Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Aristotle: Ars Poetica (Poetics)

٥ — أما الكوميديا فهى — كما قلنا — محاكاة الأدنياء؛ ولكن لا بمعنى وضاعة الخلق على الإطلاق، فإن «المضحك» ليس إلا قسماً من القبيح، والأمر المضحك هو منقصة ما وقبح لا ألم فيه ولا إيذاء. اعتبر ذلك بحال القناع الذى يستخدم فى الإضحاك، فإن فيه قبحاً وتشويهاً، ولكنه لا يسبب ألماً. ولسنا نجهل التغيرات التى مرت بها التراجيديا ولا من تمت على أديهم هذه التغيرات، أما الكوميديا فقد غمض أمرها لأنها لم توضع موضع العناية منذ نشأتها؛ ولم يخصص السلطان جوقة من الكوميديين إلا فى وقت متأخر، وكانوا قبل ذلك من المتطوعين. ولا يتذاكر الناس من يدعون بالشعراء الكوميديين إلا وقد اكتسبت الكوميديا أشكالا ما. فليس يعرف من الذى أمدها بالأقنعة أو جعل لها المقدمات أو زاد عدد الممثلين وما إلى ذلك. أما عمل القصص فقد كان مصدره الأول صقلية، وكان كراتيس أول شاعر أثينى هجر الشعر الأيامبى وابتدأ صناعة قصص وحكايات ذات معنى عام.

والملحمة تتفق مع التراجيديا فى كونها محاكاة للأخيار فى كلام موزون، وتختلف عنها فى أن الملحمة ذات عروض واحد وأنها تجرى على طريفة القصص. وهى مخالفة لها فى الطول، فالتراجيديا تحاول جاهدة أن تقع تحت دورة شمسية واحده، أو لا تتجاوز ذلك إلا قليلا، أما الملحمة فهى غير محدودة فى الزمان، على أنهم كانوا يستمحون قديما فى التراجيديات بمثل ما يستمحون به فى الملاحم. أما الأجزاء الداخلية فى التراجيديا فمنها ما يوجد هو بعينه فى الملحمة، ومنها ماهو خاص بالتراجيديات؛ فمن عرف الجيد والردئ فى التراجيديات عرف مثل ذلك فى الملاحم، لأن ما يوجد فى الملحمة يوجد فى التراجيدايا، أما ما يوجد فى التراجيديا فليس كله موجودا فى الملحمة.