Proclus Diadochus: Institutio theologica (Elements of Theology)
Work
Proclus Diadochus, Institutio theologica
(Στοιχείωσις θεολογική)
English: Elements of Theology
Text information
Type: Translation (Arabic)
Translator: Ibn al-Biṭrīq
Translated from: Greek
Date:
between 810 and 830
Source
Gerhard Endress. Proclus Arabus: Zwanzig Abschnitte aus der Institutio Theologica in arabischer Übersetzung. Beiruter Texte und Studien 10. Beirut (Orient-Institut der Deutschen Morgenländischen Gesellschaft) 1973, 3-38
Download
procl_institutiotheologica-transl-ar1.xml [53.12 KB]
Prop. 1 (Dodds 2.1–14)
فصل في العلّة الأولى
(ما استخرجه الإسكندر الأفرودسيّ من كتاب أرسطوطاليس المسمّى ثولوجيا ومعناه الكلام في الربوبيّة. فصل في العلّة الأولى \ قول استخرجه الإسكندر من كتاب ثالوجيا أي الربوبيّة\أثولوجياء. في تثبيت العلّة الأولى)
إنّ في كلّ كثرة الواحد موجود.
فإن لم يكن الواحد في كلّ شيء منها البتّة، لم يكن الكلّ واحداً ولا شيء من الأشياء الكثيرة التي منها ركّبت الكثرة، بل يكون كلّ واحد منها كثيراً أيضاً، فهذا يكون إلى ما لا نهاية له؛ ويكون أيضاً كلّ شيء واحد، وذلك الذي لا نهاية له، لا نهاية له أيضاً في الكثرة، لأنّه إذا لم يكن الواحد في الشيء البتّة، لا في كلّيّته ولا في أجزائه التي ركّب منها، لم تكن له نهاية في جميع حالاته لا في كلّيّته ولا في أجزائه. وذلك أنّك متى ما أخذت أيّ جزء من أجزاء الكثير، إمّا أن يكون واحداً
وإمّا أن يكون لا واحداً؛ فإن كان لا واحداً، فإمّا أن يكون كثيراً وإمّا أن يكون لا شيء البتّة. فإن كان كلّ جزء من أجزاء الكثير لا شيء، كان لا محالة الشيء المركّب منها لا شيء أيضاً. وإن كان كلّ جزء من أجزاء الكثير كثيراً، كان لا محالة كلّ جزء من أجزاء الشيء المركّب مركّباً أيضاً من أشياء لا نهاية لها. وهذا ممتنع لا يكون البتّة، لأنّا لا نجد شيئاً أكثر من لا نهاية، وإلّا، كان الجزء أكثر من الكلّ المركّب من الأجزاء. فلا يمكن 〈إذاً〉 أن يكون شيء من الأشياء مركّباً 〈من أجزاء لا نهاية لها〉، ولا يمكن أيضاً أن يركّب شيء من الأشياء من لا شيء البتّة. فإن كان ذلك كذلك فبيّن أنّ في كلّ كثرة الواحد موجود وأنّ الواحد قبل الكثير.
فإن كان هذا على هذا، كانت العلّة الأولى لا محالة واحدة فقط وقبل الأشياء الكثيرة وليس فيها شيء من الكثرة البتّة، وإنّها علّة كلّ كثرة.
Prop. 2 (Dodds 2.15–25)
فصل في العلّة الأولى
(فصل في العلّة الأولى \ في العلّة الأولى)
إنّ كلّ شيء الواحد فيه موجود فهو واحد ولا واحد.
فإن لم يكن واحداً وكان الواحد موجوداً فيه، كان لا محالة شيئاً آخر غير الواحد؛ فإن كان ذلك كذلك فإنّما قبل الواحد قبولاً مؤثراً عند نيله الواحد فصار واحداً عند ذلك. فإن أُلفي شيء ليس هو شيئاً آخر إلّا واحداً فقط، فهو واحد لا محالة واحد مرسل، وليس هو واحداً من أجل نيله الواحد، لكنّه واحد فقط لأنّه ليس فيه شيء غير أنّيّته. فإن أُلفي شيء آخر غير الواحد المرسل واحداً، فإنّه ليس واحداً من أجل ذاته لكن من أجل نيله الواحد. فيكون من أجل ذلك ليس هو واحداً بذاته، ويكون هذا الشيء واحداً ولا واحداً، فأقول إنّه لا يكون إلّا واحداً من حيث نال الواحد وانفعل منه.
فقد استبان الآن أنّ الأشياء كلّها واحد ولا واحد بالمعنى الذي ذكرنا، وأنّ العلّة الأولى الواحد فقط لا يشوبه شيء آخر البتّة، وأنّ كلّ كثرة معلولة منها.
Prop. 3 (Dodds 4.1–8)
فصل في العلّة الأولى
(فصل في العلّة الأولى \ أقول أيضاً فيها)
إنّ كلّ ما كان واحداً فإنّما كان واحداً من أجل نيله الواحد.
وذلك أنّه إن صارت الأشياء التي ليست بذاتها واحدة واحداً، فإنّما تكون واحداً إذا ما اجتمعت واتّصل بعضها ببعض فتقبل حينئذٍ الواحديّة، فيكون الواحد فيها أثراً من الآثار وفعلاً من الأفاعيل. فإن كان ذلك كذلك فالواحد إذاً في الأشياء أثر وفعل، فعلى هذه الجهة يوجد الواحد في الأشياء. فأمّا الشيء الذي هو بذاته واحد حقّ فإنّه ليس واحداً بالتكوين، لأنّ الكون لا يقع على أيس الشيء لكنّ على ليس الشيء. فإن وقع الواحد تحت الكون فإنّه يكون حينئذٍ واحداً من لا واحد، لأنّه صار واحداً من قبل الواحد، أقول إنّه صار واحداً لنيله الواحد.
