلى صبّ الماء الحارّ على العضو بمقدار معتدل وإلى تحريك العضو ودلكه وإلى رباط جاذب للدم.
حدّ تنطيل العضو بالماء الحارّ وصبّه عليه هو أن يرتفع العضو ويحمارّ وينبغي أن يقطع التنطيل قبل أن يبتدئ العضو يضمر وينخفض.
إذا لم ينتفخ العضو ويحمارّ بصبّ الماء الحارّ فينبغي أن يدلك ببعض الأدوية المسخنة السيّالة وخاصّة ما وقع فيه تافسيا أو زفت رطب.
فإن رأيته في أوّل مرّة تستعمله قد صار به العضو حسن الانتفاخ أحمر اللون فينبغي أن تقطعه على المكان وإن لم تره فعل ذلك فينبغي أن تطليه مرّة ثانية وثالثة وفي بعض الناس ينبغي أن تطلي في كلّ يوم وفي بعضهم يوماً وفي بعضهم يوماً ويوماً لا أو يوماً ويومين لا وذلك بحسب ما ترى الموضع العليل يحتاج إليه.
الرباط الذي يبعث إلی العضو المهزول الدم خلاف الرباط الذي يربط به الكسر والقروح وذلك أنّ رباط الكسور والقروح والخبل وغير ذلك يكون أشدّ لزومه وضغطه في موضع العلّة ورباط المهزول يكون أرخى ما يكون على العضو وأشدّ ما
يكون على ما يليه من الأعضاء السليمة وذلك أنّه يشدّ في الموضع السليم ولا نزال كلّما أمعنّا أرخينا الرباط حتّى يكون أرخى ما يكون على العضو.
إنّما يصحّ رباط العضو المهزول في الشتاء يرخى الرباط ويسخن.
إذا رأيت العضو المهزول قد برد برداً كثيراً فالطخه بدواء مؤلّف من قفر اليهود وشيء من كبريت لم يقرب النار وعاقر قرح.
إنّما يهزل العضو لقلّة غذائه فينبغي أن يعاد إليه غذاؤه.
قد عرض لقوم غثيان فبرؤوا بأدوية تقيّء ولآخرين إسهال فبرؤوا بأدوية مسهلة ولآخرين سعال فبرؤوا بأدوية تهيج السعال أكثر وذلك أنّ الأدوية التي تقيّء تخرج عن المعدة في دفعة واحدة جميع الرطوبة التي عنها يحدث ذلك الغثيان والتهوّع ومعلوم أنّ هذه الرطوبة متشبّثة بجرم المعدة تشبّثاً يعسر تخليصها منه وكذلك متى كان ينحلب وينصبّ إلى المعدة رطوبات حادّة تجري إليها أوّلاً فأوّلاً فتزعجها وتحرّكت إلى دفع ما فيها وعلى هذا المثال يحدث سعال كثير وتخرج الرطوبات التي في الصدر.
الاستحمام بالماء البارد يفعل في الأبدان الضعيفة تبريداً أكثر ويفعل في الأبدان القويّة إسخاناً وذلك أنّ البدن إن كان كثير الحرارة عرض له عند صبّ الماء البارد عليه أن يستحصف ويتكاثف الجلد منه فيحتقن ما كان يتحلّل منه فتزيد الحرارة وينبغي أن يكون هذا البدن القويّ أعني شابّاً خصب البدن.
اختلّ الرأس أو الصدر أو غيرهما فإنّنا نسنّدها وندعمها من أن تستضرّ بحركة عطاس أو سعال أو غير ذلك فيمنع جبر عظامها.
والرأس يسنّد بالوسائد والمرافق والمخدّات الصغار التي توضع تحت العنق أو بالصوف والخرق الليّنة وينبغي أن تجعل تحت الإبط صوفاً مدوّراً بعد ردّ خلع الكتف ليصير دعامة وسنداً لهذا المفصل.
ربّما وضعنا تحت العنق أكياساً خفيفة الوزن فيها جاورش قد أسخن متى أردنا تكميدها وسندها معاً.
الذي تضمّنه الكتاب الذي لقاطيطريون جميع ما يحتاج إليه المتعلّمون في أوّل تعليمهم.
تمّت تعاليق المقالة الثالثة من كتاب جالينوس في تفسير كتاب قاطيطريون لأبقراط وهو آخر الكتاب.