Digital Corpus for Graeco-Arabic Studies

Galen: De Anatomicis Administrationibus I-IX,5 (On Anatomical Procedures)

بسم الله الرحمن الرحيم المقالة التاسعة من كتاب جالينوس فى عمل التشريح

اريد ان أخبر فى هذه المقالة كيف السبيل الذى يصل به الرجل الى ان ينظر الى الأشياء التى تظهر عيانا بالتشريح فى الدماغ وفى النخاع على افضل الحالات بعد موت الحيوان وما دام حياً والتشريح الذى يكون فى بدن حيوان قد مات يتعلم الرجل ويعرف به كل واحد من الاعضاء وعددها وخواصها فى جواهرها ومقاديرها وأشكالها وتركبها فأما التشريح الذى يكون فى بدن حيوان حى فمرة يفيد صاحبه معرفة فعل العضو الذى يشرحه بلا واسطة فيما بين ذلك ومرة يفيد معرفة لأصول التى يحتاج اليها فى العلم بفعل العضو واذا كان الامر فى ذلك كذلك معلوم انه ينبغى ان يكون تشريح الحيوان الحى وتشريح الحيوان الميت يمكن ان يعالج بضربين احدهما العضو الذى شرح فى موضعه من جملة البدن والآخر العضو الذى قد أخرج عن موضعه من البدن وأفرد وحده واذا كان الامر فى هذا التشريح على هذا فأنا واصف لك اولا من تشريح الدماغ التشريح الذى يكون والدماغ قد أخرج عن عظم قحف الراس واستبقى معه الغشاء الغليظ الملفوف عليه وهذا الغشاء إن انت احببت أن تسميه غليظا كما سميته أنا ههنا وإن احببت ان تسميه صلبا او جلدياً اى من جنس الجلود فلا فرق فى ذلك بين هذه الاسماء وكذلك الامر فى الغشاء الآخر الذى تحت هذا فانك إن سميته رقيقا او لينا غشاييا اى من جنس الأغشية لم يكن فى ذلك مضرة لأن ما ينتفع به الناس فى عمل التشريح انما هو بمعرفتهم بطبايع الاعضاء لا بمعرفة بتسميتها وقد يباع فى المدن الكبار على أكثر الامر أدمغة البقر مهياةً معدةً قد كشف عنها فى وسط قحف راس الثور فإن رايت فى وقت ما قد بقى حول الدماغ من جانبيه عظام اكثر مما ينبغى فتقدم الى القصاب الذى يبيعه ومره يقلع تلك العظام وان لم يكن القصاب حاضر فافعل انت ذلك بان تستعمل مقاطع قويةً أو فاسا من فوس النجارين التى قد رايتموها عندى معدة مهياة لهذا العمل وقبل كل شى اتخذ هذه الفوس من حديد صلب فإن ما تتخذ منها من حديد اين لا يعمل إلا عملا يسيرا فى ضربات كثيرة ونحن لا نحب ان نضرب قحف الراس مرارا كثيرة ضربات قويةً وذلك لان الدماغ اين ناعم فهو ينهز من مثل هذه الضربات انهزازا قويا ينحل به اتحاده حتى ينمزق وينهتك والذى تريد أن تنظر اليه تحتاج أن تعده وتهييه على السلامة من العوارض الشبيهة بهذه كيما ينكشف لك جميع ما فيه من منابت الأعصاب وجميع العروق والشريانات التى فيه ويسلم لك ايضا الحاجز الذى فيما بين بطنيه المقدمين وآخر الموضع الذى يقال له البركة والحوض والقمع وغير ذلك مما أشبهه فاذا انت هيات هذا العضو واعددته على ما ينبغى رايت الغشاء الصلب الذى يقال له أم الدماغ حيث تراه ذاهبا فى طول الدماغ فى وسطه اغلط منه فى غير ذلك الموضع كثيرا وتراه ينحدر وينزل فى الدماغ فى الموضع الذى هو اقرب المواضع من الدرز الوسط من دروز القحف وكذلك تراه ايضا تحت الدرز الشبيه باللام فى كتاب اليونانيين ينطوى وينحدر معا الدماغ حتى يبلغ الى موضع ما وترى ايضا عرقين يرتقيان مصعدين فى هذا الغشاء واحد من كل جانب على ضلعى الدرز الشبيه باللام فى كتاب اليونانيين والموضع الذى يجتمعان فيه العرقين واحد الى الآخر تراه فى اكثر الامر أشرف من المواضع التى حوله وليس أجزاء الدماغ عن جانبى هذا الموضع بمتساوية اعنى الجزء المقدم والجزء الموخر لكن الجزء الذى قدام اعظم بكثير جدا وهذا الموضع الذى هو اشرف مواضع الدماغ ياتيه ايضا الطى الآخر من الغشاء الغليظ حتى