فقد استبان الآن وصحّ أنّ العلّة الأولى هي واحد فقط من بين سائر الأشياء وأنّ سائر الأشياء إنّما هي واحدة من أجل نيلها الواحد لا من أجل ذاتها لأنّها في ذاتها كثيرة.
Prop. 5 (Dodds 4.19–6.21)
فصل في العلّة الأولى
إن كلّ كثرة هي بعد الواحد.
فإن أُلفيت كثرة قبل الواحد، كان الواحد من الكثرة ولم يكن في الكثرة التي قبل الواحد البتّة، إذ كان الشيء كثيراً قبل أن يكون واحداً، لأنّه لا يكون فيه ما ليس. فأمّا الشيء الذي فيه الواحد 〈فهو واحد〉 ولا واحد معاً على معنىً ومعنىً، فنقول إنّ الواحد غير موجود قبل أن تكون الكثرة إذ كانت الكثرة قبل الواحد، وهذا محال غير ممكن، أقول أن يكون الشيء كثيراً وليس فيه الواحد البتّة. فإن كان هذا غير ممكن، لم تكن الكثرة إذاً قبل الواحد.
فإن قال قائل إنّ الواحد والكثرة هما قديمان معاً وليس الواحد قبل الآخر أو بعده، يمكن إذاً أن يتكثّر الواحد، ويكون أيضاً كلّ جزء من أجزائه لا واحد وهذا 〈إلى〉 ما لا نهاية له، ولا يمكن هذا أن يكون. فإن كان هذا غير ممكن، فلا محالة إذاً في طبيعة الكثرة الواحد موجود، ولسنا نقدر أن نأخذ منه شيئاً إلّا وذلك الشيء واحد؛ فإن لم يكن واحداً كان الشيء الكثير غير ذي نهاية مركّباً من أشياء لا نهاية لها، وهذا محال. فان كان هذا محالاً، فلا محالة إذاً أنّ الواحد موجود في الكثرة حقّاً حقّاً.
ونقول أيضاً إن لم تكن في الواحد الذي هو بذاته واحد فقط كثرة البتّة، كانت الكثرة بعد الواحد لا محالة، وكان الواحد الموجود في الكثرة من غير الكثرة في الواحد الذي هو واحد حقّاً.
فإن قال قائل إنّ الواحد أيضاً موجود فيه الكثرة، قلنا: أمّا في الذات فالواحد واحد فقط، ليس فيه شيء من الكثرة البتّة؛ وأمّا في الانبثاث فالواحد هو كثير أيضاً، أقول إنّ الكثرة تنبثّ من الواحد، وإنّ الواحد هو العلّة الأولى وإنّ الكثرة هي المعلولة من الواحد. فنرجع فنقول إنّ الواحد أمّا من جهة الذات فهو واحد فقط لا كثرة، وأمّا من جهة العلّة فهو لا واحد، أقول إنّ الواحد يتكثّر من أجل معلولاته. وكذلك أيضاً تكون الكثرة أمّا في ذاتها فهي كثرة فقط، وأمّا من أجل علّتها الواحدة فهي واحدة. فإن كان هذا على ما ذكرنا فلا محالة أنّ الواحد قد شارك الكثير والكثير شارك الواحد. فنقول الآن إن كان الاشتراك والاجتماع في الأشياء المشتركة والمجتمعة، أعني الواحد والكثرة، من آخر غيرهما، كان ذلك الشيء وهو الجامع لهما قبلهما وأوّلهما. وإن كانا بأعيانهما يشتركان ويجتمعان، فليسا هما متضادّين، لأنّ المتضادّة لا تسرع إلى شركة بعضها من بعض ولا تجتمع البتّة. فإن كان هذا على هذا وكان الواحد والكثرة متخالفين وكانت الكثرة بأنّها كثرة لا واحدة وكان الواحد بأنّه واحد لا كثرة ولم يكن أحدهما في الآخر البتّة، كان كلّ واحد منهما واحداً واثنين معاً وهذ[ا محال غير ممكن أن يكون. ونقول أيضاً إن كان قبلهما شيء آخر وهو الجامع لهما، فلا محا]لة إمّا أن يكون ذلك الشيء واحداً وإمّا أن يكون لا واحدً[ا؛ فإن كان لا واحداً، فإمّا أن يكون كثيراً وإمّا] أن يكون لا شيء. فنقول إنّه لا يمكن أن يكون الشيء الجامع لهما كثيراً، لئلّا يكون الكثير قبل الواحد وذلك محال كما بيّنّا آنفاً. ولا يمكن أن يكون الشيء الجامع لهما لا شيء لأنّ لا شيء لا يجمع شيئاً البتّة. فإن كان
هذا غير ممكن، فالواحد إذاً هو الجامع للأشياء الكثيرة لأنّه أوّلها وقبلها وهو علّة الكثرة وليس فوقه شيء آخر البتّة.
فقد استبان الآن وصحّ فيما ذكرنا من المقاييس الصحيحة المقنعة أنّ الواحد قبل الأشياء الكثيرة وأنّه العلّة الأولى وليس فيه شيء من الكثرة، وأنّ الأشياء كلّها معلولة منبثّة منه كما بيّنّا وأوضحنا.
