Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: Ars Medica (The Art of Medicine)

فنقول:

إنّ البدن الصحيح مطلقاً وهو الذي يسمّى المصحّح، هو الذي بنيته من ابتداء حبلته في بطن أمّه على اعتدال من مزاج أعضائه البسيطة الأولى، ومن تركيب الأعضاء الآليّة المركّبة من تلك.

والبدن الصحيح الآن هو الذي هو كذلك في الوقت الحاضر. وهو أيضاً في الوقت الذي هو فيه صحيح، معتدل المزاج، مستوي التركيب. إلّا أنّه ليس اعتداله، واستواؤه على أفضل حالات الاعتدال، والاستواء، لكنّه اعتدال له خاصّ.

وأمّا البدن المصحّح فما كان منه كذلك دائماً فهو في غاية الاعتدال من المزاج، والتركيب. وما كان منه في أكثر الحالات كذلك فهو الذي ينقص عن أفضل الهيئات نقصاناً ليس بالكثير.

والبدن المسقام هو المولود إمّا على مزاج رديء من الأعضاء المتشابهة الأجزاء، وإمّا على تفاوت من الأعضاء الآليّة، وإمّا على الأمرين جميعاً.

والبدن السقيم الآن هو الذي هو مريض في الوقت الذي يقال فيه إنّه كذلك. وهذا أيضاً في الوقت الذي يقال فيه إنّه مريض فهو إمّا رديء المزاج في الأعضاء المتشابهة الأجزاء، وإمّا خارج عن الاعتدال في الأعضاء الآليّة. وإمّا جامع للأمرين جميعاً.

والبدن السقيم دائماً هو المولود على مزاج بعيد من الاعتدال في الأعضاء البسيطة الأولى كلّها، أو عدّة منها، أو أشرفها، أو على تركيب بعيد من الاعتدال في الأعضاء الآليّة كلّها، أو عدّة منها، أو أشرفها.

وأمّا البدن السقيم في أكثر الحالات فهو الذي قد نقص، ولم يلحق بعد بالحال المتوسّطة.

وقد قلنا إنّ البدن الذي ليس بصحيح، ولا سقيم، يقال على ثلثة وجوه:

أحدها: أن لا يكون فيه واحد من الحالين المتضادّّين على غايتهما.

والثاني: أن يكون قد اجتمعت فيه الحالان.

والثالث: أن يكون فيه إحدى الحالين مرّة، والأخرى مرّة.

والبدن الذي ليس بصحيح، ولا سقيم على المعنى الأوّل هو المتوسّط على الحقيقة والاستقصاء بين البدن الذي هو في غاية الصحّة والذي هو في غاية السقم، والذي يقال فيه إنّه كذلك بقول مطلق هو المولود على تلك الهيئة، والذي يقال فيه إنّه كذلك الآن هو الذي في الوقت الحاضر متوسّط بالحقيقة بين أصحّ الأبدان، وأسقمها.

وما قيل فيه إنّه كذلك بقول مطلق: فمنه ما هو كذلك دائماً وهو الذي يبقى في جميع الأسنان على تلك الحال، ومنه في أكثر الحالات وهو الذي يحدث له تغايير ما.

والبدن الذي ليس بصحيح، ولا سقيم على المعنى الثاني هو المولود على اجتماع من الحالين المتضادّين فيه، إمّا في عضو واحد، وإمّا في أعضاء مختلفة.

أمّا في عضو واحد: فإذا كان في أحد صنفي المتضادّتين الكيفيّات الفاعلة، أو المنفعلة معتدلاً، وإذا كان معتدلاً في الصنفين جميعاً، إلّا أنّه به آفة في خلفته، أو في مقداره، أو في عدد أجزائه، أو في وضعه، أو إذا كان على خلاف ذلك، أمّا في هذه فسليم في كلّها، أو في بعضها، إلّا أنّه به آفة في مزاجه.

وأمّا في أعضاء مختلفة. فقد يمكن مع ذلك أن يجمع البدن الواحد الضدّين في جميع أصناف التضادّ.

والذي هو كذلك دائماً هو الذي يبقى في جميع الأسنان على تلك الحال.

والذي هو كذلك في أكثر الحالات فهو الذي قد يحدث له التغيير.

وكذلك أيضاً فإنّ البدن الذي يقال إنّه لا صحيح، ولا مريض الآن على المعنى الثاني إمّا أن يكون بعض ما فيه صحيحاً، وبعضه سقيماً في عضو واحد، وإمّا أن يكون كذلك في أعضاء مختلفة.

والبدن الذي ليس بصحيح، ولا سقيم على المعنى الثالث هو الذي يكون مرّة صحيحاً، ومرّة سقيماً، كما قد عرض لقوم كانوا في صباهم أصحّاء، فلمّا شبّوا، سقموا. وبالعكس.

وأمّا في وقت واحد بالصحّة فلا يمكن أن يكون البدن على هذا المعنى لا صحيحاً، ولا سقيماً.

فإن توهّمت للوقت عرضاً، فقد يمكن ذلك.

وقد تعلم أنّ «الآن» يقال على وجهين:

أحدهما: الذي لا جزء له، والآخر: له أجزاء في أمّ أخرى.

فقد لخّصنا أمر البدن الصحيح، والسقيم، والذي ليس بصحيح، ولا سقيم، وبيّنّا على كم وجه يقال كلّ واحد منها، وأيّ شيء هو كلّ واحد منها تلخيصاً كافياً.