ترى الغشاء فى هذا الموضع قد صار من الغلظ الى اربعة أضعاف غلظ أجزايه ألاخر كلها اعنى الاجزاء التى تطيف بالدماغ كما يدور وهناك ايضا عرق ثالث يمتد فى الطول ويمر الى قدام وليس لأحد ان يسمى هذا عرقا اذ كان على ما هو عليه من الخلقة وكان وعاء يوجد فيه دم محبس فما دام الحيوان حيا فانت اذا كشفت عن الدماغ على قدر ما جرت به العادة فى ثقب القحف وقطعه فى من يقع به الشجات التى تكسر عظم الراس رايت هذه المواضع المجوفة التى ذكرناها فيها دم حتى اذا مات الحيوان وجدت فى تلك التجويفات ليس لها طبقة عرق ترتقى وتنفذ فى عظم الراس مع غشاء الدماغ لكن فى أول ما يلقى العرق قحف الراس ترى فى ذلك الموضع بعينه الغشاء الغليظ ينطوى ويتجوف داخل الطى منه فيصير فى مثال أوعية الدم وهى العروق ويقبل فى جوفه دم ويحفظ ما فيه من الدم على الحال التى كان عليها فى وقت قبوله إياه وكيما تنظر الى هذه الامور نظرا شافيا تعد لنفسك جرما رقيقا طويلا بمنزلة ميل من الأميال التى يقال لها باليونانية ديبورينا واتخذه إما من خشب العرعر وإما من شى آخر من الاشياء التى هى من الكثافة مثله وأدخل هذا الميل الخشب ودسه فى الوضع الغاير من غشاء الدماغ والتمس أن تدفعه الى قدام الى حيث بلغ ثم اقطع جرم الغشاء فى طول الميل حتى تبلغ الى نفس الخشب فان لم تقدر على هذا الميل الخشب فأدخل فى الغشاء واحد من الأميال من الطرف الذى الكمثرى به وادفعه الى قدام واقطع من جانبه قطعا يمر الى جنبيه وميل الميل فى وقت قطعك الى الجانب الاخر كيما لا تتكسر السكين اذا هى بلغت الى الميل وتقع على التجويف وفى انكشاف طيات الغشاء عند انقلاع العظم المحيط بها عنها قد يعرض مرارا شتى ان يتخرق من الغشاء شى وينمزق واذا كان ذلك فاجعل هذا مبداءك فى إدخال بعض آلالات التى ذكرناها فى التجويف الذى فيه الدم فإن تهيا ان يكون الغشاء لا ينقطع منه شى فاقطع انت بسكين حادة ضلع كل واحد من طيى الغشاء فى اجزايه السفلانية فى اول موضع يلقى فيه الضلع عظم القحف ثم ضع الميل فى القطع والتمس أن تضطره يذهب الى فوق حتى يبلغ الى الموضع المشرف من قحف الراس حيث يلتقيان العرقين كليهما وهذا هو الموضع الذى يسميه ايروفيلس معصرةً وهذا الموضع الذى يسميه هذا الرجل بهذا الاسم فهو موضع الى عمق الغشاء أميل وفيما يلى الظاهر ايضا هناك مغيض يلتقيان عنده عرقين آخرين صغيرين موضوعين على المعصرة وهذا المغيض صار فى الغشاء الغليظ على مثال المغيض الذى سماه ايروفليس معصرة وليس ينفذ فى هذا المغيض طرف الميل لضيقه وبسبب ضيقه صارت الأدمغة الصغار إما أن يكون ما يوجد منه فيها شى يسير وإما ان لا يوجد منه شى أصلا وإن كان الامر فى ضيقه على ما وصفت فالتمس ان تدخل فيه شياء من الأميال الدقاق وتقطع معه والشعبة التى ذكرناها من شعب غشاء الدماغ وقلنا انها مما يلى ظاهره منشاها من الموضع الذى يضام فيه الدرز الشبيه باللام فى كتاب اليونانيين العظمين الشبيهين بالقشور واذ كان هذا على ما وصفت فاقطع اولا هذين العرقين اللذين مما يلى الظاهر حتى تبلغ الى المعصرة والمغيض الذى مما يلى الظاهر ثم من بعد ذلك تقطع الالعرقين الغابرين وهما عرقان عظيما حتى تبلغ الى المعصرة والمغيض الغاير فاذا انت قطعتهما فنقهما اولا إن كان فيها من عبيطة الدم شى ثم تفرس وتثبت فى السطح الداخل من الغشاء وانظر كيف نوع جوهره أشبه شى بنوع جوهر العروق وإن كان غير شبيه بالعروق فى اللرقة وليس فى هذا موضع تعجب أن الطبيعة لا تكون تستعين أن تفرش داخلا من تجويف الغشاء الغليظ طبقة العرق الذى يصعد الدم اذا كان الجرمين كلاهما سبيه جوهر كل واحد منهما بجوهر الآخر