Prop. 15–17 (Dodds 16.30–20.2)
فصول في إثبات الصور الروحانيّة التي لا هيولى لها
(فصل في إثبات الصور الروحانيّة التي لا هيولى لها \ في إثبات الصور الروحانيّة التي لا هيولى لها من كلام أرسطوطالس \ مقالة الإسكندر في إثبات الصور الروحانيّة التي لا هيولى لها \ مقالة الإسكندر الأفروديسيّ في إثبات الصور الروحانيّة التي لا هيولى لها ترجمة أبي عثمان الدمشقيّ)
Prop. 15 (Dodds 16.30–18.6)
فصل في إثبات الصور الروحانيّة
إن كلّ ما رجع إلى ذاته فهو روحانيّ لا جرميّّ، ولا يمكن شيئاً من الجرميّة أن يرجع إلى ذاته.
وذلك أنّه إن كان كلّ ما رجع إلى ذاته إنّما يتّصل إلى شيء ما، أقول إلى ذلك الشيء الذي يرجع إليه، فلا محالة إذاً أنّ أجزاء الجرم كلّها تتّصل بكلّيّتها، أعني الجرم الراجع إلى ذاته. والرجوع إلى الذات هو أن يكون الراجع والمرجوع إليه واحداً غير مختلف. وهذا لا يمكن أن يكون في الأجرام ولا في شيء من الأشياء التي تتجزّأ، ولا يتّصل كلّه بكلّه من أجل افتراق الأجزاء واختلاف المواضع — أقول إنّ لكلّ واحد من الأجزاء موضعاً غير موضع غيره من الأجزاء. فإن كان هذا على هذا فلا يمكن إذاً لجرم من الأجرام أن يرجع إلى ذاته كرجوع
الكلّ إلى الكلّ. فنرجع فنقول أيضاً إنّ كلّ ما أمكن أن يرجع إلى ذاته فهو روحانيّ لا جرميّ ولا يقبل القسمة ولا التجزئة.
فقد استبان الآن وصحّ أنّ هاهنا أشياء روحانيّة هي صور فقط لا هيولى لها البتّة.
Prop. 16 (Dodds 18.7–20)
فصل في إثبات ذلك أيضاً
(في إثبات ذلك أيضاً \ فصل في إثبات ذلك أيضاً)
كلّ ما رجع إلى ذاته فله جوهر مفارق لكلّ جرم.
فإن لم يكن كذلك وكان غير مفارق للأجرام، لم يكن له فعل أيضاً مفارق للجرم الذي هو فيه البتّة، لأنّه لا يمكن، إذ كان جوهر الشيء غير مفارق للجرم، أن يكون فعله مفارقاً لذلك الجرم؛ وإلّا، كان الفعل أكرم من الجوهر، إذ كان محتاجاً إلى الأجرام وكان الفعل مكتفياً بنفسه غير محتاج إلى الأجرام. فإن كان هذا على هذا، رجعنا فقلنا إن كان شيء من الأشياء غير مفارق للأجرام بجوهره، ففعله أيضاً غير مفارق للأجرام، بل يكون أكثر لزوماً لها. فإن كان هذا على ذا، لم يمكن أن يرجع هذا الشيء إلى ذاته البتّة. فنرجع أيضاً فنقول إنّه إن
وجدنا فعلاً من الأفاعيل مفارقاً للأجرام، فلا محالة أنّ الجوهر الذي يفعل ذلك الفعل أحرى أن يكون مفارقاً للأجرام؛ فذلك كان له فعل مفارق للأجرام — أقول إنّه يفعل فعله لا بالجرم ولا مع الجرم، لأنّ الفعل والذي منه كان الفعل لا يحتاجان إلى الجرم البتّة.
ونقول إنّ الجوهر الجرميّ لا يفعل فعله إلّا بملامسة الشيء الذي يفعل به، فإمّا أن يدفعه وإمّا أن يندفع منه؛ فلذلك لا يمكن أن يكون هذا الجوهر وفعله بلا جرم. وقد نجد جوهراً آخر يفعل فعله بلا ملامسة الشيء الذي يفعل فيه، وبلا أن يدفعه أو أن يندفع منه، فلذلك صار يفعل فعله في الشيء البعيد. فإن كان هذا على ذا وكان فعل الشيء بائناً من الجرم، فلا محالة أنّ الجوهر الفاعل لذلك الفعل بائن من الجرم أيضاً وأنّه يرجع إلى ذاته كرجوع الكلّ إلى الكل.
فقد استبان الآن وصحّ أنّ هاهنا أشياء روحانيّة هي صور فقط لا هيولى لها البتّة.
Prop. 17 (Dodds 18.21–20.2)
فصل في إثبات ذلك أيضاً
(في إثبات ذلك أيضاً \ فصل في إثبات ذلك أيضاً \ في إثبات ذلك)
كلّ ما كان محرّكاً لذاته أوّلاً فهو راجع إلى ذاته لا محالة.
وذلك أنّه إن كان يحرّك ذاته وكان فعله محرّكاً لذاته، كان لا محالة المحرّك والمتحرّك واحداً. ونقول أيضاً إنّ المحرّك لذاته إمّا أن يكون بعضه محرّكاً وبعضه متحرّكاً، وإمّا أن يكون كلّه محرّكاً وكلّه متحرّكاً، وإمّا أن يكون كلّه محرّكاً وبعضه متحرّكاً، وإمّا أن يكون بعضه محرّكاً وكلّه متحرّكاً. فإن كان بعضه محرّكاً وبعضه متحرّكاً لم يكن محرّكاً لذاته، لأنّه مكوّن من أشياء ليست متحرّكة بذاتها، فيرى أنّه
محرّك لذاته وليس هو في جوهره كذلك. فإن كان كلّه محرّكاً وبعضه متحرّكاً، أو كان بعضه محرّكاً وكلّه متحرّكاً، كان فيه شيء محرّك ومتحرّك معاً، وليس على هذا يكون المحرّك لذاته. فإن أُلفي شيء واحد يحرّك ويتحرّك، كان لا محالة فعل حركته لذاته وإلى ذاته، إذ كان هو محرّكاً لذاته؛ وحيث يكون فعله يكون رجوعه إلى هناك. فإن كان هذا على هذا، رجعنا فقلنا إنّ كلّ ما حرّك ذاته فهو راجع إلى ذاته أيضاً كرجوع الكلّ إلى الكلّ.
فقد استبان الآن وصحّ أنّ هاهنا أشياء هي صور فقط ليس فيها شيء من الهيولى البتّة.
Prop. 21 (Dodds 24.1–33)
فصل في إثبات ذلك أيضاً وفي العلّة الأولى
(في إثبات ذلك أيضاً في العلّة الأولى \ فصل في إثبات ذلك أيضاً وفي العلّة الأولى)
كل شرح ومرتبة إنّما يبدأ من واحد ويأتي إلى كثرة ملائمة لذلك الواحد، وكلّ شرح ومرتبة ذات كثرة فهي صاعدة مرتقية إلى واحد.
ونقول أيضاً إنّ الواحد هو بدء ومخرج للكثرة الملائمة له. فلذلك صار للكثرة نظم واحد وشرح واحد، فإن لم يكن الواحد مثمراً لم تكن كثرة ولا شرح البتّة.
فأمّا الكثرة فإنّها ترتقي إلى علّة واحدة تعمّ الأشياء المتجانسة. فأمّا الشيء الخارج من بعض الكثرة فإنّه لا يعمّ الكثرة، لكنّه يكون خاصّاً لذلك الشيء وحده. فإن كان هذا على هذا وكان في كلّ شرح ومرتبة شركة واتّفاق ووصلة يقال لها إنّ بعض الأشياء مجانس لبعض وبعضها
غير مجانس لبعض، فبيّن واضح أنّ الاتّفاق يأتي إلى كلّ شرح ومرتبة من حاشية واحدة. فإن كان هذا على هذا، كان لا محالة واحد قبل الكثرة في كلّ شرح ومرتبة يعطي كلّ ما تحته حدّاً واحداً، وتكون الكثرة التي تحته ذات شرح بعضه إلى بعض وإلى الكلّ الذي هو الواحد. أقول إنّ كلّ واحد ممّا يكون في نظم واحد هو علّة لما تحته إلى أن يأتي إلى الواحد الذي هو علّة جميع ما في ذلك النظم كلّه، وهو إذاً قبل الأشياء التي في ذلك النظم اضطراراً، وكلّها منه ينبعث؛ فلذلك صار كلّ ما كان في ذلك النظم متجانساً، يعمّها جنس واحد ويشرحها شرح واحد.
فقد استبان الآن بما ذكرنا واتّضح أنّ الواحد والكثرة قد يوجد في طبيعة الجرم وأنّ في الطبيعة الواحدة الطبائع الكثيرة متعلّقة وأنّ الطبائع الكثيرة هي من طبيعة الكلّ الواحدة. واستبان أيضاً أنّ الواحد والكثرة قد يوجد في جوهر النفس، أقول إنّ مبدأ الأنفس من النفس الأولى الواحدة وإنّ الأنفس الكثيرة ترتقي إلى النفس الواحدة. واستبان أيضاً أنّ الواحد والكثرة قد يوجد في الجوهر العقليّ، أقول إنّ جوهر العقل واحد وإنّ العقول الكثيرة انبثّت من عقل واحد وإليه ترجع أيضاً. واستبان
أيضاً أنّ الواحد الذي قبل الأشياء كلّها الجرميّة والنفسانيّة والعقليّة هو قبل الأشياء الوحيدة وأنّ الأشياء الوحيدة ترجع إلى الواحد الأوّل الذي ليس فوقه شيء آخر. فقد استبان الآن وصحّ أنّ الوحيدة بعد الواحد الحقّ وأنّ العقليّة بعد العقل الأوّل وأنّ الأنفس بعد النفس الأولى وأنّ الطبائع الكثيرة بعد طبيعة الكلّ.
فإن كان هذا على ما ذكرنا، فقد صحّ أنّ هاهنا أشياء ليست هيولانيّة لكنّها صور فقط، وأنّ هاهنا شيئاً آخر لا هيولى له ولا صورة البتّة ولكنّه هويّة فقط، وهو الواحد الحقّ الذي ليس فوقه شيء آخر، وهو علّة العلل. وقد استبان أيضاً بما ذكرنا أنّ الأشياء تنقسم في ثلاثة أقسام، وذلك إمّا أن يكون الشيء هيولى مع صورة فتكون أنّيّته صوريّة هيولانيّة، وإمّا أن يكون الشيء صورة فقط فتكون أنّيّته صوريّة لا هيولانيّة، وإمّا أن يكون الشيء أنّيّة فقط فتكون أنّيّته غير هيولانيّة وغير صوريّة: وهو العلّة الأولى التي ليس فوقها علّة أخرى كما قلنا آنفاً وأوضحنا.
Prop. 54 (Dodds 52.8–14)
فصل ما بين الدهر والزمان
(ما الفصل بين الدهر والزمان \ فصل ما بين الدهر والزمان)
إنّ الدهر هو عدد الأشياء الدائمة، والزمان هو عدد الأشياء الزمانيّة. وهذان العددان يعدّان الأشياء فقط، أعني الحياة والحركة.
فإنّ كلّ عادّ إمّا أن يعدّ جزءاً بعد جزء وإمّا أن يعدّ الكلّ معاً. فإن كان هذا على ذا، قلنا إنّ الشيء الذي يعدّ الكلّ هو الدهر، والشيء الذي يعدّ الأجزاء جزءاً بعد جزء هو الزمان. فقد استبان الآن وصحّ أنّ العدد اثنان فقط، أحدهما يعدّ الأشياء الدائمة الروحانيّة وهو الدهر، والآخر يعدّ الأشياء الجرميّة الواقعة تحت الزمان وهو الزمان.
Prop. 62 (Dodds 58.22–32)
فصل في العلّة الأولى
إن كلّ كثرة إذا كانت قريبة من الواحد فهي في الكمّيّة أقلّ من الكثرة الكائنة بعيداً من الواحد و〈...
...〉 أكثر تشبّهاً به من الذي تباعد منه. فإن كان هذا على ذا وكان الواحد علّة الأشياء وتكثيرها بغير تكثّر منه، كان لا محالة الشيء القريب منه علّة لكون أشياء كثيرة أكثر من الشيء البعيد منه. فيكون حينئذٍ الشيء القريب من الواحد أقلّ كثرة في ذاته من أجل قربه من الواحد، فيكون علّة أشياء كثيرة لعظم قوّته وقربه من الواحد. فيكون الشيء البعيد من الواحد كثيراً في ذاته وعلّة أشياء قليلة لصغر قوّته وبعده من الواحد.
فقد استبان الآن وصحّ فيما ذكرنا أنّ الجواهر الجرميّة أكثر من الجواهر النفسانيّة، وليس بعد النفسانيّة إلّا الجواهر العقليّة، وأنّ الجواهر النفسانيّة أكثر من الجواهر العقليّة؛ وليس بعد العقليّة إلّا الأوّل أعني العلّة الأولى التي هي واحدة فقط لا كثرة البتّة.
Prop. 72 (Dodds 68.17–20, 26–27)
فصل في العلّة الأولى والمعلول الأول
إن كلّ حامل يقوى على حمل أشياء كثيرة فإنّما يحدث عن علّة كلّيّة كاملة. فكلّ علّة كثيرة المعلولات فهي أعمّ وأقوى وأقرب إلى العلّة القصوى من العلّة التي معلولاتها قليلة يسيرة.
فإن كان هذا على ما وصفنا وكان الحامل الأوّل يقوى على حمل جميع الأشياء والفاعل الأوّل قوي على فعل الأشياء كلّها، فلا محالة إذاً أنّ الفاعل الأوّل هو فاعل ومحدث للحامل الأوّل أعني الهيولى القابلة لجميع الأشياء. فقد استبان [الآن وصحّ أنّ الحامل] الأوّل أعني الهيولى [يحمل] الأشياء كلّها وأنّه معقول موضوع، وأنّ الفاعل الأوّل فعله وهو فاعل جميع الأشياء.
Prop. 73 (Dodds 68.30–70.4)
فصل في العلّة الأولى
كلّ كلّيّة فهي هويّة أيضاً، وليس كلّ هويّة كلّيّة.
وذلك إمّا أن تكون الهويّة والكلّيّة شيئاً واحداً، وإمّا أن يكون أحدهما قبل الآخر. فنريد أن نفحص عن ذلك فنقول 〈إنّ〉 الجزء هويّة وليس هو بذاته كلّيّاً، فليس إذاً الهويّة والكلّ شيئاً واحداً؛ فإن كانا شيئاً واحداً، لم يكن الجزء هويّة البتّة، إذ كان الكلّ وحده هويّة. فإن لم يكن الجزء هويّة، لم يكن الكلّ هويّة أيضاً، لأنّ كلّ كلّيّ إنّما يسمّى كلّيّاً لحال الأجزاء، إلّا أنّه ربّما كان قبلها وربّما كان فيها؛ فإذا لم يكن الجزء، لم يكن الكلّ البتّة.
فإن كان الكلّ قبل الهويّة، كان كلّ هويّة كلّاً أيضاً معاً. فإن كان ذلك كذلك، لم يكن الجزء هويّة البتّة، وهذا محال غير ممكن؛ وذلك 〈أنّه〉 إن كان الكلّ إنّما هو كلّيّ للأجزاء، كان الجزء أيضاً للكلّ جزءاً. فإن كان هذا على ما وصفنا، كان لا محالة كلّ كلّيّ هويّة أيضاً، وليس كلّ هويّة كلّاً كما ذكرنا آنفاً.
فقد استبان الآن ممّا ذكرنا وصحّ أنّ الهويّة الأولى أرفع وأعمّ من الكلّيّة، إذ كانت الهويّة واقعة على أشياء أكثر والكلّيّة واقعة على أشياء أقلّ. والعلّة التي تعمّ أشياء كثيرة هي أفضل وأعمّ من العلّة التي تعمّ أشياء قليلة. وإن كان ذلك كذلك، كانت لا محالة العلّة الأولى هويّة فقط لا يخالطها شيء من الكيفيّات.
Prop. 74 (Dodds 70.15–27)
فصل في العلّة الأولى
كلّ صورة هي كلّ أيضاً، وليس كلّ كلّ صورة، لأنّ الشخص هو كلّ وليس هو صورة، والصورة هي التي تنفصل في أشخاص كثيرة. فإن كان ذلك كذلك، كان إذاً الكلّ غير الصورة، وكان أحدهما محيطاً بأشياء كثيرة والآخر محيطاً بأشياء أقلّ.
فقد استبان الآن ممّا ذكرنا وصحّ أنّ الكلّ متوسّط بين الهويّة وبين الصورة. فإن كان ذلك كذلك، كان كلّ صورة هويّة أيضاً ولم تكن كلّ هويّة صورة، وذلك أنّ كلّ صورة لهويّة ما صورة وليس كلّ هويّة لصورة ما هويّة. فلذلك صار العدم داخلاً بالهويّة، أقول إنّ عدم فعل الطبيعة هو هويّة ما أيضاً من غير أن يكون صورة البتّة. وإنّما صار العدم داخلاً في الهويّة لحال قوّة الهويّة الأولى، فإنّها تقوى على إحداث عدم صورة الشيء.
فقد استبان الآن وصحّ أنّ العلّة الأولى هي هويّة فقط لا يخالطها شيء من الصفات البتّة، كما بيّنّا وأوضحنا.
Prop. 76 (Dodds 72.5–19)
فصل في العلّة الأولى والمعلول الأوّل
كلّ ما كان من علّة لا تتحرّك فذلك الشيء كان بلا استحالة وبلا تغيّر، وكلّ ما كان من علّة متحرّكة فذلك الشيء كان باستحالة وتغيّر. أقول إنّ كلّ مكوّن كان من العلّة الأولى، فذلك كان من غير استحالة من شيء آخر قبله بل إنّما كان من لا شيء؛ وكلّ مكوّن كان من العلّة الثانية أعني الطبيعة، فذلك لم يكن من لا شيء 〈بل〉 إنّما كان من استحالة شيء آخر قبله.
فإن كان هذا على هذا، رجعنا فقلنا إنّه إن كانت العلّة ساكنة غير متحرّكة، كان الشيء المكوّن منها لا يستحيل ولا يتغيّر شبه الحامل الأوّل أعني الهيولى؛ وإن كانت العلّة متحرّكة، كان الشيء المكوّن منها أيضاً مستحيلاً متغيّراً. أقول إنّه إذا ما كان حدوث أنّيّة الشيء بحركة واستحالة، كانت الأنّيّة أيضاً بعينها مستحيلة متغيّرة ولم تثبت على حال واحدة. فإن لم تستحل ولم تتغيّر وكانت على حال واحدة، كان ذلك الشيء أفضل وأشرف من علّته المتحرّكة، وهذا محال غير مـ[ـمكن أن يكون البتّة. فإن كان هذا على ما] صفنا، رجعنا فقلنا إنّ المعلول الكائن من العلّة الساكنة [كان من غير ا]ستحالة من شيء
آخر [قبله بل يـ]ـكون على حال واحدة دائمة شبيهة بالعلّة التي كان منها؛ وإنّ المعلول الكائن من العلّة المتحرّكـ[ـة كا]ن من استحالة شيء آخر كان قبله، وهو أيضاً متحرّك مستحيل لا يثبت على حال واحدة شبيهة بالعلّة التي كان منها.
فقد استبان الآن وصحّ أنّ العلل علّتان، علّة ساكنة وعلّة متحرّكة؛ وأنّ ما كان من العلّة الساكنة كان ساكناً أيضاً غير متحرّك ولا منتقل شبه الهيولى الأولى؛ وأنّ ما كان من العلّة المتحرّكة كان متحرّكاً أيضاً مستحيلاً منتقلاً شبه الهيولى الثانية، وهي الجواهر التي تحت الكون والفساد.
Prop. 78 (Dodds 74.8–17)
فصل في العلّة الأولى
كل قوّة إمّا أن تكون تامّة، وإمّا أن يكون ناقصة.
فأمّا القوّة التامّة فشبه القوّة الفاعلة، فإنّها تفعل أشياء تامّة كاملة؛ فإن كانت تفعل ذلك، فبالأحرى أن تكون هي تامّة كاملة، أتمّ وأكمل من سائر الأشياء التي أكملتها هى. وأمّا القوّة الناقصة فشبه القوّة التي 〈لا〉 تقدر على أن تفعل شيئاً إلّا بآخر هو قبلها بالفعل، فتحتاج إلى المتمّم المكمل المكوّن فهي تامّة كاملة بالفعل مثل الكتاب من الكاتب التامّ التعلّم. فإن كان هذا على هذا، رجعنا فقلنا إنّ القوّة التامّة هي القوّة الفاعلة لجميع الأشياء التي لا تحتاج الى آخر فاعل بالفعل ليصيّرها إلى الفعل والعمل؛ وهي العلّة الأولى. والقوّة الناقصة هي التي لا تقوى على الفعل إلّا بفاعل آخر بالفعل يظهر فعلها؛ وهي القوّة الثانية أعني الطبيعة. فإنّها لا تفعل شيئاً من الأشياء إلّا بحركة، والحركة فيها من العلّة الأولى.
فقد صحّ الآن أنّ القوى قوّتان، أحدهما القوّة الفاعلة التي لا تحتاج في ظهور فعلها إلى فاعل آخر؛ والقوّة الثانية التي تحتاج في ظهور فعلها إلى فاعل آخر، على ما وصفنا.
Prop. 79 (Dodds 74.18–26)
فصل في الكون
كلّ مكون إنّما يكون من قوّتين.
وذلك أنّه ينبغي للمكوّن أن تكون له قوّة قابلة للكون وأن يكون الفاعل قويّاً على الفعل، إذ كان كلّ فعل إنّما يظهر من قوّة فاعلة. فإن كان هذا على ما وصفنا، كان لا محالة كلّ مكوّن إنّما يكون من قوّتين على ما قلنا، إلّا أنّ إحداهما تكون تامّة والأخرى ناقصة، والناقصة تكون متهيّئة للفعل. وذلك أنّه إن لم تكن للفاعل قوّة يفعل بها، لم يستطع أن يفعل شيئاً آخر البتّة؛ وإن لم تكن للمكوّن قوّة متهيّئة لقبول الفعل فيها، لم يستطع أن يكون البتّة. فإنّ الفاعل إنّما يفعل 〈في〉 الشيء الذي فيه قوّة الانفعال، لا في الأشياء كلّها ولا في الشيء الذي لا ينفعل منه البتّة.
Prop. 80 (Dodds 74.27–76.11)
فصل في الجرم ولا جرم وفي الكون
كلّ جرم من شأنه الانفعال، وكلّ لا جرم من شأنه الفعل. أمّا أحدهما فهو في ذاته ضعيف، وأمّا الآخر فهو في ذاته غير منفعل ولا قابل للتأثير؛ غير أنّ لا جرم ربّما ينفعل من أجل اتّصاله للجرم، والجرم ربّما يفعل من أجل اتّصاله مع لا جرم.
أمّا الجرم فهو متجزّئ فقط، فلذلك صار منفعلاً قابلاً للآثار متجزّئاً إلى ما لا نهاية له. فأمّا لا جرم فإنّه مبسوط لا ينفعل ولا يقبل الآثار، وذلك أنّ الشيء الذي لا جزء له لا يقبل التجزئة، وما لا تركيب له لا يقبل الاستحالة. فإن كان هذا على ما وصفنا، لم يكن شيء من الأشياء فاعلاً إلّا الشيء الذي لا جرم له فقط، إذ كان الجرم لا يفعل شيئاً بل إنّما يقبل الانفعال والتجزئة فقط.
فإن قال قائل إنّا قد نرى أجراماً كثيرة فاعلة، قلنا إنّ لكلّ فاعل قوّة يفعل بها؛ فإن ألفي جرم فاعل فليس يفعل بأنّه جرم لكنّ بالقوّة التي فيه. وذلك أنّ كلّ جرم لا كيفيّة له ولا قوّة بأنّه جرم، وإنّما كانت القوّة فيه باستفادته؛ فإذا ما فعل فإنّما يفعل بالقوّة التي استفادها. وعلى هذه الصفة تكون الأشياء التي لا جرم لها، أقول إنّها تستفيد الانفعال
من قبل طبيعة الأجرام التي هي فيها وتقبل التجزئة وإن كانت في جواهرها لا تتجزّأ ولا تقبل الانفعال والآثار.
فقد صحّ الآن أنّ الأجرام لا تفعل شيئاً إلّا بالقوّة التي فيها 〈من〉 التي ليست بأجرام وأنّها إنّما تنفعل وتقبل الآثار فقط، فأنّ الأشياء التي ليست بأجرام إنّما تقبل الانفعال والتجزئة للأجرام التي 〈هي〉 فيها وإنّما من شأنها الفعل والتأثـ[ـير فقط].
Prop. 86 (Dodds 78.19–80.2 [14])
فصل في العلّة الأولى
إن كلّ حقّ فهو غير متناهٍ في القوّة، 〈لا〉 في الكثرة ولا في العظم.
وكلّ ما لا انتهاء له إمّا أن يكون لا منتهى له في الكثرة، وإمّا أن يكون لا منتهى له في العظم والجثّة، وإمّا أن يكون لا منتهى له في القوّة. فإن كان هذا على ذا، قلنا إنّ الشيء الذي لا نهاية له دائم، أعني الشيء الذي له حياة لا تنطفئ وذات لا تفنى وفعل لا ينقضي؛ ولا نهاية له لا لحال عظمه لأنّ الهويّة الحقّ لا عظم لها لأنّها مبسوطة لا ينقسم، ولا لحال كثرته لأنّه واحد فقط، لكنّه يكون غير ذي نهاية بالقوّة، وصار لا تتجزّأ ولا غاية له معاً. فأمّا القوّة التي تتجزّأ فهي ضعيفة ذات غاية، فصارت لذلك القوى القابلة للتجزئة متناهية أيضاً. فصارت الأشياء التي تبعد من الواحد متناهية لحال قبولها للتجزئة والقسمة.
فقد استبان الآن وصحّ أنّ العلّة الأولى واحدة لا كثرة ولا نهاية لها بالقوّة، لا بالعظم ولا بالكثرة، كما بيّنّا وأوضحنا.
Prop. 91 (Dodds 82.17–22)
فصل في العلّة الأولى
كل قوّة إمّا أن تكون متناهية، وإمّا أن تكون غير متناهية. فأمّا القوّة المتناهية فإنّما كانت من القوّة التي لا تتناهى؛ وأمّا القوّة التي لا تتناهى فإنّما كانت من لا نهاية المرسلة الأولى.
وذلك أنّ القوّة الزمانيّة، أعني المكوّنة في الزمان، هي متناهية قد عدمت لا نهاية. فأمّا القوّة التي لم تكن في زمان فإنّها لا تتناهى غير أنّ لا نهاية فيها زمانيّة، أقول إنّها لا تتناهى 〈في〉 الزمان. فأمّا القوّة الأولى فهي لا نهاية حقّاً، ومنها تنبثّ لا نهاية في الأشياء التي لا تتناهى، وهي علّة كلّ لا نهاية.
Prop. 167 (Dodds 144.22–146.15)
فصل في [العلة الأولى؟]
كلّ عالم يعلم ذاته. 〈فأمّا العالم الأوّل فإنّما يعلم ذاته〉 وهو واحد فقط بالعدد، أقول [إنّه عالم ومعلـ]ـوم لا إنّه آخر وآخر لكنّه واحد عالم ومعلوم معاً، لأنّه ليس فوقه معلوم آخر ليريد هو أن يعلمه؛ [فلذلك] صار هو العالم لذاته وهو المعلوم والعالم معاً. وأمّا سائر الأشياء ذوات العلم فكلّ واحد منها يعلم ذاته ويعلم ما فوقه وهو معلوم أيضاً، أقول إنّه يعلم ما فوقه ويعلم ممّا تحته.
فإن كان ذلك كذلك رجعنا فقلنا إنّ كلّ عالم إمّا أن يعلم ذاته، وإمّا أن يعلم ما فوقه، وإمّا أن يعلم ما تحته. فإن هو علم ما تحته كان راجعاً إلى ما هو أدنى منه، لأنّه إنّما علم شيئاً محسوساً لا شيئاً عقليّاً مثله. 〈فـ〉ـأقول إنّه إنّما يعلم علله والعلل عقليّة لا حسّيّة، فيكون حينئذٍ علمه بها أيضاً علماً عقليّاً، فإنّ العقل إنّما يعلم ما يليق به ويشبهه.
وإنّه إن علم ما فوقه علم ذاته أيضاً؛ وذلك أنّه إذا علم ما فوقه علم أنّه علّة من العلل وعلم أيضاً علّة أيّ الأشياء هو، فإن جهل الأشياء المعلولة جهل أيضاً علّتها. فمن علم علّة الأشياء المعلولة وكان هو احداً من تلك الأشياء، كان عالماً بالعلّة التي فوقه وعلم أيضاً أنّه إنّما كان منها. فإن كان ذلك كذلك، كان إذاً الذي يعلم ما فوقه عالماً بذاته أيضاً.
فإن كان 〈ذلك كذلك، كان〉 الذي يعلم ذاته فقط هو العالم والمعلوم معاً، لأنّه ليس فوقه شيء آخر يريد أن يعلمه؛ فلذلك صار هو العالم والمعلوم. فأمّا سائر الأشياء فكلّ واحد منها يعلم ما فيه من المعلوم ويعلم ما فوقه، فلا يكون هو حينئذٍ هو العالم والمعلوم، كما قلنا في العالم الأوّل. فإن كان ذلك كذلك، كان إذاً في العلم معلوم وفي المعلوم علم؛ إلّا أنّ أحدهما هو المعلوم من ذاته، أقول إنّه العالم بذاته وإنّه عالم ومعلوم كشيء واحد؛ وأمّا الآخر أعني المعلوم فليس هو واحداً، وذلك أنّه عالم بما فوقه ومعلوم ممّا تحته، فليس يكون حينئذٍ العالم والمعلوم واحداً. إلّا أنّ المعلوم المرسل غير المعلوم الذي في العالم — أعني بذلك أنّ العلم الأوّل المرسل هو معلوم أيضاً، وليس المعلوم هناك غير العالم لأنّه مفرد مرسل ليس فوقه ملعوم آخر. فأمّا ما بعده من الأشياء العالمة فإنّها تعلم وتُعلم، أقول إنّها تعلم ما فوقها وتُعلم ممّا تحتها، فلا يكون فيها العالم والمعلوم شيئاً واحداً مثل ما كان 〈في〉 العلم المرسل.
فقد صحّ الآن أنّ هاهنا علماً يعلم ذاته ويعلم ما فوقه وليس العالم والمعلوم فيه كشيء واحد، لأنّه إنّما يعلم ما فوقه ويُعلم ممّا تحته؛ وأنّ هاهنا علماً آخر فقط يعلم ذاته وهو العالم والمعلوم معاً كشيء واحد، وهو العلم الأوّل المرسل.
Anhang: 167 A
فصل في العلّة الأولى
كلّ ما كان مجهولاً عند بعض ذوي العلم 〈كان عند من تحته منهم مجهولاً أيضاً، وكلّ ما كان معلوماً عند بعض ذوي العلم〉 كان عند من فوقه منهم معلوماً أيضاً؛ وليس كلّ ما كان معلوماً عند بعض ذوي العلم كان عند من تحته منهم معلوماً أيضاً.
وذلك أنّه وإن كان العلم سبباً في جميع صور ذوي العلم، فإنّه قد يغيب عن بعضها علم ما ويعلمه بعضها، وقد يعلم بعضها أيضاً علماً ما ويخفى على بعضها بذلك. فإن كان ذلك كذلك، رجعنا قفلنا إنّ كلّ ما كان معلوماً عند بعض ذوي العلم كان ذلك الشيء معلوماً أيضاً عند من 〈فوقه، وليس كلّ ما كان معلوماً عند بعض ذوي العلم معلوماً عند من〉 تحته منهم أيضاً.
ونقول إنّ كلّ نظم ذي علم إذا علم شيئاً من الأشياء كان ذلك الشيء معلوماً أيضاً عند نظم آخر ذي علم فوق ذلك النظم بالقاطافسيس، وما كان معلوماً عند بعض نظم ذي العلم بالقاطافسيس كان معلوماً تحت ذلك النظم؛ فلا تزال الأشياء تعرف عند بعض ذوي العلم وتغيب عن بعضهم إلى أن تأتي إلى العلم الأوّل الأعلى، فتكون الأشياء كلّها عنده معلومة معروفة لا يغيب عنه شيء منها البتّة. وليس علمه بالأشياء بصفة
من الصفات كسائر الأشياء ذوات العلم، بل يعلم الأشياء بأنّه فقط، وهو العالم الأوّل التامّ الكامل وهو علّة كلّ علم.
فقد صحّ الآن أنّ بعض الأشياء معلومة عند بعض ذوي العلم وتغيب عن بعضهم، فلا تزال الأشياء كذلك تعلم وتغيب حتّى تنتهي إلى العالم الأوّل، فتكون كلّها عنده معلومة معروفة فيبطل حينئذٍ الغيب ويسقط.